سبع سنوات عجاف عاشتها اليمن، كشفت عن أحداث هامة ومرت بمنعطفات خطيرة نتج على ضوئها العديد من التطورات السياسية والعسكرية التي غيرت خارطة السلام وقلبت طاولة المفاوضات رأسًا على عقب. تحولات ميدانية جعلت من جماعة الحوثي قوة أمر واقع، وأخرى وضعت الحكومة في مواضع ضعف، بعد أن فرخت الحرب أطراف جديدة كالمجلس الإنتقالي في المحافظات الجنوبية، والمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح في مناطق من تعزوالحديدة. فيما أخرى غيبت المكونات القبلية والسياسية الحزبية والتنظيمات المجتمعية، وكلها أحداث اعتبرت بالنسبة لمركز ابعاد للبحوث والدراسات في دراسته "تحديات وفرص المبعوث الأممي الجديد الى اليمن" اعتبرها تحديات على الأممالمتحدة تجاوزها والتغلب عليها. اقتصاد جائع لا تتوقف معوقات الجهود الأممية في فرض عمليات السلام بين أطراف الحرب في اليمن، عند التطورات العسكرية او السياسية التي فرضتها مرحلة السبع سنوات، وانما الانهيار الإقتصادي الذي شهدته اليمن كفاتورة لمعاركها وسع دائرة الفقر التي يعاني منها اليمنيين، واضافت تحديات جديدة للمبعوث الأممي. قالت دراسة مركز ابعاد أن "الحرب اليمنية تسببت في انهيار اقتصاد البلاد، مما أدى إلى المزيد من تدهور حياة اليمنيين". مشيرة الى ان الصراع الاقتصادي بين الحوثيين والحكومة أدى الى خلق منطقتين اقتصاديتين ونقديتين". وأضحت الدراسة "يستخدم السكان في مناطق سيطرة الحوثيين طبعات العملة القديمة قَبل الحرب حيث حظروا في ديسمبر/كانون الأول2019 طبعات العملة الجديدة، فيما في مناطق الحكومة تستخدم طبعات العملة الجديدة، ما أدى إلى خلق قيمتين للعملة". وذكرت أن "قيمة العملة في مناطق سيطرة الحوثيين ظلت مستقرة نسبياً، فيما انخفضت قيمة العملة الوطنية في مناطق سيطرة الحكومة، وخلال النصف الثاني من 2021 انهارت العملة الوطنية بسرعة". وافادت أنه" في يونيو/حزيران 2021 كانت قيمة الدولار الواحد 937 ريالاً وفي نهاية سبتمبر/أيلول2021 ارتفعت قيمته إلى 1200 ريال. وبحسب الدراسة أن "ذلك تسبب بارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية في كل اليمن، فيما ظلت الأجور على حالها دون تغير ومعظمها لم يرتفع منذ 2014م". وأضافت "في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لم تسلم رواتب القطاع العام منذ سنوات، وسط ارتفاع متصاعد في أسعار الوقود والسلع الأساسية، حيث يُتهم الحوثيون بفرض جبايات كبيرة على التُجار لتمويل الحرب، وإدارة سوق سوداء للمشتقات النفطية لصالحهم". وأكدت الدراسة أنه وتبعاً لذلك "توجد أزمات تسببت بها الحرب تزيد من إحباط اليمنيين، مثل ارتفاع رسوم الحوالات النقدية من مناطق سيطرة الحكومة إلى مناطق سيطرة الحوثيين حيث بلغت مطلع أكتوبر/تشرين الأول 102%، وأزمة الغاز المنزلي وارتفاع قيمته، وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وغياب معظم الخدمات العامة بما يشمل المياه والصرف الصحي، والقِتال في الطُرق السريعة العامة". "بالإضافة الى تقطع الطرقات بما يشمل الاختطافات وفرض الجبايات في نقاط التفتيش المنتشرة على طول خطوط الحرب، ناهيك عن الجبايات المستمرة التي يفرضها الحوثيون على السكان والمحلات التجارية". واشارت الى أنه "في سبتمبر/أيلول2021 خرج الآلاف في محافظاتعدن وحضرموت وسقطرى وأبين وتعز تنديداً بتزايد الفقر وغياب الخدمات وقُتل تسعة مدنيين من المتظاهرين وأصيب العشرات". واوضحت الدراسة أنها "التظاهرات الأكبر ضد الحكومة الشرعية والتحالف العربي منذ 2015م. ومن الصعب التظاهر في مناطق سيطرة الحوثيين حيث تحظر الجماعة أي انتقاد يوجه إليها، وتعتقل المنتقدين حتى لو كان الانتقاد