ارتباط الأنسان بالزراعة ارتباطاً روحانياً ازلياً ، مستمراً باستمرار الحياة ، فاذا دمرت الزراعة دمر الأنسان ، واذا دمر الأنسان دمرت حضارات الشعوب ، وعندما ننظر للحضارات القديمة , التي قامت ًفي مصر او العراق او العربية السعيدة او الصين او غيرها من البلدان , نجد بان كل هذه الحضارات وجدت حيثما وجدت الزراعة ، فاذا اردت ان تعرف تاريخ الشعوب وحضارته , ستعرفها من خلال زراعته واهتمامه بها . هذا الامر الذي لفت انتباهي , بانه منذ90 م والوحدة و الوحلة المشؤمة ، بان نظام الاحتلال في صنعاء ، أول ما قام به فتح مشروع الارض واعادة الارض ، ودمر مزارع الدولة والتعاونيات بصورة ممنهجة ومدروسة ، وسمح بالبيع فيها و البسط عليها من قبل عصابته التي اطلق لها العنان بان تعيث في ارض الدلتا الفساد من خلال قتل الزراعة وتحويلها إلى مبان واهمل القنوات والجسور و الأعبار لكي يقتل معه الأنسان الجنوبي في الدلتا الذي كان معتمد في حياته على الزراعة وتربية الحيوان فكان يزرع مختلف الحبوب المعتمد عليها في غذاءه اليومي والخضار والفواكه التي تغطي احتياجاته منها .
فكان نظام الري الذي أسس من عهد الاستعمار البريطاني ، وتطوراته دولة الجنوب واهتمت به ، لأبعاد الحدود وصل ان الشعب في الجنوب في اكتفاء ذاتي من كل المحاصيل الزراعية ، اما اليوم اصبحت الزراعة اخر اهتمامات السلطات المتتابعة للاحتلال ، فالسيول تذهب للبحر دون الاستفادة منها ، و الاستحداثات تتم في القنوات دون حسيب او رقيب ، السدود تعدت عمرها الافتراضي , مما يسبب خطر على الارض الزراعية والقرى والمدن القريبة منها.
ان اهمال البحوث الزراعية ومركزه بالكود , الذي يعد اول مركز بحث زراعي على مستوى الشرق الاوساط , تدمير دلتا ابين وانتاج القطن ذو الشهرة العالمية ، كان اقتصاد دولة قائم على هذه الزراعة , وكانت ايادي عاملة كبيرة تعيش على الزراعة وانتاجها ، أين نحن اليوم وارض الدلتا , تتحول إلى مخططات سكنية , ومراكز دينية ومحلات تجارية ، هكذا هم قتلوا الارض , ودمروها لكي يتسنى لهم قتل الأنسان وتدميره ، وطمس هويته وتاريخه والقضاء على حضارته الضاربة في جذور التاريخ ، فهذا اسوأ احتلال عرفته البشرية .
اما الاحتلال البريطاني كان انبل واشرف استعمار , لكونه وضع اسس لزراعة وشق القنوات و بنا السدود لكي يأكل هذا الشعب من خير ارضه وينعم فيها بالأمن والحياة الكريمة ، فالزراعة والحضارة هم عنصران مهمان لبناء الانسان في مختلف العصور .
لهذا يا قيادتنا السياسية ضعوا نصب اعينكم ، الاهتمام بالزراعة وتنظيم الري , لكي يأكل شعبنا مما يزرع والا يعتمد على غيره ، في حبوبه و خضرواته , كم يفعل بنا اليوم الشماليون الذي اصبحت زراعتنا مرهونة بهم , دمروا زراعتنا وشجعوا زراعتهم , لكي نصبح متلقين منهم كل شيء , وارضنا اصبحت مباني ومشاريع جامدة مهما كان دخلها فهو لا يساوي حبة ذرة يزرعها فلاح في ارضه ، فالاحتلال الشمالي دمر كل شيء فينا واول ما دمر دمر الزراعة والارض ، قبل تدمير الأنسان .