ياسر الاعسم "الكويت في اليمن تعيد الزمن".. كلمات قالها المعلق الإماراتي الممتع (فارس عوض) من على منبر قناة أبو ظبي الرياضية, فبعد (12) عاما من الجفاء والتمنع و الدلال عادة الكأس الخليجية إلى أحضان من تحب, أضاءت (عدن) قناديلها وفتحت ذراعيها للفرح (الأزر ) , فامتزج لونه بسماء وبحر المدينة الساحرة, وغنت مواويلها وأهازيجها أنشودة الفخر والنصر (لعيال) الشهيد من جديد. مالها إلا رجال (الأزرق) .. قالها الشيخ الشاب طلال الفهد رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم حين أستفزه إلحاح وسائل الإعلام "نحن لا نخشى إلا (الأزرق)", وراهن على رجاله, فكانوا عند حسن ظنه وثقته بهم, ورفعوا رأسه, وبيضوا وجهه, تفوقوا على أنفسهم, وتجاوزوا المواقف الصعبة, وكسبوا التحدي بجدارة. كان طموح الموج الأزرق عاتيا, فعجز الجميع عن صده, ولم يستطع أحد الوقوف أمام مده الجارف.. لقد حضر أبناء الشهيد البطل (فهد الأحمد الصباح) - رحمه الله- وكلهم عزم على تكريمه بالفوز بالبطولة التي تشرفت بحمل اسمه, فقد كان حاضر فيهم ببأسه وعزة نفسه, ولأنهم تعودوا منه الوفاء, وتعلموا الانتصار, فلم يخذلوه على الأرض نفسا التي وطئتها قدماه يوما, فأحبها وأحبته, و لأنها (عدن) لا تعرف الجحود وليس من عادتها النكران, فقد تذكرته وكرمته, ومنحت وطنه عن طيب خاطر بطولة خليجي (20), بابتسامات عريضة حملتها الوجوه القمحية والبرونزية والسمراء ذات الملامح الأصيلة, والتضاريس المفتوحة, والسمات المتشابهة, وزفت لهم البشرى, ووهبتهم النجمة رقم عشرة. أعلنها الشيخ طلال الفهد كلمة مدوية منذ البداية, اخترقت جدار التململ والصمت: "سنكون أول الذاهبين إلى اليمن", وقالها رجاله في النهاية فعل أمر, وأبوا إلا أن يكونوا آخر المغادرين, بعد أن زينوا صدورهم بلمعان الذهب, وتوجوا رؤوسهم بأكاليل الغار, ورفعت أيديهم الكأس الفضية (الذهب الأبيض) عاليا لتحلق في جبين قلعة (صيرة ). منارة (عدن) الشامخة في قلب مدينة (الزعفران) المسترخية على شاطئ بحر العرب، المتشحة بمساء تلك الليلة المتحفزة, كانت شاهد عيان على تفوق رفاق (نواف الخالدي) في (قمة الخليج) التي أحتضن ملعب (22) مايو تفاصيلها المثيرة, كان الكويتي في يوم سعده, توقفت عقارب الساعة عند الدقيقة (90), ومثلما بدأت فصول المباراة بصفر انتهت به, ولكن حين تحركت مرة أخرى نحو شوطي الوقت الإضافي حضر الرائع (وليد علي) في موعد أنتظره الشعب الكويتي العاشق (12) عاما كاملة, وليعيد بهدفه ربيع (الأزرق) الجميل. استحق (الأزرق) اللقب.. ورسمت الهزيمة في عيون (الشلهوب) علامة استفهام كبيرة, وحملت ملامح الوجه الوديع عنوان عريض ومر, وكثير من الحسرة و الخيبة لسقوط فرسان (الملك) في النهائي الخليجي للمرة الثانية على التوالي, عاتبت دموعه عثرة و قسوة الظروف, وأنبت ضمير الحظ ولسان حالها يقول:"ما يستأهل الأخضر الخسارة..!". نبارك لصاحب النظارات السوداء و الطلة الجميلة, فهذا حصاد ما غرسه في نفوس وقلوب أبنائه, إن الثقة و الحماس و العناد والرغبة التي تميز بها أحفاد (الشهيد), جعلتهم يسبقون الجميع, ويتقدمون الصفوف, ويستأثرون بحصة الأسد من التكريم, فأحسن لاعب كويتي, وأفضل حارس كويتي, وهداف البطولة كويتي, فمبارك ل(فهد العنزي) و (نواف الخالدي) و (بدر المطوع), ونبارك للشعب الكويتي اعتلاء (الأزرق) منصة التتويج مرة أخرى, وتحية لنجوم هذا الجيل, فأنتم من صنع الإنجاز, وبكم استعادة الكرة الكويتية عافيتها وهيبتها وألق بريقها. إن كنت كويتي ابتسم.. فالكويت فوق الجميع, وخليجي (20) يحمل جواز سفر كويتي, وجنسيته كويتية. سعادة الشيخ (طلال) لن تظلمنا إن شكرتنا فقط, فنحن أقوام (تبع اليماني)أرق قلوبا و ألين أفئدة.. نحن من نسل حمير ومعين و سبأ, إن أكرمنا الكريم ملكناه.