في الوقت الذي يبذل فيه رئيس الجمهورية كل جهوده استشعارا منه بالمسؤولية الوطنية وحساسية المرحلة الراهنة تحاول قوى أخرى وبمختلف الوسائل إدخال البلاد في فوضى بدافع الانتقام السياسي من ثورة اطاحت بعروشهم المزيفة . إرث ثقيل تحمله عبدربه منصور هادي الذي وصل إلى سدة الحكم على انقاض خزينة فارغة زاد من ثقلها الأموال التي فرضت على الحكومة لصالح الموظفين الجدد الذين تجاوزا عددهم 200 ألف موظف كما تشير بعض الأرقام.
ضريبة فادحة تحملها رئيس الجمهورية وبصبر مناضل استطاع اخماد كثير من الفتن غير أنه وكلما طفأت في منطقة هبت في أخرى أبتداء من القاعدة في أبين وصولا إلى الحراك في الجنوب ثم الأزمة مع قبائل حضرموت وصولا إلى عمران ومن ثم ظهور القاعدة في حضرموت واستعار الحرب في عمران وليس اخيرا محاولة اشعال الفتنة في العاصمة صنعاء .
مطلع الاسبوع الجاري وفي لقاء جمعه مع عدد من الوجاهات والمشايخ والشخصيات الاجتماعية من مختلف محافظات الجمهورية يقول الرئيس هادي " إننا حريصون على امن واستقرار اليمن انطلاقا من مسئوليتنا الوطنية تجاه المجتمع اليمني وهذا ما جسدناه في مختلف المواقف والظروف باعتبار أننا لم نسعى يوما للسلطة أو نلهث ورائها ولكن تحملنا المسئولية في مرحلة معقدة وظرف صعب خلال أزمة 2011م حيث جنح الجميع للتوافق والسلم والوئام وخطينا خطوات كبيرة وهامة في سبيل تطبيع الأوضاع وإزالة الاحتقانات وتنفيذ بنود المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية رغم التحديات والصعاب وصولا الى إنجاح مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي ترسم ملامح مستقبل اليمن الجديد".
مواقف رئيس الجمهورية يؤيدها الكثير من أبناء الوطن وخاصة محاولته المستمرة في كسر قاعدة الحروب التي أعتادت عليها اليمن في الشمال والجنوب على امتداد العقود والسنوات الماضية .
مواقف هادي دفعت ببعض المراقبين إلى دعوة وسائل الإعلام وكل القوى الوطنية والشريفة إلى مؤازرة الرئيس هادي في تجنيب صنعاءواليمن ككل ويلات الحرب التي تسعى أطراف عدة لإشعالها وفي مقدمتهم صالح الذي قالوا بأنه يقف في مقدمة تلك الأطراف .
وفي السياق يرجع الكاتب والمحلل السياسي محمود ياسين أسباب الأزمة التي تعيشها صنعاء إلى المساندة التي اعطاها صالح للحوثين دون أن يبرم معهم أي عقد , موضحا أنه ومنذ عمران والرئيس السابق يدفع بحلفائه للمساندة تلك ويتلاعب بمصير بلد منحه العفو ليعاقبه بهكذا دور مدفوع بحافز الانتقام الشخصي.
يقول ياسين : كانوا يصرخون : علي عبد الله صالح يفعل ويفعل ونحن نقول مبالغات ذلك ان لكنة إدانة صالح كانت تأخذ شكلا مبتذلا من التهافت على التعريض باللقب "عفاش"، ناهيك عن بلاهات النفق تحت الجامع وتصوير ريمة حميد وكأنها قاعدة جوية وقوة ضاربة،"بينما كان ولا يزال يعمل بقوة خبرته في مزاج وقوى المركز وتحالفاته ناهيك عن جاهزيته المالية " كانت معركة ملاسنة خرقاء كسبها هو عوضا عن التهافت على ترديد كلمة المخلوع وما شابه.
أضف لذلك كله تلقي العدوانية تجاهه وكأنها خصومة شخصية يغذيها أولاد الاحمر فحظي الرجل بذلك القبول النفسي الصامت بوصفه قد انتقل من مرفوض شعبي الى مكروه من الكريهين ، غالبا ما تقود الايام الرجال لاسترداد مزاجهم الثأري وقد تخففوا من عبئ المسئولية ولو مسئولية الصورة العامة ، فهو قد انصرف كلية لثأر القبيلي من القبيلي ومن الحليف الذي كان ، وفي سياق كهذا يفقد الرجل اكتراثه للمخاطر الوطنية وحتى لسلامه الشخصي مقابل شفاء الغليل .
يردف ياسين في مقال نشرته الأهالي نت بالقول : الآن لدينا هذا الوضع، رجل لا يريد ان يكون سابقا، ومنهمك كلية في عملية تخريب واسعة النطاق أسس لها تحت غطاء عدم تصديق الكثيرين للإصلاح منذ أخطائه الأولى ما بعد الثورة والتسوية والانحراف والمحاصصة.
الان لم يعد هناك متسع من الوقت ولا من إرادة الوجود لتفهم الحاجة النفسية للتشفي، ولا يمكننا بحال اقتراف الخطأ ذاته مرتين عندما قبلنا بكل السوء المنضم للثورة للتخلص من صالح بأي ثمن، كان الثمن انحرافا ثوريا ووهن دولة.
الان سيكون الثمن فادحا في حال قبلنا الثورة المضادة نكاية بانحرافات الثورة، كان الثمن الأول تهديد إمكانية بناء دولة، الثمن الان تهديد وجود اليمن ككيان، ندرك اننا سنتخطى هذا كله وسندرك كم اننا كنا قريبون من الهاوية.
ستنتصر إرادة اليمنيين أخر المطاف ولكن بثمن سيجعله صالح بمساندته للحوثي أكثر كلفة، المؤتمر الحزب سيكون أول ضحايا هذا الانتقام.