عزيز محمد - في خطوة لانتزاع فتيل تفجر مدوي للازمة المستعرة بين حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في اليمن وأحزاب المعارضة الرئيسية المنضوية في تكتل اللقاء المشترك والممثلة في البرلمان بشأن الانتخابات النيابة، دعا الرئيس علي عبدالله صالح مساء الجمعة- السبت كل من قيادات حزبه (المؤتمر ) و(اللقاء المشترك) إلى الحوار فيما بينهم ازاء الاستحقاق الديمقراطي والدستوري الهام والمتمثل في انتخاب مجلس النواب القادم وذلك في اطار الالتزام بالدستور والقانون وما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا . ويأتي التدخل الرئاسي الجديد عقب فشل اتفاق في لحظاته الأخيرة بين الحاكم والمشترك كاد أن يحدث انفراجا لاشتباك دائر بين الطرفين منذ أكثر من عامين، وجاء كمحصلة لمحادثات رعاها الرئيس صالح واسهم فيها المعهد الديمقراطي الأمريكي ومسئولين في مفوضية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي لاستيعاب كافة مطالب المعارضة وصولا بها مع الحزب الحاكم لطاولة حوار ، ومن ثم لاتفاق مجدول بفترة زمنية لتنفيذها بما يمهد لإجراء انتخابات في أجواء خالية من القلاقل التي قد تبرز فيما إذا مضى الحزب الحاكم في التحضير إلى الانتخابات منفرداً . مطالب المشترك للمشاركة في الانتخابات القادمة والتي وافق عليها المؤتمر الحاكم مؤخرا بعد جولة من المحادثات بين قيادات المشترك والرئيس وقيادات من حزبه تمت على مدى الثمانية ايام الماضية توصلت الى أن تنفيذها يتطلب تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر في ابريل المقبل . غير أن الفترة الزمنية لتأجيل الانتخابات لتنفيذ تلك المطالب كاملة كانت محورا لطريق مسدود نسف كافة المطالب، حيث ابدى الحزب الحاكم إمكانية القبول بتأجيل موعد الانتخابات لفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ستة أشهر بأجندة محددة للأولويات، وهو ما اقترحته مقاربات المعهد الأمريكي والمفوضية الأوروبية ، في حين أصرت أحزاب المشترك على تأجيل يمتد على الأقل لعامين لاستيعاب تنفيذ مطالبها. واندفع المكتب السياسي للحزب الحاكم أمس الأول كرد فعل على ما وصفه "تماديا في ابتزاز المشترك " إلى اقرار رفض فكرة تأجيل الانتخابات وصوت على ان تتم الانتخابات في موعدها ، والدفع عبر كتلته في البرلمان اليوم (السبت) للتصويت على مواد قانون الانتخابات التي تم التوافق عليه بين المؤتمر والمشترك ومثلت احد مطالب الاخير، وهو ما اعتبرته احزاب المشترك المعارضة في بيان لها امس الجمعة خطوة أحادية، وغير قانونية، ومخالفة لاتفاق قادة المعارضة مع الرئيس قبل 8 أيام. ورغم عدم وضوح تفاصيل التدخل الرئاسي الجديد بدعوته التي اطلقها مساء امس الجمعة للطرفين في قيادة حزبه المؤتمر وقيادات المشترك ، إلا أن بعض المصادر ترجح ضغوطا من قبل الرئيس على قيادات حزبه لعدم اقرار اغلبيته في البرلمان التعديلات الانتخابية في جلسة اليوم السبت كما أعلن رئيس كتلة المؤتمر سلطان البركاني في بيان ليل أمس الأول. واكتفت وكالة الإنباء الرسمية بالقول ان الدعوة من رئيس الجمهورية للقوى السياسية في(السلطة والمعارضة) بالحوار فيما بينها جاءت باعتباره رئيسا لكل اليمنيين وانطلاقا من حرصه في ان تعالج كافة القضايا التي تهم الوطن بالحوار الذي يحقق التفاهم والوفاق والمصلحة العليا للوطن . وحتى اللحظة تسيطر على قيادات المشترك المعارض والذي يضم خمسة احزاب يسارية واسلامية ، منها ثلاثة ممثلة في البرلمان "الاصلاح الاسلامي"و"الاشتراكي اليمني"و"التنظيم الناصري" حالة من الارتباك والافتقار للرؤية الواضحة تجاه مسألة الانتخابات إلى درجة وصل معها الأمر إلى تنصل مجلس المشترك عن آراء بعض أعضائه في ضل مواجهته ضغوطاً من قواعده المطالبة بتحديد موقف واضح من الانتخابات المقبلة بالمشاركة أو المقاطعة. وتؤكد مصادر مستقلة ان موافقة المؤتمر الشعبي العام الحاكم على كافة المقترحات التي تقدم بها المعهد الأمريكي عبر المدير الإقليمي للمعهد الوطني