ظهرت قبل أعوام السياسية الأمريكية كونداليزا رايس وبشرت بالشرق الأوسط الجديد وبهذا التبشير لحق بالعرب ما لحق، ولكل دولة ولكل شخص رؤيته في هذا المشروع، لا نخوض بهذا الموضوع كثيرا والمعروف أن هذا المشروع في النهاية يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي ويحاول القضاء على المقاومة والإطاحة بدول محور الممانعة كما كان يسمى، وبتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ حتى لا تقوم للعرب قائمة بعدها مما يطمئن الإسرائيليين بأن المقاومة انتهت وإلى الأبد. ففي الأيام القليلة ظهر علينا أمريكي آخر واسمه منير الماوري ينظّر ليمن جديد كما اسماه ولكنه ليس بمنطق رايس بل أشد قوة وعظمة، حيث أنزل التقسيمات الجديدة لليمن وحدد عدد الولايات، وحدد عواصمالولايات وأصدر الدستور الجديد مفصلا جاهزا، وحدد شكل النظام ولم يتبق للماوري إلا أن يعلن التخلص من الجنوب وإلى الأبد. لا فرق بين المشروع الأول والثاني كلاهما أمريكيان ولكن الأول أتى من وزيرة خارجية والثاني أتى من متسول متسكع، والأول مشروع للشرق الأوسط والثاني لليمن كما اسماه الماوري، والأول للقضاء على المقاومة العربية ومساعدة الاحتلال الإسرائيلي للاستمرار في احتلال فلسطين والثاني للقضاء على الحراك الجنوبي ومساعدة الاحتلال اليمني الاستمرار في احتلال الجنوب. الماوري يبدو أنه كان أحد عناصر المخابرات التي يقودها صالح بغض النظر عما يقوله هو أو يقوله البعض من موقف الماوري من النظام، أو مواقف بعض عناصر النظام من الماوري، ولكن كيف نفسّر لهجة الماوري قبل وبعد طرد صالح؟ التغيّر الكبير الذي طرأ على موقف الماوري ليس من سبيل الصدفة، رغم أن الماوري كان ينتقد هذا الأسلوب من صالح ونظامه وهذا الأيام استخدم (الماوري) نفس الأسلوب. وهو يدرك أن هذه المواقف وهذه اللغة هي التي أتت بالويل والثبور على الشمال والجنوب وأتت بكل هذه المشاكل من حروب وفقر ومرض وغيرها فلماذا يتبناها اليوم الماوري؟ الماوري يخاطب الشماليين وكأنهم شماليي عهد الإمام لم يدرك أنهم قد تغيروا وأنهم يدركون أن من يعيش في أحضان أمريكا لن يجلب لبلاده إلا مزيدا من الدمار، ويدركون كل الإدراك أن الجنوب محتل وأنه بدون حل القضية الجنوبية الحل العادل بما يرتضيه كل الجنوبيين لن تبنى دولة ولن ينعم اليمن بالأمن والاستقرار وهم اليوم أشد حرصاً على حل القضية الجنوبية أكثر من بعض الجنوبيين، وهنا أتكلم عن الشباب الواعي الذين ينشدون المستقبل وليس عصابات الفيد كما وصفهم الماوري في مقال سابق له. فالانقلاب الحاصل في مواقف الماوري هي ترجمة للسياسة الأمريكية لان هذه السياسة كان يعمل بها صالح ونظامه وبعد طرد صالح صدر الإيعاز للماوري ومن معه بأن يستلموا الراية ويبدءون ببث سمومهم من أجل التناحر بين الشماليين والجنوبيين من جهة وتناحر الجنوبيين فيما بينهم والشماليين فيما بينهم من جهة أخرى لان السياسة الأمريكية تجاه العرب والمسلمين هي كذلك مهما زينها الماوري ورفاقه.