span style=\"color: #ff0000\"حياة عدن كان الرجل قد أمضى يومين وهو يفترش رصيف الشارع العام في الحبيلين، بانتظار من يعينه على الوصول إلى قريته. كان في حالة نفسية سيئة ويتضور جوعا، و ذلك قبل أن يأخذه ثلاثة مسلحين إلى خارج المدينة وبعد محاكمة قصيرة بتروا أذنه اليمنى وجزءا من اليسرى وعضوه التناسلي، وعندما سألته إن كان يعرف سببا دفع المسلحين لارتكاب جريمتهم البشعة تلك، اكتفى بهز رأسه وابتلع غصة مريرة، صمت ولم يجب، أو لم يجد إجابة حينها على وجه الدقة. وقال:"خبطوني بحجر كبير بالظهر ودقوني بالآلي بالرأس، لما قولك إنه الموت وما عاد دروكش بحاجة" أخذ أحمد حمود أحمد (37عاما)، يستذكر بصعوبة بالغة تفاصيل جريمة الثلاثاء البشعة التي نفذها مسلحون في مدينة الحبيلين بلحج، بعد أن نجا من الموت بأعجوبة لكن بعد أن فقد أذنه اليمنى وجزءا من اليسرى وعضوه التناسلي، بالإضافة الى يقينه بإنسانية عناصر الإجرام المسلحة. حتى مساء الثلاثاء المشئوم كان أحمد قد أمضى يومين وهو يفترش رصيف الشارع العام في الحبيلين بيأس وقلة حيلة، بانتظار أحد من معارفه يأخذ منه أجرة المواصلات إلى قريته في منطقة الجعاشن بإب، بعد أن تقطعت به السبل ونفد ما لديه من نقود، يقول:"كنت مسافر من عدن، ووصلنا واحد إلى الحبيلين، كنت تعبان ومنتظر سيارة او معروف يوصلنا للبلد". يواصل الرجل بصوت مشبع بالالم "مع الساعة 8 رحت أدور ماء أشرب، أجوا ثلاثة شباب مسلحين وقالوا لي تعال معانا، مشيت معاهم مسافة الى مكان مهجور بجانب مصنع البلك القريب من المدينة، وهنك سألوني ايش معك هنا؟ أنت تشتغل مع الأمن أو الاستخبارات", وفيما كان أحمد في حالة إعياء ويتضور جوعا بدأ المسلحون بمحاكمته، أشهر اثنان أسلحتهما الآلية بوجهه وكان الثالث يحمل خنجرا، فيما اكتفى هو بالصمت، كان متعبا جدا كما يقول ومتأكد من أن مصيرا مأساويا ينتظره، لكن عندما لم يجد المسلحون ما يؤكد شكوكهم بعد تفتيشه بدقة واصلوا التنكيل به، "خبطوني بحجر كبير بالظهر ودقوني بالآلي بالرأس لما سقطت الأرض، كان واحد معه خنجر ويسحبني من شعري، وبعدها ما عاد درتش بحاجة إلا هنا"، ثم تركوه ينزف في مكانه بعد أن تأكدوا بأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، قبل أن يجده مواطنون فاقدا للوعي ويقوموا بنقله إلى مستشفى ردفان العام. منذ أفاق الرجل الخميس الماضي في مستشفى الجمهورية بعدن، بعد أن نقل إليه من مستشفى ابن خلدون بلحج، وهو يلتزم الصمت بحسب إحدى الممرضات، وعندما التقته "الأمناء" ظهيرة الأحد بدا الرجل بحالة نفسية سيئة، كان شارد الذهن ويتحدث بصعوبة شديدة، بالإضافة الى معاناته من آثار الاعتداء، وبتر أذنه اليمنى وأجزاء من اليسرى وعضوه التناسلي، حيث خلف الاعتداء رضوضا وكدمات كبيرة في ظهره، وعدة جروح في رأسه بواسطة آلة حادة حسب تقرير الطبيب الشرعي. المؤكد أن الرجل لم يكن يعلم حين ساقته الأقدار إلى منطقة الحلبين بلحج، أن مصيرا بشعا كهذا ينتظره على يد المسلحين بسبب هويته (شمالي)، التي أصبحت قاتلة في ردفان وحبيلين لحج، وإلا لما غادر قريته التي يقيم فها بصورة دائمة إلى المدينة، وبحسب ضابط البحث في المستشفى فإنه يتلقى العلاج والرعاية بناء على توجيهات من مدير أمن عدن عبدالله قيران، و لم يزره بعد أحد من أهله الذين لا يعرف كيف يتواصل معهم. يقول أحمد إنه سيعود إلى قريته فور مغادرة المستشفى حيث لا يعلم إن كان أولاده الأربعة وزوجته قد سمعوا بالحادثة أم لا. وفيما هو ملقى على سرير المرض في المستشفى ينتظر بفارغ الصبر شيئا واحدا فقط: خبر القبض على الجناة وتقديمهم الى العادلة، لكن على ما يبدو أن ذلك لن يتحقق في الوقت القريب، حيث لم يكن أحمد الضحية الأولى للعصابات المسلحة، وربما لن يكون الأخير، فمايزال مرتكبو حوادث القتل والتقطعات التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية واستهدفت مواطنين أبرياء، طلقاء لم تطلهم يد العدالة بعد، فيما أهالي وذوو الضحايا يذرفون الدموع ويطالبون بالقبض على القتلة الذين مازالت أصابعهم تقطر دما.