هذه العبارة هي اليوم تجسد وللأسف الشديد حالة كثير من الناس في عدن الثقافة، وعندما نشاهد أشخاص كانوا مؤتمريين إلى النخاع واليوم حراكيين حتى الموت وغدا ؟؟؟ بالأمس كنت إذا حاورت عدني، حتى وإن لم يتكلم كثيرا وذلك نظرا للوضع الأمني آنذاك ،لكنك تشعر من نظراته أنه يفهمك ويفهم ماذا تريد. لكن اليوم العدني وبسبب هذه التقلبات المريعة في أخلاق الناس، وعلى الرغم من وجود الحرية الكاملة للكلام إلا أن العدني قرر أن لا يتكلم بما في قناعته الداخلية،فتراه مثلا إذا جلس معه شخص ينتمي فكريا إلى الإسلاميين تراه يستمع ويتفاعل مع الحديث بل ربما أثناء الحوار يذكره ببعض الآيات أو المفاهيم التي تؤكد صدق حديثه ويوحي إليه أنه مقتنع بكلامه. فما أن ينصرف الأول ويجلس مكانه آخر يحمل الفكر الليبرالي ويبدأ هذا الآخر ينهال بالسب على الإسلاميين إلا و(صاحبنا) يوافقه القول أيضا ولا ينكر أي شيء من كلامه بل ويهز رأسه إقرارا بما يسمع. أما إذا جاء الثالث فقام بتسفيه كل الناس والتشكيك في نيات الخلق أجمعين،وما يزال (صاحبنا) أيضا مستمع متميز لا يصحح فكرة ولا يرد منكرا ،لا والأمرّ من ذلك أن يوقع على كلام الثالث بعبارة طالما سمعناها كثيرا (مالك ومالهم كلهم سرق وكذابين). فأين العدني المثقف الذكي أين ذهب؟! فعندما غاب ابن عدن المثقف الشجاع الذي يعبر عن رأيه ويقول كلمة الحق. أصبحنا لا نرى إلا جُهال يتكلمون في كل شيء ولا يفهمون أي شيء عن التاريخ ،ولا يعرفون للحوار أدب ،ولا يجيدون حتى إيصال الفكرة البسيطة. أصبحنا لا نرى إلا أوباشا من الناس هم المتصدرون للحديث يستقي معلوماته من إشاعة عابرة أو خبر على الطائر في صحيفة، شعارهم قول السيدة أم كلثوم:(أبات على إشاعات واصبح على إشاعات وان مر يوم من غير إشاعات ما ينحسبش من عمري).والمعذرة من سيدة الغناء العربي.