أكد فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن المعني باليمن، أنه بعد ثلاث سنوات من القتال والنزاع المسلح، يكاد اليمن كدولة أن يكون قد ولّى عن الوجود، مشيراً إلى أنه لم يعد يوجد دولة واحدة وإنما دويلات متحاربة، وأنه ليس لأي من هذه الكيانات من الدعم السياسي والقوة العسكرية ما يمكنه من إعادة توحيد البلد أو تحقيق نصر في ميدان القتال. ولم يسلم طرف من انتقاد التقرير الأممي فقد فتح النار على الجميع وإن بدرجات متفاوتة فيما يخص انتهاكات القانون الدولي والإنساني الذي يرصد التقرير انتشارها الواسع ينسبها إلى أطراف الصراع كافة. يقول التقرير أنه" بعد قرابة ثلاث سنوات من النزاع، يكاد اليمن، كدولة أن يكون قد ولى عن الوجود، فبدلاً من دولة واحدة، هناك دويلات متحاربة، وليس لدى أي من هذه الكيانات من الدعم السياسي أو القوة العسكرية ما يمكنه من إعادة توحيد البلد أو تحقيق نصر في ميدان القتال". وذكر التقرير- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- أن الحوثيين في الشمال، بعد أن تخلصوا من حليفهم صالح في ديسمبر الماضي، يعملون على تشديد قبضتهم على صنعاء والمرتفعات الجبلية والمناطق الخاضعة لسيطرتهم. أما في الجنوب فقد أكد التقرير أن حكومة الرئيس هادي قد أُضعفت جراء انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم للمجلس الانتقالي. يقول التقرير: في الشمال، يعمل الحوثيون من أجل تشديد قبضتهم على صنعاء وجزء كبير من المناطق المرتفعة بعد معركة شوارع استمرت خمسة أيام في المدينة، وانتهت بإعدام حليفهم السابق، وهو الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2017م. وفي الأيام والأسابيع التي أعقبت ذلك، سحق الحوثيون أنصار الرئيس السابق في اليمن أو استمالوا الكثير ممن تبقى منهم. مصير الجنوباليمني أما في الجنوب، فقد أُضعفت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي جراء انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم إلى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي شُكل مؤخراً والذي يدعو إلى إنشاء جنوب يمني مستقل. وقال موجز التقرير المكون من ثلاث صفحات من أصل التقرير المكون من "340" صفحة، أن حكومة الرئيس هادي تواجه تحد آخر، يتمثل في وجود قوات تعمل بالوكالة، تسلحها وتمولها الدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده السعودية، منوها إلى أن هذه القوات تسعى لتحقيق أهداف خاصة بها في الميدان. وأوضح التقرير أن مقتل صالح وفّر فرصة للتحالف والقوات الحكومية لاستعادة أراضٍ، إلاّ أنه استبعد أن تستمر هذه الفرصة فترة طويلة أو أن تكون بحد ذاتها لإنهاء الحرب. يقول التقرير: وقد أتاح انتهاء تحالف الحوثيين- صالح فرصة أمام التحالف الذي تقوده السعودية والقوات الموالية لحكومة اليمن لاستعادة أراض. ومن غير المحتمل أن تستمر هذه الفرصة السانحة فترة طويلة، أو أن تكون كافية بحد ذاتها لإنهاء الحرب. وقد كان من شأن إطلاق قذائف تسيارية قصيرة المدى، أولاً من جانب قوات تحالف الحوثيين- صالح، وبعد ذلك، عقب انتهاء التحالف، من جانب قوات الحوثيين، ضد المملكة السعودية، أن غير مجرى النزاع، وهو ينطوي على إمكانية تحويل نزاع محلي إلى نزاع إقليمي أوسع نطاقاً. وقد وثق الفريق مخلفات قذائف ومعدات عسكرية متصلة بها، وطائرات عسكرية مسيرة من دون طيار، ذات أصل إيراني، جُلبت إلى اليمن، بعد صدور الحظر المحدد الأهداف المفروض على الأسلحة. تورط إيران ونتيجة لذلك يرى الفريق أن جمهورية إيران الإسلامية لا تمتثل للفقرة 14 من القرار 2216 (2015) من حيث أنها أخفقت في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع توريد قذائف تسيارية قصيرة المدى من نوع بركان 2ح، وصهاريج تخزين ميدانية لمؤكسد سائل ثنائي الدفع للقذائف، وطائرات عسكرية مسيرة من دون طيار من نوع أبابيل- تي، وقاصف- 1، أو بيعها أو نقلها إلى تحالف الحوثيين- صالح آنذاك. ونشر الحوثيون أيضاً ألغاماً بحرية محلية الصنع في البحر الأحمر، وتشكل هذه خطراً على النقل البحري التجاري وخطوط الاتصالات البحرية، ويمكن أن تظل لمدة تتراوح بين 6و 10 سنوات، مهددة بذلك تدفق الواردات إلى اليمن وطرق وصول المساعدات الإنسانية عبر موانئ البحر الأحمر. انهيار النظام المالي وأوضح التقرير أن النظام المالي في اليمن منهار وأن اليمن تعاني من أزمة سيولة