أفاد تقرير الحكومة الفرنسية الجمعة أن سلسلة من "الإخفاقات" للسلطات شابت الفوضى في نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم في باريس في 28 أيار/مايو الفائت، وأسف لرد فعل الشرطة على الأحداث التي تسببت في "إلحاق ضرر جسيم بصورة فرنسا". في تقريره، أعرب المندوب الوزاري إلى الأولمبياد والأحداث الكبرى، ميشال كادو، عن أسفه "لمشاهد عمليات إعادة الهدوء الامني التي تداولتها وسائل الإعلام (...) والتي أثارت تساؤلات من المراقبين الخارجيين حول قدرة بلادنا على استضافة والنجاح في الأحداث الرياضية الكبرى التي سنكون مسؤولين عنها قريبًا"، في إشارة الى أولمبياد باريس 2024. قبل عامين على انطلاق الألعاب الأولمبية، يوصي التقرير بإنشاء هيئة توجيهية وطنية للأحداث الرياضية الدولية ذات الأهمية الكبرى، على غرار النموذج القائم لأولمبياد باريس، و تابع التقرير الحكومي "كلّفت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن وزير الداخلية ووزيرة الرياضة والألعاب الأولمبية والبرالمبية تبني التوصيات الواردة فيه من أجل تنفيذها". وفي ما يتعلق بأسباب الفشل، يعود التقرير المؤلف من 30 صفحة إلى الاستعدادات ويحدّد ما حصل تدريجًا ويفصّل "الخلل الوظيفي" ويحدد المسؤوليات. حذف التسجيلات.. فضيحة جديدة وتصاعدت الضغوط على فرنسا بعد أن كشف الاتحاد المحلي لكرة القدم الخميس، أمام لجنة في مجلس الشيوخ، أن لقطات كاميرات المراقبة الخاصة بملعب "ستاد دو فرانس" قد أتلفت بعد عدم خضوعها لأمر قضائي، تماشيًا مع القانون الفرنسي. حيث أكدت لجنة التحقيق بمجلس الشيوخ الفرنسي حول "مهزلة" نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، التي جرت في 28 مايو/أيار بملعب "ستاد دو فرانس" بالضاحية الباريسية، أن تسجيلات كاميرات الملعب تم حذفها تلقائيا (بعد سبعة أيام) لأن لا أحد طالب بها. وأكدت تقارير إعلامية فرنسية الجمعة أن القضاء قد طلب هذه التسجيلات، أي بعد خمسة أيام على انقضاء المهلة القانونية. الذهول بعد.. التساؤلات! المفاجأة بعد.. الاتهامات! كل شيء يوحي بأن "فضيحة" نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم التي جرت في 28 مايو/أيار على ملعب "ستاد دو فرانس" في سان دوني بضاحية باريس الشمالية، ستصب في النهاية في خانة "عجيب غريب"، فقد أصيب أعضاء لجنة مجلس الشيوخ الفرنسي للتحقيق في الإخفاق الأمني الذي وقع خلال المباراة بالذهول عندما اكتشفوا، الخميس، بأن تسجيلات كاميرات المراقبة بمحيط الملعب قد تم حذفها لسبب يثير السخرية وهو أن لا أحد طالب بها في الوقت القانوني المحدد (سبعة أيام). وأكد أحد أعضاء لجنة التحقيق، النائب الاشتراكي دافيد أسولين، صباح الجمعة على أثير راديو "فرانس أنفو" العمومية هذا الخبر، قائلا إن "هذه الكاميرات متاحة لجميع الجهات الرسمية، لكن لا أحد طالب بها" وبالتالي تم حذفها بشكل تلقائي كما جرت العادة. واستاء أسولين لحصول هذه الهفوة علما أن عدد الكاميرات يقدر ب 220 وأن التسجيلات كانت ستساعد وتضيئ طريق المحققين نحو الوصول إلى حقيقة ما حدث. وكشف الاتحاد الفرنسي لكرة القدم أنه تم تدمير لقطات كاميرات المراقبة تماشيا مع القانون الفرنسي الذي ينص على وجوب تدميرها في غضون سبعة أيام