الأحد إجازة رسمية    مسيرة لطلاب الجامعات والمعاهد المهنية بالحديدة نصرة لغزة    مجلة أمريكية: الولايات المتحدة متواطئة مع الجرائم الإسرائيلية البشعة في اليمن    هل تعيينهم يخدم فضية الجنوب.. قرارات التعيين التي أصدرها الانتقالي    ابحث معي عن الجنوب في كومة " الشرعية "    مفاجآت مدوية في ابطال اوروبا وتعادل مثير في قمة يوفنتوس ودورتموند    لماذا نخاف من تاريخنا.. الاعتراف بالأخطاء يفتح أبواب المصالحة    بسلاح مبابي.. ريال مدريد يفسد مغامرة مارسيليا في ليلة درامية    كين: مواجهة تشيلسي تحفزني    مونديال طوكيو.. فيث تحصد ذهبية 1500 متر    ببديلين ورقم قياسي.. أرسنال يخطف نقاط بلباو    مصدر أمني: انتحار 12 فتاة في البيضاء خلال 2024    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    تقرير أمريكي: اتفاق صهيوني - سوري مرتقب يمنح "الكيان" مناطق واسعة داخل سوريا    عبدالعظيم العَمري..الأب .. الطبيب..القائد    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    المناخ التكفيري الناشئ في محيط المهمشين… الى اين ؟!    كأنما سلخ الالهة جلدي !    عضو في مجلس القيادة وهيئة رئاسة الانتقالي: القرارات الفردية سبب رئيسي في انقسام المجلس    منتخب الناشئين يغادر لودر إلى قطر .. اسماء اللاعبين    سريع يعلن عن عمليتين عسكريتين والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن هبوط اضطراري للطائرة الرئاسة    مفوضية شؤون اللاجئين تعزي في استهداف رئيس الوزراء ورفاقه    سلطة بن الوزير تعيد أبناء حوطة عتق إلى الزمن البريطاني الجميل (تقرير تأريخي)    هيئة المواصفات تتلف كميات من المنتجات المخالفة    الأرصاد يرفع التحذير إلى "إنذار" وخبير في الطقس يتوقع استمرار الأمطار لأيام قادمة    الرئيس الزُبيدي يرحب بمخرجات مؤتمر الأمن البحري المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض    مارسيليا يفتقد عنصرين مُهمين أمام ريال مدريد    شرطة العاصمة تضبط متهماً بالاعتداء على صاحب محل مجوهرات ونهب كمية من الذهب    صنعاء : تدشين اول مصنع لتدوير المخلفات البلاستيك ب (آلات محلية)    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    ناس" و"ناس"    السفير المتوكل يلتقي مبعوث برنامج الأغذية وممثل اليونيسف    محافظ الضالع يناقش مع مديري المديريات القضايا الخدمية والتنموية    الوحدة التنفيذية في مأرب تطلق نداء عاجلا لإنقاذ النازحين من تأثيرات المنخفض الجوي    برشلونة يؤجل عودته إلى ملعب كامب نو    الصين تجدد موقفها الداعم لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته    نقيب الصحفيين يهنئ العاقل بتوليه منصب نائب وزير الإعلام    رئيس هيئة الأراضي يدشن من العاصمة عدن مرحلة جديدة لحماية التخطيط العمراني ومكافحة الفساد    محافظ شبوة يتلقى تقريرا حول نشاط السلطة المحلية في عتق    جولات قادمة من الحرب .. إسرائيل تعلن تشكيل مجلس تسليح خاص لمواجهة إيران واليمن    "إخوان الإرهاب" وإسرائيل: خبراء يكشفون تحالف الظل لتقسيم الأمة العربية    لملس يدعو الصين لإعداد خارطة طريق للتعاون الاقتصادي    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    المعلا: مديرية بلا مأمور أم مأمور بلا مديرية؟    مكاسب كيان الاحتلال من القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة    بايرن ميونيخ يخسر جهود غيريرو قبل مواجهة تشيلسي وهوفنهايم    حالتها مستقرة.. جلطة ثانية تصيب حياة الفهد    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟
نشر في يمنات يوم 13 - 06 - 2025


علي علي العيزري
في العصر الحديث، تلعب الترجمة دورًا بالغ الأهمية في عملية التواصل بين الشعوب والأمم، حيث تُعد وسيلة رئيسية لتبادل المعرفة والثقافات، مما يتيح للأفكار والمفاهيم الانتقال عبر الحدود دون قيود. ومع انتشار العولمة وتأثيرها المتزايد على المجتمعات، أصبحت الترجمة أكثر من مجرد وسيلة لفهم اللغات الأخرى، بل تحولت إلى أداة حيوية تؤثر في تشكيل الهوية الثقافية لكثير من المجتمعات.
