السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (الحلقة العشرون )
نشر في أخبار اليوم يوم 15 - 08 - 2012


لو كانت لنا حكومة
لو كانت لنا حكومة إسلامية صحيحة الإسلام , صادقة الإيمان , مستقلة التفكير والتنفيذ , تعلم حق العلم عظمة الكنز الذي بين يديها , وجلال النظام الإسلامي الذي ورثته , وتؤمن بان فيه شفاء شعبها و وهداية الناس جميعا ... لكان لنا أن نطلب إليها أن تدعم الدنيا باسم الإسلام , وأن تطالب غيرها من الدول بالبحث والنظر فيه , وأن تسوقها سوقا إليه بالدعوات المتكررة والإقناع والدليل والبعثات المتتالية , وبغير ذلك من وسائل الدعوة والإبلاغ , ولاكتسبت مركزا روحيا وسياسيا وعمليا بين غيرها من الحكومات , ولاستطاعت أن تجدد حيوية الشعب , وتدفع به نحو المجد والنور , وتثير في نفسه الحماسة والجد والعمل .
عجيب أن تجد الشيوعية دولة تهتف بها , وتدعو إليها , وتنفق في سبيلها , وتحمل الناس عليها , وأن تجد الفاشية والنازية أمما تقدسها , وتجاهد لها ,وتعتز باتباعها , وتخضع كل النظم الحيوية لتعاليمها , وأن تجد المذاهب الاجتماعية والسياسية المختلفة أنصار أقوياء , يقفون عليها أرواحهم وعقولهم وأفكارهم وأقلامهم وأموالهم وصحفهم وجهودهم , ويحيون ويموتون لها.
ولا نجد حكومة إسلامية تقوم بواجب الدعوة إلى الإسلام , الذي جمع محاسن هذه النظم جميعا وطرح مساوئها , وتقدمه لغيرها من الشعوب كنظام عالمي فيه الحل الصحيح الواضح المريح لكل مشكلات البشرية , مع أن الإسلام جعل الدعوة فريضة لازمة , وأوجبها على المسلمين شعوبا وجماعات قبل أن تخلق هذه النظم , وقبل أن يعرف فيها نظام الدعايات :
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104) .
ولكن أنّى لحكامنا هذا , وهم جميعا قد تربوا في أحضان الأجانب , ودانوا بفكرتهم , على آثارهم يهرعون , وفي مرضاتهم يتنافسون ؟ ولعلنا لا نكون مبالغين إذا قلنا إن الفكرة الاستقلالية في تصريف الشؤون والأعمال لم تخطر ببالهم ,فضلا عن أن تكون منهاج عملهم.
لقد تقدمنا بهذه الأمنية إلى كثير من الحاكمين في مصر , وكان طبيعيا ألا يكون لهذه الدعوة اثر عملي , فإن قوما فقدوا الإسلام في أنفسهم وبيوتهم وشؤونهم الخاصة والعامة لأعجز من أن يفيضوه على غيرهم , ويتقدموا بدعوة سواهم إليه , وفاقد الشيء لا يعطيه .
ليست هذه مهمتهم أيها الإخوان , فقد أثبتت التجارب عجزهم المطلق عن أدائها , ولكنها مهمة هذا النشء الجديد , فأحسنوا دعوته , وجدوا في تكوينه ,وعلموه استقلال النفس والقلب , واستقلال الفكر والعقل , واستقلال الجهاد والعمل , واملأوا روحه الوثابة بجلال الإسلام وروعة القرآن , وجنّدوه تحت لواء محمد ورايته , وسترون منه في القريب الحاكم المسلم الذي يجاهد نفسه ويسعد غيره .
طبيعة فكرتنا
أيها الإخوان المسلمون ...
بل أيها الناس أجمعون ...
لسنا حزباً سياسياً , وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا..
ولسنا جمعية خيرية إصلاحية ، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا..
ولسنا فرقاً رياضية ، وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا..
لسنا شيئاً من هذه التشكيلات ، فإنها جميعاً تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة ، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة ، والتحلي بالألقاب الإدارية فيها.
ولكننا أيها الناس : فكرة وعقيدة ، ونظام ومنهاج ، لا يحدده موضع , ولا يقيده جنس ، ولا يقف دونه حاجز جغرافي ، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها , ذلك لأنه نظام رب العالمين ، ومنهاج رسوله الأمين .
نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله ، وحملة رايته من بعده ، ورافعو لوائه كما رفعوه ، وناشرو لوائه كما نشروه ، وحافظو قرآنه كما حفظوه ، والمبشرون بدعوته كما بشروا ، ورحمة الله للعالمين (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (صّ:88) .
