غمرتني سعادة كبيرة وأنا استنشق هواء عدن عائداً إليها بعد غياب طويل دام حوالي خمسة أشهر وأكثر ، عدن لطالما كانت وستظل أمي الثانية التي تشعرني بالأمان حينما أحط رحالي فيها كسنوات دراستي الجامعية أو زياراتي الأخرى ، نعم.. من أراد أن يعيش الشعور ذاته أدعوه إلى تناول كأس من الشاي في سويعات الصباح الأولى لأي يوم بإحدى مقاهي كريتر أو التواهي جميع مناطقها متشابهة إلى حدٍ ما ولكن اختياري للمنطقتين أعلاه نظرا للمعالم والعادات القديمة لعدن والتي ما زالت هذا المديريات بالذات تحتفظ بها وتمارس طقوسها بنسبة كبيرة ومتواصلة.. الشي الذي آلمني كثيراً أنه وبمجرد جلوسي لليلة واحدة فقط في زيارتي إلى العاصمة عدن أدركت جيداً مدى المعاناة التي يكابدها سكان وأهالي الحبيبة عدن جراء الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي...!! فحين تذهب إلى الفراش وبمجرد أن تغفو عيناك بالنوم مستمتعاً بجو بارد تفاجئك الكهرباء بالانقطاع!! مما يجعلك إجبارياً تنتفض من على فراشك باحثاً ولو على نسمة هواء عابرة تخفف بها لوعة الحر الشديد الذي أتى بكل قوّته وجبروته لانتزاع راحتك وطمأنينتك دونما شفقة أو رحمة.!! حينها تكون ملزماً بالاستمرار بالسهر بانتظار أن تعود الكهرباء من جديد! ، وفعلاً تعود بعد أن تأخذ فترة استراحة أكثر من الفترة التي سبقتها وهي شغالة،تعود الكهرباء فتعانق من جديد فراش النوم بكل فرح وسعادة ولكن للأسف تعود مشاهد الكابوس السابق لتوقظك من السبات بعد مرور ساعتان منذ عودة التيار الكهربائي . . . حينها تظل طوال الليل وفي ساعات الصباح الأولى تعيش مرارة الصراع محاولاً وبكل جهد أن تقاوم ذلك الكابوس المفزع والمتعب بالرغم من معرفتك الدامغة بصعوبة الاستمرار أو التكيف في وضع سيئ كهذا الوضع الذي يكابده ويعانيه أهلنا في العاصمة الحبيبة عدن.!! نعم ..انتصرت عدن برجالها وشبابها الأبطال على مليشيا الاحتلال اليمني الجبانة وقدّم أهالي عدن خيرة شبابهم ورجالاتهم شهداء وجرحى في سبيل الانتصار للحق والدفاع عن الكرامة والشرف بكل بسالة وصمود سيسجلها التاريخ بأحرف من نور تكون محل فخر واعتزاز لعدن والجنوب بشكل عام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. إذن ، فهل يكون شرف النصر التجاهل والإهمال يا تحالف ويا شرعية ويا من تتغنون بعدن وبانتصاراتها الجسام؟!! ، نعم ..أهدتكم عدن نصراً كبيراً ومع كل ذلك منحتم سكانها مكافئة دسمة ألا وهو العقاب الجماعي والموت البطيء!! ، أخص بحديثي هنا العجزة والأطفال فمن حالفه الحظ وأراد الله له السلامة من بطش وعنجهية مليشيا صنعاء الإرهابية وجيشها البربري الحاقد تجبره ظروف ما بعد الحرب على الموت المصاحب بعذاب طويل تدمع له القلوب قبل الأعين!! فرفقاً بعدن وأهلها البسطاء فهم لا يطلبون منكم مِنَّة أو حسنة بل يطالبون بحقهم المشروع من العيش الآمن والحياة الكريمة التي كفلتها الأعراف الإسلامية والقوانين الدولية بحيث أنه مدينة مثل عدن وبما تمتلكه من موقع استراتيجي هام ناهيك عن امتلاكها ثالث ميناء بحري هام عالمياً ومعالمها التاريخية العريقة وطبيعتها الثقافية المسالمة تجعل منها محل اهتمام وتسابق إقليمي ودولي للاستثمار فيها وتقديم كافة الخدمات المطلوبة والأساسية لسكانها حتى دون مقابل فتواجد أي مستثمر بمدينة كعدن يُعد بحد ذاته ربح ومكسب كبير لا يقدر بكنوز الدنيا وأموالها..