زمن الأمجاد حاضراً زمن النصر يناديكم، بدأ شعاع الفجر يلوح في الأفق انسابت أشعته من بين أضلاع الليل، بدأ الظلام الأسود يتلاشى سديمه تحت أقدام الإصرار والعزيمة، أتى النصر أيها الجنوبيون إليكم من الأعماق، من أعماق الأعداء تحمله نسائم الجنوب، من ساحات النضال والحرية، من الصبر الطويل، من الإصرار والعزيمة، من الجروح التي تنزف، من غياهب السجون والأغلال، من رحم المعاناة ومخاضها سيولد هذا النصر العظيم . يا أيها الجنوبيون حيرتم التاريخ، أدهشتم الكوكب ومن يقطنه من بني البشر بما صنعتموه وأوجدتموه بثورتكم العظيمة، بمراحل صبركم، بالتسميات والمصطلحات المواكبة لها، برتبها الثورية المختلفة، لم يستطع الأعداء أن يجاروكم بل أخذ أخوانكم الآخرون أن يستلهموا ما سطرتموه، أن يحفظوا تلك المعطيات الثورية، أن يستنسخوا تلك المصطلحات، أن يوظفوها أو يحاولوا الوقوف على أقدامهم، بدأ الأعداء وأذناب الأعداء يتصرفون تصرف الهزيمة، أجبرتموهم بسلميتكم، سلمية الثورة الجنوبية، انفرط عقد الصبر من أيديهم ظهرت عليهم تصرفات الحمقاء وبوادر الإفلاس والتصفير، وقعوا في المحظور، تلطخت أيدي المجرمون بالدماء الطاهرة الزكية .
انتابهم الشعور أنهم أعداء، أحسستموهم بأنهم غرباء على هذه الأرض وأن أقدامهم لن تقف طويلاً على التراب الطاهر، وحتماً سيشعر من يؤنبهم الضمير من أخوتنا في الشمال أن هؤلاء لم يدعو لهم حق الجورة والمروة والإخاء، حطموا كل شيء، انتقموا ونهبوا وبطشوا وحلوا الدماء وسفكوه ، تصرفوا بدكتاتورية المنتصر .
حتماً سيأتي الزمان الذي تعيدون فيه كل الذكريات العالقة في ذاكرته المخزونة، هذه التصرفات العمياء وما عمله أولئك بحق أبناء الجنوب، أكيد سيأتي اليوم الذي سينتابكم الندم فيه والخجل لسكوتكم الغير مبرر على هذا الظلم والضيم، أحفادكم سيتفحصون في التاريخ وسينظرون في خطاياه، أكيد سيلعنون سكوتكم الدخيل على هذا الزمن، لم يدع لكم أيها الطيبون من أبناء الشمال أولئك المتغطرسون الراكبون رؤوسهم الناهبون والباطشون وجهاً ولم يضعوا لكم حسبان لصمتكم ولا احتراماً سيبنيه الزمن ويخلده التاريخ، أي ودٍ سيبقى وذاك الطفل الجنوبي تقطع أوصاله قذائف الموت، وأي احترام سيمكث في النفوس وذاك البيت يقصف ويهدم على ساكنيه، أي سلوك سيكمن في الأذهان وذاك الطاعن في السن يرمى بالغازات إذا لم تصبه طلقات الموت، يجرجر إلى السجون، يضرب ويعذب، وتبقى كل هذه الصفات في ذهنه ليكمل الحديث مع أولاده، أي علاقات ستبنى على أشلاء الموتى، جثث الأسرى المعدومين بدم بارد وأي زمان سيمحى من ذاكرة أبناء الجنوب وكيف يمحى وهو مثقل بالآلام والجراح والدموع والآهات مثقل بالمجرم ضبعان وقد تدثر بالحضيض وارتدف معطف الإجرام مثقل بدماء الأطفال والنساء والشيوخ الذين حصدت أرواحهم قذائف الموت، أي زمان سيخفى وفيه يتم تكميم الأفواه الجنوبية، توقيف منابرهم بكل قوة وجبروت من الأيام إلى عدن الغد والجنوبية والكثير من المواقع والصحف والصحفيين الجنوبيين، موثقون لدى الأوغاد المتخصصين في إسكات الحق وتكميم أفواه المصداقية، أي زمان سيمحى من الذاكرة وفيه ضربت الماجدات الجنوبيات أمام الملأ لانتصارها، لوقوفها في وجه الظلم للمطالبة بحقها، وكيف يمحى الزمان وفيه من دخلوا عنوة إلى مزبلة التاريخ سيعيدهم شريط الذكريات للاستغراب للكثير من علامات الاستفهام، أي أساس تبنى عليه أفكار الساسة هناك، أي أقاليم ستنشأ عنوةً، ومتى تقاد الناس بأطرافها نحو ما تريده هواجس ومصالح تنقص من حقوقها، وهل تستطيع أي قوة دولية أن تفتح رؤوسنا نحن الجنوبيين وتعمل على إخراج هويتنا، وطننا، ثورتنا، أرضنا الجغرافية .
لا يمكن للشهداء الذين رووا الأرض بدمائهم من أجل القضية الجنوبية أن يلفهم الزمن والنسيان أو تطويهم إرادة، لا يمكن للمجازر التي يرتكبها الجيش اليمني أن ينساها الأطفال الذين شاهدوا أشلاء وجماجم زملائهم في المدرسة متناثرة هنا وهناك، أي حل تتأبطون به، ثم أي فيدرالية تتحدثون عنها وأنتم تعرفون جل المعرفة أن في الجنوب وثورته ليس هناك أنصار للفيدرالية لا على وجه الثرى الجنوبية ولا تحتها، ولا شهداء للفيدرالية، ولم يلج أبواب المستشفيات أي جريح فيدرالي، ثم اسألوا سجانيكم هل هناك سجناء للفيدرالية كانوا خلف القضبان، إذا كنتم تستطيعون أن تمرروا حلولاً وآراء في قضاياكم الخاصة بكم وفي أرضكم وعلى شعبكم فافعلوا مع أنه معروف لا خير في صيحاتكم ولا حلول ولا دولة ستبنى في ظل الهامش القبلي السائد هناك، وفي ظل المتارس والأسلحة والفزعة القبلية المتواجدة، ولا يمكن لأي قرارات أن تمر على شعبنا، على ثورتنا الجنوبية، فالأمر عظيم ، والإرادة قوية، إرادة وعزيمة شعب، هدفه وطن مسلوب، إصراره سيبلغ النجاح، إنه زمن الانتصار، زمن الإرادة الجنوبية، وأي زمن سيمحي هذا الزمان من ذاكرة الأجيال إنها الحقيقة الكامنة في النفوس .