أيها الإخوان المسلمون :
هذه منزلتكم , فلا تصغروا في أنفسكم , فتقيسوا أنفسكم بغيركم , أو تسلكوا في دعوتكم سبيلا غير سبيل المؤمنين , أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله , بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات , وتذهب بها الحوادث والأيام .
لقد دعوتم وجاهدتم , ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن , ووجوب النهوض للعمل , وتخليص الغاية لله , ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله , ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله . وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون , فواصلوا جهودكم , واعملوا , (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد:35) .
فمن تبعنا الآن فقد فاز بالسبق , ومن تقاعد عنا من المخلصين اليوم فسيلحق بنا غدا , وللسابق عليه الفضل . ومن رغب عن دعوتنا , زهادة , أو سخرية بها , أو استصغارا لها , أو يائسا من انتصارها , فستثبت له الأيام عظيم خطأه , وسيقذف الله بحقنا على باطله فيدمغه فإذا هو زاهق.
فإلينا أيها المؤمنون العاملون , والمجاهدون المخلصون , فهنا الطريق السوي , والصراط المستقيم , ولا توزعوا القوى والجهود .
(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153) .
حسن البنا

من هم الإخوان المسلمون؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ
والصلاة والسلام علي سيدنا محمد إمام المجاهدين وعلي آله وصحبه ومن جاهد في سبيل دعوته إلى يوم الدين
من هم الإخوان المسلمون؟
أيها الإخوان المسلمون :
بعد عامين من مؤتمركم الماضي بدار آل لطف الله (في الثالث عشر من ذي الحجة سنة 1357 هجرية ) دار فيهما الفلك دورته ، ورأي العالم فيها مختلف الأحداث والظروف ، وانفجر أخيراً (مخزن البارود) ، ودوي علي الأرض من جديد نفير الحرب بعد أن زعم أهلوها أنهم قد أقروا فيها السلام ، تجتمعون الآن أيها الإخوان لتراجعوا صفحة أعمالكم ، ولتبينوا مراحل منهاجكم ، ولتتحدثوا إلى أنفسكم وإلي الناس عن دعوتكم من جديد ، لعل في ذلك تبصرة وذكري ، والذكري تنفع المؤمنين .
أيها الإخوان المجاهدون الذين اجتمعت الليلة من أقصي مصر المباركة إلى أقصاها ..
أحب أن تتبينوا جيداً من أنتم في أهل هذا العصر ؟ .. وما دعوتكم بين الدعوات .. وأية جماعة جماعتكم .. ولأي معني جمع الله بينكم ووحد قلوبكم ووجهتكم ، وأظهر فكرتكم في هذا الوقت العصيب الذي تتلهف فيه الدنيا إلى دعوة السلام والإنقاذ .
فاذكروا جيداً أيها الاخوة .. أنكم الغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس ، وأنكم العقل الجديد الذي يريد الله أن يفرق به بين الحق والباطل في وقت التبس عليها فيه الحق بالباطل ، وأنكم دعاة الإسلام ، وحملة القرآن ، وصلة الأرض بالسماء ، وورثه محمد r وخلفاء صحابته من بعده ، فضلت دعوتكم الدعوات ، وسمت غايتكم علي الغايات ، واستندتم إلى ركن شديد ، واستمسكتم بعروة وثقي لا انفصام له ، وأخذتم بنور مبين وقد التبست علي الناس المسالك وضلوا سواء السبيل , والله غالب على أمره.
تجرد
واذكروا جيداً أيها الإخوان أنه ما من رجل منكم أومن إخوانكم الذين حبسهم العذر عن حضور مؤتمركم يرجو بمناصرة هذه الدعوة والعمل تحت رايتها غاية من غايات الدنيا أو عرضاً من أعراضها ، وأنكم تبذلون من ذات أنفسكم وذات يدكم ، لا تعتمدون إلا علي الله ، ولا تستمدون المعونة والتأييد إلا منه ، ولا ترجون إلا ثوابه ولا تبتغون إلا وجهه , (وَكَفَى بِاللهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللهِ نَصِيراً) (النساء:45)
فهم
واذكروا جيداً أيها الإخوان .. أن الله قد من عليكم ، ففهمتم الإسلام فهماً نقياً صافياً ، سهلاً شاملاً ، كافياً ووافياً ، يساير العصور ويفي بحاجات الأمم ، ويجلب السعادة للناس ، بعيداً عن جمود الجامدين وتحلل الإباحيين وتعقيد المتفلسفين ، لا غلو فيه ولا تفريط ، مستمداً من كتاب الله وسنة رسوله وسيرة السلف الصالحين استمداداً منطبقاً منصفاً ، بقلب المؤمن الصادق ، وعقل الرياضي الدقيق ، وعرفتموه علي وجهه : عقيدة وعبادة ، ووطن وجنس ، وخلق ومادة ، وسماحة وقوة ، وثقافة وقانون . واعتقدتموه علي حقيقته : دين ودولة ، وحكومة وأمة ، ومصحف وسيف ، وخلافة من الله للمسلمين في أمم الأرض أجمعين :
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة:143) .
