الشيخ شوقي كمادي خطيب ساحة الحرية بعدن ظهر اليوم عدن أونلاين/ خاص: احتشد الآلاف من شباب الثورة وشابتها في ساحة الحرية بعدن لأداء صلاة جمعة (ثورتنا مستمرة) والتي ألقاها الشيخ شوقي كمادي عضو رابطة علماء ودعاة عدن ، إمام وخطيب جامع الثوار بالمعلا، (عدن أون لاين) ينشر نص الخطبة: أيها الأخوة المؤمنون : أَيُّهَا المُوَحِدُون : املئوا قُلُوبَكُمْ تَعْظِيمَاً لِلَّهِ تَعَالَى وَإجْلَالاً، واسْتَشْعِرُوا عَظَمَتَهُ فِي أَحْوَالِكُمْ كُلِّهَا، وَفِي عِبَادَاتِكُمْ جَمِيعِهَا . اسْتَشْعِروا عَظَمَتُهُ سُبْحَانَه وَأَنْتُم لَهُ تَرْكَعُونَ وَتَسْجُدُونَ، واسْتَشْعِرُوا عَظَمَتَهُ وَأَنْتُمْ تُقَلِّبُونَ أَبْصَارَكُمْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . اسْتَشْعِروا عَظَمَةَ اللّهِ تَعَالَى فِيمَا يَمُرُّ بِكَمْ مِنْ أَحْدَاثٍ، وَمَا تَرَوْنَهُ مِنْ تَقَلُّبَاتِ الدُّوَلِ وَالأَفْرَادِ ( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) وَقَد رَأَيتُمْ قُدْرَتَهُ عَلَى الطَوَاغِيتِ، وأَبَصْرتُمْ قَصْمَهُ لِلجَبَابِرَةِ، وَشَاهَدْتُمْ نَزْعَهُ لِلْمُلْكِ مِنْهُمْ، وَتَمْكِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ رِقَابِهِمْ . أَرَانَا اللهُ فِي هَذَا العَامِ مِنْ قُدْرَتِهِ مَا يُبْهِرُ العُقُولَ، وَيَمْلِكُ النُّفُوسَ؛ مَحَبَّةً لَهُ وَتَعْظِيمًا وَذُلاًّ وَخَوْفًا وَرَجَاءً، فَأَذَلَّ الجَبَّارِينَ، وَأَسْقَطَ الظَّالِمِينَ، وَهَزَّ عُرُوشَ المُسْتَكْبِرِينَ، وَنَصَرَ المُسْتَضْعَفِينَ ؛ } إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ { . تَأَمَّلُوا عِبَادَ الله هَذَا العام ونحن في آخر يوم فيه، وَقَارِنُوهُ بِالعامِ المَاضِي، أَيُّ قَضَاءٍ قَضَاهُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذَا العَامِ ؟! وَأَيُّ أَمْرٍ نَزَلَ بِهِ مَلائِكَتُهُ ؟! وَأَيُّ قَدَرٍ قَدَّرَهُ ؟! جَبَابِرَةٌ عَبَّدُوا النَّاسَ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ دُونِ الله تَعَالَى عِشْرِينَ سَنَةً وثَلاثِينَ وَأَرْبَعِينَ ، قَدْ أَلَّهَهُمْ أَعْوَانُهُمْ ، وَأَخَافُوا النَّاسَ مِنْ سَطْوَتِهِمْ ، مَضَى فِيهِمْ قَضَاءُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ ، فَنَزَعَهُمْ مِنْ عُرُوشِهِمْ ، وَقَضَى عَلَى جَاهِهِمْ ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ شُعُوبَهُمْ ، وَأَذَاقَهُمُ الذُّلَّ وَالهَوَانَ بَعْدَ العِزِّ وَالسُّلْطَانِ . خَمْسَةٌ مِنْ زُعَمَاءِ العَرَبِ كَانُوا فِي العَامِ المَاضِي يَتَرَبَّعُونَ عَلَى عُرُوشِهِمْ ، فِي عِزِّ سُلْطَانِهِمْ وَأُبَّهَةِ مُلْكِهِمْ ، قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ حَوَاشِيهِمْ ، وَذَلَّتْ رِقَابُ الرِّجَالِ لِجَبَرُوتِهِمْ ، وَتَمَنَّى الكَثِيرُونَ قُرْبَهُمْ .. مَا حَالُهُمُ الآنَ ؟ وَهَلْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنْ يَصِيرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ ؟! سَجِينٌ بَيْنَ قُضْبَانِهِ يُجَرُّ لِمُحَاكَمَتِهِ ، وَشَرِيدٌ مُغْتَرِبٌ مَحْبُوسٌ بَيْنَ جُدْرَانِهِ ، وَهَالِكٌ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ، وَمخلوعٌ مَقهُورٌ مُصَابٌ يُعَالَجُ مِنْ إِصَابَاتِهِ ، وَمُتَرَبِّصٌ يَفْتِكُ بِشَعْبِهِ بَعْدَ يَأْسِهِ مِنْهُ ، وَلاَ يَدْرِي مَا عَاقِبَتُهُ . وَأُقْسِمُ بِالله العَظِيمِ غَيْرُ حَانِثٍ : إِنَّهُ لَأَسْوَأُ عَامٍ مَرَّ عَلَيْهِمْ ، وَأَبْأَسُ حَالٍ عَاشُوهَا مُذْ وُلِدُوا ، مَا عَلِمُوا فِي العامِ السَّالِفِ أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ هَذَا العامِ فِي حَالٍ غَيْرِ الحَالِ ؛ فَيَنْقَلِبُ العِزُّ إِلَى ذُلٍّ ، وَالأَمْنُ إِلَى خَوْفٍ ، وَالقُوَّةُ إِلَى ضَعْفٍ ، وَالكَرَامَةُ إِلَى إِهَانَةٍ ؛ } لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ { ، } تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { ، لاَ مُلْكَ يَسْتَمِرُّ ، وَلاَ حَالَ لِلْعَبْدِ تَدُومُ ، فَلاَ يَغْتَرُّ بِالدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ، وَلاَ يَبْطَرُ بِالنِّعْمَةِ وَاكْتِمَالِهَا إِلاَّ مَغْرُورٌ ، فِي لمْحِ البَصَرِ تَغَيَّرَتِ الأَحْوَالُ ، وَتَبَدَّلَتِ المَقَامَاتُ ... أيها ألأخوة المؤمنون : غدا بإذن الله نطوي صفحةَ أعجبِ عامٍ هجريٍّ عشناه ، وحافلا بالحوادث والتغييراتِ . فاحفروا في ذاكرتكم هذا العام ، تذكَّروه جيدا ، فهذا العام عام مبارك على أمة الإسلام ؛ انتفضت فيه الشعوب وقامت من نومها وسباتها العميق ، فهبت ووقفت وقفة رجل واحدٍ أمام الظلم والشر والجبروت والعدوان . لقد عادت الأمة إلى فعالها المجيدة ، وصفاتها الحميدة ؛ وهي تقفُ أمام الظالمين من الحكام تقول لهم بأعلى صوتها دون خوفٍ ٍولا رهبة : " لقد خلعنا يداً من طاعتكم ، وليس لكم مكانٌ بيننا.. فارحلوا عن رقابنا " ، عادت فيه سيرة التضحيات والبطولات العظيمة ؛ تضحياتِ خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وأبي عبيدة بن الجراح ، وعمر المختار ، والزبيري ، ولبوزة ... رغم الآلاف من الشهداء والجرحى والسجناء..!! نعم ، اهتزت عروش الظالمين ، وتهاوت في بلاد المسلمين ؛ فسقط قسمٌ منها تحت الأقدام تدوسه الأمة بأقدامها، وأخرى تنتظر الدور وما بدلت الأمة تبديلا!! ... ارتفع الصوتُ بها عالياً مدوياً في الساحات ، تصدح من حناجر أحفاد خالد ، وأبي عبيدة ، وارتفع معها شعار : ( لن نركع إلا لله ) ودوت فيها كلمة : ( الموت ولا المذلة ) . وقفت الشعوب في مصر والشام وتونس وليبيا واليمن تقول بأعلى