لكن يبقى السؤال: هل تُستخدم الترجمة كوسيلة لتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة، مما يساهم في إثراء التنوع الثقافي وتقريب المسافات بين الشعوب، أم أنها أصبحت أداة تُستخدم في تكريس هيمنة لغات معينة على حساب الأخرى، مما يهدد بطمس الهويات الثقافية واللغوية للعديد من المجتمعات؟
أولاً: الترجمة كجسر بين الثقافات
لطالما كانت الترجمة أداة رئيسية لنقل العلوم والفنون والفكر بين الأمم، حيث ساهمت على مدار التاريخ في تطوير الفكر الإنساني وتعزيز الحوار الثقافي. فمنذ العصور القديمة، لعبت الترجمة دورًا بارزًا في نشر المعرفة، ويمكن ملاحظة ذلك في عصر الحضارة الإسلامية عندما تُرجمت الأعمال الفلسفية والعلمية اليونانية إلى العربية، ثم نقلت لاحقًا إلى اللغات الأوروبية، مما أسهم بشكل كبير في تشكيل الفكر الأوروبي الحديث.
إلى جانب دورها في نقل المعرفة، تُعد الترجمة وسيلة لتقريب الثقافات المختلفة، حيث تساعد في فهم القيم والتقاليد والمعتقدات الخاصة بكل مجتمع، الأمر الذي يسهم في الحد من سوء الفهم وتعزيز التعايش السلمي بين الشعوب. كما أنها تمكن الأفراد من الاطلاع على الإنتاج الأدبي والفني والثقافي لمجتمعات أخرى، مما يثري التجربة الإنسانية ويعزز الإبداع والابتكار.
ثانياً: الترجمة كأداة للهيمنة اللغوية
رغم الإيجابيات العديدة التي تقدمها الترجمة، فإنها قد تتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة تُستخدم لترسيخ هيمنة لغات معينة على حساب الأخرى، وخاصة في ظل هيمنة بعض اللغات العالمية مثل الإنجليزية، التي أصبحت لغة التواصل الأساسية في مجالات عديدة مثل التكنولوجيا والبحث العلمي والإعلام.
في عالمنا اليوم، غالبًا ما يتم التركيز على ترجمة المحتوى من الإنجليزية إلى اللغات الأخرى، بينما لا يُمنح المحتوى المكتوب بلغات أقل انتشارًا فرصة للوصول إلى الجمهور العالمي عبر الترجمة، مما يؤدي إلى فرض الثقافة السائدة وإضعاف الهويات اللغوية للمجتمعات المختلفة. وهذا الواقع قد يتسبب في تقليص التنوع الثقافي واللغوي، حيث تتلاشى اللغات الأقل انتشارًا تدريجيًا وتفقد دورها في التأثير الثقافي العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الترجمة أحيانًا كوسيلة لنقل الأيديولوجيات والقيم الثقافية السائدة في الدول المتقدمة إلى المجتمعات الأخرى، مما قد يؤدي إلى التأثير على الخصوصية الثقافية لبعض الشعوب، وفرض نمط حياة معين على حساب الهوية الأصلية لهم.
