هل أدركت القوة الوطنية الخيرة في المؤتمر الشعبي، وغيره أن التغيير لا محالة من حدوثه.. فريحهُ قد هبت، والعاقل من استوعب الأمر ملك نموذجا، وهنا نوجه سؤالا إلى عقلاء المؤتمر إن وجوا ويريدون السير مع ركب الثورة: هل عندكم رؤية لتتعاملوا بها مع الشعب اليمني الثائر الآن؟ أم أن موقفكم سيظل في موقع الخصم للشعارات التغييرية التي رفعتها الثورة الشبابية الشعبية، وترون أنها تستهدفكم برغم أن الجميع لم يطرح إقصاءكم بل يطالبون بالمشاركة منكم.. إنها فرصتكم لتتخلصوا من موروث الماضي من أساليب، وسياسة(صالح) الإقصائية التآمرية المراوغاتية الكيدية العفنة. إن القوى السياسية في الوطن العربي أعادت الحسبة بحسب المتغيرات حتى السلفي في مصر والمغرب وتونس وليبيا.. أعادوا الحسبة من جديد فهل عقلاء المؤتمر وتابعيهم إن ودوا سيمتلكون رؤية جديدة تحولية بلغة جديدة عصرية مشتركة مع اللقاء المشترك، ومشروع مشترك يحقق أهداف ثورة الشباب الشعبية ليقتنع الشباب بالمشروع وهو الدولة المدنية العصرية الحديثة، وإذا رأى الشباب حلمهم يتحقق وجاء بمستوى الأم الذي خرجوا من أجله لا شك أنهم سيقتنعون.. هل يفعل المؤتمر ويثبت انه حزب وطني وسطي عصري لا تحكمه عقد(صالح) الموروثة؟! أم أنه لم يعد في المؤتمر إلا(جندي) و(يماني) و(بركاني) و(شامي) و(نهاري)، ومن على شاكلتهم؟ هل يدرك عقلاء المؤتمر إن وجدوا ثمة متغيرات هائلة في الواقع يفرض عليه أن يعبر عنه في رؤية إستراتيجية مفترضة بعيدة عن عقلية المال العام والوظيفة العامة وشعار مدراء العموم وعموم الموظفين؟ وشعار"أنت موظف أنت مؤتمري" لم يعد له وجود في المرحلة الانتقالية أن مركز الفعل انتقل من السبعين الصالحي إلى اللجنة الدائمة.. هذا على افتراض أن المؤتمر سيحرر من العائلة. لقد كان في ظل المرحلة الجديدة فالثورة نقلت البلاد إلى مطاف آخر، والعاقل من يلحق بقراءة الواقع قراءة صحيحة فقط لو فهمنا أن الحرية بعموم الشعب حلت مكان الخوف، والفعل السياسي الشعبي حل محل الفعل السياسي للنخب من وراء الكواليس والعمل المفتوح حل محل العمل المغلق. إن كل القوى الوطنية المختلفة اليوم يجب أن تتجه إلى المستقبل وتنسى صالحاً ونظامه، وتتجه إلى الحديث عن اليمن الجديد لما بعد حكم العائلة الصالحية اليمن ليلوح أمامنا فرصة التأسيس لليمن الجديد في المرحلتين الانتقاليتين في المبادرة وآليتها التنفيذية. إن الكل عليه أن يسأل"ماذا نريد" الثورة قضت على التوريث الصالح، واللعب بالدستور، وغياب الدولة والتهاون بالقانون، والتفاوت بالحقوق، وثقافة الحاكم ظل الله في الأرض وقضت على حكم الفرد.. لقد خلصت الشعب اليمني من الكهنوت باسم الدين، والكهنوت باسم السياسة والوطن والحزبية والسلالة والقبلية.."إذا ماذا نريد؟! إننا نريد دولة مدنية حديثة قائمة على الدستور والقانون والدولة بمؤسساتها أقوى من الأشخاص.. ذهب عهد(الرئيس أقوى من الدولة) لنصل من خلالها إلى دولة المواطنة المتساوية، ونسأل"كيف أن السنوات الثلاث القادمة هي الفيصل والحَكم؟.. هي سنوات فكفكة المنظومة السابقة، وهيكلة الجيش على أسس وطنية، وإيجاد برلمان قوي، وحكم برلماني يحمي الدستور لا يحمي الأشخاص والحياة السياسية، وهنا لا خوف من أي شيء، وقادة الجيش يكونون من أي منطقة طالما أن المعايير هي المحكمة من العلم والخبرة والكفاءة والنزاهة؛ لأن القرب العائلي انتهى، والثقة والولاء للأشخاص انتهى، ولابد أن يكون هذا وسط الأحزاب، وهنا المرتزقة سيذهبون للبحث عن الرزق في مجال آخر.. بعد ذهاب(صالح) يجعل السياسة ميدانا للقادرين على تمثيل أحلام الشعب اليمني، ونظام سياسي يستقطب كل القدرات والخبرات والأذكياء، وهنا لن نجد أحدا يطالب بالانفصال لأن البرامج هي الحكم، وسيقول الشعب" أرني برامجك أقول لك من أنت".. عندها يأتي من يأتي ويذهب من يذهب، وفي ظل يمن جديد سيظل المال بيد الحكومة تديره في ظل رقابة برلمانية وشعبية يقظة. إن النظام البرلماني المنشود يتساوى فيه كل الناس، وفي ظله يستطيع أي مواطن أن يكون رئيسا للجمهورية، ومن خلال أغلبية حقيقية أو بالتحالف مع الآخرين، وفي ظل هذه الصيغة لن تظل وجوه تعكر علينا أمزجتنا وحياتنا، وسنتخلص من المتنطعين ممن يغيرون لودهم ووجوههم. إن الشعب اليمني تخلص من الخوف، وسنخرج ضد أي مستبد أو ناهب أو متلاعب بمستقبل الشعب، قال تعالى في آخر سورة محمد{وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}.