السياسي كثيرة هي العوامل الذاتية والموضوعية التي تجبرنا جميعاً حكاماً ومحكومين (سلطة ومعارضة) على التوافق والاصطفاف والعمل معاً بما تقتضيه المصلحة الوطنية بعيداً عن قانون (جدلية الربح والخسارة ) في سياق المعادلة السياسية القائمة على مفهوم الديمقراطية والتعددية وقلة وكثرة الحضور التمثيلي داخل المجلس النيابي أو في مفاصل الحكومة .. إن الحاجة ملحة والوقت قد أزف لسماع صوت بعضنا والتعامل مع منظومة الراهن الوطني بكل ظواهره وتبعاته وفق رؤى وطنية كلية وجماعية ووفق تفاهم وطني يشمل كل أطياف العمل السياسي فالسلطة كما هي المعارضة الكل مطالب بوقفة نقدية ( ذاتية) تتبعها وقفة وطنية جامعة لكليهما من في (الحكم ) ومن في ( المعارضة) ليعملوا وفق رؤية وطنية واحدة تنقذ البلد من تبعات المخاطر التي تخيم عليها والتي تزداد ضراوة مع كل خلاف وتباين وفراق يقصم ظهر المشهد السياسي المكفول بقوة الشرعية الدستورية والقانونية. إننا ندرك أن العقلاء لا يزالون يمكنهم عمل كل ما يؤدي إلى إنقاذ الوطن ودمل جراحاته وإنهاء كل بؤر التوتر والخلافات وفق قواعد وطنية ثابتة وراسخة تمكن كل أبناء الشعب من العيش والشراكة والعمل معا برؤى وطنية راقية ومسئولية .. إن ما يعيشه الوطن من الأزمات يجب أن يكون هناك حل وطني لها والحل بيد كل شركا، الفعل السياسي الوطني وعلاقة الحزب الحاكم مع أحزاب المعارضة يجب أن تحكمها المصالح الوطنية بعيداً عن ثقافة التخوين والرفض والإقصاء فليس ثمة من يمكنه إدعاء الوصاية أو الاستحواذ على المصير والقرار الوطني بدعوى أنه صاحب ومالك الغالبية البرلمانية فالأزمات التي تخيم بظلالها على سماءنا الوطني تحتاج لجهود كل شركاء المشهد السياسي الوطني في الحكم والمعارضة ولا يجب أن يتأخر هذا الوفاق والتوافق حتى لا تطال لعنات التاريخ المقصر بهذا والمعترض لدوافعه الخاصة دون الوصول إلى التوافق .. إن الوطن يمر فعلاً بمرحلة خطرة وهناك الكثير من المخططات والسيناريوهات المعد له وهناك متربصون يسعون جاهدين لفرض خياراتهم على الوطن وتحولاته , وهناك دوائر خارجية تستعد للانقضاض على الوطن بدافع من مصالحها وحساباتها ودوافعها وبالتالي لم يعد الوطن بكل ما فيه وما يعانيه قادراً على تحمل المزيد من التبعات وبؤر التوتر. وعليه فإن الواجب الوطني يستدعي بل يفرض ويحتم على شركاء المشهد في السلطة والمعارضة الجلوس على طاولة الحوار والتفاهم والخروج برؤية وطنية جادة وصادقة ومخلصة وسريعة تعمل علي تجنيب الوطن المزيد من التداعيات بعيداً عن فرض الخيارات وإملاء الشروط ووضع الحدود والمحاذير إن هذا التفاهم والتوافق والاتفاق يجب أن يتم وبسرعة ووفقاً للثوابت الوطنية وبما يؤدي إلى الحفاظ على أمن واستقرار ومكاسب الوطن والمواطن وهو مطلب لم يعد فعلاً من ترف بل هو مطلب ملح وضروري وهو ما يؤدي بنا إلى إنقاذ الوطن وإنقاذ أنفسنا وتحولاتنا ومكاسبنا وسيادتنا بعيداً عن الأزمات والمشاكل والظواهر السلبية .. إن السلطة مطالبة كما هي المعارضة الكل مطالب بوقفة ذاتية وبوقفة جماعية تقودنا والوطن إلى بر الأمان والاستقرار بعيداً عن الأحكام الجاهزة والاتهامات والشكوك والثقافة الانتقاصية وكل ما يؤدي إلى توتير السكينة السياسية والتي بدورها تؤدي إلي توتر السكينة الاجتماعية ومن ثم يتاح وفق هذا التوتر المجال لصناع الأزمات والفتن في المضي بمخططهم التآمري ضد الوطن بما فيه بما في ذلك السلطة والمعارضة فلا استثناء لكل من الحاكم والمعارض من تبعات الأزمات ومن رموزها ومن شرور الفتن وتداعياتها فالكل سينال قدراً من التبعات وهذا كاف لأن يستوعب شركاء المشهد واجباتهم الوطنية ويرتقوا بمسئوليتهم الوطنية إلى مستوى التحديات ،والمطلوب لتحقيق هذا مبادرة فعلية وجادة من قبل الحزب الحاكم والنظام السياسي الذي عليه أن يخطو الخطوة الأولى وأن يمد يديه للمعارضة بصدق وبمسئولية وطنية بعيداً عن المزايدة والتحايل والتسويف وكسب الوقت أو ترحيل الأزمات والمراوغة في التعامل معها .. إن المخاطر جد كبيرة وخطيرة وقاتلة وعلى كل هولا المعنيين أن يتحملوا مسئولياتهم ويقوموا بواجبهم بعيداً عن ثقافة الكيد وتبادل التهم والتخوين فالحاكم يجب أن يسمع وجهة نظر الآخر المعارض والتفاهم حولها والعمل بصورة جماعية وموحدة فالوطن ليس ملكاً لمن يحكم ولا هو ملكاً لمن يعارض بل هو ملك لكل أبناء الشعب من يحكمون ومن يعارضون ومن يتفرجون وهم صامتون فالغالبية الصامته من أبناء الشعب لم تعد قادرة على البقاء كثيراً في دائرة الصمت وهذا ما يجب التفكير به من قبل الجميع .. فهل يدرك كل هؤلاء ظواهر الخطر ويعملون على تجنبها قبل الكارثة ..؟.