تمر الأشهر والأعوام ولا شيء يوقف توحش المليشيا الحوثية ضد الصحفيين، القابعين في زنازينها ومعتقلاتها السرية حتى اليوم. عشرات البلاغات والبيانات الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تطالب مليشيا الانقلاب الحوثية، بالإفراج الفوري عن الصحفيين المختطفين كونهم معتقلي رأي، لكن المليشيا ترمي بكل تلك المطالبات وترسل شياطينها نحو الصحافة والصحفيين بشكل متواصل. 2018 عام كارثي على الصحفيين في سياق الانتهاكات المتواصلة للصحفيين والصحافة، أعلن مرصد الحريات الإعلامية في اليمن عن تسجيل 144 انتهاكاً ضد الحريات الإعلامية في اليمن خلال العام 2018م. المرصد أكد أن من ضمن هذه الانتهاكات 12 حالة قتل تعرّض لها إعلاميون، تعددت الانتهاكات بين القتل والإصابة والاختطاف والاعتداء واستهداف المؤسسات الإعلامية. أرقام وإحصائيات وأوضح المرصد التابع لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أنه بالإضافة إلى حالات القتل فقد تم رصد 43 حالة اختطاف ومحاولة اختطاف، و11 حالة إصابة، و6 محاولة قتل، و16 حالة اعتقال، و10 حالات اعتداء، و9 حالات فصل عن العمل، و7 حالات تهديد، و5 حالات اقتحام ونهب منازل إعلاميين، و12 انتهاكًاً ضد مؤسسات إعلامية، و13 انتهاكات أخرى. وأوضح المرصد أنه في ظل تزايد الانتهاكات التي تمارس ضد الصحفيين من قبل كافة الأطراف في اليمن بدرجات متفاوتة خلقت بيئة خطرة جعلت من مهنة الصحافة الأكثر خطراً في اليمن، وأعاقت ممارسة الصحفيين لعملهم بحرية في نقل الأحداث والوقائع في اليمن. وضع مخيف جدا وأضاف " وضع الصحفيين أصبح مخيفاً جدا، فقد قتل 42 صحفياً وناشط إعلامي منذ بداية الأحداث في اليمن في 2014م وحتى نهاية العام الماضي 2018، إلى جانب اختطاف اكثر من 400 صحفي لا زال البعض منهم في معتقلات جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة. ويؤكد المرصد أنه مر على البعض منهم أكثر من ثلاثة أعوام تعرضوا خلالها للإخفاء القسري والتعذيب والمحاكمة امام النيابة الجزائية المتخصصة " محكمة غير دستورية " بتهم تستوجب الإعدام بسبب آرائهم وكتاباتهم الصحفية. وبالمقابل تستمر حالة الانتهاكات للحريات الإعلامية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا فقد تعرض احد الصحفيين للقتل في حين ما يزال احد الصحفيين محتجز لديها حتى الآن. وتتصدر جماعة الحوثي قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحفيين في اليمن بواقع 84 انتهاكاً من إجمالي الحالات المسجلة، و 30 حالة انتهاكاً مارستها أطراف تابعة للحكومة اليمنية، و 14 انتهاك قام بها مجهولين، و5 انتهاكات قامت بها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، و11 انتهاكا قامت بها أطراف أخرى. ويشير المرصد- في تقريره السنوي حول- " الانتهاكات للحريات الإعلامية في اليمن " إلى تعرض 12مؤسسة إعلامية خلال العام الماضي 2018 لانتهاكات مختلفة تنوعت بين إغلاق وقصف واقتحام واعتداءات مختلفة، كان أبرزها اقتحام وإحراق مؤسسة ا"لشموع" للطباعة والنشر في عدن، وقصف طيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية إذاعة الحديدة بمدينة باجل في محافظة الحديدة. مطالبات وجدد المرصد مطالبته المتكررة لجميع الإطراف في اليمن برفع القيود التعسفية عن الصحفيين وحريات الرأي والتعبير، داعيا -بنفس الوقت- كافة المنظمات الدولية