الديمقراطي الأميركي ليس كامبل وكذا وفد مفوضة الاتحاد الأوروبي للتوفيق بين وجهتي النظر المتعارضتين بين الطرفين (السلطة والمعارضة) ، قد احرجت احزاب تكتل المشترك المعارض في حالة الظهور كرافض لتلك المبادرات وهي المطالبه بها . ونتيجة تناقض مواقف قيادات في اكبر احزاب التكتل "الاصلاح" و"الاشتراكي" لاسيما رفض الاخير بندا متعلق بمطلب القائمة النسبية المختلف عليها مع المؤتمر حيث يصر على ان تتم قبل الانتخابات البرلمانية ، تؤكد مقترحات الوسطاء تأجيل العمل بها حتى يتم طرحها على المجلس النيابي المنتخب القادم ، ما دفع مجلس المشترك – تحسبا لانهيار التحالف- إلى استبدلال رفض مقاربات وسطاء الفرصة الأخيرة إلى التمسك بفترة تأجيل للانتخابات تمتد إلى أكثر من عامين ، وهو ما يواجه برفض قاطع من قبل السلطة وحزبها الحاكم لاعتبارات دستورية وتحسبا لمماطلة المشترك انطلاقا من تجارب "نقض الاتفاقات" ما سيئول لفراغ دستوري . وبقبول الحاكم بمساعي مقترحات كل من المعهد الديمقراطي الأمريكي ومفوضية الاتحاد الأوروبي ، يسكب نقطة التأييد الدولي لمضيه في أسوء الاحتمالات نحو إجراء الانتخابات في موعدها حتى بدون مشاركة المشترك ، بعد ان اتضح للوسطاء تصلبا غير مبرر من قبل المعارضة. وتضمنت مقاربات المعهد الديمقراطي الأمريكي والمفوضية الاوروبية التي وافق عليه الحاكم مجمل مطالب المشترك ، باستثناء فترة تأجيل الانتخابات ، حيث تضمنت اقرار التعديلات التوافقية حول قانون الانتخابات الذي اسقط التصويت عليه في اغسطس الماضي ، وبندا بتأجيل الانتخابات ما بين شهرين وستة أشهر لكي يتم التمكن من مراجعة السجل الانتخابي وتنفيذ تعديلات قانون الانتخابات واختيار وتدريب المشرفين الجدد في اللجنة العليا. وفيما يخص القائمة النسبية المختلف عليها مع المؤتمر والتي يصر عليها المشترك وتحديدا الحزب الاشتراكي اكدت المقترحات تأجيل العمل بها حتى يتم طرحها على المجلس النيابي المنتخب القادم ، كما تضمنت أن يتم تشكيل اللجان الفرعية للجنة العليا للانتخابات على أساس 54% للمؤتمر و46% للمشترك ، وبخصوص ضمان حيادية المال العام والوظيفة العامة نصحت المبادرة بوضع آلية متفق عليها تقرها اللجنة العليا للانتخابات من خلال لوائح يقرها مجلس الوزراء بالإضافة إلى إصدار أدلة إرشادية بهدف ضمان حيادية المال العام والإعلام الرسمي وتوافق المعهد مع مطلب المشترك بضرورة تسليمه نسخة الكترونية من السجل الانتخابي في أقرب وقت على أن تسلم نسخ مماثلة لكل من (المحكمة العليا، البرلمان، المنظمات الدولية العاملة في اليمن في مجال الانتخابات) وحدد بأن يكون السجل فقط بغرض المراجعة والتدقيق مع ضمان الحفاظ على سرية المعلومات عن كل ناخب. وشملت المقترحات ايضا تشكيل اللجنة العليا للانتخابات تقديم المشترك سبعة مرشحين لعضويتها على أن يختار رئيس الجمهورية خمسة منهم بالإضافة إلى خمسة آخرين من المؤتمر والأحزاب الأخرى. وكان الحزب الحاكم والمشترك المعارض قد تبادلا أمس الاتهامات بشأن إفشال الاتفاق الذي كان تم التوصل اليه مؤخرا ، وحمل المجلس الأعلى للقاء المشترك في بيان له قيادات الحزب الحاكم المسؤولية ، مشيرا الى انه تم التوصل الى ذلك الاتفاق الجمعة الفائت خلال لقاء مع رئيس الجمهورية بقيادات اللقاء المشترك والذي اتفق خلاله على تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لبحث الضرورات الوطنية لمبررات التأجيل ,واقتراح الجدول الزمني لانجاز القضايا المتفق عليها, بما فيها التعديلات الدستورية كمنظومة متكاملة حيث يقدم كل طرف رؤاه ثم يتفق على ما هو محل تعديل بما في ذلك القائمة النسبية . ووفقا لبلاغ صحفي عن المشترك قال ، كان اقتراح اللقاء المشترك أن تحدد فترة التأجيل بالفترة التي تقتضيها الحاجة لبلورة القضايا والإجراءات التي يتم الاتفاق عليها, وضرورة الانتهاء منها لتجري الانتخابات القادمة وفقا لنظام القائمة النسبية , إلا ان ممثلي الحزب الحاكم رفضوا ذلك وأصروا على إجراء الانتخابات القادمة وفقا للقانون