بايرن ميونخ يكتسح توتنهام الإنجليزي برباعية نظيفة    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    نص كلمة قائد الثورة حول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات والدولية    فياريال الإسباني يعلن ضم لاعب الوسط الغاني توماس بارتي    الفاو: 86٪ من الأراضي الزراعية في غزة مدمّرة    ما سر قرار ريال مدريد مقاطعة حفل الكرة الذهبية 2025؟    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    تحقيق استقصائي يؤكد تعطل سلاسل الإمداد الدفاعي للكيان بسبب الحصار اليمني    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    لماذا يخجل أبناء تعز من الإنتساب إلى مدينتهم وقراهم    المحتجون الحضارم يبتكرون طريقة لتعطيل شاحنات الحوثي المارة بتريم    باوزير: تريم فضحت تهديدات بن حبريش ضد النخبة الحضرمية    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    يحق لبن حبريش قطع الطريق على وقود كهرباء الساحل لأشهر ولا يحق لأبناء تريم التعبير عن مطالهم    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    تضامن محلي وعربي واسع مع الفريق سلطان السامعي في وجه الحملة التي تستهدفه    فوز شاق للتعاون على الشروق في بطولة بيسان    رونالدو يسجل هاتريك ويقود النصر للفوز وديا على ريو آفي    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    منظمات مجتمع مدني تدين اعتداء قوات المنطقة العسكرية الأولى على المتظاهرين بتريم    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    وسط هشاشة أمنية وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة.. اختطاف خامس حافلة لشركة الاسمنت خلال شهرين    من الذي يشن هجوما على عضو أعلى سلطة في صنعاء..؟!    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    تعاون الأصابح يخطف فوزاً مثيراً أمام الشروق في بطولة بيسان الكروية 2025    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    كنت هناك.. وكما كان اليوم، لبنان في عين العاصفة    إجراءات الحكومة كشفت مافيا العملة والمتاجرة بمعاناة الناس    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    الأرصاد الجوية تحذّر من استمرار الأمطار الرعدية في عدة محافظات    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    طالت عشرات الدول.. ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة والوحشية في إيران
نشر في عدن الغد يوم 17 - 03 - 2014

ما هي العلاقة بين السياسة والوحشية في إيران؟ وما السر وراء ذلك الزواج السري بين السلطة والسياسة والوحشية، الذي يعد السمة الغالبة في دول الشرق الأوسط؟ فعلى مدى تاريخ إيران الطويل، على سبيل المثال، كانت الوحشية تشكل على الدوام جوهر سياسة حكام إيران، في الوقت الذي كان فيه الإنصاف والعدالة والكرم صفة نادرة.
ولم يشهد تاريخ إيران سوى استثناءين شهيرين، هما الملك كورش الكبير والملك كريم خان زاند. وعندما نقارن الملك كورش بالإسكندر المقدوني وجانكيز خان وأتيلا، وهتلر وستالين، سنلاحظ اختلافا تاما بين الملك كورش الكبير وبينهم.
ويغص العهد القديم، في سفر عزرا على وجه التحديد، بالآيات التي تثني على كورش كقائد عظيم وملك حكيم، لكن القوة من دون حكمة تنتهي بها لأن تتحول إلى مصدر للعنف والظلم.
ودعوني أدلل على وجهة نظري ببعض الأمثلة الشهيرة في إيران. المثال الأول لآية الله منتظري، الذي ألقى خطبة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1977 ينتقد فيها صراحة سلطة الإمام الخميني، والذي وضع على إثرها قيد الإقامة الجبرية بحجة حمايته من المتشددين، ولم يطلق سراحه إلا في عام 2003 بعد مناشدة أكثر من 100 نائب في البرلمان الإيراني الرئيس خاتمي الإفراج عن منتظري. وظن البعض أن رفع الإقامة الجبرية عن منتظري جاء خوفا من الانتقادات الشعبية التي يمكن أن تتعرض لها الحكومة في حال وفاة منتظري من دون الإفراج عنه.
خلال فترة احتجازه بدأ منتظري تدريس الفلسفة الإسلامية لأبنائه وأحفاده. تلك الدروس باتت متوافرة الآن على موقعه على الإنترنت، وتعد أفضل شرح لمنظومة الحكمة للسبزواري. وعند وفاته شارك أكثر من مليون شخص في جنازة الرجل، الذي ضحى بالسلطة في سبيل العدالة.
كان منتظري مؤمنا بحقوق الإنسان لا بحقوق المسلمين وفقط. فعندما اغتيل ابنه محمد في الانفجار الذي وقع في 28 يونيو (حزيران) عام 1981. وقف منتظري يدافع عن حقوق المتورطين في الانفجار، الذين ينتمون إلى منظمة مجاهدين خلق، المسؤولة عن مقتل الكثير من الإيرانيين، بما في ذلك ابن منتظري.
