على صفحاتهم في المواقع الإفتراضية أو على صفحات وجوههم في الواقع؛ يتماهى جرح الذاكرة لدى كثير من اليمنيين عن أكثر الأعوام دماً ودمعاً وحزناً وسواداً من أي عامٍ مضى.. 2014. كان يجدر بفريق عمل موقع التواصل الإجتماعي الشهير "Facebook" مراعاة خصوصية كل بلد، قبل أن يسمحوا لأنفسهم بالتعبير الافتراضي عن مشتركيهم بما يعتقدونه "عاماً رائعاً". لم يكن كذلك مطلقاً بالنسبة لملايين من البشر حول العالم. حروب، وكوارث. مآسي وأحزان، دماءٌ ودموع. بارودٌ ونار. هكذا يصرخ أحدهم في زاوية صغيرة على مساحة هذه الشبكة العملاقة! لقد كان عاماً مأساوياً! "كانت سنة مغمسة بالدم والدموع. سنة كئيبة لا مثيل لها في العقود الأخيرة. خرج فيها "المريض اليماني" من غرفة "العناية المركزة" في موفنبيك، إلى "المشرحة الاقليمية" في عواصم الجوار. سنة الخيبات والاجتياحات والحروب الاستردادية التي يشنها الحوثيون، لكأنهم صحوا توا من سبات عميق امتد عقود" يعلق الصحفي سامي غالب على ذاكرة عامه التي اختارها مزاج فريق فيسبوك. آمال وأحلام منكسرة علّق اليمنيون آخر شعرة آمالهم وأحلامهم على الحوار الوطني في هذا العام للخروج من حالة التيه والوضع الصعب. لكن سرعان ما خاب الأمل بتعذر تنفيذ أدنى قرارات مخرجات ذلك الحوار. وزاد من انتكاسة أحلامهم سقوط الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها أمام مليشيا امتدت بقوة السلاح من أقصى الشمال لتلتهم معظم المدن والمحافظات. عام سيشهد تاريخه انتقال السلطة من قبضة قبيلة إلى فوهة مليشيا. "كان أسوأ عام مرّ على اليمن، وبالنسبة لي الأسوأ في حياتي المهنية القصيرة. رعب وقلق وتيه ومعايشة بلد تتهاوى.." يقول الإعلامي حمدي البكاري. متابعاً.."إنها سنة خذلان النخبة للناس، سنة انتظار الموت من صعدة حتى صنعاء ومناطق أخرى. ومع ذلك ما زلنا أحياء ونتنفس". غالباً ما تكون الصورة أشد وخزاً للضمير من الكلمة، وأكثر إنكاءً لجرح الذاكرة. وذلك ما جسده ال"فيسبوك" في طريقته المبتكرة لاستعراض أحداث العام الراحل2014. وعلى سبيل الاحتفال سعى إمبراطور هذه الشبكة -العابرة للحدود والقوانين والخصوصية الشخصية أيضاً- إلى مشاركة انتشائه مع الآخرين، مسبباً جرحاً غائراً في ذاكرة موجوعة لكثيرين هنا باليمن. من ذاكرتهم تابعنا صفحات كثير من الأصدقاء، ورصدنا حالاتهم الشعورية خلال مشاركاتهم وتعليقاتهم على هذه الاستعراضات، وكانت نتيجة طبيعية أن تجد غالبيتها محتشدة بالشؤم والإحباط، ومختنقة بالمرارة والقهر. حروفٌ تنزف بالوجع، وعبارات مدماة بالفجيعة والخذلان. بعضهم كان يداري خيبته بالهروب إلى رومانسية عابرة، والبعض آثر صمته لعبارة الموقع التلقائية بالتعبير عنه ربما عجزاً عن جدوى الكتابة في وحل هذه اللحظة الفاغرة تيهاً وفراغ.."كانت سنة رائع شكراً لأنك كنت جزءاً منها". ابتسام المتوكل: ببطء شديد تنقضي آخر أيام هذه السنة الباردة، كأنها ببرودتها القارسة تود لو أعاقت السنة المقبلة عن المجيء، وفي القلب تشع أمنية بسنة جديدة أحنى. صدام ابو عاصم: مارك إبن ال(...) لم يقل لي شكراً على كونك جزء من هذا العام 2014.. ربما لأنه يدرك أنني بالفعل لم أكن حاضراً فيه، بقدر ما كانت خيباتي فقط هي من تفهرس ساعات أيام العام المغادر غير مأسوف عليه..! محمد القاسم: التوحش سمة العام 2014 . حتى الطقس مثله مثل جماعات العنف يختتم أيامه بنفس الغريزة..! سامي غالب: "سنة السيارات المفخخة، والعبوات الناسفة، والبيوت المنسوفة والدراجات النارية الفتاكة، والنساء المكلومات، والامهات المحاصرات، والجنرالات الهاربين. سنة الجندية المهانة، والوطنية المستباحة، والمدنية المؤودة، والانتخابات المنسية. هل كانت سنة رائعة يا مارك؟ لعلها كذلك بالنسبة لأرقام المشتركين في الفسبوك. لكنها لم تكن مطلقا رائعة إذا أحصينا عداد القتلى في اليمن والعالم العربي. لم تكن سنتي الرائعة أبدا. لكن المنجمين يؤكدون لي ان العام الجديد هو برج "العذراء". ما يعني أن عليّ أن أودع "عامك الرائع" يا مارك، غير آسف عليه...! أوراس الإرياني: 2014 عام الصرخة والعبوات الناسفة.. عام خالي من الحب والعلاقات الانسانية.. عام المجاملات والتملق من اجل منصب. هائل سلام: لقد كان عاماً "رائعا"، مليئا بالأحداث المؤسفة، والأزمات العاصفة باليمن، مجتمعا ودولة. غير أن ثمة أمل خافت يهمس لنا على الدوام أن في الغيب شيئا جميلا يستحق الإنتظار. *هنا صوتك