تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هرمنا من أجل هذه اللحظة: الديموقراطية الإسلامية!
نشر في عدن بوست يوم 28 - 05 - 2016

هل يعود الفضل في إعلان حركة النهضة التونسية التزام الديموقراطية الإسلامية والتخلي عن الإسلام السياسي والفصل بين الدعوي والسياسي لرئيسها راشد الغنوشي؟ أم أنه التطور الطبيعي للحركة الإسلامية والذي ستنتهي إليه كل حركة مماثلة؟ أميل إلى الإجابة الثانية، فالحركة الإسلامية وعمرها يقترب من القرن، هي جزء من عالم إسلامي تغيّر ولا يزال يتغيّر بحكم الحداثة ومفهوم الدولة الحديثة ذات الحدود والسيادة والمواطنة، بالتالي لا بد من أن تتغيّر مثلما تغيّر الوطن.

والحق (وسيختلف معي كثيرون هنا) أن الحركة أكثر تقدمية من الأنظمة، وتغيّرت أكثر مما تغيّرت الأنظمة، فمظاهر الحداثة التي اتسمت بها الجمهوريات العربية، كالدستور والبرلمان وعلمانية وتحديث المجتمع، مجرد «منظرة» لنظام مملوكي عمره ألف سنة، يقوم في جوهره على مبدأ الاستئثار بالسلطة، فلم يكن حسني مبارك أو صدام حسين يختلفان كثيراً عن أي سلطان مملوكي منشغل بالحكم وتثبيته، ومن ثم توريثه لابن أو شقيق.

سبق العسكر «المماليك الجدد» محاولة تغيير حقيقية، قادتها نخبة حالمة من المتعلمين في إسطنبول أو أوروبا، حاولوا تغيير بلدانهم حديثة التكوين، والتي لم تعرف غير التبعية لسلطان بعيد، فلا يعرفون غير واليه والإقطاعيين الذين يجمعون له الضرائب، إلى دول حديثة تشبه الدولة الأوروبية الحديثة، معظم أفكار النهضة العربية تشكّلت خلال تلك الفترة، بما فيها تلك التي أثرت في الحركة الإسلامية، أسئلة الديموقراطية والإسلام طرحت، والتوفيق بين الشريعة والقوانين الحديثة، والأقليات والمواطنة، وكثير من الإجابات أتت من فقهاء وجدوا أنه من الضرورة التوفيق بين التحولات الجذرية الحاصلة والإسلام حرصاً على الأخير، وكان هناك أيضاً من رفضوا بشدة كل المحاولات التوفيقية، اختار البعض الابتعاد عن السياسة، بل حتى تحريم العمل بها، كان مهرباً مريحاً لهم، مقاومة أخرى جاءت من الإقطاعيين القدامى وتحالفوا مع الفقهاء المتشددين، ولكنهم لم يقدموا حلولاً مقنعة، البعض الآخر اختار الحكم أو الوزارة، وكانت فرصته أفضل من غيره بحكم الثراء والتعليم، فاستغلها لمصالح خاصة، كان يمكن لهذا الحراك الذي لم تشهد الدول العربية والإسلامية مثله منذ ألف عام أن يثمر عن توافق بين الإسلام والديموقراطية في دولة حديثة، ولكن ضعف بنية هذه المشاريع الحديثة سهّل على العسكر الانقضاض عليها مجهضين أول حركة نهضوية عربية معاصرة وقبل أن تكتمل، خصوصاً في مصر والعراق وسورية وليبيا وتونس واليمن، فكانت هذه الدول أول ما اكتسحت رياح التغيير التي ضربت العالم العربي قبل خمسة أعوام.

زعم العسكر أن لديهم مشروعاً للنهضة، والتحرير، والعدالة، والتصنيع والتعليم، ولكن ما لبث أن انهار لافتقاده المقومات الأخلاقية، بعدما اختاروا عدم إصلاح النظام السياسي الديموقراطي الذي ثاروا من أجل إصلاحه، واستبدلوه بنظام خاوٍ أساسه الاستخبارات والبطش، فجمدوا أو شوّهوا عملية التحول الديموقراطي لأكثر من نصف قرن.

مشروع الإسلام السياسي، بدأ بحلم نوستالجي يدور حول إعادة الخلافة، إذ اعتقدوا أن فيها السر لعودة عز المسلمين ووحدتهم، ولكن كلما امتد نشاطهم في العمل العام انتبهوا إلى استحالة ذلك، نتيجة حالة الانهيار التي تعيشها أوطانهم، من فقر وضعف، وهيمنة أجنبي، وفساد، وأصبحوا واقعيين أكثر، ولكن كانت واقعية متدرجة وعبر مراحل، بحثوا عن فرص إقامة نموذج إسلامي إقليمي يحيون فيه حكم الشريعة المهددة، ويطبّقون عليه أفكارهم في التربية والتعليم، ألّفوا مزيداً من الكتب التي توفق بين الديموقراطية والإسلام، تسأل بعضهم هل ندمقرط الإسلام أم نؤسلم الديموقراطية؟ اكتشفوا لاحقاً أن لا هذا ولا ذاك ممكن، مزيد من الواقعية.

