بالأمس القريب كان المثل الشعبي القائل «الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي» يفسر لنا بأن هذا «القبيلي» الذي هو المواطن وهو المغلوب على أمره وهو المظلوم طالما وأن الدولة هي من تقف في مواجهة هذا المواطن أياً كان مركزه أو مكانته الاجتماعية بطريقة أو بأخرى «بالقوة أو الوساطة» أو غيرها المهم أن تأخذ الدولة ما تريد. . اليوم وفي عصر العولمة والثورة العلمية والثقافية التي غيرت العديد من المفاهيم والمصطلحات وكان كما يبدو لهذا المثل الشعبي في بلد الإيمان والحكمة النصيب الأوفر في الحداثة والتغيير فمن الواضح بأن هذا المثل بات لسان حاله يقول في الوقت الراهن «الرصاصة من الدولة والدم من رأس العسكري» كون هذا هو شاهد حال وضعنا الحالي في هذا البلد فالجندي أكان في الأمن أو الجيش يكلف بمهمة ما ويكون عنصراً منفذاً ليس له علاقة وفجأة نسمع أن القبيلة الفلانية أو الشيخ الفلاني أو «جماعة زعطان وأصحاب علان» منعوا الجنود من تأدية مهمتهم وقتلوا أثنين واصابوا ثلاثة، وهكذا وكم هي كثيرة هذه الروايات والقصصص التي تدمي القلب وجعلت الجميع على ييقين بأن دم وروح هذا الجندي الذي يخدم الوطن كم اصبحت رخيصة وأن حقوقه مسلوبة ولا تستطيع لا الدولة ولا عائلته الحصول عليها حتى في مقاضاة الجناة بل حتى ملاحقتهم ومتابعتهم. حوادث كثيرة مشابهة حدثت في الآونة الأخيرة وشهدتها الساحة اليمنية ففي الوقت الذي نسمع أنه قتل جندي وهو يؤدي مهمته أو كان عابر طريق كقتل ثأراً «فلان أو علان» من أبناء القبيلة الفلانية وفي المقابل نلاحظ أنه في حال ارتكب هذا الجندي شيء ما أو خطأ معيناً وهو يؤدي مهمته بحق مواطن أو شخص آخر أو شيخ فإنه تقوم الدنيا ولا تقعد حتى ينال هذا الجندي الجزاء العادل وهو ما حدث مؤخراً في قضية الشيخ القيسي «رحمه الله تعالى» وما تبعها من مستجدات حدثت يوم أمس. ففي هذه القضية لوحظ أنه تم القبض على المتهمين وتمت محاكمتهم وصدر بحقهم حكم ابتدائي في حين ان الجندي «مختار الصلاحي» رحمه الله والذي استشهد في ذات اليوم لم يسمع أحد أنه تم ملاحقة أو اتهام أي شخص بتهمة قتل الشهيد «الصلاحي» ويوم أمس قتل ثلاثة جنود آخرون على ايدي ابناء القبيلة التي ينتمي إليها الشيخ القيسي رحمه الله كواحدة من خطوات الثأر للشيخ رغم أن القضية في المحكمة وقد قال القضاء كلمته الأولى في حق المتهمين ولا ندري ما المستجدات الأخرى التي قد تحدث في هذه القضية. ما نريد أن نؤكد عليه هنا هو اننا لسنا مع أي استهانة أو استرخاص أو اللامبالاة بحق أي مواطن اكان جندياً أو مواطناً عادياً أو شيخاً أو وجاهة اجتماعية أو متنفذ كما نؤكد اننا مع نيل قتلة الجندي «الصلاحي» جزاءهم كما سينال قتلة الشيخ القيسي وهو ما يجب ان يتم لا ان نكيل الأمور بمكيالين ونفرق فالنفس هي النفس وهذا هو ما اكده الباري عز وجل في كتابه المحفوظ «القرآن الكريم». ومن هنا من خلال ما طرحه سلفاً فقد طرقت «أخبار اليوم» هذه القضية مع شخصيتين برلمانيتين لمعرفة السبب الذي أوصل الأمور إلى الاستهانة والاستهتار بروح ذاك الجندي الذي يحمي الوطن بدمه وروحه وغالباً ما يكون ضحية. وفي هذا السياق تحدث للصحيفة الشيخ عبدالله