أُخوّة
واذكروا جيداً أيها الإخوان .. أن كل شعبة من شعبكم وحدة متصلة الروح مؤتلفة القلوب ، جمعتها الغاية السامية علي هدف واحد وأمل واحد وألم واحد وجهاد واحد ، وأن هذه الوحدات المؤتلفة يرتبط بعضها ببعض ويتصل بعضها ببعض ويحن بعضها إلى بعض ويقدر بعضها بعضاً ، وتشعر كل أمة منها أنها لا تتم إلا باخوتها ولا تكمل أخوتها إلا بها ، كلبنات البناء المرصوص يشد بعضه بعضاً ، وأنها جميعاً ترتبط بمركزها العام أوثق ارتباط وأسماه وأعلاه ، روحياً وإدارياً وعملياً ومظهرياً ، وتدور حوله كما تدور المجموعة المتماسكة من الكواكب المنيرة حول محورها الجاذب وأصلها الثابت ، لتحقق بذلك قول الله تبارك وتعالي : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) .
جهاد
واذكروا جيداً أيها الأخوة أن الله تبارك وتعالي قد بارك جهادكم ونشر فكرتكم وجمع القلوب عليكم ، فلا يمر يوم حتى تتكون لكم شعب وينتصر لمبادئكم عدد غير قليل ممن كانوا يجهلونها أو ييأسون من نجاحها أو يتبرمون بها أو يكيدون لها ، وبذلك وصلت دعوتكم إلى مختلف الطبقات ، وتغلغلت في المجتمعات ، ووجدت الأتباع والأنصار في كل الأوساط البيئات :
آلاف من الشباب المؤمن مستعدون للعمل والجهاد في سبيل الإصلاح الحق .
دور في كل مكان مجهزة للدعوة والإرشاد والتوجيه الصالح .
فرق منظمة تزاول الرياضة البدنية والروحية بلذة وشغف وسرور .
شعب منبثة في القرى والكفور والنجوع والمدن والحواضر تربو علي الخمسمائة تتعاون وتتكاتف وتتسابق في الخيرات .
ألسنة وأقلام مفصحة مبينة تكشف للناس عن جمال الإسلام وروعة الإسلام وحقائق الإسلام.
بعثات مستمرة تنفر في سبيل الله لتتفقه في الدين ولتعلمه الناس .
هذه بعض آثار جهادكم أيها الإخوان ترونها واضحة تتضاعف وتزداد : (ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ) (الأنعام:88) .
تضحية
واذكروا جيداً أيها الإخوة أن دعوتكم أعف الدعوات ، وأن جماعتكم أشرف الجماعات ، وأن مواردكم من جيوبكم لا من جيوب غيركم ، ونفقات دعوتكم من قوت أولادكم ومخصصات بيوتكم وأن أحداً من الناس أو هيئة من الهيئات أو حكومة من الحكومات , أو دولة من الدول .. لا تستطيع أن تجد لها في ذلك منة عليكم , وما ذلك بكثير على دعوة أقل ما يطلب من أهلها النفس والمال :
(إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة:111) .
إخلاص
اذكروا هذا جيدا أيها الإخوان لا للفخر و لا للمباهاة , ولكن لتعلموا أن الله قد كتب لدعوتكم من الإيمان والإخلاص والفهم والوحدة والتأييد والتضحية ما لم يكتبه لكثير من الدعوات الرائجة السوق , العالية البوق , الفخمة المظاهر , وتلك الصفات هي دعائم الدعوات الصالحة . فاجتهدوا أن تحرصوا عليها كاملة ، وأن تزيدوها في أنفسكم ثباتاً وقوة ، واعلموا أنه ليس لكم في ذلك فضل ولا منة , (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17).
هل نحن قوم غامضون؟
أيها الإخوان المسلمين ..