نقدية كبيرة. يقول التقرير: النظام المالي في اليمن منهار. فهناك مصرفان مركزيان متنافسان، أحدهما في الشمال يخضع لسيطرة الحوثيين، والآخر في الجنوب، ويخضع لسيطرة الحكومة، وكلاهما لا يعملان بكامل طاقتهما، فالحكومة غير قادرة على تحصيل الإيرادات بفعالية، في حين يجمع الحوثيون الضرائب، ويبتزون التجار، ويصادرون الممتلكات باسم المجهود الحربي. ويعاني اليمن من مشكلة السيولة. ففي جميع أنحاء البلد، لاتُدفع المرتبات إلى أصحابها في كثير من الحالات، وهذا يعني أن الأدوية والوقود والمواد الغذائية، متى توافرت، غالباً ما تكون باهظة التكلفة. تجار الحروب وهناك تجار حروب جدد آخذون في الظهور بفعل هذه الحرب، وفي الوقت الحاضر تنذر الأمور بأن الغلبة ستكون للسوق السوداء على المعاملات الرسمية. وعلى الرغم من أن علي عبد الله صالح أصبح الآن في عداد الموتى، فمن المرجح أن يواصل خالد علي عبد الله صالح، الذي يعمل بالإنابة عن أحمد علي عبد الله صالح، السيطرة على ثروة أسرة صالح. وليس هناك حتى الآن ما يشير إلى أنه قد يستخدم تلك الثروة لدعم أعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن. وقد ارتكب جميع الأطراف في النزاع، طوال عام 2017م، انتهاكات على نطاق واسع للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فقد ظلت الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة المملكة السعودية، واستخدام الحوثيين العشوائي للذخائر المتفجرة، طوال معظم عام 2017م،تحدث آثاراً غير متناسبة على المدنيين والهياكل الأساسية المدنية. ولم ير الفريق أي دليل يشير إلى أن أياً من الجانبين يتخذ تدابير مناسبة للتخفيف من الآثار المدمرة لهذه الهجمات على السكان المدنيين. تدهور سيادة القانون وأكد التقرير أن سيادة القانون آخذة في التدهور بسرعة في جميع أرجاء اليمن، بصرف النظر عمن يسيطر على إقليم بعينه. فقد نفذت كل من حكومة اليمن والإمارات العربية المتحدة وقوات الحوثيين- صالح، عمليات اعتقال واحتجاز تعسفية، وكانت وراء حالات اختفاء قسري، ومارست أعمال التعذيب، وأعدم الحوثيون أشخاصاً بإجراءات موجزة، واحتجزوا أشخاصاً لأسباب سياسية أو اقتصادية بحتة، وهدموا منازل من يتصورون أنهم أعداؤهم. وكثيراً ما يعرقل الحوثيون وصول المساعدات الإنسانية وتوزيع المعونة. وأشار غلى أنه في أعقاب الهجوم الصاروخي على الرياض الذي حدث في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017م، أمر التحالف الذي تقوده السعودية بإغلاق جميع المعابر البرية إلى اليمن، وجميع الموانئ والمطارات في اليمن. وسرعان ما أعيد فتح نقاط الدخول التي تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية، في حين ظلت المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، كالحديدة، مغلقة لعدة أسابيع. وبدا ذلك وكأنه استخدام للتهديد بالتجويع كوسيلة حرب. وشكلت حالات التأخير وعدم القدرة على التنبؤ، الناجمة عن نظام التفتيش الحالي لموانئ البحر الأحمر، حواجز إضافية ومخاطر تجارية بالنسبة للشاحنين والمستوردين الذين يزودون اليمن بالإمدادات. تآكل سلطة هادي وأوضح التقرير تآكل سلطة الشرعية. وقال لقد تآكلت سلطة الحكومة الشرعية اليمنية إلى حد أصبحت مشكوكا فيه عنده ما إذا سيكون بمقدورها في يوم ما أن تعيد اليمن إلى سابق عهده، بلدا واحدا. وأشار التقرير على عدد من التحديات التي تواجه سلطة الحكومة الشرعية في اليمن. وذكر عدد من عوامل التي أدت على هذا الضعف. وقال أنه على الرغم من أن القوات المسلحة التابعة للحكومة الشرعية ما زالت موجودة في جميع محافظاتالجنوب الثماني، فإن عدداً من الجهات الفاعلة الأخرى تجعل من الصعب على الحكومة الشرعية أن تحكم وتفرض سلطتها. ويرى الفريق أن الرئيس هادي فقد القيادة أو السيطرة الفعلية على القوات العسكرية والأمنية العاملة باسم الحكومة الشرعية في اليمن. تجزؤ اليمن ويرى الفريق أن طول أمد الحرب، وعدم إحراز تقدم عسكري، والانقسامات التي ظهرت، تجعل الانفصال من أجل تشكيل يمن جنوبي احتمالاً حقيقيا الآن. وبحسب التقرير فإن الأحداث التي شهدتها محافظتا البيضاء وتعز توفر مؤشراً آخراً أيضاً على وجود مخاطر حقيقية قد تؤدي إلى تجزؤ اليمن. فتعز لا تزال بؤرة توتر في النزاع، وكارثة إنسانية. فقد تركز فيها معظم القتال المستمر على مدار العام الماضي. وتواصل قوات الحوثيين محاصرة المدينة.