الراحل محفوظ النحناح في الجزائر طرح نظرية «الشوراديموقراطية»، لم تعش الفكرة أبعد من تصريح أو اثنين قالهما، دخلت السلفية على الخط، وأعادت الجميع إلى مربع الأسئلة الأولى، هل يجوز التصويت على الشريعة وهي أمر إلهي فتكون عرضة لاختيار أو رفض البشر؟ بدت حكومات العسكر مستعصية على التغيير، وأنها واقع لا مفرّ منه، يعيشون في ظلها، فخفضوا من سقف مطالبهم، يكفي إدخال الشريعة في الدساتير، انشغل الإخوان بهذا مع الرئيس السادات فاستجاب لهم، فكان الجدل حول هل تكون المصدر الأساس للتشريع أم مصدراً للتشريع، ثم انتبهوا أن لا فرق بين هذا أو ذاك، فالحكم أقوى من الدستور، والرئيس وحزبه وحكومته والمقربون هم أصحاب القرار الأخير، في الحرب والسلم، والسياسة والاقتصاد، والتعليم، والمصالح والمزايا والعلاقات الخارجية، وكل شيء.

سنوات تمرّ، يتغير فيها المجتمع، وأوطانهم، حروب وهزائم، تزداد ضعفاً وهشاشة بينما العالم يتطور ويقوى، يرون أن الديموقراطية هي سمة الدول الناجحة حتى خارج أوروبا التي صنعتها، بعيداً حتى كوريا واليابان والهند، لم يعد من المقنع القول إن الديموقراطية فكرة غربية، ذلك الغرب الذي احتربنا معه لقرون فنرفض أفكاره.

خلال ذلك الزمن الطويل، المملوء بالإخفاقات على مستوى الوطن، وكذلك الحركة، وألم المعتقلات، وعجز الجميع عن تحقيق التغيير الذي بدأ قبل مئة عام، كانت هناك تجربة «إسلامية» تتشكل في تركيا، بدأت من قاعدة «أعوذ بالله من الشيطان ومن السياسة» إلى الدخول المتدرج فيها، وإخفاق يتلو إخفاقاً مع إصرار وتكيف إلى قاعدة «يمكن الدولة أن تكون علمانية، ولكن قادتها غير علمانيين»، والتي صاغها رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان لإخوان مصر، حين زارهم وهم في الحكم، ولم يأخذوا بها.

تلك الدولة العلمانية والتي يحكمها غير علماني نجحت في تركيا، وتجاوزت الإشكال الشرعي المتوارث، وأصبحت نموذجاً للإسلاميين، فأضيف نجاحها إلى تلك المتغيرات التي عاشتها الأوطان والمجتمعات المسلمة طوال القرن، فكان لا بد أن تتغير الحركة الإسلامية إذا أرادت الاستمرار، فعلت ذلك بهدوء في المغرب، وبصخب في تونس، وعجز عن ذلك آخرون، إما لعجز فيهم، وإما لأن البيئة المحيطة بهم لم تتغيّر بما فيه الكفاية، فمن شروط التغيّر أن يكون في بيئة ديموقراطية كما سبق القول.

بالتأكيد للزعامات دورها، فالغنوشي مفكر إسلامي متقدم فكرياً على نظرائه منذ زمن، وبالتالي لا بد من الاعتراف بدوره، وأردوغان تركيا وبن كيران المغرب لهما كاريزما الزعامة الجماهيرية، وفي طبعهما الإقدام، فنجحا في قيادة حزبيهما لهذه القفزة الكبيرة.

المصريون، يجب أن يعترفوا بأنهم ضيعوا فرصة كبيرة، لقد عاشت الديموقراطية هناك أكثر من سنتين تبحث عمن يحميها، فانشغلوا بقضية الهوية، والاستئثار بالحكم، بينما كان عليهم بناؤها وتعميق جذورها أولاً قبل الإدارة والتمكين وخطط التنمية ومشروع النهضة والإصلاح الاقتصادي والتعليمي وأي شيء آخر، فالإجابة عن معضلة تداول السلطة هي نصف الطريق لنهضة الجميع وليس جماعتهم وحدها، وهو ما فعله الغنوشي، استقرت الديموقراطية في بلاده، وبات هو وحزبه «الديموقراطي الإسلامي» مستعدَين للقفز على السلطة في الانتخابات المقبلة.

أخيراً، لو حضرت المؤتمر لسألته، هل نستمر بإطلاق لقب الشيخ عليك أم السيد الرئيس؟

نقلا عن الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.