بسيطاً". وقالت "تمثل هذه التظاهرات عاملاً شعبياً ضاغطاً على الحكومة الشرعية وحلفائها، يمكن أن تستخدمها الأممالمتحدة والمجتمع الدولي في الضغط عليها لتقديم المزيد من التنازلات". واعتبرتها من ناحية أخرى "تطوراً في غضب السكان حيث انها قد تتحول إلى ثورات داخلية تزيد تعقيد أوضاع البلاد". مشيرة الى أنه "كل ما حاولت الأممالمتحدة السعي لإيجاد حل شامل دون الانتباه لهذه التطورات، ستجد نفسها أمام تحولات جديدة في المشهد اليمني يؤدي إلى صعوبة إيجاد حلّ". حيث ترى أن "الأزمة الاقتصادية بالنسبة لليمنيين هي الأكثر إلحاحاً من تقاسم السلطة بين أطراف الصراع". طاولة حوثية سعودية على الرغم من تصعيد الحوثيين لهجماتهم على الأراضي السعودية إلا أن مشاورات بين الطرفين على تطبيقات المراسلة مستمرة، وإن كانت بوتيرة أبطأ عما كانت عليه بين 2019-2020، إضافة إلى القناة الخلفية المفتوحة عبر سلطنة عُمان، وهي قناة تحركت في عهد إدارة بايدن أكثر بكثير عما كانت عليه في عهد سلفه دونالد ترامب. بحسب الدراسة. وأشارت الى أن "هجمات الحوثيين المنتظمة على المدن السعودية بما في ذلك الرياض، عام 2019، والبنية التحتية النفطية الحيوية أودت إلى مزيد من الضغط على السعودية لبدء المشاورات مع الحوثيين، بما في ذلك ضربة سبتمبر/أيلول 2019 ضد منشآت معالجة النفط التابعة لشركة أرامكو، والتي خفضت مؤقتًا إنتاج النفط السعودي إلى النصف". وقالت "وصلت مشاورات 2019-2020 بين الطرفين إلى طريق مسدود، وخلال مؤتمر ميونيخ الأمني في فبراير/شباط 2020، أشار وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إلى أن محادثات القناة الخلفية ليست جاهزة للانتقال إلى أعلى مستوى". وأفادت الدراسة أن "الوضع تغير بعد الهجوم الصاروخي الحوثي على جازان والرياض في أواخر مارس/آذار2020 وفي الشهر التالي أعلن التحالف وقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة أسبوعين في اليمن، مددت بعد ذلك اسبوعين آخرين". وأشارت الى أن "ذلك جاء بعد أسبوع فقط من دعوة السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، الحوثيين والحكومة اليمنية لإجراء محادثات في الرياض" وذكرت أن "الحوثيون رفضوا دعوة آل جابر باعتبار المملكة داعمة للحكومة الشرعية. وأضافت "استخدم الحوثيون خفض تصعيد التحالف بفعل المشاورات في الحصول على مكاسب عسكرية بمحافظة الجوف". وبحسب الدراسة "احتاجت المشاورات، عاماً آخر لتصل إلى مستويات أعلى، ففي مارس/آذار2021 كان "آل جابر" وكبير المفاوضين الحوثيين "محمد عبدالسلام" يناقشون بشكل مباشر على "تطبيق واتساب" اتفاقاً جديداً بين الطرفين، لكن دون الوصول إلى نتائج، وفي نهاية الشهر أعلنت السعودية عن مبادرتها لوقف إطلاق النار من العناصر الأربعة". فيما تعتبر الدراسة حدوث محادثات بين الحوثيين والسعودية دون وجود الحكومة الشرعية ليس حالة طارئة، فهي ترى أن حقيقة الأمر أن التواصل بينهما لم يتوقف منذ بدء الحرب. وأوضحت أنه "في 2016 دارت مشاورات بينهما وصلت إلى اتفاق بشأن الحدود اليمنية-السعودية وعلى رأسها محافظة حجة. وقالت إن الاتفاق "أدى إلى وقف إطلاق النار وتشكيل لجان مشتركة لخفض التصعيد والتنسيق لمراقبة وقف إطلاق النار وتأمين جنوب السعودية، فيما عُرف باتفاق "ظهران الجنوب" لكن الاتفاق فشل بعد أشهر". فيما ترى الدراسة أن "فشل الإتفاق يعود إلى فشل مشاورات الكويت بين الحكومة اليمنية والحوثيين في التوصل لاتفاق ينهي الحرب". وقالت "يمكن لأي اتفاق بين الحوثيين مع السعودية -حتى لو شمل انسحاب التحالف- أن يُضعف القوات الحكومية لكنه لن ينهي الحرب ضد الحوثيين". واضافت "يمكن للأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يزيد