هذا يؤكد أنه لم تكن هناك أي مساحة للكراهية والوحشية في عقل وقلب منتظري. وقد توفي الرجل، لكن تاريخه لا يزال ساطعا كمنارة في الليالي الظلماء، وفي أعتى أعاصير البحر.
تلك هي حياة أشخاص أقاموا ونشروا ثقافة حقوق الإنسان والعدالة في عصرنا الحديث. وسوف تظل ابتسامة منتظري الدائمة المشحونة بإحساس فريد بالفكاهة، معنا كما هو الحال بالنسبة لإرثه وتاريخه. وسيظل هذا الإرث يلقي بظلاله على قلوبنا وعقولنا إلى الأبد.
وقد كانت القوة إلى جانب الوحشية سببا في وضع منتظري تحت الإقامة الجبرية لست سنوات، بينما جعلت القوة والحكمة من منتظري رجلا تخلى عن موقعه كزعيم جديد لإيران ليدافع عن حقوق السجناء.
المثال الثاني هو مير حسين موسوي، رئيس وزراء إيران التاسع والسبعون إيران (1981 1989)، والذي يذكرنا بآية الله منتظري في أسلوب حياته وأفكاره.
ودعوني أروي لكم قصة نادرة له، ففي ديسمبر (كانون الأول) عام 1987 كنت في كيرمانشاه، إبان الحرب الإيرانية العراقية التي كانت مستعرة في تلك الفترة، وكانت ليلة شديدة البرودة. وروى لي محافظ كيرمانشاه قصة غريبة. قال لي «قبل أسبوعين تلقيت مكالمة من مكتبي في الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل. وكنت نائما حينها. وقيل لي إن رئيس الوزراء موسوي يريد أن يتحدث إلي. كان ذلك أمرا مفاجئا تماما، أن أتحدث مع رئيس الوزراء في مثل هذا الوقت المتأخر».
في البداية، اعتذر لي موسوي وقال لي «سيد نقوي، لقد قرأت في الصحف أن هناك عجوزا مشردا في إسلام آباد، قرية صغيرة في محافظة كيرمانشاه. واليوم سمعت أن درجة الحرارة في إسلام آباد وصلت إلى ثماني عشرة درجة تحت الصفر، فأين حسن ماد الآن؟ ومن الذي يعتني به؟».
اتصلت بعمدة إسلام آباد وسألته عن حسن، وأكد لي أنه في مكان مناسب ولا داعي للقلق بشأنه. شعرت بسعادة كبيرة للغاية، وكانت الساعة حينها قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل، ولذا قررت الخلود إلى النوم. لكن رئيس الوزراء اتصل بي ثانية، وسألني «كيف حال حسن؟» رويت له القصة، ولم أتمكن من النوم بقية الليل. كان ذلك مزيجا من السلطة والحكمة والإنسانية.
واليوم، يعيش موسوي وزوجته راهناورد، وكذلك كروبي قيد الإقامة الجبرية، لأنهم كغالبية الإيرانيين يعتقدون أن انتخابات عام 2009 الرئاسية لم تكن حرة ونزيهة. وككل الإيرانيين الآخرين كانوا يعتقدون أن أحمدي نجاد لم يفز بالانتخابات، وأنه كان مسببا للمتاعب في كثير من المجالات، حتى أن الحرس الثوري الآن انقلب ضده، زاعما أنه لم يكن مرشحهم.
القوة الممتزجة بالحكمة تنتج أشخاصا مثل مانديلا وغاندي ومنتظري، في الوقت الذي تنتج فيه القوة الممتزجة بالظلم، أشخاصا مثل ستالين وهتلر والقذافي وغيرهم.
عندما امتزجت السلطة بالحكمة، لم يتمكن رئيس الوزراء من النوم، لأنه كان يفكر في عجوز مشرد ومعوز في شتاء بارد للغاية في إسلام آباد. لكن القوة الممتزجة بالوحشية تترك رجلا مثل منتظري يعيش قيد الإقامة الجبرية لست سنوات.
القوة الممتزجة بالوحشية ظاهرة كارثية. وعلى الجانب الآخر ستظل تلازمنا الذكريات المشرقة لمانديلا وغاندي ومنتظري، وسليمان الذي كان يتوق إلى الحكمة.
تخيل أنه بعد أكثر من ثلاثة آلاف عام من هذه النصيحة الإلهية، نضطر إلى التعامل مع حكام لا يمتلكون الحكمة أو المعرفة. ولا تقتصر حكمتهم إلا على قبضاتهم الحديدية.

* الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.