إذا تقدمت إلى الحراك التشيطري شبراً انفصل ذراعاً، وإذا تخاطبت معه عاطفياً ازداد اعوجاجاً وارتفع منسوب أوهامه بإعادة اليمن إلى التشطير، واستعادة الجنوب العربي الذي لم يكن، والدولة التي يحلم الواهمون أن تكون جنة الخلد والشمال المتخلف والجنوب العالم والمصطلحات الجهوية والعنصرية التي تحاربها جميع البلدان والقيم والأديان من أجل إقامة دولة وعدل ومجتمع.. هكذا تورطنا مع مجاميع وجدت وحدة الوطن متهماً كبيراً تلقي عليه كل الأخطاء وتعلق فيها كل الأوهام.. وهكذا نحن ندفع وسنظل ندفع ثمن سياسات عصابات صالح الانفصالية التي رفعت شعار الوحدة وسياسات متخلفة ومتعمدة كلفتنا كل هذا.. اسمعوا أيها اليمنيون: ليس الجنوب مظلوماً أكثر من الشمال، وكل المظالم والحقوق تؤتى من أبوابها.. أما من أبواب التساهل مع الخطاب العنصري والتشطيري فإن الثمن لن يكون الانفصال ولا الوحدة.. بل الاحتقان والتمزق والمجهول المخيف.. لا مظلومون في صعدة ولا في الجنوب إلا كما أنتم يا كل اليمنيين مظلومون لأسباب مختلفة.. وكل ما يجري أن المشاريع الصغيرة والأقليات ترفع أصواتها أكثر منكم وتريد تمزيق بلادكم وأنتم ممزقون تلهثون وراء قوت يومكم وعواطفكم وهناك من يعد لذبحكم.. ملايين المرات ونحن نؤكد خصوصية الأوجاع في المحافظات الجنوبية والشرقية وهمجية النظام العائلي المتخلف الذي تحكم بالبلاد ما بعد 94 واحتلاله لليمن شمالاً وجنوباً.. وكان كثير من جمهور الحراك عادلاً ويحترم الكلمة الصادقة والمنصفة.. ولم يبق بعد ثورة التغيير يرفع المطالب المستحيلة إلا من لا ينفع معه العواطف والمحاولات.. كل افتراضات المطالب الحقوقية والتغييرية واردة.. ولكن أن تستمر الشعارات الجوفاء والتعبئة العنصرية فهذا أمر غير مقبول.. كان الأجدى أن تخرج الجماهير الحراكية للترحيب بالبنود التي أعلنتها لجنة الحوار الوطني، لكن الأصوات نفسها تظل تبتعد باعاً كلماً تقدمت نحوها للتقارب.. والمطلوب من عقلاء الحراك أن يعلنوا مواقفهم المسؤولة بدلاً عن ذلك الزيف.. أما أنت أيها الشعب بشمالك وجنوبك وشرقك وغربك فلم تظلم أحداً ولم تسرق أحداً وكل من سرقوا ودمروا البلاد هم من يدعون المظلومية.. مظلومون لأنهم لم يتمكنوا من إبادتك تماماً ولا تمزيقك تماماً.. ولا يزالون يحاولون حتى تصحو أو تموت.. أعلنوا مواقفكم من هذا الهباء الذي يريد تمزيق البلاد ومصادرتها لصالح المشاريع الصغيرة التي تفرض نفسها عبر إحدى أكبر الخدع التاريخية المسماة "لجنة الحوار" التي ستلغي إرادة الشعب اليمني وثورته ودستوره وما تبقى من مؤسسات دولته المتعبة.. ويعود الإماميون ودعاة العنصرية والمناطقية أبطالاً شهداء.. وتمهد الواقع لتفتيت اليمن إلى لا ما يتخيل العقل.. سوف تكتب أمل الباشا الدستور وتفصل في جميع القضايا وتذهب أصواتنا وكل أحلام المناضلين والشرفاء والساحات والشهداء وكأنها حلم في منام، وحقائق الواقع يضعها الليل.. هل أنت ظلمت أيها الشعب عندما لم تقبل أن تعيش عبداً للسيد الحوثي؟ وهل أنت سرقت أحداً في الجنوب؟ أم أنك ضحية لقلة يجب مساءلتها؟ هل أنت ظلمتها وسوف تعتذر لها لأنها لم تتمكن من قتلك، وسوف تسمح الآن بتمكينها من ذلك عبر مصلحات وشعارات براقة باسم الحوار وتقسيمات مناطقية ملمعة بألوان جذابة وحداثة وتجريب الشيطان؟.. اصحوا.. اصحوا.. اصحوا..