1. معركة الهروب من الحقيقة يجد واقع الحكام العرب اليوم نفسه في مواجهة حتمية مع التاريخ والزمن، معركة لا تقل ضراوة عن محاولة التجميل ضد الشيخوخة. ففي زمن "الصورة" سريعة الانكشاف، تحاول النخب الحاكمة، التي ضرب مواقفها السياسية الوهن والعمالة والخوف والشيخوخة المتماهية، أن تقاوم بفعل "التجميل السياسي". فكما كانت تسعى الفنانة صباح "الشحرورة" لإخفاء تجاعيد الزمن بمكياج ثقيل ومشرط جراحي، تسعى بعض الأنظمة لإخفاء تآكل الشرعية وإخفاقات عقود من الجمود ب*"طلاء إعلامي" براق*. هذا هو المشهد المركزي الذي يحكم العلاقة بين الحاكم والشعب اليوم: صراع بين حقيقة منتصرة وزيف يحتضر. 1. شيخوخة الموقف: الضعف تحت رداء السلطة إن جوهر الأزمة ليس في شيخوخة الأشخاص، بل في شيخوخة المواقف القومية والرؤى. فبقدر ما يتمسك الحاكم بالسلطة، بقدر ما تتآكل قدرته على مواكبة تحولات شعبه والعالم. * فقدان "قوة القوة": القوة الحقيقية، كما يشدد عليها النقاد، هي قوة الإرادة والشرعية والكفاءة. عندما يفتقر الموقف السياسي لهذه المكونات، فإنه يفقد "قوة القوة" الحقيقية ويتحول إلى سلطة مجردة، مكروهة ومنفرة. * الجمود الفكري: تظهر "التجاعيد" السياسية في شكل قرارات متكررة، إصلاحات شكلية لا تعالج الجوهر، وعجز عن مواجهة الأزمات الكبرى للأمة، مما يؤدي إلى تآكل الشرعية وتحول النظام إلى مجرد "هيكل قديم" يحاول الوقوف بعكاز الدعاية والحديد والعمالة، والتفريط بحقوق الأمة. 1. خبراء التجميل الإعلامي: صناعة "دوريان جراي" السياسي للتغطية على هذه الشيخوخة، تبرز آلة "التلميع السياسي" بجيوشها الإعلامية التي تمارس التضخيم والتمجيد بلا حدود. تتحول هذه الآلة إلى "خبير تجميل" يسعى لخلق "الصورة الذهنية" المزيفة. * أقنعة السلطة: هذا التلميع يخلق "دوريان جراي" السياسي، الشخصية التي تحدث عنها النقد الأدبي: شاب خالد المظهر في العلن، بينما لوحته الحقيقية (التي تمثل الفساد والخزي والإخفاق) مخفية. يُصبح الإعلام هو اللوحة التي تمتص كل القبح، ويُترك الحاكم متوهجاً بصورة "المنقذ" أو "القائد الملهم" على الشاشات، في تناقض صارخ مع الواقع. * بيع الوهم: الهدف من هذا التجميل هو شراء المزيد من الزمن على حساب الحقيقة، وتمديد "عمر" الموقف الهش عبر بلاغة خطابية فارغة، مما يحول الإعلام من أداة وعي إلى "فخ للبسطاء"، كما تشير دراسات تحليل الخطاب السياسي. 1. الخاتمة: الحقيقة المنتصرة لا تحتاج إلى مكياج إن درس "التجميل السياسي" يماثل درس التجميل الجسدي: كلتا العمليتين تسعيان لقهر الحتمية (سواء حتمية الشيخوخة أو حتمية زوال الزيف)، لكن النهاية واحدة. ففي النهاية، تنهار خشبة المسرح الإعلامية. وعندما يشتد النقد أو تقع الأزمة الكبرى، تتساقط ألوان المكياج السياسي، وتظهر ملامح اللوحة الحقيقية للخزي والتآكل والضعف، لتثبت أن القوة لا تحتاج إلى تجميل. إن واقع حكام العرب اليوم يُلخص في أن الموقف الذي يمتلك "قوة القوة" (الشرعية والفاعلية) لا يخشى الحقيقة ولا الزمن، بينما الموقف الذي فقدها لا يملك سوى محاولة يائسة للاختباء وراء أقنعة إعلامية، مصيرها الحتمي هو الزوال وانكشاف الزيف أمام عين الشعب الصادقة.