قال عضو الهيئة العليا لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" محمد قحطان إن الحديث عن التوريث في اليمن والذي يعتبر بلداً جمهوريا سيؤدي لتدمير البلاد، موضحا في الوقت نفسه أن السلطة لا تريد شريكاً لها في الحكم. وفيما يخص الحوار قال : نحن نقول إصلاحات وطنية بعيداً عن الشراكة السلطوية، لكن مشكلة السلطة أنها لم تستطع أن "تهضم" الشراكة الوطنية التي هي الركن الذي تقوم عليه المواطنة كل مواطن يجب أن يكون شريكاً في القرار بشكل أو بآخر. النظام الديمقراطي يتسم بأنه يكفل النظام العادل الذي تجد جميع المكونات السياسية والمجتمعية في ظله حقوقها محفوظة بتلقائية ودون عنف، ومشاركتها في القرار محفوظة، لكن النظام الحالي ينفي الحد الأدنى من الشراكة الوطنية، ومفهوم "المواطنة" التي هي عبارة عن رابطة قانونية تقوم بين الحاكم والمحكوم في إطار الدولة وبين الحاكم والنظام أيضا، ومن ميزات الأنظمة الحديثة هذا البعد المؤسسي الذي يفصل بين الأشخاص الحاكمين وبين المؤسسات، ويجعل الولاء للمؤسسات لا للأشخاص، فإذا شخصنت الدولة والمؤسسة وتحول الولاء إلى شخص، وبمجرد ما يعرف الناس وضعه ويطلعون على حقيقته تبهت هذه الشخصية ويبهت الولاء الوطني. واعتبر عضو الهيئة العليا لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" محمد قحطان ، ضمن ملف الأحزاب السياسية الذي تنشره "إيلاف" أن فترة إعلان التعددية كانت فكرة متقدمة وجاءت متأخرة، مشيراً إلى أنه كان هناك أحزاباً في الساحة تعمل في السر وهذا يعني أن الفكرة كانت متأخرة، ولو بدأت الأحزاب من أول مرة بعمل غير سري لكانت التجربة أرشد. وقال: لا يوجد إيجابيات في تلك الفترة قياساً بمرحلة العمل في العلن، لم ينجز الكثير في تلك المرحلة، كنا في تحالف مع السلطة، وكانت السلطة تعلم بوجود التنظيم السري. وحول خلال ال 20 عاما، أين وجدتم أنفسكم تنجزون بشكل أفضل هل في السلطة أم في المعارضة.. أجاب: في المعارضة نحن نهجنا نهجاً جديداً، وهو إنهاء حالة التخندق ضد أطراف أصيلة في العمل السياسي سواءً في الاتجاه اليساري أو الاتجاه القومي، أو في اتجاهات أخرى، لأنه من شروط العمل الديمقراطي أن لا يكون هناك خنادق مؤدلجة بين أطراف العمل السياسي، ومن سمات وميزات الديمقراطية هو التنافس البرامجي، وهذا التنافس البرامجي عادة ما يسبقه بناء أسس الدولة، يعني وجود الأرضية الأساسية المشتركة وعلى هذه الأرضية يتنافس الناس برامجيا. ولفت إلى أن موقفهم مع السلطة في العام 1994 لم يكن عقد عمل معها وخدمة قدموها للسلطة، وقال: عندما حصل الاتجاه نحو الانفصال كان الطبيعي أن يكونوا كإصلاح في مربع الوحدة، دفاعا عن قضية وطنية.. ما فعلناه في "الإصلاح" لم يكن صفقة مع السلطة إنما هو موقف وطني وكنا نعرف مضاعفاته السلبية.. وكنا ندرك نتائج الحرب على الوطن. ونوه إلى أنه لم يكن أحد يحبذ الحرب لكن كما يقولون "مكره أخاك لا بطل"، مشيرا إلى مطالبتهم بإزالة آثار الحرب، وأنهم فشلوا فيما كانوا يصبون إليه من تجاوز آثار الحرب والتشطير وأن علاقتهم السياسية والشخصية مع قيادة السلطة أسوأ من أي مرحلة سابقة.. فالسلطة حسب تعبير قحطان يمكن أن تتقبلك شريكاً في محاربة عدوها على طريقة النكف القبلي، لكن شريكاً في عملية بنائية مشتركة بمعنى الشراكة الوطنية والسياسية لا يطيقون وفي النهاية تتحكم فيها أمزجة، متطرقا إلى أن الدولة لم تهن وكذا الوظيفة العامة كما أهينت في الوقت الراهن. وفيما يخص صعدة قال المسألة ليست لغزاً، أو سراً أو طلاسم، اللقاء المشترك والإصلاح يرون أن قضية صعدة لن تعالج إلا في إطار القضية الوطنية، مضيفا لولا فكرة التوريث داخل السلطة ما تجرأ أحد بعد الثورة والجمهورية أن يطل برأسه فيما يمكن أن يفهم أنه عودة للنظام الإمامي.. لا يمكن, أنت فتحت باب التوريث وأنت في نظام جمهوري وهذا يقودنا إلى الحديث عن الرابطة الفكرية والمعنوية التي تربط بين الحاكم والمحكوم.. وتشكل أحد أهم أسس الشرعية هذه الرابطة إذا هدت تهد الدول، فأنا في نظام جمهوري، وهذا أحد أعمدة هذه الرابطة. أتدري ما الذي قوض الدولة العباسية، كان من أهم ما قوضها قيام المأمون بطرح مسألة خلق القرآن، وجاء من بعده ابنه المعتصم وأخذ الإمام أحمد رحمه الله وسجنه بسبب هذه المسألة. كان هناك رابطة فكرية تربط الخلافة الإسلامية لعموم المسلمين وتشكل رابطاً معنوياً يخضع الجميع له، أساسها مرجعية القرآن والسنة. وكان الفقهاء والأئمة يحذرون من طرح فكرة" القرآن مخلوق أو غير مخلوق"، بمجرد ما طرح هذا الأمر للنقاش خلال 30 عاماً، وإذا بالحركات الباطنية تكاد تسيطر على العالم العربي، لأن المقدس تم ضربه في مقتل، هذه المنظومة التي كان يعبر عنها جمهور الفقهاء، قبلها كانت الأفكار الأخرى أفكاراً خافتة ولم تكن متبوعة داخل المجتمع الإسلامي، كانت أفكاراً يثرثر بها مثقفون هنا وهناك بمجالسهم لكنها ليست أفكاراً قائدة لمجتمع.. عندما نقضت الدولة العباسية هذا الرابط تناثرت، فأقام الإمام الهادي مثلا دولة الهادوية في اليمن بدلا عن الدولة العباسية في 280 هجرية، لم يمر إلا فترة بسيطة إلا والعالم الإسلامي تكتسحه هذه الأفكار. ففي بلد يرتضي فيه الناس بالنظام الجمهوري، يصبح الحديث عن التوريث أشبه بالحديث عن خلق القرآن في الدولة العباسية، وأنا أردت من كلامي هذا القول إننا نريد معالجة المشكلة من جذورها. وتابع: نحن مصممون وماضون في معالجة هذه المسألة، ولن يهدأ لنا بال ولن يقر لنا قرار حتى تعالج هذه المشكلة التي هي إصلاح السلطة.. وإلا فسيوجد حوثي في كل منطقة وستحدث انشقاقات وانفصالات في عموم اليمن، الحل هو رشد السلطة ورشد الحكم، هذا الذي سيمتص الأزمة.. أما أن تقف على أعراض المرض وتترك المرض فستكون كمن يحرث في البحر.