اتفاق مسقط يأتي على وقْع الاحداث الغامضة والخطيرة في المحافظات الجنوبية والشرقية والتي مكَّنت ما يُسمى بالمجلس الانتقالي الانفصالي المرتبط بدويلة الإمارات، والتي كان واضحاً دخولها تحالف العدوان على اليمن مع النظام السعودي تحت إشراف ورعاية ومشارَكة الأمريكي والبريطاني، أنها تسعى لتنفيذ أجندة صهيونية، لم تعد مغطاة بما سُمّيَ بالتحالف العربي، بل مكشوفة وواضحة ومعلَنة وتجاوزت ارتباط الانتقالي بها إلى ربطه بالكيان. والصهاينة يتحدثون في إعلامهم أن ما حدث في حضرموت والمهرة والتوجُّه نحو إعادة تمزيق اليمن يخدم أجندتهم بعد أن ظهر أن دور اليمن في مواجهة هذا الكيان يشكّل خطراً استراتيجياً؛ وبالتالي لابد أن يكون هناك أدوات تشكّل قوة لها على الأرض في مواجهة القيادة الوطنية في صنعاء.. والسؤال بذهن أي قارئ لما سبق يدور حول الربط بين اتفاق مسقط للإفراج عن الأسرى وما قام به الانتقالي، خاصةً وأن الاتفاق كان مع السعودية، وحضر ممثلون لأطراف المرتزقة وتم التوقيع على هذا الاتفاق الذي تضمَّن اتفاقيات أوسع سابقاً وهو موضوع إنساني وفيه مصلحة للجميع، والقيادة في صنعاء لطالما سعت إلى اعتبار موضوع تبادل الأسرى قضية إنسانية تهم كل الأطراف، ولكن كل الاتفاقات سواءً تلك التي حققت خفض تصعيد نسبي أو ما سبقها من مشاورات ومفاوضات وكان دائماً السعودي والإماراتي وأدواتهما ومرتزقتهما الداخليين يعيقونها، ولو أنه كان في تنفيذ جزئي خلال السنوات السابقة وبعدها، حتى مساعي الطرف الوطني المدافع عن سيادة اليمن ووحدته في معالجة هذا الملف الإنساني مع أطراف داخلية كانت السعودية والإمارات تضغط على مرتزقتهما مرات كثيرة لإفشال مثل هذه الاتفاقات الداخلية، ومع ذلك نجح في تبادل الآلاف مع هذه الأطراف.. هناك الكثير من الأمور الملتبسة، وهي تتأرجح بين احتمالية توزيع الأدوار بين طرفي العدوان الإقليميين في إطار المخططات الأمريكية البريطانية الصهيونية، وشعور السعودية بأن الإمارات تتجرأ على ما تعتبره في إطار مناطق السيطرة في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة وخاصةً في حضرموت والمهرة.. وفهم ما يجري علينا أن ننظر إلى الأمور بصورتها الأشمل وارتباطها بموقف اليمن تجاه حرب الإبادة في غزة وثباتها على الانتصار لفلسطين وشعبها المظلوم، وتجاه مشاريع الهيمنة وإعادة رسم الخرائط وبما يمكّن من انتشار السرطان الصهيوني ليفتك بالأمة العربية والإسلامية.. الشكوك وعدم الثقة مشروعة.. ونرجو أن يعود كل الأسرى إلى أهاليهم وأحبائهم بعد سنوات من المعاناة.. وسواءً صَدَقَ السعودي في تنفيذ الاتفاق أو لا فيما يخص الأسرى، فإن هذا لا يزيل الغموض عن ما يُخطط له أعداء اليمن وعلى رأسهم الأمريكي والصهيوني، وتجاربنا مع الأنظمة الوظيفية مُرَّة، وما يُراد لليمن لا يمكن فصله عن غزة وفلسطين ولبنان وسوريا.. ومن خلال هذا كله نخلص إلى أن المسألة لا يمكن إعطاؤها معنى إيجابياً لمجرد الاتفاق على الأسرى.. وعلينا أن ننتظر الأيام القادمة التي ستُظهِر ما تخفيه هذه التحرُّكات، خاصةً وأن المكر والخداع والخبث صفات ملازمة لأعدائنا.. المرحلة خطرة، واليقظة ينبغي أن تكون أكبر من أي وقتٍ مضى.