مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    تعز.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في فقيد اليمن الشيخ عبدالمجيد الزنداني    امين عام الاشتراكي يهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بنجاح مؤتمرهم العام مميز    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    فينيسيوس يتوج بجائزة الافضل    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    هبوط المعدن الأصفر بعد موجة جني الأرباح    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    إيفرتون يصعق ليفربول ويوجه ضربة قاتلة لسعيه للفوز بالبريميرليغ    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الثالثة خلال ساعات.. عملية عسكرية للحوثيين في البحر الأحمر وتدمير طائرة    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الإمام الشهيد حسن البنا ( الحلقة الخامسة)
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 07 - 2012


قوميتنا عالية النسبة
و هناك معنى آخر من معاني السمو الاجتماعي في انتساب الناس إلى الله تبارك و تعالى , ذلك هو تآخي الشعوب و تآزر الجماعات و القضاء على تلك المطامع التي توحي بها العصبية و يؤرث نيرانها بين الأمم التقاطع و التخاصم , فمن للعالم بان يجتمع بقوة حول راية الله .. ؟
أحلام الأمس و حقائق اليوم
هذا كلام طال عهد المسلمين باستماعه فقد يكون غامضا عليهم غير مفهوم لديهم , و قد يقول قائل : ما لهؤلاء الجماعة يكتبون في هذه المعاني التي لا يمكن أن تتحقق , وما بالهم يسبحون في جو الخيال و الأحلام ؟
على رسلكم أيها الإخوان في الإسلام و الملة فغن ما ترونه اليوم غامضا بعيدا كان عند بدهيا قريبا , و لن يثمر جهادكم حتى يكون كذلك عندكم , و صدقوني إن المسلمين الأولين فهموا من القرآن لأول ما قرأوه و نزل فيهم , ما ندلي به اليوم و نقصه عليكم .
و أصارحكم بان عقيدة الإخوان المسلمين يحيون بها يأملون الخير فيها و يموتون عليها , و يرون فيها كل ما تصبوا إليه نفوسهم من متعة و جمال و إسعاد و حق : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16) .
أيها الإخوان : إذا اتفقتم معنا على هذا الأساس فاعلموا أن انتسابكم إلى الله تبارك و تعالى يفرض عليكم أن تقدروا المهمة التي ألقاها على عاتقكم ,و تنشطوا للعمل لها و التضحية في سبيلها فهل أنتم فاعلون ؟
مهمة المسلم
إن مهمة المسلم الحق لخصها الله تبارك و تعالى في آية واحدة من كتابه , و رددها القرآن الكريم بعد ذلك في عدة آيات , فأما تلك الآية التي اشتملت على مهمة السلمين في الحياة فهي قول الله تبارك وتعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ , وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ و َتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج:77-78).
هذا كلام لا لبس فيه و لا غموض , و والله إن له لحلاوة و إن عليه لطلاوة , و إنه لواضح كالصبح ظاهر كالنور , يملأ الآذان و يدخل على القلوب بغير استئذان , أفلم يسمعه المسلمون قبل الآن ؟ أم سمعوه و لكن على قلوبهم أقفالا فلا تعي و لا تتدبر ؟
يأمر الله المسلمين أن يركعوا و يسجدوا و أن يقيموا الصلاة التي هي لب العبادة و عمود الإسلام و أظهر مظاهره , و أن يعبدوا الله و لا يشركوا به شيئا , و أن يفعلوا الخير ما استطاعوا , و هو حين يأمرهم بفعل الخير ينهاهم بذلك عن الشر و إن من أول الخير أن تترك الشر , فما أوجز و ما أبلغ ! و رتب لهم على ذلك النجاح و الفلاح و الفوز و تلك هي المهمة الفردية لكل مسلم التي يجب عليه أن يقوم بها بنفسه في خلوة أو جماعة .
