لماذا يراهن الخصوم - ولا نقول الأعداء- على وحدة قيادات الجنوب ويجزمون بالحرف الواحد أنهم سيظلون في حالة فرقة دائمة بل بلغ الأمر بالخصوم إلى تحدي هذه القيادات بالجلوس على طاولة واحدة. في الوقت نفسه يجد المتابع أن الخطاب الإعلامي من تصريحات ومقابلات صحفية ومتلفزة لا يخلو من "الدعوة إلى وحدة الصف الجنوبي"، كسبيل وحيد لنصرة القضية الجنوبية واستعادة الدولة.. بالمقابل يبحث المجتمع الدولي بمنظماته وهيئاته عن قيادة جنوبية موحدة تمثل كل أطياف الشعب الجنوبي وتمتلك رؤية وطنية موحدة تعكس طموحات ورغبات الشعب.. فما الذي يقف حائلا أمام تحقيق ذلك؟ وبالنظر إلى شخوص القيادات الجنوبية والرموز الوطنية الجنوبية داخل الوطن وخارجه ورصيدهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي على مدى أكثر من أربعة عقود مضت فإن الإيجابي فيه يغلب على السلبي ولهم من التجارب والخبرات ما يمكنهم من الحفاظ على ذلك الإرث المجيد الموسوم بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (دولة ذات سيادة).. لها علمها الوطني ومقعدها في الأممالمتحدة ومنظماتها الدولية. وضوح الهدف والتوجه في استقراء سريع للخطاب الإعلامي للقادة الجنوبيين علي سالم البيض وعلي ناصر محمد وحيدر العطاس وعبدالرحمن الجفري والسلطان غالب بن عوض القعيطي والسلطان فضل بن عيدروس، تتصدر قضية استعادة الدولة الجنوبية وفك الارتباط مع الشمال بعد فشل الوحدة الاندماجية وهو هدف لا خلاف عليه ويجمعون على تحقيقه.. فما الذي يعيق جلوسهم على مائدة للاتفاق على الآليات والمضي قدما لإنقاذ هذا الشعب وإيصاله إلى بر الأمان.. الأمان الذي افتقده عقدين من الزمن وهدرت فيه كرامته وسلبت حقوقه ونهبت ثرواته وأرضه وسالت دماؤه وأنتم في حالة شقاق وشتات يجني ثمارها الخصوم؟! مؤتمرات ولقاءات ومكونات لم يصبر شعب في المعمورة مثلما صبر الشعب الجنوبي، تحمل الضربات تلو الضربات وما زال شامخا وموحدا ويتطلع إلى الانفراج وإلى الغد المشرق الذي تأخرت إشراقته بسبب التباينات في المؤتمرات واللقاءات وبين المكونات.. الشعب في الجنوب يتطلع إلى مبادرة شجاعة وصادقة تقضي بالجلوس على وجه السرعة على مائدة يظلها شعار "من أجل الجنوب نتفق ولا نختلف"، كم ستكون الصورة أجمل والمشهد أعظم عندما يجلس البيض وناصر والعطاس والجفري ود.ياسين سعيد نعمان وقيادات المكونات والتكتلات في الداخل والخارج ليعلنوا نهاية الانقسام والشتات وتشكيل القيادة الموحدة دون إقصاء أو تهميش لأي طيف من أطياف النضال الوطني الجنوبي عندها لن يكون أمام المجتمع الدولي والعربي والإقليمي إلا الرضوخ لرغبات وتطلعات الشعب في الجنوب في استعادة دولته ومن ثم تقرير مصير توجهه.. التقطوا هذه اللحظة التاريخية قبل فوات الأوان. يتوحدون على الجنوب لم يعد خافياً على أحد في الجنوب أن قوى الشمال اختلفت مع اقتراب انتهاء فترة حكم صالح وانقسامها عندما ألمح إلى توريث نجله الحكم.. لكنهم وإن انقسموا واختلفوا فلن يختلفوا على بقاء الجنوب في أحضانهم، مع أنه لم يعد كذلك الآن لهذا فإن الشارع الجنوبي الذي توحد منذ انطلاقته يدعوكم كما فقدت عدن فرصة تاريخية قبيل الاستقلال، لأن الشعب في الجنوب لم يعد يحتمل استمرار الفُرقة بينكم وإعادة إنتاج أخطاء الماضي التي يراهن الخصوم عليها اليوم ويلوكون بأنكم لا تملكون مشروعا حضاريا وتريدون العودة إلى كرسي السلطة والحكم بتلك العقلية القديمة كما يراهنون على تشظي الجنوب وتفكيكه وأولها حضرموت.. اكسروا هذه المراهنات التي أخذت تقلق الشارع الجنوبي الذي مازال فيه من الأغلبية الصامتة التي لم تحدد موقفها بعد وتراقب عن كثب ولها من المواقف غير المعلنة لنصرة القضية الجنوبية، لكنها مازالت تنظر إلى فُرقتكم بقلق وربما تغير من هذا الموقف. وبالأمس ظهر المخلوع صالح في تحد صارخ مخاطباً إياكم وشعب الجنوب بأنكم تحلمون بالعودة إلى السلطة وحرام عليكم هذا الحلم, لذا لم يعد أمامكم إلا الجلوس على المائدة المستديرة وكم سيكون المشهد رائعا عندما تجلس العقول الجنوبية وتضع نصب أعينها مستقبل الجنوب وأهله الذين تعبوا كثيرا ويترقبون عهد الطمأنينة والأمن والأمان والنماء.