هل فقدنا العزم برحيل أبو اليمامة    هل سيحكم جنوبي في صنعاء    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردًا على روسيا    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    صوت المواطن في قلب نيويورك    وعاد الجوع… وعاد الزمان… وضاع الوطن    انتقالي لحج يوجه القيادات المحلية بالمديريات بتنفيذ نزولات ميدانية لمراقبة وضبط الأسعار في الأسواق    تنفيذية انتقالي عدن توجّه بحملات ميدانية لضبط أسعار السلع الأساسية    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    تعافي العملة الوطنية مستمر لليوم الرابع.. الريال السعودي ب500 ريال يمني    الطليعة يفوز على الصحة بثلاثية نظيفة في بطولة بيسان    القوات المسلحة تستهدف مطار "اللد" في يافا المحتلة بصاروخ فرط صوتي    العثور على جثة امرأة جرفتها السيول في بني سلامة بذمار    تقرير خاص : تمرّد قبلي أم ثورة شعبية؟ حضرموت تخرج عن صمتها في وجه الفشل والفساد ..    عدن.. غرق 7 شباب في ساحل جولدمور بالتواهي    الرئيس المشاط يعزي في وفاة محمد محمد حمود سلبة    المشروع ثابت والاليات متغيرة    الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن باتجاه إسرائيل    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    اليمن ترحب باعتزام كندا وأستراليا والبرتغال ومالطا الاعتراف بدولة فلسطين    تظاهرات في المغرب تطالب بإدخال المساعدات لغزة ووقف الإبادة والتجويع الصهيوني    من أين لك هذا المال؟!    عدن.. شركة النفط تعتمد تسعيرة جديدة للوقود تزامناً مع استمرار تحسن الريال    استقبال رسمي وشعبي وقبلي للشيخ محمد الزايدي بصنعاء    الأرصاد تحذر من أمطار غزيرة ورياح شديدة في معظم المحافظات    الذكرى السادسة لإستشهاد الأسد الضرغام قاهر الارهاب الشهيد القائد منير اليافعي أبو اليمامة    18 دولة أوروبية تطلب قروضا من الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدراتها الدفاعية    جمعية الصرافين ب"عدن" تحدد سعر الريال السعودي وتعمم على شركات الصرافة بشأن تجار الوقود    الوزير الأشول يدعو للتعاون مع لجان الرقابة على الأسواق ويتوعد بمحاسبة المتلاعبين    ترامب يفرض رسوما جمركية على عشرات الدول لإعادة تشكيل التجارة العالمية    استمرار النشاط الزلزالي في البحر الأحمر    مارسيليا يعلن تعاقده مع المهاجم الغابوني المخضرم أوباميانغ    فضيحة على الهواء.. قناة برشلونة تسخر من أحد أساطير ريال مدريد    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    من أرض الصومال..توجه امريكي للتواجد بالبحر الأحمر    ما أقبحَ هذا الصمت…    صنعاء.. حكم عسكري بإعدام النجل الاكبر للرئيس السابق صالح ومصادرة ممتلكاته    الرباط يتعثر مجددًا.. والشرف يعيد خلط أوراق دوري الشعيب!    مدارس فيوتشر كيدز تكرم معلميها وأوائل طلابها وتحتفي بتخرج الدفعة الثالثة للثانوية العامة    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    البرواني يحسمها.. شباب اليمن يتألقون على حساب الشعب    الأمور مش طيبة    وداعاً زياد الرحباني    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    انهيار صخري مفاجئ يصيب مواطنين ويلحق أضرارا بشاحنات وسيارات في ذمار    تحذير طبي: وضع الثلج على الرقبة في الحر قد يكون قاتلاً    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    المحرّمي يبحث مع وزير الأوقاف تعزيز نشر الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟
نشر في يمنات يوم 13 - 06 - 2025


علي علي العيزري
في العصر الحديث، تلعب الترجمة دورًا بالغ الأهمية في عملية التواصل بين الشعوب والأمم، حيث تُعد وسيلة رئيسية لتبادل المعرفة والثقافات، مما يتيح للأفكار والمفاهيم الانتقال عبر الحدود دون قيود. ومع انتشار العولمة وتأثيرها المتزايد على المجتمعات، أصبحت الترجمة أكثر من مجرد وسيلة لفهم اللغات الأخرى، بل تحولت إلى أداة حيوية تؤثر في تشكيل الهوية الثقافية لكثير من المجتمعات.