حق الإنسانية
ثم أمرهم بعد ذلك أن يجاهدوا في الله حق جهاده بنشر هذه الدعوة و تعميمها بين الناس بالحجة و البرهان , فإن أبوا إلا العسف و الجور و التمرد فبالسيف والسنان :
والناس إذ ظلموا البرهان و اعتسفوا فالحرب أجدى على الدنيا من السلم
حراسة الحق بالقوة
و ما أحكم القائل : ( القوة اضمن طريق لإحقاق الحق , و ما اجمل أن تسير القوة و الحق جنبا إلى جنب )
فهذا الجهاد في سبيل نشر الدعوة الإسلامية فضلا عن الاحتفاظ بمقدسات الإسلام فريضة الله على المسلمين كما فرض عليهم الصوم و الصلاة و الحج و الزكاة و فعل الخير و ترك الشر , و ألزمهم إياها و ندبهم إليها , و لم يعذر في ذلك أحد فيه قوة و استطاعة , و إنها لآية زاجرة رادعة و موعظة بالغة زاجرة :
(انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (التوبة:41)
و قد كشف الله سر هذا التكليف و حكمة هذه الفريضة التي افترضها على المسلمين بعد هذا الأمر , فبين لهم أنه اجتباهم و اختارهم و اصطفاهم دون الناس ليكونوا سواس خلقه و أمناءه على شريعته و خلفاءه في أرضه , و ورثة رسوله في دعوته , و مهد لهم الدين و أحكم التشريع و سهل الأحكام و جعلها من الصلاحية لكل زمان و مكان بحيث يتقبلها العالم , و ترى فيها الإنسانية أمنيتها المرجوة و أملها المنتظر : (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ و َتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) (الحج:78)
و تلك هي المهمة الاجتماعية التي ندب الله إليها المسلمين جميعا , و أن يكونوا صفا واحدا و كتلة و قوة , و أن يكونوا هم جيش الخلاص الذي ينقذ الإنسانية و يهديها سواء السبيل .
رهبان بالليل فرسان بالنهار
ثم أوضح الحق تبارك و تعالى للناس بعد ذلك الرابطة بين التكاليف من صلاة وصوم بالتكاليف الاجتماعية و أن الأولى وسيلة للثانية , و أن العقيدة الصحيحة أساسهما معا , حتى لا يكون لأناس مندوحة من القعود عن فرائضهم الفردية بحجة انهم يعملون للمجموع , و حتى لا يكون لآخرين مندوحة من القعود عن العمل للمجموع بحجة أنهم مشغولين بعباداتهم مستغرقون في صلتهم لربهم , فما أدق و احكم , و من أحسن من الله حديثا ؟
أيها المسلمون : عبادة ربكم و الجهاد في سبيل التمكين لدينكم و إعزاز شريعتكم هي مهمتكم في الحياة , فإن أديتموها حق الأداء فانتم الفائزون , و إن أديتم بعضها أو أهملتموها جميعا فإليكم أسوق قول الله تبارك و تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ , فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ) (المؤمنون:115-116) .
لهذا المعنى جاء أوصاف أصحاب محمد و هم صفوة الله من خلقه و السلف الصالح من عباده : ( رهبان بالليل فرسان بالنهار ) ترى أحدهم في ليله ماثلا في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين و يقول : ( يا دنيا غري غيري ) فإذا انفلق الصباح و دوى النفير يدعو المجاهدين , رايته رئبالا على صهوة جواده , يزار الزارة فتدوي لها جنبات الميدان .
بالله عليك ما هذا التناسق العجيب و التزاوج بين الغريب و المزيج الفريد بين عمل الدنيا و مهامها و شؤون الآخرة و روحانيتها ؟ و لكنه الإسلام الذي جمع من كل شيء أحسنه .
استعمار الأستاذية و الإصلاح
و لهذا المعنى أيها المسلمون نفر المسلمون , بعد أن اختار نبيه – صلى الله عليه و سلم – الرفيق الأعلى في أقطار الأرض , قرآنه في صدورهم و مساكنهم على سروجهم و سيوفهم بأيديهم , حجتهم واضحة على ألسنتهم يدعون الناس إلى إحدى ثلاث : الإسلام أو الجزية أو القتال , فمن أسلم فهو أخوهم له ما لهم و عليه ما عليهم , و من أدى الجزية فهو في ذمتهم و عهدهم يقومون بحقه و يرعون عهده و يوفون له بشرطه , و من أبى جالدوه حتى يظهرهم الله عليه , (وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) (التوبة:32) .
