بين دعوة الأخ رئيس الجمهورية للحوار وبين ما يُمارس على الواقع هناك فجوة يصعب ردمها إن لم تقترن دعوة فخامته بخطوة إجرائية أو مبادرة ( حُسن نية) تكسر جليد عدم الثقة الفاصل بين من يحكمون وبين من يعارضون؛ وبصراحة نقول إن (الدعوةللحوار) لا قيمة لها ولا جدوى منها إن لم تأتِ المبادرة من فخامته والخطوة الأولى والأخيرة من فخامته وتحت رعايته وإشرافه.. يجب أن يكون هذا (الحوار) وتكون نتائجه مثمرة، خاصة ونحن فعلاً بحاجة لتحقيق هذا الحوار الذي دعا إليه فخامته، ولكن.. علينا أن ندرك أن أي دعوة تصدر عن فخامة الأخ الرئيس هناك من يعمل على إحباطها واحتوائها ويسوّف ويراوغ حتى تفقد الدعوة والمبادرة بريقها، وتصبح بالتالي مجرد ( آلية) للتنابز فيما بين فرقاء المشهد ومادة لخطاب إعلامي يلقي بظلاله على سماء الوطن وعلى أمنه واستقراره وعلى نسيجه الاجتماعي وعلى تطوره وتقدمه وتنميته وتطلعاته الحضارية.. لهذا فإن الوقت قد حان ليقوم فخامة الأخ الرئيس وبصورة مباشرة بالتعاطي مع الأحداث الوطنية وخاصة الحوار وادارته، بعيداً عن ترويكا النفوذ وبعيداً عن ممتهني الأفعال السياسية الذين أثبتوا وللمرة المليون فشلهم في تحقيق أي تقدم وعلى مختلف الصعد الوطنية بكل جوانبها.. لقد تأملنا كثيراً في موقف وطني يأتي به فرقاء المشهد تجسيداً لدعوات متكررة صدرت عن الأخ الرئيس لكن للأسف نجد أنه ومع كل دعوة صادقة تصدر عن الرئيس هناك من يحتويها ويعمل على إفراغها ليس من المعارضة وحسب، بل ومن داخل الحزب الحاكم ومن مفاصل النظام ذاته، وكأن هناك ما يشبه التحالف المقدس بين مجاميع من هنا وأخرى من هناك هدفهما القضاء على أي بادرة توافق وطني والحيلولة دون تطبيع العلاقة بين فرقاء المشهد السياسي وبما يمكن هذا الوطن ومواطنيه من الوصول إلى حالة الاستقرار والسكينة والأمن المجتمعي والسير في طريق التنمية الوطنية الآمنة والمفيدة والمثمرة, لكل هذا فإن الأمل يحدونا بأن يتولى الأخ الرئيس مهمة رعاية الحوار وأدارته والتوافق والاتفاق عليه وتطبيق كل بنوده التي قد تنجز ويتوافق عليه الفرقاء ويتفقوا , ما لم يحدث هذا فأن المستقبل يبشرنا بمزيدٍ من الأزمات وبمزيد من الظواهر السلبية وبكثير من الطفح الاجتماعي النزق والعبثي, ولِمَ لا.. إن كان هناك طابور في مفاصل السلطة والمعارضة ليس لهم من هدف غير تأجيج (الخلافات السياسية فيما بين فرقاء المشهد الوطني)، ومن ثم الذهاب في توظيف واستثمار هذه الخلافات وتوجيه تبعاتها بما يخدم مصالح هذا الطابور ويبقيه في دائرة الفعل والتأثير بعيداً عن أصحاب العقول والشعور بالانتماء الوطني وهم رغم كثرتهم إلا أنهم أخفقوا في فرض وجودهم على المشهد وتركوه لصالح طابور أصحاب المصالح وهو ما أوجد هذه الأزمات والظواهر السلبية الطافحة التي غدت تخيم علي سماء الوطن وعلي وجدان وذاكرة المواطن بصورة هموم يصعب