اعتبر المفكر المصري محمد حسنين هيكل حقيقة قصة بن لادن بأنها مأساة أمة جرى خديعتها وسحبها بعيداً عن مقاصدها, واستعمالها في حروب الآخرين, ثم جرى استخدامها في التشهير بدينها, ثم وقع قتلها بدم بارد بواسطة هؤلاء الذين خدعوها واستعملوها واستغلوها، مستدركاً بأن الحقيقة الكاملة موضوع آخر يملكه التاريخ على المدى الطويل. واتهم هيكل في الجزء الأول من مقابلة مع صحيفة الأهرام المصرية أميركا بقتل رجل كانت تعرف أنه على حافة الموت، وقال: إن موضوع قتل أسامة بن لادن موضوع مهم, وهو يستحق التدقيق فيه بأكثر من أنه مجرد عملية تليفزيونية على طريقة مغامرات رامبو وعضلاته الفولاذية. وكشف المفكر العربي أن بن لادن كان مصاباً بفشل في الكلى, وقد بدأت إصابته بمشكلة حصاوي ملأت إحداهما, وأجريت له عملية جراحية في مستشفي سعودي أزالت واستأصلت واحدة منها, وكان ذلك في سنوات سابقة عندما كان ما يزال مواطناً سعودياً مرضياً عنه.. ما حدث بعد ذلك أن أسامة بن لادن أصيب بالتهاب في كليته الثانية, وعندما جرت مطاردته وهربه من جبال تورا بورا كان قد بدأ يعاني من أعراض التهاب كلوي جديد يؤدي إلى فشل كلوي, وتحمل الرجل آلامه, حتى تمكن من الوصول إلى مكان آمن، بعيداً عن تورا بورا, وقد رآه أطباء عسكريون من المخابرات الباكستانية I.S.I, ورأوا أن الفشل الكلوي وقع بالفعل, وقرروا حاجته إلى غسيل كلوي Dialysis بانتظام, وإلا أودى المرض بحيات. وفي سنة2004م بدأ البحث جدياً عن ملجأ مأمون له, بعيداً عن مواقع القاعدة في الجبال, وبينما كان زعيم القاعدة يعاني من مرضه, كان تنظيم القاعدة قد تحول إلى اسم شهرة في حرب نفسية, أذيعت فيها الأشرطة المسجلة على الفضائيات بأكثر مما جرت فيها عمليات جهادية أو انتحارية أو إرهابية, فكل له الحق أن يسمي أعماله كيفما شاء!!.. وواصل هيكل الكشف عن طريقة تتبع بن لادن قائلاً:" وفي سنة2004 أيضاً بدأ بحث بن لادن في باكستان عن مأوى له, وكان الكثير من ذلك بمعرفة ومساعدة عناصر من المخابرات الباكستانية (I.S.I), راحوا معه يبحثون عن مقر مأمون بعيد, يمكن علاجه فيه, وعلى أي حال فقد أمكن العثور على قطعة أرض في محيط منطقة آبوت آباد, قرب الكلية الحربية الوطنية العليا للجيش الباكستاني, وفي متناول رعاية أحد مستشفياتها, لكن المطاردات الأميركية فرضت على الباكستانيين قدراً من الحذر في التعامل مع بن لادن , وإن بقي بعض كبار ضباط المخابرات ملتزمين بالواجب!! تجاه سلامته. وعلى أي حال, فإن الطبيب العسكري الباكستاني الذي كان يعالج بن لادن طلب إعفاءه وفي ذلك الوقت أوائل2005 راحت الزوجة الثالثة ل بن لادن, واسمها السيدة نجوي تبحث عن طبيب مسلم, مستعد للاقتناع بالعقيدة, لكي يقيم مع أسامة (بن لادن), ويشرف على عملية علاجه, واتصلت سراً بالفعل بأحد الأطباء في لبنان, وبواحد في الأردن, وثالث في سوريا, لكنها لم توفق في مهمتها, وكانت حالة زوجها تسوء, وإن بقي متماسكاً!!. ومع سنة2007, وصلت حالة بن لادن عند حد الخطر, واقتضى العلاج أن يجرى له غسيل الكلية مرتين في الأسبوع تحت درجة ما من الرعاية الطبية, حتى وإن كانت بدائية, وبواسطة جهاز منقول لهذا الغرض, جرى شراؤه من كاراتشي, ووضع في غرفة مجاورة لغرفة نومه, خصوصاً وأن أعراض غسيل الكلى كانت ترهقه, بأكثر مما كانت ترهق غيره من المرضى, لأن حياة الجبال استهلكت عافيته, وكانت أبرز الأعراض حالة من الإرهاق والدوار تعتريه طوال يوم غسيل كليته, يلتزم بها فراشه مغمضاً عينيه وصامتاً. ويقول الأستاذ/ هيكل: إنه منذ يونيو سنة2010 استطاعت وكالة المخابرات المركزية الأميركية بوسائلها, وبتعاون مع عناصر باكستانية أن ترصد البيت الذي بني للرجل من سنة2005, في الموقع الذي اختير له وبالمواصفات المطلوبة قرب آبوت آباد, وفي صيف عام2010, تمكنت المخابرات المركزية من العثور على دور بأكمله في بيت قريب من المنطقة, يستطيع من بعيد رصد ما يجري في بيت بن لادن, ومن وقتها أصبح كل ما يجري داخل البيت, بما فيها غسيل الكلى مرتين كل أسبوع معروفاً بدقة, في مركز المراقبة الأميركي, وفيما سمعت في الأيام القليلة الماضية فإن ما قيل عن اعترافات أعوان بن لادن, المعتقلين في جوانتانامو, دلوا على مكانه, وعينوا رسولاً له, ينقل عنه الأوامر, وينقل إليه المعلومات كان غطاء بولغ فيه مع أن أصله صحيح. وفي الأسابيع الأخيرة كانت حالة بن لادن تتدهور بسرعة, والإحساس العام أن الرجل في أيامه الأخيرة, وأنه على الأرجح سوف يموت طبيعياً بمرضه خلال ثلاثة أشهر أو أربعة, وهنا لم يعد هناك مجال للانتظار, خصوصاً وأن هناك خططاً أخرى أكبر من شخص بن لادن, وما آل إليه حال القاعدة, وأهم مما وصلت إليه من شتات.