النافذ , أما العمل بنظام القائمة النسبية فيعمل به للدورة الانتخابية القادمة, ويؤكد اللقاء المشترك على عدم صحة ما يروج له الحزب الحاكم بهذا الخصوص. كما عبر المشترك عن تقديره للمساعي والجهود التي بذلها السيد ليس كامبل نائب مدير المعهد الديمقراطي والسيدة هيذر مديرة المعهد باليمن لتذليل الصعوبات التي حالت دون التوصل الى حل.. والتي اصطدمت بتعنت السلطة والحزب الحاكم, مثمنا موقف المعهد الديمقراطي الذي يدعو لضرورة تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين اللقاء المشترك والحزب الحاكم وأهمية التوصل إلى اتفاق سياسي بين القوى السياسية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتنافسية. وبالمقابل اتهم رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني احزاب المشترك بالوقوف خالف ذلك الفشل ، مشيرا إلى رفض المشترك لكل المقترحات التي قدمت وأخرها مقترحات المعهد الديمقراطي الأمريكي ،قائلاً:إن السيد ليس كامبل مدير دائرة الشرق الأوسط بالمعهد الديمقراطي الأمريكي ظل يحاور المشترك يوم أمس الأول قرابة ثلاث ساعات ولم يردوا على مبادرته التي كان قد طرحها في زيارته السابقة لليمن في يناير الماضي. وأضاف البركاني: إن مدير المعهد الديمقراطي بعد ذلك توفرت لديه قناعة أن محاولة الحوار أو التنازلات غير مجدية لان المشترك ليس لديه إلاَّ طريق واحد وهو عدم إجراء الانتخابات في موعدها وتأجيلها لمدة سنتين وهو مقترح تقدم به المشترك السبت الماضي خلال لقائهم بالدكتور عبد الكريم الإرياني النائب الثاني لرئيس المؤتمر وكذلك لقائهم بالرئيس يوم الجمعة دون أن يكون لديهم برنامج يحدد أسباب التأجيل ولماذا فترة السنتين بالضبط. وأشار رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر إلى أن التصويت على مشروع التعديلات يمثل وفاءً من المؤتمر لما تم الاتفاق عليه واحتراماً لملاحظات الأصدقاء بغض النظر عن مشاركة المشترك في الانتخابات من عدمها لان المؤتمر يسعى إلى تطوير العملية الديمقراطية سواءً من خلال ما يفرزه الواقع أو من خلال ما يقدمه الأصدقاء من ملاحظات ومبادرات. وفيما أكد البركاني أن المؤتمر وصل إلى قناعة تامة بأن المشترك يريد إجهاض العملية الديمقراطية وعدم احترام إرادة الناخبين وإجراء الانتخابات في موعدها،عبر عن أسفه من وصول المشترك إلى هذه الحالة واعتقاده انه يملك الانتخابات بينما هي ملك للشعب وهو صاحب المصلحة الحقيقية فيها وان تأجيلها أو تعطيله يصب في خانة التراجع عن الديمقراطية والإجهاز عليها وعدم احترام إرادة الشعب والتنصل عن واجبات الأحزاب والسعي إلى تعطيلها في الوقت الذي شهد العالم أجمع بأن الديمقراطية في اليمن مكسب لليمنيين . وقال:كنا نتمنى أن يشارك المشترك في العملية الانتخابية احتراماً لإرادة الناخبين وإعلاءاً للدستور والقانون والتحلي بالموضوعية بدلاً من نقض الاتفاقات والسعي إلى تعطيل الاستحقاق الانتخابي.. وكان استطلاع للرأي العام، حول المشهد الانتخابي في اليمن2009،كشف مؤخرا أن 68بالمائة من اليمنيين مع إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 27 أبريل المقبل. وأشارت نتائج الاستطلاع الذي نفذه فريق من مركز "منارات" للدراسات والبحوث، أن 30 بالمائة، من العينة العشوائية التي تم اختيارها بطريقة عشوائية إلكترونية - بواسطة دليل الهاتف الإلكتروني لمشتركي شركة يمن موبايل – أبدت رغبتها في تأجيل الانتخابات. وأظهرت النتائج أن 73 في المائة من العينة البالغ عددها 1240 فردا، لديهم علم بوجود خلاف سياسي بين الحزب الحاكم والمعارضة حول الاستحقاق الانتخابي لمجلس النواب المقبل، بينما 27بالمائة من إجمالي العينة لا تعلم بوجود أي خلاف سياسي على الاستحقاق الانتخابي. وأكد 73 بالمائة من أفراد العينة عدم تأييدهم لمقاطعة الانتخابات تحت أي ظرف كان باعتبار أن الانتخابات حق للمواطنين وليس الأحزاب، بينما أعلن 27 بالمائة أنهم ستقاطع الانتخابات في حال عدم اتفاق الحزب الحاكم والمعارضة على حل الأزمة.