ما فعلوا ذلك لسلطان , فزهادتهم في الجاه و الشهرة معروفة عند الخاص و العام , و لقد قضى دينهم على تلك المظاهر الزائفة التي يستمتع بها أقوام على حساب آخرين , فكان خليفتهم كأحدهم , يفرض له من المال و العطاء ما لرجل منهم ليس بأفضلهم و لا أدركهم , و لا يميزه إلا بما أفاض الله عليه من جلال الإيمان و هيبة اليقين , و لم ذلك لمال , فحسب أحدهم كسرة يرد بها جوعته و جرعة يطفئ بها ظمأته , و الصوم لديهم قربة , و الجوع أحب عندهم من الشبع , و حظ أحدهم من الملبس ما يستر به عورته , و كتابهم يناديهم بقول الله تعالى :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ) (محمد:12)
و نبيهم يقول لهم : (تعس عبد الدينار , تعس عبد الدرهم , تعس عبد القطيفة)
إذا لم يكن مخرجهم من ديارهم لجاه أو مال أو سلطة أو استعمار أو استبداد , و إنما كان لأداء رسالة خاصة هي رسالة نبيهم التي تركها أمانة بين أيديهم , و أمرهم أن يجاهدوا في سبيلها , حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله .
آن لنا أن نفهم
كان المسلمون يفهمون هذا قديما و يعملون له و يحملهم إيمانهم على التضحية في سبيله , أما في هذه الأيام فقد تفرق المسلمون في فهم مهمتهم و اتخذوا من التأويل و التعطيل سندا للقعود و الكسل , فمن قائل يقول لك : مضى وقت الجهاد و العمل , و آخر يثبط همتك يقول لك بان الوسائل معدومة و الأمم الإسلامية مقيدة , و ثالث رضي من دينه كلمات يلوكها لسانه صباح مساء , و قنع من عبادته بركعات يؤديها و قلبه هواء
لا لا أيها الإخوان , القرآن يناديكم بوضوح و جلاء :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحجرات:15) .
و أما في السنة فيقول لكم الرسول : (إذا ضن الناس بالدينار و الدرهم و تبايعوا بالعينة و تبعوا أذناب البقر و تركوا الجهاد في سبيل الله , أدخل الله تعالى عليهم ذلا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم) رواه الأمام أحمد في مسنده , و الطبراني في الكبير , و البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمر .
و أنتم تقرأون في كتب الفقه ما ألف منها قديما أو حديثا متى يكون الجهاد فرض كفاية و متى يكون فرض عين , و تعلمون حقائق ذلك و معناه حق العلم , فما هذا الخمول الذي ضرب بجدرانه ؟ و ما هذا اليأس الذي قبض على القلوب فلا تعي ولا تفيق ؟ هذا أيها المسلمون عصر التكوين فكونوا أنفسكم و بذلك تتكون أمتكم .
إن هذه الفريضة تحتاج إلى منكم نفوسا مؤمنة و قلوبا سليمة , فاعملوا على تقوية إيمانكم و سلامة صدوركم , و تحتاج منكم تضحية بالمال و الجهود فاستعدوا لذلك فإن ما عندكم ينفد و ما عند الله باق , و إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم جنة عرضها السموات و الأرض .

من أين نبدأ؟
إن تكوين الأمم، وتربية الشعوب، وتحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ: تحتاج من الأمة التي تحاول هذا أو الفئة التي تدعو إليه على الأقل، إلى "قوة نفسية عظيمة" تتمثل في عدة أمور: إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه، والخديعة بغيره. على هذه الأركان الأولية التي هي من خصوص النفوس وحدها، وعلى هذه القوة الروحية الهائلة، تبنى المبادئ وتتربى الأمم الناهضة، وتتكون الشعوب الفتية، وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة زمناً طويلاً.
وكل شعب فقد هذه الصفات الأربعة، أو على الأقل فقدها قواده ودعاة الإصلاح فيه، فهو شعب عابث مسكين، لا يصل إلى خير، ولا يحقق أملاً، وحسبه أن يعيش في جو من الأحلام والظنون والأوهام: (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (يونس:36) .
هذا هو قانون الله تبارك وتعالى وسنته في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً:
(إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11) .
