البعض فسر تسامح الدولة وحرص القيادة السياسية اليمنية على السكينة والاستقرار وكأنه ضعف من قبل الدولة أو كأن الدولة اليمنية بكل مؤسساتها السيادية في دائرة الاحتضار وبالتالي فإن هذه الدولة عاجزة عن صد أي تمرد كما هو حال متمردي بعض المناطق في محافظة _ صعدة_ التي توحي مواقفهم وتصرفاتهم وكأن هذه الدولة عاجزة عن مواجهتهم وبالتالي يواصل هؤلاء المتمردون التسويف والتنكر والإنكار والتمرد السياسي والأخلاقي بعد أن فجروا التمرد العسكري ..مواقف التسامح والحكمة والمحبة والحرص على عدم مواجهة الجهل بالجهل والعنف والتمرد بالعنف المضاد كل هذه المواقف العاقلة والمتعقلة التي مارستها القيادة السياسية والدولة اليمنية وخاصة في محافظة صعدة تبين الدولة وكأنها في حالة ضعف أمام هؤلاء المتمردين حيث يوحي المتمردون برسالتهم للرأي العام أن الدولة في حالة عجز وفشل وغير قادرة على التصدي لأي شكل من أشكال التمرد وهو ما شجع آخرون لأن يعلنوا صراحة نيتهم حمل السلاح في وجه الدولة لتحقيق أهدافهم القذرة .. والحقيقة أن هؤلاء يتوهمون ما هم عليه ويحلمون بما هو مستحيل فالدولة اليمنية لم ولن تكون يوما ضعيفة وعاجزة عن التصدي لهؤلاء الجراثيم من المتمردين ومن يفكر في أن يحذوا حذوهم وليس من المنطقي أن يذهب هؤلاء في تصوير حرص الدولة على عدم الانجرار ومواجهة العنف بالعنف بأنه ضعف وقلة حيلة , وعليه يجب ان يفهم ويستوعب كل ذو نفس أمارة بالسوء أن الدولة اليمنية حرصت على معالجة هذا الطيش بالعقل والحكمة وبمسؤولية وطنية وحضارية وديمقراطية وأخلاقية، وحرصت أن لا تواجه الجهل بالجهل والعنف بعنف مضاد حتى لا يتصور العالم ان اليمن مجرد دولة بوليسية مهمتها قمع كل من يتجاوز الثوابت عن جهالة أو قصد، وحتى تكرس قيم وطنية إدراكا من القيادة السياسية اليمنية أننا في مرحلة تحولات حضارية وطنية وأن هناك منا من لم يستوعب قوانين المرحلة وقيمها ناهيكم عن عوامل وظروف ومعطيات تدركها الدولة والقيادة في اليمن وقد ساهمت كل هذه العوامل في الحرص الذي تبديه الدولة اليمنية تجاه هذه الظواهر وهو حرص لا ينم عن ضعف بل عن حكمة وحصافة ورؤية وطنية لم يدركها بعد هؤلاء المرجفون ولا من يساندون مواقفهم التآمرية وعليه نعود ونقول واهم من يفكر بضعف الدولة وغبي من لا يستوعب حقيقة هذا الحرص الرسمي ودوافعه وأهدافه، بل أن من يفكر بهذه العقلية سيجد نفسه ضحية هذا التفكير القاصر الذي يدل على أن قدراً كبيراً من الجهالة والغباء يستوطنان من يفكرون بهذا التفكير ..!! إن الدولة قادرة على سحق أي ظاهرة شاذة وهي على دراية كاملة كيف وأين .. ومتى .. تقف في وجه هؤلاء وهي من وضعت لكل ظاهرة مدى وسقف وليس بقدرة من كان ومهما كان وأيا كان أن يتجاوز المدى والسقف المحددين من قبل الدولة التي وإن حرصت على السكينة وحرصت على تحمل مسؤوليتها في عدم الانجرار وراء الفتنة والقتل والتصدي الحازم للمراهقين وطنيا ودينيا وسياسيا ومعرفيا، فإن كل هذا الحرص لا يجب تفسيره بطريقة خاطئة وإلا وقع من يفسر بهذا التفسير في دائرة الخطايا التي قد تكلفه الكثير ..!! لقد كانت كل مواقف الدولة اليمنية نابعة عن حرص ومسئوولية وطنية وحضارية ودافعها تقديم نموذج حضاري للعالم وقبلهم لأبناء اليمن في أن الماضي لن يعود وأن الحوار يجب ان يسود ويتغلب على كل المعالجات والوسائل الأخرى التي لم تستخدمها بحكم واجباتها وصلاحياتها ولكنها ولدوافع وطنية وحضارية وديمقراطية وانطلاقا من ثقة بالذات الوطنية وقدرة واقتدار تعاملت مع الكثير من الظواهر بالحكمة وبكثير من الصبر والتعقل في رد الفعل وإحكام سلطة القانون على خلفية قناعة وطنية عنوانها أن من الأهمية وفي لحظة التحول والمرحلة الانتقالية الحضارية أن تستوعب الدولة والقائمون عليها ظروف الماضي والراهن وما يترتب على هذا الانفتاح من الظواهر المعبرة عن حالة احتقان اجتماعي ورغبة في إثبات الذات والحضور للبعض، وفق هذا تم التعامل مع ظاهرة الفتنة والتمرد بل ومع ظاهرة الردة والانفصال التي شهدتها الساحة اليمنية صيف عام 1994م وما ترتب بعدها على تلك الواقعة من عفو عام وتسامح وترتيب أوضاع وعودة الاعتبار لكل الأطراف التي وقفت خلف تلك الأحداث وطيلة الفترة التي عنونت مسارنا الوطني منذ العام 1990م وحتى اليوم وما قبل هذه الفترة كان النظام السياسي الوطني بزعامة فخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية مثالاً للمحبة والرحمة والتسامح وتمكن فخامته من تحويل الخصوم الذين كانوا أعداءً إلى أصدقاء وشركاء في صناعة القرار السياسي الوطني وأغلب الذين يواجهون إلى جانب الرئيس تحديات الراهن هم ممن كانوا يندرجون في سياق قائمة الخصوم والمعارضين .. إن تسامح الدولة والنظام لا يعني العجز والضعف والفشل ومن يفكر أو يعتقد بغير هذا إنما هو واهم وخاطئ في الحسابات السياسية، ولذلك منحت الدولة والنظام لظاهرة التمرد في صعدة مدىً وسقفاً وأعطت المتمردين كل فرص التوبة والعودة عن غيهم وجرائمهم والفرصة لن تطول كثيرا وهي الأخيرة التي نراها أمامنا بل إن المتمردين هم يمضون في الربع الساعة الأخيرة من الفرص التي منحتها لهم الدولة والنظام فإن لم يستغلوها بطريقة صحيحة فإن الآتي لن يكون في صالحهم بل سيعرف كل من يشكك بقوة وقدرة الدولة أنهم كانوا بغير علم من قوتها وهيبتها حين تسحق كل متطاول ولكن بعد ان تستنفذ كل سبل الصبر والحكمة والفعل الرشيد ..!