صوتها : نريد تطبيقَ الشريعة.. نريد تطبيقَ الإسلام.. نريد الحرية والكرامة والعدالة ودولة المؤسسات والقانون ..! ونحن هنا في يمننا يمن الإيمان والحكمة فإنه وإن جرى التوقيع على المبادرة الخليجية إلا أننا لن نتراجع أو نتنازل عن تحقيق كل أهداف الثورة التي خرج من أجل تحقيقها الشعب بكل أطيافه ، ولن نقبل بأي اتفاق أو مبادرة لا تحافظ على ثوابت الأمة والشعب في ثورته وهو يتطلع إلى يمن بلا ديكتاتوريات ، يمن بلا عصبيات ، يمن بلا فوضى ، يمن العدالة والشورى والسلم والأمن والأمان ، لأنه بلد الحكمة والإيمان . أمة الإسلام : اليوم هو يوم تاريخي ، يومٌ سقط فيه رئيس نظام حكم اليمن "33" سنة من المراوغة والاحتيال ، يوم تخلص فيه الشعب من نظام العائلة والأسرة ويتطلع إلى حكم ديمقراطي شوروي حقيقي وليس مزيفا ، سيتمكن فيه اليمنيون من بناء اليمن الجديد . إن هذه الخطوة والتي لا تلبي تطلعات ومطالب الثوار إلا أنها أثبتت فاعلية الفعل الثوري والتصعيد الثوري في إجبار وإرغام صالح على القبول بما كان يرفضه طيلة العشرة الأشهر ، هذه الخطوة التي لا يعترف بها شباب الساحات ، لأنها أعطت ضمانات لمجرمين وقتله ، وهو ما ترفضه كل القوانين الدولية والشرائع السماوية ، إلا أنها تُعتَبَر شهادة إنتهاء الصلاحية ، فالتوقيع على المبادرة كموقف سياسي وليس ثوري ، نعتبر من خلاله إنتهاء فترة صلاحية الرئيس لليمن . أما الثورة والتصعيد الثوري فسيستمر ويبقى مستمرا حتى يحاكم الرئيس وعائلته . ومن هنا سنظل نراقب الوضع والمشهد السياسي عن كثب ونتابع ما ستكشف عنه الأيام من على مواقعنا في الساحات التي لن نغادرها إلا بثورة كاملة . وعل المجلس الوطني للثورة اليمنية وهو ينجز هذا التوقيع ، عليه أن يدرك أن التوقيع لا يعني بالنسبة لنا نهاية المطاف بل بدايته ، وعليه أن يدرك يقينا لا شك فيه ولا ريب ، أن شباب الثورة سيظلون أوفياء لدماء الشهداء الزكية ولن يتنازلوا عن أي هدف من أهداف الثورة ماتوا وضحوا من أجله . نحن اليوم أيها الأخوة نقف.. والكلمات تتلعثم في الأفواه نوجهها بإجلال وإكبار إلى كلّ قطرة دمٍ سقت الوطن فارتفع شامخاً . . وإلى كلّ روح شهيد كسّرت قيود الطواغيت . . وإلى كل يتيم غسل بدموعه جسد أبيه الموسّم بالدماء . . وإلى كل أم ما زالت على الباب تنتظر اللقاء . . نوجه سلاماً طأطأت حروفُه رؤوسَها خجِلة ، وتحيةً تملؤها المحبة والافتخار بكل شهيد قدّم روحه ليحيا الوطن ، فيقوم الوطن لينحني إجلالاً لأرواح أبطاله . . . أمانةً في أعناقنا علينا أن نؤديها ، أن نحفظ عهودهم وتضحياتهم وأن لا ننسى بأنَّ الجلادين والقتلة الذين قتلوهم، لم يكن هدفهم سوى أن يمحوا أثرهم من هذه الدنيا ، ولكن هيهات .. ، سنبقى دائماً أوفياً لهؤلاء الأبطال ، سنبقى على العهدِ لهم وفي نفس الطريق . حتى ينال الشعب كامل حقوقه وحتى يمثل المجرمون والقتلة أمام القضاء.