ثالثاً: أمثلة واقعية توضح تأثير الترجمة على الثقافات والمجتمعات
ترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية في العصر الذهبي الإسلامي: خلال العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، لعبت الترجمة دورًا محوريًا في نقل العلوم والفلسفة من اليونانية والسريانية إلى العربية. على سبيل المثال، تمت ترجمة أعمال أرسطو وأفلاطون إلى العربية، مما ساهم في تطوير الفكر الفلسفي الإسلامي وأثر لاحقًا في النهضة الأوروبية عندما تُرجمت هذه الأعمال إلى اللغات الأوروبية.
ترجمة الأدب الروسي إلى العربية وتأثيره على الأدب العربي: في القرن العشرين، ساهمت ترجمة الأدب الروسي، مثل أعمال دوستويفسكي وتولستوي، في إلهام العديد من الكتاب العرب، مما أدى إلى ظهور أساليب سردية جديدة وتأثر الأدب العربي بالمدارس الأدبية الروسية، خاصة في مجال الواقعية الأدبية.
ترجمة الأدب والدراما اليابانية إلى الإنجليزية وتأثيره على الثقافة الغربية: بعد الحرب العالمية الثانية، ساهمت ترجمة الأدب الياباني إلى الإنجليزية، مثل أعمال هاروكي موراكامي ويوكيو ميشيما، في تعريف الجمهور الغربي بالثقافة اليابانية، مما أدى إلى زيادة الاهتمام بالفكر الياباني والفنون التقليدية مثل المانغا والأنمي.
ترجمة العلوم والتكنولوجيا وتأثيرها على الابتكار: في العصر الحديث، تلعب الترجمة دورًا رئيسيًا في نشر الابتكارات العلمية والتكنولوجية. على سبيل المثال، ترجمة الأبحاث الطبية والتكنولوجية من الإنجليزية إلى لغات أخرى ساهمت في تطوير الطب والهندسة في العديد من الدول، مما أدى إلى تحسين جودة الحياة عالميًا.
رابعاً: الحلول الممكنة لتعزيز التنوع اللغوي والثقافي
لمواجهة آثار الهيمنة اللغوية وضمان استفادة جميع اللغات من مزايا الترجمة، يجب اتخاذ خطوات تهدف إلى دعم التنوع الثقافي واللغوي، ومنها:
تعزيز الترجمة المتبادلة: من الضروري ألا تكون الترجمة مقتصرة فقط على نقل المحتوى من لغة إلى لغات أخرى، بل يجب تشجيع ترجمة الأعمال الأدبية والفكرية من اللغات الأقل انتشارًا إلى اللغات العالمية، مما يتيح لهذه الثقافات فرصة للوصول إلى جمهور أوسع.
دعم اللغات المحلية: ينبغي توفير برامج ومبادرات تشجع ترجمة المؤلفات العلمية والأدبية إلى اللغات الأقل شيوعًا، مما يساعد في الحفاظ على هويات المجتمعات وتعزيز دورها الثقافي.
استخدام التكنولوجيا بذكاء: يمكن الاستفادة من التطورات التكنولوجية، خاصة الذكاء الاصطناعي، لتعزيز الترجمة متعددة اللغات، بحيث لا تُقتصر على لغة واحدة فقط، بل تدعم جميع اللغات بشكل متساوٍ، مما يسهم في توفير محتوى غني يعكس التنوع الثقافي في العالم.
وختاماً لا شك أن الترجمة تمثل إحدى أقوى أدوات التواصل العالمي، إذ إنها تسهم في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب وتُساعد في نشر المعرفة والثقافة عبر الحدود. ومع ذلك، فإن استخدامها بشكل غير متوازن قد يؤدي إلى تعزيز الهيمنة اللغوية لبعض اللغات على حساب الأخرى، مما يؤثر سلبًا على التنوع الثقافي واللغوي. لذلك، يجب اعتماد سياسات تعزز العدالة اللغوية، بحيث تكون الترجمة وسيلة لتحقيق التفاهم العالمي دون التأثير على الهويات الثقافية الفريدة لكل مجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.