إزاحتها عن كاهلهم دون فعل وطني يرتقي إلي مصاف الحدث ( الأسطوري) وهذا الفعل لا يملك حق وشرعية إنجازه والقدرة على تحقيقه سوى الأخ الرئيس أن تمكن من كسر حاجز الطوق الذي يلتف حوله من قبل أصحاب المصالح الذين يغلبون مصالحهم على مصلحة الوطن والنظام والشعب.. نعم هناك من هم داخل مفاصل النظام وعلى مقربة من رمزه السيادي الوطني يمارسون الكثير من التصرفات السلبية ويستغلون ثقة القائد، لكنهم يبادلون ثقته بالإساءة إليه وإلى عهده ومنجزاته وتاريخه وهؤلاء _لعمري_ هم أخطر على النظام والرئيس والمنجزات والتحولات من أولئك الذين يثيرون الفوضى أو يحملون السلاح في وجه الدولة.. فهؤلاء الذين يمارسون الفساد والإفساد من داخل مفاصل النظام هم في مقدمة الأعداء الذين يجب التصدي لهم وكشف مؤامراتهم وحيلهم التآمرية وفضحهم على الملأ ووضعهم أمام حقيقتهم (السوداء) حتى لا يقتلونا والوطن والنظام ورمزه أكثر من مرة.. فلولا هؤلاء رموز الفساد والإفساد ما كانت الفوضى ولما كان التمرد وحمل السلاح في وجه الدولة ولما كان ( الحراك) ولما كان هذا التذمر الشعبي المخيف الذي يستوطن ذاكرة البسطاء من أبناء الشعب الذين كانوا ولا يزالون يكنون كل الحب والولاء والوفاء لقائدهم الرمز ولباني نهضتهم الوطنية، لكن للأسف فإن الأغلبية الصامتة والبسيطة من أبناء الشعب أصبحوا يعيشون تحت رحمة ساطور الفاسدين والمفسدين والعابثين والمتغطرسين وكل من يستغل نفوذه لممارسة القهر بحق بسطاء الوطن من أبناء الشعب.. إن وفاء هؤلاء للأخ الرئيس يحتم عليه أن يتدخل مباشرة لحمايتهم ورفع الضيم عنهم عبر تفعيل دور ومهام مؤسسات الدولة وتجذير قيم ومفاهيم دولة النظام والقانون وتمكين الدولة من خلال مؤسساتها السيادية من بسط نفوذها وتفعيل قانون الردع ومبدأ الثواب والعقاب، بعيداً عن كل الاعتبارات مهما كانت وكيفما كانت وأياً كانت دوافعها ومبرراتها منطقية فلا مصلحة يجب أن تعلو وترتفع فوق المصلحة الوطنية والمصلحة الوطنية تحتاج لحماية القانون والردع ومبدأ الثواب والعقاب ولتسقط كل الاعتبارات، لأن الراهن لم يعد يحتمل المزيد من التخرصات والراهن لم يعد يحتمل المزيد من التسويف والتوظيف للأزمات الاجتماعية والاختلافات السياسية والحزبية, لكل هذا فإن من أولوية المرحلة هو أن يعمل فخامته على رعاية الحوار وادراته وتوجيه مساره وتطبيق نتائجه والعمل بها من لحظة التوافق والاتفاق عليها دون تراجع أو إفراغ لما قد يتوصل إليه المتحاورون من نتائج إيجابية تدفع بالعمل الوطني الكلي إلى مربع السكينة والاستقرار والطمأنينة والثقة المفقودة بين فرقاء المشهد يجب أن تعود من أجل اليمن الأرض والإنسان وفي سبيلهما.. فهل يتكرم فخامته ليحقق لنا ما يمكن اعتباره اخر أمانينا وأحلامنا الوطنية، لأنه بهذه الخطوة سوف يحصن كل منجزاتنا الوطنية التي تحققت في عهده وعلى يديه...