ما لم يكن خاضعا لأمر من السلطات القضائية. وأقر مسؤول العلاقات المؤسساتية في الاتحاد إيروان لوبريفو أمام لجنة مجلس الشيوخ أنه كان داخل غرفة كاميرات المراقبة في وقت وقوع الأحداث، وتحدث عن "صور عنيفة جدا"، في ما قد تكون إشارة لتعرض مشجعي نادي ليفربول للغازات المسيلة للدموع التي أطلقتها الشرطة أو للضرب على يد مشاغبين أو عصابات. وقد أكدت تقارير إعلامية فرنسية الجمعة (صحيفة لوموند وموقع "إر أم سي") أن القضاء قد طلب استغلال هذه التسجيلات مساء الخميس، أي خمسة أيام بعد انقضاء المهلة القانونية. من جانبها، ولأجل التخفيف من حدة الجدل الذي تسعى المعارضة السياسية الفرنسية لاستغلاله قبيل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي تجري الأحد 12 يونيو/حزيران، كشفت شرطة باريس مساء الخميس أن لديها تسجيلات خاصة رصدتها مصالحها، وكتبت في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "الصور التي بحوزة الشرطة هي حتما بتصرف العدالة، في إطار الطلبات الموضوعة في تحقيق جنائي. دعونا لا نخلط بين صور الشرطة وصور هيئة خاصة". قائد شرطة باريس يقر بالفشل وقد أقر قائد شرطة باريس ديدييه لالمون الخميس خلال جلسة الاستماع أمام اللجنة ب"فشل" العمليات الأمنية للحدث الرياضي البارز الذي شابته مشاهد فوضى عارمة. وقال: "لقد كان فشلا لأن الناس تم دفعهم ومهاجمتهم. إنه فشل لأن صورة البلاد قُوّضت"، واعتذر عن استخدام الغاز المسيل للدموع في وجه الجماهير أثناء محاولتهم دخول الملعب. إلاّ أنّ الشرطة الفرنسية قالت مساء الخميس إنها لا تزال تملك لقطات فيديو من الاستاد ليوم المباراة وكتبت على تويتر "الصور التي بحوزة الشرطة هي حتمًا بتصرف العدالة، في إطار الطلبات الموضوعة في تحقيق جنائي. دعونا لا نخلط بين صور الشرطة وصور هيئة خاصة"، علمًا أنه يتم الاحتفاظ بالصور لمدة ثلاثين يومًا. وكان قائد الشرطة حمّل مسؤولية الاضطرابات خارج الملعب وتأخير المباراة لنحو 30 إلى 40 ألف مشجع من دون تذاكر أو بتذاكر مزورة. وقال ديدييه لالمون: "لقد كان فشلا لأن الناس تم دفعهم ومهاجمتهم. إنه فشل لأن صورة البلاد قُوّضت"، واعتذر لاستخدام الغاز المسيل للدموع في وجه الجماهير أثناء محاولتهم دخول الملعب. وقد عانى مشجعو الفريق الإنكليزي للدخول إلى الملعب لحضور المباراة بسبب ما عزته السلطات الفرنسية بادئ الأمر إلى وجود "نحو 30 إلى 40 ألف مشجع من دون تذاكر أو بتذاكر مزورة". وبرر قائد شرطة باريس استخدام القوة بقوله: "كنا في حاجة إلى دفع الناس للعودة إلى الخلف. طلبنا من الناس الابتعاد، ثم استخدمنا الغاز المسيل للدموع... إنها الطريقة الوحيدة التي نعرفها لإبعاد الحشود، باستثناء الهراوات الكهربائية".لكنه اعترف باحتمال ارتكابه خطأ عندما ذكر أن نحو 40 ألفا من مشجعي ليفربول حاولوا دخول المباراة النهائية بتذاكر مزيفة. وتابع قائلا: "ربما أخطأت في الرقم الذي أعطيته" لوزير الداخلية جيرالد دارمانان. مضيفا: "من وجهة نظر عملية لا يتغير الأمر سواء كان عدد المشجعين نحو 40 أو 30 أو 20 ألفا". وكان دارمانان قد أفاد غداة المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا عن "وجود ما بين 30 ألفا و40 ألف مشجع إنكليزي في استاد دو فرانس دون