العديني عضو مجلس النواب حيث قال معلقاً على هذه القضية:الأصل ينبغي أن يقوم على قاعدتين القاعدة الأولى ان الدولة إذا قتلت المواطن تلاحق القاتل وتحاكمه وتسرع في محاكمته وتنفذ فيه حكم الله في القصاص، كما اشار العديني ان المواطن ينبغي ان يضغط على الدولة ويتابع الدولة كي تقيم حكم الله في هذا القاتل. وأضاف العديني في تصريح ل«أخبار اليوم» مساء أمس بالقول اما ان كل واحد يقتل من جهته فهذا امر ستتحول البلاد بسببه إلى فوضى وامر لا يرضاه الإسلام وليس في صالح الوطن. وحول قضية شرعب يوم أمس والتي قتل فيها ثلاثة جنود وجرح سبعة آخرون من الأمن المركزي في كمين مسلح من قبل قبيلة الاقيوص في مخلاف شرعب العديني : لا يوجد لديّ أي تفاصيل حول القضية كي أبدي رأيي ولكنه أضاف في رده على طرح الصحيفة لسؤال عام عن قضية قتل جندي ثأراً لمواطن تم قتله من قبل آخرين ولا يلقى من يقف معه بعكس المواطن الذي تقف معه قبيلته حيث قال هذا من الأخطاء السائدة الذي يسمى بظاهرة الأخذ بالثأر ان يقتل غير القاتل والأصل أنه لا ينبغي ان يقتل إلا من قتل أما ان يقتل هكذا من طرف. . أما ان القبائل تقتل من القبيلة نفسها ما يقتلش القاتل أو المواطن يقتل من القوات المسلحة ولا يقتل القاتل والأصل أن قضايا القصاص وقضايا المحاكمات هذه قضية يقوم بها القضاء ولا ينبغي على المواطن إلا أن يتابع الدولة في الضغط من أجل تنفيذ الحكم وعلى الدولة ان تسرع في هذا حتى لا تكبر القضايا. وفي السياق ذاته ورداً على تساؤل الصحيفة عن ما يدور من مفارقة عجيبة وذلك من حيث القبيلة تتابع قضية أي مواطن أو شيخ تم قتله في حين أن الجندي لا يجد من يقف معه تحدث للصحيفة النائب البرلماني عن حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصر عبدالله محمد المقطري حيث قال: هناك مفارقة ومفارقة عجيبة وهذه انعكاسات خطيرة لأن الكثير من الجنود سواءً في القوات المسلحة أو الأمن المركزي الذين كلفوا بمهام ربما لا يقومون بمهامهم بأكمل وجه نتيجة لهذا الاحساس السلبي، مشيراً إلى أن الحادث نتيجة لاهمال الحكومة واهمال الجهات المختصة من متابعة حق هذا الجندي الغلبان، مشدداً في ذات الوقت على ضرورة وجود تشريع واضح لهذه القضايا، تحدد المسؤوليات وحق هذا الجندي الذي هو في نهاية المطاف يحمل الوطن والذي قام بالتضحية وبالتالي يجب أن يكون التشريع حامياً لهذا الجندي وحقوق اسرته بدرجة اساسية. وحمل المقطري الجهات المعنية المسؤولة السبب في استرخاص الجندي بشكل اساسي وهو الأمر الذي يحتم عمل تشريع يحدد مسؤولية الحكمة والجهات المعنية بمتابعة حقوق اي جندي مكلف بأي مهمة بأوامر محددة وواضحة فالتشريع سيحمي الجندي واسرته بشكل اساسي، منوهاً على ضرورة اتخاذ مثل هذه الخطوات ما لم فإن هذا ينعكس سلباً على معنويات الجنود في القوات المسلحة أو في الجهات الأمنية بشكل عام. وأشار المقطري إلى ما حدث يوم أمس من قتل ثلاثة جنود وجرح سبعة آخرين في كمين مسلح نصبه أبناء قبيلة «الاقيوس» بمنطقة شرعب حيث قال اذا كان الكمين نصب للجنود وهم في طريقهم إلى مكان آخر وتم الاعتداء عليهم فهذا اعتداء واضح وبالتالي يجب أن تأخذ الحكومة حق هؤلاء الجنود في نفس الوقت.