والحقوقية والمنظمات المعنية بحقوق الصحافة حرية التعبير بتكثيف جهودهم التضامنية والضغط بسرعة الإفراج عن المختطفين واحترام آرائهم. وما يزال 20 صحفيا يقبعون في سجون الحوثي والشرعية وتنظيم القاعدة، حيث ترفض جماعة الحوثي عن الإفراج عن 18 صحفي من سجونها مر على البعض منهم أكثر من ثلاثة أعوام وهم عبد الخالق عمران، توفيق المنصوري، حارث حميد، هشام طرموم، هشام اليوسفي، أكرم الوليدي، عصام بلغيث، حسن عناب، وهيثم الشهاب، إضافة إلى الصحفي وحيد الصوفي الذي اختطف في شهر ابريل من العام 2015، والصحفي صلاح القاعدي، ونادر الصلاحي، وعمار الأحمدي، وحامد القعود، وأنور الحاج، وبلال العريفي، ومحمد الصلاحي، واحمد حوذان،كما اعتقلت الحكومة اليمنية بمحافظة حضرموت الصحفي صبري بن مخاشن وما يزال معتقل لديها حتى الآن، وكان تنظيم القاعدة بمدينة حضرموت قد اعتقل الصحفي محمد المقري أثناء سيطرته على المدينة في 2015 ولم يعرف مصيره حتى الان. معاناة مستمرة ولا يزال حتى اليوم، عشرة صحفيون مختطفون في سجون الميليشيات الحوثية، يتقاسم الصحفيون المختطفون خلالها الألم مع أسرهم من خلف الحواجز والقضبان، فبينما تغيب الشمس وتختفي وجوه الأحبة عنهم داخل أقبية السجون الحوثية. وفي ظل معاناة الاختطاف التي يتعرض لها الصحفيون، لا يتورع الجلاد الناقم من ممارسة غواية الانتقام على أجسادهم وتحطيم آمالهم المشرقة في زوايا قضيتهم وحريتهم، فضيق الأرض ذرعا بأسرهم المسجونة في الفضاء المفتوح، مع مرور قرابة أربعة أعوام وهم في السجون. من بين قرابة 15 صحفي مختطف، يقبع عشرة صحفيون في قطعة أرض لا تتجاوز مساحتها بضعة مترات مبنية بأربعة جدران وسقف، يتوسط أحد جدرانها باب من الفولاذ، عبره يمر الهواء والأكل والماء بين الحين والآخر، ومنه أيضاً يطل الظلم والحرمان وسوطاً قذراً، وتتكدس أمامه آثام السجون وحراستها فيغدو مختنقا بركام الاستعباد الذي خلفه أعداء الإنسانية. معاناة 10 صحفيون مختطفون عبدالخالق عمران، صحفي معتقل في معتقلات المليشيا الحوثية، تؤكد مصادر مقربة منه أن جسده النحيل لم يعد يحتمل إرهاب الحوثي وتعذيبه الذي تسبب له بألم في عموده الفقري أقعده عن الحركة تماماً، ولا يخلو موضع في جسمه من ضربة سوط أو جرح يد أثمة لترسم المعاناة على تقاسيم هيئته العنيدة بوجل. وفي تقرير سابق، نشرته صحيفة "أخبار اليوم" يؤكد أن أسرته التي أُعيت بها السُبل وهي تحاول عبر مطالبات ومناشدات لضمائر العالم نقله للعلاج وتلافي الأوجاع قبل استفحالها فتصطدم برفض الحوثيين متعمدين إمعانهم في ترسيخ القهر والألم على جسد عبدالخالق لعله يكفر بقضيته العادلة وحق حرية الرأي والتعبير. وفي الجانب الآخر، يقبع الصحفي صلاح القاعدي، الذي فقد حاسة السمع وتعطلت إحدى أذنيه جراء الضرب واللكم الذي تعرض له أثناء التحقيق ووابل الشتائم والسب الذي كان يفرزه لسان المحقق على شكل حقد وانتقام أشعلا قلبه المغروس في الحقد من الرأي والتعبير الذي يخالف توجهه وجماعته، وهو ينظر لشموخ صلاح أمام الجلاد الأخرق، وفي نشوة غيضه يرسل كلبه البوليسي ليكمل مهمته ويقاسمه الذنب والتعذيب بحق هذه الروح الرافضة للخنوع المشبعة بوهج الحرية وكبرياء النضال. لا تقل الحالة الصحية للصحفي توفيق المنصوري خطورة عن حالات زملائه الصحفيين، وكغيره من المختطفين الصحفيين أُخضع لجلسات تعذيب وحشية فاقت حدود الإنسانية في قاموس