لكن يبقى السؤال: هل تُستخدم الترجمة كوسيلة لتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة، مما يساهم في إثراء التنوع الثقافي وتقريب المسافات بين الشعوب، أم أنها أصبحت أداة تُستخدم في تكريس هيمنة لغات معينة على حساب الأخرى، مما يهدد بطمس الهويات الثقافية واللغوية للعديد من المجتمعات؟
أولاً: الترجمة كجسر بين الثقافات
لطالما كانت الترجمة أداة رئيسية لنقل العلوم والفنون والفكر بين الأمم، حيث ساهمت على مدار التاريخ في تطوير الفكر الإنساني وتعزيز الحوار الثقافي. فمنذ العصور القديمة، لعبت الترجمة دورًا بارزًا في نشر المعرفة، ويمكن ملاحظة ذلك في عصر الحضارة الإسلامية عندما تُرجمت الأعمال الفلسفية والعلمية اليونانية إلى العربية، ثم نقلت لاحقًا إلى اللغات الأوروبية، مما أسهم بشكل كبير في تشكيل الفكر الأوروبي الحديث.
إلى جانب دورها في نقل المعرفة، تُعد الترجمة وسيلة لتقريب الثقافات المختلفة، حيث تساعد في فهم القيم والتقاليد والمعتقدات الخاصة بكل مجتمع، الأمر الذي يسهم في الحد من سوء الفهم وتعزيز التعايش السلمي بين الشعوب. كما أنها تمكن الأفراد من الاطلاع على الإنتاج الأدبي والفني والثقافي لمجتمعات أخرى، مما يثري التجربة الإنسانية ويعزز الإبداع والابتكار.
ثانياً: الترجمة كأداة للهيمنة اللغوية
رغم الإيجابيات العديدة التي تقدمها الترجمة، فإنها قد تتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة تُستخدم لترسيخ هيمنة لغات معينة على حساب الأخرى، وخاصة في ظل هيمنة بعض اللغات العالمية مثل الإنجليزية، التي أصبحت لغة التواصل الأساسية في مجالات عديدة مثل التكنولوجيا والبحث العلمي والإعلام.
في عالمنا اليوم، غالبًا ما يتم التركيز على ترجمة المحتوى من الإنجليزية إلى اللغات الأخرى، بينما لا يُمنح المحتوى المكتوب بلغات أقل انتشارًا فرصة للوصول إلى الجمهور العالمي عبر الترجمة، مما يؤدي إلى فرض الثقافة السائدة وإضعاف الهويات اللغوية للمجتمعات المختلفة. وهذا الواقع قد يتسبب في تقليص التنوع الثقافي واللغوي، حيث تتلاشى اللغات الأقل انتشارًا تدريجيًا وتفقد دورها في التأثير الثقافي العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الترجمة أحيانًا كوسيلة لنقل الأيديولوجيات والقيم الثقافية السائدة في الدول المتقدمة إلى المجتمعات الأخرى، مما قد يؤدي إلى التأثير على الخصوصية الثقافية لبعض الشعوب، وفرض نمط حياة معين على حساب الهوية الأصلية لهم.