و هو أيضا القانون الذي عبر عنه النبي في الحديث الشريف الذي رواه أبو داود :
(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل: ومن قِلّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، ولينزعنَّ اللّه من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنَّ اللّه في قلوبكم الوهن , فقال قائل: يا رسول اللّه وما الوهن ؟ قال: حبُّ الدنيا وكراهية الموت)
أولست تراه قد بين أن سبب ضعف الأمم و ذلة الشعوب وهن نفوسها و ضعف قلوبها و خلاء أفئدتها من الأخلاق الفاضلة و صفات الرجولة الصحيحة , و إن كثر عددها و زادت خيراتها و ثمراتها
و إن الأمة إذا رتعت في النعيم و أنست بالترف و غرقت في أعراض المادة و افتتنت بزهرة الحياة الدنيا , و نسيت احتمال الشدائد و مقارعة الخطوب و المجاهدة في سبيل الحق , فقل على عزتها و آمالها العفاء .
بين القوتين
يظن كثير من الناس أن الشرق تعوزه القوة المادية من المال و العتاد و آلات الحرب و الكفاح لينهض و يسابق الأمم التي سلبت حقه و هضمت أهله , ذلك صحيح و مهم , و لكن أهم منه و ألزم : القوة الروحية من الخلق الفاضل و النفس النبيلة و الإيمان و معرفتها و الإرادة الماضية , و التضحية في سبيل الواجب و الوفاء الذي تنبني عليه الثقة و الوحدة , و عنهما تكون القوة .
لو آمن الشرق بحقه و غير من نفسه و اعتنى بقوة الروح و عني بتقويم الأخلاق , لأتته وسائل القوة المادية من كل جانب و عند صحائف التاريخ الخبر اليقين
يعتقد الإخوان المسلمون هذا تمام الاعتقاد , و هم لهذا دائبون في تطهير أرواحهم و تقوية نفوسهم و تقوية أخلاقهم , و هم لهذا يجاهدون بدعوتهم و يريدون الناس على مبادئهم و يطالبون الأمة بإصلاح النفوس و تقويم الأخلاق .
و هم لم يبتدعوا ذلك ابتداعا شأنهم في كل ما يقولون و لكنهم يستمدونه من القاموس الأعظم و البحر الخضم و الدستور المحكم و المرجع الأعلى , ذلك هو كتاب الله تبارك و تعالى , و قد سمعت من قبل تلك المادة الخالدة من ذلكم القانون :
(إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11) .
و لقد كشف القرآن عن هذا المعنى في كثير من آياته , بل إنه ضرب مثلا تطبيقيا خالدا واضحا كل الوضوح صادقا كل الصدق في قصة بني إسرائيل , تلك القصة الرائعة التي ترسم لكل أمة يائسة طريق التكوين .
المنهاج واضح
يعتقد الإخوان المسلمون أن الله تبارك و تعالى حين أنزل القرآن و أمر عباده أن يتبعوا محمدا و رضي لهم الإسلام دينا , و وضع في هذا الدين القويم كل الأصول اللازمة لحياة الأمم و نهضتها و إسعادها , و ذلك مصداق قول الله تبارك و تعالى :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) (الأعراف:157).
و مصداق قول الرسول في الحديث الشريف ما معناه (والله ما تركت من شر إلا و نهيتكم عنه)
و أنت إذا أمعنت النظر في تعاليم الإسلام وجدته قد وضع أصح القواعد و أنسب النظم و أدق القوانين لحياة الفرد رجلا و امرأة , و حياة الأسرة في تكوينها و انحلالها , و حياة الأمم في نشوئها و قوتها و انحلالها , و حلل الفكر التي وقف أمامها المصلحون .
فالعالمية و القومية و الاشتراكية و الرأسمالية و البلشفية و الحرب و توزيع الثروة , و الصلة بين المنتج و المستهلك و ما يمت بصلة قريبة أو بعيدة إلى هذه البحوث التي تشغل بال ساسة الأمم و فلاسفة الاجتماع , كل هذه نعتقد أن الإسلام خاض في لبها , و وضع للعالم النظم التي تكفل له الانتفاع بما فيها من محاسن , و تجنب ما تستتبعه من خطر و ويلات , و ليس ذلك مقام تفصيل في هذا المقال , فإنما نقول ما نعتقد و نبين للناس ما ندعوهم إليه , ولنا بعد ذلك جولات نفصل فيها ما نقول .