الجلادين، لتتدهور حالته الصحية ويصاب بأمراض القلب وضيق التنفس وتورم البروستات، كما أشار بلاغ لنقابة الصحافيين قبل أكثر من عام ونصف، وطالبت فيه بنقل المنصوري إلى المستشفى لتلقي العلاج وحملت مليشيا الانقلاب بصنعاء مسؤولية حياة توفيق وزملائه. لا شيء يوقف توحش المليشيا الحوثية ضد الصحفيين، عشرات البلاغات والبيانات الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تطالب الحوثيين بالأفراج الفوري عن الصحفيين المختطفين كونهم معتقلي رأي، لكن المليشيات ترمي بكل تلك المطالبات وترسل شياطينها نحو الصحافة والصحفيين. وكتب الصحفي وضاح المنصوري، شقيق المختطف توفيق المنصوري، مقالا في نوفمبر الماضي، قال فيه أنه بعد عام تقريباً على اختطاف شقيقه وزملائه الثمانية من فندق بصنعاء في منتصف عام 2015م، التقيت بأحد قيادات المليشيات الحوثية واسمه " أبو حسين وينتمي إلى محافظة عمران " كان قد عرّفني عليه أحد أصدقائي للتوسط لديه بالإفراج عن أخي مقابل مبلغ مالي، وهي حيلة كنت مضطرًا لسلوكها بعد أن تدهورت صحة أمي في الأيام الأولى لاختطاف ولدها، وعلى كل حال ذهبت إلى 'أبو حسين" وعندما كنت أتكلم عن شقيقي الصحفي توفيق أنه مختطف كان "أبو حسين " يعدل على كلامي بالقول "مسجون" وليس مختطف حد تعبيري، وأن الإعلاميين لا يمكن الثقة بهم في أي وقت ومهنتهم أسوء مهنة، بنظر أبو حسين. وأضاف ""استمرينا بالحديث وعندما وصلنا إلى لب الموضوع وهو الإفراج عن شقيقي توفيق دون زملائه، وذلك _حسب كلام الوسيط أبو حسين_لأن الرجل سيتعاون معي إكراماً لصاحبه وأنا لست معني بالآخرين.". وتابع: بعدها بدأ الوسيط يتحدث وتظهر عليع علامات الانتشاء والزهو، وبالطبع كان يتكلم بتباهي منقطع النظير عن لقاءاته المتعددة "بالمسؤول عن هذه القضية وهو رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي" ولكي يزيد من ثقتنا بكلامه، قال إنه قد حل كثير من هذه القضايا التي يعجز أصحابها عن حلول لها عند المسؤولين الصغار، ولكن معرفته الشخصية ب "أبو أحمد" الذي لا ترفض توجيهاته في أي مكان، ساعد في حل مشاكل كثير من الدواعش . وأضاف الوسيط أن القضايا ذات الأهمية الكبيرة - وقضية الصحفيين تدخل ضمنها - تتأخر بعض الوقت لأنه لا يقطع فيها "أبو أحمد" بل يناقشها مع السيد ولكنه؛ أي محمد الحوثي، له الفصل الأخير فيها وإن شاء الله يكون مزاجه سابر من الإعلاميين هذه الأيام، قالها الوسيط وهو يهز رأسه بتكلف . يقول وضاح: كنت أتحدث معه بنوع من الحذر وانتقي المفردات والمسميات بعناية لكي تناسب المهمة والغرض، وحين سألته متى سيرد لي خبر عن الموضوع؟ رد أنه يستطيع أن يطرح الموضوع اليوم لأبي أحمد، لكنه سيختار وقت مناسب معه لهذه القضية؟ ويبدو أن الوسيط وقف أمام محمد علي الحوثي/ المسؤول الأول في سلطة المليشيا عن قضية الصحفيين، ولم يكد يتحدث عن قضية الصحافيين المختطفين حتى اصطكت يد ميجالو على خده وأردته أرضاً، لتدخله في القضايا الكبيرة كما سماها لنا . ويضيف "مرت السنة والسنتان والثلاث وهذه سنة رابعة وشقيقي الصحفي توفيق المنصوري وزملائه التسعة في سجون الميليشيات الحوثية، يذوقون أصناف التعذيب الجسدي والإرهاب النفسي على يد العصابات الحوثية التي تتلقى أوامرها من محمد علي الحوثي وعبدالملك الحوثي، ولم يلتفت لهم أحد من المنظمات الدولية أو المعنيين بحرية التعبير وحقوق الإنسان".