ثالثاً: أمثلة واقعية توضح تأثير الترجمة على الثقافات والمجتمعات
ترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية في العصر الذهبي الإسلامي: خلال العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، لعبت الترجمة دورًا محوريًا في نقل العلوم والفلسفة من اليونانية والسريانية إلى العربية. على سبيل المثال، تمت ترجمة أعمال أرسطو وأفلاطون إلى العربية، مما ساهم في تطوير الفكر الفلسفي الإسلامي وأثر لاحقًا في النهضة الأوروبية عندما تُرجمت هذه الأعمال إلى اللغات الأوروبية.
ترجمة الأدب الروسي إلى العربية وتأثيره على الأدب العربي: في القرن العشرين، ساهمت ترجمة الأدب الروسي، مثل أعمال دوستويفسكي وتولستوي، في إلهام العديد من الكتاب العرب، مما أدى إلى ظهور أساليب سردية جديدة وتأثر الأدب العربي بالمدارس الأدبية الروسية، خاصة في مجال الواقعية الأدبية.
ترجمة الأدب والدراما اليابانية إلى الإنجليزية وتأثيره على الثقافة الغربية: بعد الحرب العالمية الثانية، ساهمت ترجمة الأدب الياباني إلى الإنجليزية، مثل أعمال هاروكي موراكامي ويوكيو ميشيما، في تعريف الجمهور الغربي بالثقافة اليابانية، مما أدى إلى زيادة الاهتمام بالفكر الياباني والفنون التقليدية مثل المانغا والأنمي.
ترجمة العلوم والتكنولوجيا وتأثيرها على الابتكار: في العصر الحديث، تلعب الترجمة دورًا رئيسيًا في نشر الابتكارات العلمية والتكنولوجية. على سبيل المثال، ترجمة الأبحاث الطبية والتكنولوجية من الإنجليزية إلى لغات أخرى ساهمت في تطوير الطب والهندسة في العديد من الدول، مما أدى إلى تحسين جودة الحياة عالميًا.
رابعاً: الحلول الممكنة لتعزيز التنوع اللغوي والثقافي
لمواجهة آثار الهيمنة اللغوية وضمان استفادة جميع اللغات من مزايا الترجمة، يجب اتخاذ خطوات تهدف إلى دعم التنوع الثقافي واللغوي، ومنها:
تعزيز الترجمة المتبادلة: من الضروري ألا تكون الترجمة مقتصرة فقط على نقل المحتوى من لغة إلى لغات أخرى، بل يجب تشجيع ترجمة الأعمال الأدبية والفكرية من اللغات الأقل انتشارًا إلى اللغات العالمية، مما يتيح لهذه الثقافات فرصة للوصول إلى جمهور أوسع.
دعم اللغات المحلية: ينبغي توفير برامج ومبادرات تشجع ترجمة المؤلفات العلمية والأدبية إلى اللغات الأقل شيوعًا، مما يساعد في الحفاظ على هويات المجتمعات وتعزيز دورها الثقافي.
استخدام التكنولوجيا بذكاء: يمكن الاستفادة من التطورات التكنولوجية، خاصة الذكاء الاصطناعي، لتعزيز الترجمة متعددة اللغات، بحيث لا تُقتصر على لغة واحدة فقط، بل تدعم جميع اللغات بشكل متساوٍ، مما يسهم في توفير محتوى غني يعكس التنوع الثقافي في العالم.
وختاماً لا شك أن الترجمة تمثل إحدى أقوى أدوات التواصل العالمي، إذ إنها تسهم في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب وتُساعد في نشر المعرفة والثقافة عبر الحدود. ومع ذلك، فإن استخدامها بشكل غير متوازن قد يؤدي إلى تعزيز الهيمنة اللغوية لبعض اللغات على حساب الأخرى، مما يؤثر سلبًا على التنوع الثقافي واللغوي. لذلك، يجب اعتماد سياسات تعزز العدالة اللغوية، بحيث تكون الترجمة وسيلة لتحقيق التفاهم العالمي دون التأثير على الهويات الثقافية الفريدة لكل مجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.