هل يعكس بيان الدورة الاستثنائية للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام رغبة المؤتمر في المضي قدماً في التعامل مع الاستحقاق الانتخابي القادم في موعده الدستوري دون الخوض في تفاصيل الخلاف القائم بينه وبين الفعاليات المعارضة في اللقاء المشترك..؟ تساؤلات تفجرت في ذاكرة كل من تابع بيان اللجنة الدائمة يوم أمس والذي ترافق مع سلسلة من التغيرات شملت هرم الحزب الحاكم وسوف تليها تغيرات حتماً سوف تطالكل مكونات المؤتمر مما يعني وحسب البيان الصادر عن قيادة الحاكم أنه حسم خياره في التعامل مع الاستحقاق الانتخابي كاستحقاق دستوري في موعده المحدد ووفق الإجراءات الدستورية التي يراها الحاكم باعتباره صاحب الغالبية البرلمانية وبالتالي بمقدوره المضي في خياراته دون الحاجة للتوافق والاتفاق وهو فعل قد يكون من الناحيتين الدستورية والقانونية وكذا من الناحية الاعتبارية وبحكم الأمر الواقع جائز للمؤتمر ويمنحه كل الصلاحية في المضي فيما عزم عليه، لكن ثمة مبررات موضوعية تجعلنا نذكر الحزب الحاكم بأهميته وأهمية دوره ومسؤوليته الوطنية، على اعتبار أننا لا نريد منه النجاح والفوز في الاستحقاق الانتخابي القادم بقدر ما نريد منه النجاح في الحفاظ على وطن وعلى أمنه وسيادته وسكينته الاجتماعية، فقد يكون للمؤتمر كل الحق في المضي نحو ما يرغب المضي إليه وحتى لو خاض الانتخابات منفرداً، لكن في النهاية إن مضي المؤتمر فيما أعلن عنه يوم أمس فإنه يكون ذاهب بنا والوطن إلى مقصلة الانتحار.. لأن ثمة متغيرات وتداعيات تتطلب من الحاكم التأني والتعقل، فحتى التنازلات التي يقدمها تحسب له وليست عليه وفق منطق المعترك السياسي الوطني ومخرجاته، فالتضحية من أجل الوطن واجب يحرص عليها الرئيس والمؤتمر أو عقلاء المؤتمر، وهو ما يتطلب من هؤلاء فرملة هرولة صقور داخل المؤتمر تعمل على توسيع الفجوة بين الحاكم والمعارضة والحال كذلك في المعارضة، أي أن هناك من يصعد للأزمة في المعارضة ويقابله تيار آخر تصعيدي داخل المؤتمر، لكنا في الأخير أمام مسؤولية وطنية يجب تدارك تبعاتها قبل أن تتفجر الأزمة وتأخذ أشكالاً متعددة للصراع الذي لا نحتاجه، بل نحتاج للسكينة لنتفرغ لما هو أهم من القضايا الوطنية، فالوطن يظل بنظرنا أهم من الانتخابات مهما كانت المكاسب المترتبة، وهي بكل الأحوال لن تشكل خسارة للمؤتمر أياً كانت المسارات المتوقعة للقادم، فهل يدرك الحاكم هذه الحقائق وهو الكاسب بكل الأحوال، حتى ولو خسر الانتخابات البرلمانية يظل هو الكاسب باعتباره الحاضن الوطني للديمقراطية وراعيها وحارسها؟