بعد اثني عشرة عاماً مضت وأنتم تجهرون بدعوتكم وتبلغونها للناس , لا زال هناك فريق يتساءل عن الإخوان المسلمين , ويراهم أمامه جماعة غامضة , فهل أنتم قوم غامضون؟ وسأجيب على هذا السؤال بصراحة ووضوح . وسأتكلم عن غاية الإخوان المسلمين , وعن وسيلتهم وعن موقفهم من الهيئات المختلفة , وعن موقفهم في هذه الظروف الحاضرة التي تظلل الناس حوادثها . والكثير منكم أحاط بذلك علما , وقد سبق لنا أن فصلناه في رسائل الإخوان وكتاباتهم ومحاضراتهم , وإنما نذكر ذلك الآن في إيجاز تذكرة للغافل وتعليما لمن لم يكن يعلم .
غاية الإخوان المسلمين
يعمل الإخوان المسلمون لغايتين : غاية قريبة يبدو هدفها وتظهر ثمرتها لأول يوم ينضم فيه الفرد إلى الجماعة , أو تظهر الجماعة الإخوانية فيه في ميدان العمل العام . وغاية بعيدة لابد فيها من ترقب الفرص وانتظار الزمن وحسن الإعداد وسبق التكوين .
فأما الغاية الأولى فهي مساهمة في الخير العام أيا كان لونه ونوعه , والخدمة الاجتماعية كلما سمحت بها الظروف .
يتصل الأخ بالإخوان , فيكون مطالبا بتطهير نفسه وتقويم مسلكه وإعداد روحه وعقله وجسمه للجهاد الطويل الذي ينتظره في مستقبل الأيام , ثم هو مطالب بأن يشيع هذه الروح في أسرته وأصدقائه وبيئته , فلا يكون الأخ أخا مسلما حقا حتى يطبق على نفسه أحكام الإسلام وأخلاق الإسلام , ويقف عند حدود الأمر والنهي التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا , قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:7-10) .
وتتكون الجماعة من جماعات الإخوان ، فتتخذ داراً وتعمل علي تعليم الأميين وتلقين الناس أحكام الدين وتقوم بالوعظ والإرشاد والإصلاح بين المتخاصمين ، وإقامة المنشآت النافعة من مدارس ومعاهد و مستوصفات ومساجد في حدود مقدرتها والظروف التي تحيط بها ، وكثير من شعب الإخوان ينهض بهذه الواجبات يؤديها غلي حالة مرضية من حسن الأداء .
فهل هذا ما يريده الإخوان المسلمون ويجهزون أنفسهم له ويأخذونها به ؟!
لا أيها الإخوان ليس هذا ك ما نريد ، هو بعض ما نريد ابتغاء مرضاة الله .. هو الهدف الأول القريب ، صرف الوقت في طاعة وخير حتى يجيء الظرف المناسب وتحين ساعة العمل للإصلاح الشامل المنشود .
أما غاية الإخوان الأساسية .. أما هدف الإخوان الأسمى .. أما الإصلاح الذي يريده الإخوان ويهيؤن له أنفسهم .. فهو إصلاح شامل كامل تتعاون عليه قوي الأمة جميعاً وتتجه نحوه الأمة جميعاً ويتناول كل الأوضاع القائمة بالتغيير والتبديل .
إن الإخوان المسلمين يهتفون بدعوة ، ويؤمنون بمنهاج ، ويناصرون عقيدة ، ويعملون في سبيل إرشاد الناس إلى نظام اجتماعي يتناول شؤون الحياة جميعاً اسمه (الإسلام) .. نزل به الروح الأمين علي قلب سيد المرسلين ليكون به من المنذرين بلسان عربي أمين .. ويريدون بعث الأمة الإسلامية النموذجية التي تدين بالسلام الحق ، فيكون لها هادياً وإماماً ، وتعرف في الناس بأنها دولة القرآن التي تصطبغ به والتي تذود عنه والتي تدعو إليه والتي تجاهد في سبيله وتضحي في هذا السبيل بالنفوس والأموال .
لقد جاء الإسلام نظاماً وإماماً ، ديناً ودولة ، تشريعاً وتنفيذاً ، فبقي النظام وزال الإمام ، واستمر الدين وضاعت الدولة ، وازدهر التشريع وذوي التنفيذ . أليس هذا هو الواقع أيها الإخوان ؟! وإلا فأين الحكم بما أنزل الله في الدماء والأموال والأعراض ؟ والله تبارك وتعالي يقول لنبيه r : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (المائدة:49) .
والإخوان المسلمون يعلمون ليتأيد النظام بالحكام ، ولتحيا من جديد دولة الإسلام ، ولتشمل بالنفاذ هذه الأحكام ، ولتقوم في الناس حكومة مسلمة ، تؤيدها أمة مسلمة ، تنظم حياتها شريعة مسلمة أمر الله بها نبيه r في كتابه حيث قال : (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُون , إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) (الجاثية:18-19) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.