لا بد من أن نتبع
وإذا كان الإخوان المسلمون يعتقدون ذلك فهم يطالبون الناس بان يعملوا على أن تكون قواعد الإسلام الأصول التي تبنى عليها نهضة الشرق الحديث في كل شان من شؤون الحياة , ويعتقدون أن كل مظهر من مظاهر النهضة يتنافى مع قواعد الإسلام و يصطدم بأحكام القرآن فهو تجربة فاسدة فاشلة , ستخرج منها الأمم بتضحيات كبيرة في غير فائدة , فخير للأمم التي تريد النهوض أن تسلك إليه أخصر الطريق باتباعها أحكام الإسلام .
والإخوان المسلمون لا يختصون بهذه الدعوة قطرا دون قطر من الأقطار الإسلامية , ولكنهم يرسلونها صيحة يرجون أن تصل إلى آذان القادة و الزعماء في كل قطر يدين أبناؤه بدين الإسلام , و إنهم لينتهزون لذلك هذه الفرصة التي تتحد فيها الأقطار الإسلامية و تحاول بناء مستقبلها على دعائم ثابتة من أصول الرقي و التقدم و العمران .
احذروا الانحراف
و إن أكبر ما يخشاه الإخوان المسلمون أن تندفع الشعوب الشرقية الإسلامية في تيار التقليد , فترقع نهضاتها بتلك النظم البالية التي انتقضت على نفسها و أثبتت التجربة فسادها وعدم صلاحيتها , إن لكل أمة من أمم الإسلام دستورا عاما فيجب أن تستمد مواد دستورها العام من أحكام القرآن الكريم , و إن الأمم التي تقول في أول مادة من مواد دستورها : إن دينها الرسمي الإسلام , يجب أن تضع بقية المواد على أساس هذه القاعدة , و كل مادة لا يسيغها الإسلام و لا تجيزها أحكامه يجب أن تحذف من حتى لا يظهر التناقض في القانون الأساسي للدولة .
أصلحوا القانون
وإن لكل أمة قانونا يتحاكم إليه أبنائها , و هذا القانون يجب أن يكون مستمدا من أحكام الشريعة الإسلامية مأخوذا عن القرآن الكريم متفقا مع أصول الفقه الإسلامي , و إن الشريعة الإسلامية و فيما وضعه المشترعون المسلمون ما يسد الثغرة و يفي بالحاجة و ينقع الغلة , و يؤدي إلى أفضل النتائج و أبرك الثمرات , و إن في حدود الله لو نفذت لزاجرا يردع المجرم و إن اعتاد الإجرام , و يكف العادي و إن تأصل في نفسه العدوان و يريح الحكومات من عناء التجارب الفاشلة , و التجربة تثبت ذلك و تؤيده , و أصول التشريع الحديث تنادي به و تدعمه , و الله تبارك و تعالى يفرضه و يوجبه :
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44) .
أصلحوا مظهر الاجتماع
وإن في كل أمة مظاهر من الحياة الاجتماعية تشرف عليها الحكومات و ينظمها القانون و تحميها السلطات , فعلى كل أمة شرقية إسلامية أن تعمل على أن تكون كل هذه المظاهر مما يتفق و آداب الدين و يساير و يساير تشريع الإسلام و أوامره , إن البغاء الرسمي لطخة عار في جبين كل أمة تقدر هذه الفضيلة , فما بالك بالأمم الإسلامية التي التي يفرض عليها دينها محاربة البغاء و الضرب على يد الزناة بشدة :
(وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2).
إن حانات الخمر في أظهر شوارع المدن و أبرز أحيائها , و تلك اللوحات الطويلة العريضة عن المشروبات الروحية , و هذه الإعلانات الظاهرة الواضحة عن أم الخبائث مظاهر يأباها الدين , و يجرمها القرآن الكريم أشد التحريم .
حاربوا الإباحية
و إن هذه الإباحية المغرية و المتعة الفاتنة و اللهو العابث في الشوارع و المجامع و المصايف والمرابع يناقض ما أوصى به الإسلام باتباعه من عفة و شهامة و إباء و انصراف إلى الجد و ابتعاد عن الإسفاف (إن الله تعالى يحب معالي الأمور و يكره سفاسفها) .