من ضغوطه على السعودية للتخلي عن الحكومة اليمنية لكن نهاية الحرب ستحتاج إلى اتفاق الأطراف اليمنيين". محادثات الخصوم تعطي التصريحات الأخيرة من إيران والسعودية الأمل في التوصل لاتفاق بشأن حرب اليمن، حيث يتفاوض الطرفان منذ ابريل/نيسان 2021، وجرت الجولة الرابعة في 21 سبتمبر/أيلول 2021 بمطار بغداد، حيث تهدف المحادثات إلى تحسين العلاقات بين البلدين التي توقفت في 2016م. بحسب الدراسة. وقالت إنه "في 23 سبتمبر/أيلول2021 قال وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان إن بلاده قدمت مقترحات "ديناميكية" لإحلال السلام في اليمن، مشيداً بالمشاورات مع السعودية". واضافت "وفي بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول2021، أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود عن أمله في أن تشكل المحادثات "أساسًا لمعالجة القضايا العالقة بين الجانبين". وأفادت أنه "في اليوم التالي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، للصحفيين إن جميع الأطراف "تحاول بدء علاقة مستدامة ضمن إطار مفيد للطرفين"، مضيفًا أن المحادثات "كانت في أفضل حالاتها". رحبت الولاياتالمتحدة بالحوار بين الدولتين". وتعتقد الدراسة أنه "على الرغم من سيطرة المتشددين في الانتخابات الإيرانية، إلا أن إيران تندفع إلى التهدئة في المنطقة العربية خاصة مع سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، والتوتر الحاصل مع أذربيجان، وإيجاد حلّ مع السعودية مهم للغاية لتهدئة التوتر في المنطقة". وترى أن "التفاعل بين السياسات الإقليمية والمحلية للدول يعني أن استمرار القتال في اليمن يمكن أن يعيق أي اتفاقيات سلام إقليمية أو نظام إقليمي أمني جديد للمنطقة". وقالت "نتيجة لذلك هناك حاجة لوقف القِتال في اليمن لذلك تبحث الرياضوطهران "آلية لحل طويل الأمد للأزمة اليمنية". وتشير التقارير إلى أن ذلك حدث بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية ونوقشت تلك الآلية مع القادة الحوثيين عبر المسؤولين في طهران". تريد السعودية أمرين من مشاوراتها مع إيران: فيما ترى الدراسة أن السعودية من مشاوراتها مع إيران تسعى لأمرين "وقف الهجمات على أراضيها من صواريخ الحوثيين، حيث يتطلب ضمانات إيرانية أن هجمات الحوثيين على المملكة ستنتهي". بالإضافة الى "جعل الحوثيين قابلين للمشاورات والمحادثات مع الحكومة الشرعية التي تدعمها الرياض". وقالت "تتوقع إيران مقابل ذلك عودة العلاقات الدبلوماسية، وأن تسحب الرياض معارضتها للاتفاق النووي الإيراني، وترفع الحظر المفروض على مطار صنعاء وميناء الحديدة، والاعتراف بسلطة الرئيس بشار الأسد ودعم عودته إلى الجامعة العربية". وذكرت" تحرك أمير عبداللهيان بين موسكو ودمشق في بداية أكتوبر/تشرين الأول2021، ونوقش الملف اليمني في موسكو، والتقى بشار الأسد وأكد وجود دعم قوي له". وترى الدراسة أنه "بالنسبة للأمم المتحدة فإن تخفيف التوتر بين السعودية وإيران سيدعم جهودها لوقف الحرب، حيث تعتبر الأممالمتحدة ودول غربية السياسة الإيرانية داعمة لجهودها من أجل الحل". وقالت "على الرغم من أن إيران زادت من دعم الحوثيين خلال سنوات الحرب إلا أن جهات دولية لا ترى أن هذا الدعم بالضرورة يعني أن الجماعة بالكامل تخضع لسيطرة إيران". وتابعت "بالتالي فإنه في حال الاتفاق بين الرياضوطهران سنرى مدى تأثير إيران في السياسة اليمنية. وبحسب الدراسة فإنه "من المفترض أن يؤدي أي خفض إيراني لدعم الحوثيين إلى احتمالية أن يقدموا بعض التنازلات، كما أن إيران تعتبر الحوثيين في محور المقاومة ويعتقد الحوثيون أنهم بحاجة إلى طهران لاستمرار بقاءهم".