عندما تكبر الأطماع يوما وتنفتح شهية الأنانية وتهيج روح الانتقامية تكون نضرة المرء الى الواقع من حوله نضرة غير واقعية فتجده إما انه يحاول أن يتسيد العالم من حوله بما يمتلكه في خياله من أدوات السيطرة والاستقواء أو انه يرى مادونه مجرد نفوذا له يستطيع بها ومن خلالها أن يؤسس ويبني عرش عالمه الذاتي . هذا هو حال بعض أبطالنا الذين اتوا وقد رسموا خارطة حدود إمبراطوريات وممالك الاستبداد وكتبوا عساكر الرق والعبيد والإمآ ونحتوا تماثيل صورهم العملاقة ، فهبطو وشرعوا بتنفيذ مخطط العالم الجنوبي الجديد وبدلا من ان يبدوا بأي إعمال توحي الى فرضهم للواقع بداو بنصب التماثيل والصور العملاقة لهم وشددوها بحراسة مدججة بالسلاح في كل الميادين والساحات وأحاطوها بكاميرات الرصد الرقمي لكل من يأتي بطلب البركة منها والانضمام الفوري للعالم الجديد . لكن الصدمة هي التي اتت تلطخ أيمانهم وهي صدمة القدر التي أتت برياح الوعي الشبابي وقلعت كل مايشير ويوحي الى اثار مخططهم وصدمة التاريخ التي وجدوا أنفسهم في لحضة هربهم هذه المرة بين أحضان سيدهم وساحة قصره يلعنون ذويهم ويقسمون الأرض والوطن الذي بلعهم بمشاريعهم ومخططاتهم وسيجدون أنفسهم يوما مطرودين من حضرة سيدهم لأنه لن يتردد بان ينعتهم يوما بالخونة المرتزقة وهذا إنصافا ليس منه لكنه التاريخ الذي سينطقه . نعم لقد اتو متجردين من ادنى الأخلاقيات وحضنوا صنوف الرذائل والانحطاط ولا يسعنا وليس لدينا أي تعليق حيال هولا إلا ما قاله الشاعر الكبير نزار قباني (لابد أن استأذن الوطن)
يا صديقتي في هذه الأيام يا صديقتي.. تخرج من جيوبنا فراشة صيفية تدعى الوطن. تخرج من شفاهنا عريشة شامية تدعى الوطن. تخرج من قمصاننا مآذن... بلابل ..جداول ..قرنفل..سفرجل. عصفورة مائية تدعى الوطن. أريد أن أراك يا سيدتي.. لكنني أخاف أن أجرح إحساس الوطن.. أريد أن أهتف إليك يا سيدتي لكنني أخاف أن تسمعني نوافذ الوطن. أريد أن أمارس الحب على طريقتي لكنني أخجل من حماقتي أمام أحزان الوطن.