فكل هذه المظاهر و أشباهها , على الأمم الإسلامية أن تبذل في محاربتها و مناهضتها كل ما في وسع سلطانها و قوانينها من طاقة و مجهود لا تني عن ذلك و لا تتواكل .
نظموا التعليم
وإن لكل أمة و شعب إسلامي سياسة في التعليم و تخريج الناشئة و بناء رجال المستقبل , الذين تتوقف عليهم حياة الأمة الجديدة , فيجب أن تبنى هذه السياسة على أصول حكيمة تضمن للناشئين مناعة دينية و حصانة خلقية , و معرفة بأحكام دينهم , و اعتدادا بمجده الغابر وحضارته الواسعة .
هذا قليل من كثير من الأصول التي يريد الإخوان المسلمون أن ترعاها الأمم الإسلامية في بناء النهضة الحديثة , و هم يوجهون دعوتهم هذه إلى كل المسلمين شعوبا و حكومات , و وسيلتهم في الوصول إلى تحقيق هذه الغايات الإسلامية السامية وسيلة واحدة : أن يبنوا ما فيها من مزية و أحكام , حتى إذا ذكر الناس ذلك و اقتنعوا بفائدته أنتج ذلك عملهم له و نزولهم على حكمه :
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) .
انتفعوا بإخاء إخوانكم
ينادي الإسلام أبناءه و متبعيه فيقول لهم :
(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) (آل عمران:103).
و يقول القرآن الكريم في آية أخرى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) و في آية أخرى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (التوبة:71) .
و يقول النبي الكريم صلى الله عليه و سلم : (و كونوا عباد الله إخوانا) و كذلك فهم المسلمون الأولون – رضوان الله عليهم – من الإسلام هذا المعنى الأخوي و أملت عليهم عقيدتهم في دين الله أخلد عواطف الحب و التآلف , و أنبل مظاهر الأخوة و التعارف , فكانوا رجلا واحدا و قلبا واحدا و يدا واحدة , حتى امتن الله بذلك في كتابه فقال تبارك و تعالى :
(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (لأنفال:63) .
تطبيق
وإن ذلك المهاجر الذي كان يترك أهله , و يفارق أرضه في مكة و يفر بدينه , كان يجد أمامه أبناء الإسلام من فتيان يثرب ينتظرون و كلهم شوق إليه و حب له و سرور بمقدمه , و ما كان لهم سابق معرفة و لا قديم صلة , و ما ربطهم به وشيجة من صهر أو عمومة , و ما دفعتهم إليه غاية أو منفعة , و إنما هي عقيدة الإسلام جعلتهم يحنون إليه و يتصلون به , و يعدونه جزءا من أنفسهم و شقيقا لأرواحهم , و ما هو إلا أن يصل المسجد حتى يلتف حوله الغر الميامين من الأوس و الخزرج , كلهم يدعوه إلى بيته و يؤثره على نفسه و يفديه بروحه وعياله , ويتشبث بمطلبه هذا حتى يؤول الأمر إلى الاقتراع , حتى روى الإمام البخاري ما معناه : (ما نزل مهاجري على أنصاري إلا بقرعة) .
وحتى خلد القرآن للأنصار ذلك الفضل أبد الدهر , فما زال يبدو غرة مشرقة في جبين السنين في قول الله تبارك و تعالى :
(وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9) .
و على هذا درج أبناء الإسلام و خص الرعيل الأول ممن وجدت بين نفوسهم الأخوة الإيمانية , لا فرق بين مهاجرهم و أنصارهم , و لا بين مكيّهم و يمنيّهم , حتى أثنى الرسول على الأشاعرة من أهل اليمن بقوله صلى الله عليه و سلم ما معناه
(نعم القوم الأشعريون إذا جهدوا في سفر أو حضر جمعوا ما عندهم فوضعوه في مزادتهم ثم قسموه بينهم بالسوية)
و أنت إذا قرأت القرآن الكريم , و أحاديث النبي العظيم صلى الله عليه و سلم , و طالعت سير الغر الميامين من أبناء هذا الدين , رأيت من ذلك ما يقر عينك و يملأ سمعك و قلبك .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.