تذاكر أو مزودين تذاكر مزورة"، إلا أن الاتحادين الفرنسي والأوروبي قدرا "عدد التذاكر المزورة التي تم مسحها" ب"2800"، لكن وزير الداخلية الفرنسي، الذي أثار غضب السياسيين والإعلاميين في إنكلترا وإسبانيا، فضلا عن جماهير ريال مدريد وليفربول، استدرك الموقف في 1 يونيو/حزيران في مجلس الشيوخ، حيث قدم اعتذاراته عن التنظيم الكارثي للمباراة. وقال يومها: "من الواضح أن الأمور كان يمكن أن تكون أفضل تنظيما" مبديا أسفه ل"تجاوزات غير مقبولة في بعض الأحيان". المعارضة: السلطة دمرت الأدلة عن قصد وكان برونو روتايو رئيس كتلة حزب "الجمهورين" اليميني في مجلس الشيوخ قد ألمح إلى أن "كل شيء يشير إلى الاعتقاد بأنه تم السماح عن قصد بتدمير الأدلة المساومة". من جانبها، سارعت المرشحة اليمينية المتطرفة في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022 مارين لوبان إلى توجيه الاتهام للسلطة بتعمدها حذف تسجيلات كاميرات المراقبة في ملعب "ستاد دو فرانس". بدوره، استعرض رئيس بلدية ليفربول ستيف روثرهام مساء الخميس عبر دائرة فيديو أمام لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ الفرنسي مجريات الأحداث المأساوية التي وقعت في محيط "ستاد دو فرانس" وأخبره أعضاؤها أن المشاكل بدأت عندما وصل المشجعون إلى محيط الملعب، ليجدوا أن الطرق مغلقة بشاحنات الشرطة. وقال روثرهام إن هذا ساهم في تكدس الحشود والذي ازداد سوءا للدرجة التي دفعت الناس للتسلق للوصول إلى أرضية الملعب الأمر الذي اجتذب بدوره المجرمين المحليين الذين سعوا للاستفادة من الفوضى من خلال سرقة الجماهير، مضيفا أنه تم سرقة ممتلكاته خلال المساء. وقد تسببت الفوضى التي عمت محيط "ستاد دو فرانس" بتأخر المواجهة النهائية ب 36 دقيقة، وفاز ريال مدريد بالكأس 1-صفر. كما أن الشرطة الفرنسية لجأت لاستخدام الغاز المسيل للدموع لأجل إبعاد ما سماه البعض "المشاغبين الإنكليز" عن مداخل الملعب الذي استضاف الحدث القاري للمرة الثالثة منذ تدشينه في مطلع 1998، وذلك بعد عام 2000 (فوز ريال مدريد على فلنسية 3-صفر) و2006 (فوز برشلونة على أرسنال 2-1). وشابت المباراة النهائية التي فاز فيها ريال مدريد الإسباني بلقبه الرابع عشر أمام ليفربول الإنكليزي، مشاهد فوضى عارمة حيث عانى مشجعو الأخير للدخول إلى الملعب لحضور المباراة، ما أثار تساؤلات حيال قدرة العاصمة الفرنسية على استضافة أولمبياد 2024. كما استغل السياسيون المعارضون كل ما حصل لشن هجوم على السلطات، حيث علّقت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبن على الصور المحذوفة في حديث مع قناة "بي أف أم تي في" الجمعة بالقول "هذا ما يسمى بإخفاء أخطائك... لا أجرؤ على تخيّل أن قادتنا غير كفوئين لدرجة أنهم لم يطلبوها على الفور، بالنظر إلى ما حدث في ستاد دو فرانس (...) وإرسال مقاطع فيديو المراقبة إليهم. لذا فهو طوعي". و هاجمت لوبن، زعيمة التجمع الوطني التي خسرت في الجولة الاخيرة من الانتخابات الرئاسية في نيسان/أبريل أمام إيمانويل ماكرون، وزيري الداخلية جيرالد دارمانان والعدل إريك دوبون-موريتي "حقيقة عدم وجود لقطات كاميرات المراقبة تجعل من الممكن التستر على أكاذيبهم الهائلة التي تم الكشف عنها أمس في جلسة الاستماع".