عام بعد عام، يجازف عشرات الآلاف من الصوماليين والأثيوبيين بحياتهم في محاولة يائسة لعبور خليج عدن بحثاً عن الأمان أو حياة أفضل.. إن خلف العناوين الصحفية والصور المؤثرة للاجئين والمهاجرين المتنقلين قصصاً شخصية مفعمة بالشجاعة والمآسي والشفقة.. يتسلقون الأسلاك الشائكة ويركبون قوارب تخترقها المياه أو يسافرون خلسة في حاويات نقل ينعدم فيها الهواء.. وهم يحاولون بيأس الوصول إلى بر الأمان.. ويعرّض اللاجئون والمهاجرون- في مختلف أنحاء العالم- حياتهم للخطر كلّ يوم, في محاولة يائسة للوصول إلى بر الأمان أو البحث عن حياة أفضل. ويكون مصير العديد من هؤلاء, الموت بطرق شنيعة, حيث يتعرضون للطعن والضرب ويلقون في البحر وتلتهمهم أسماك القرش ويغرقون أو يختنقون في قبضة زوارق المهربين المكتظة التي تبحر عبر طريق محفوف بالمخاطر بين "بونتلاند" في الصومال وشواطئ اليمن. حزن سامي وتعرب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن حزنها العميق جراء حادثة انقلاب قارب في خليج عدن الأسبوع المنصرم وعلى متنه 77 شخصاً من المهاجرين واللاجئين بينهم أطفال ونساء من الجنسيتين الصومالية (31) والأثيوبية (46).. وقد تم إنقاذ 33 شخصاً خلال عملية البحث، فيما لا يزال 44 آخرين في عداد المفقودين ويُخشى أنهم قد قضوا غرقاً. وتفيد التقارير أن القارب الذي كان قد غادر منطقة "بوساسو في بونتلاند" على الساحل الشمالي للصومال في وقت مبكر من مساء الجمعة 7 مارس تعرض لرياح وأمواج قوية قبالة سواحل محافظة شبوةاليمنية.. ووفقاً لما ذكره أحد الناجين من الحادث، فقد غمرت المياه القارب بسرعة كبيرة، ما أدى إلى انقلابه. وفي صباح يوم الأحد 9 مارس، عثرت الدورية البحرية التابعة لجمعية التكافل الإنساني (SHS)، الشريك التنفيذي للمفوضية، على عدد من الناجين وتم إنقاذ اثنين وثلاثين شخصاً منهم قبل ظهر الأحد، تلاه إنقاذ شخص آخر في نفس اليوم، فيما لايزال البقية مفقودين. وقد صرح أدريان إدواردز" المتحدث باسم المفوضية" قائلاً إن المفوضية تشعر "بحزن عميق" لوقوع حادث لقارب يحمل لاجئين ومهاجرين في خليج عدن.. وقد أوردت التقارير أن القارب كان يحمل 77 من الرجال والنساء والأطفال من الصومال (31 شخصاً) وإثيوبيا (46 شخصاً). وقال إدواردز إن "33 شخصاً قد جرى إنقاذهم، إلا أن 44 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين وتتصاعد المخاوف من موتهم غرقاً". رياح الموت وقد أوردت الأنباء أن القارب غادر مدينة "بوساسو في بونتلاند" الواقعة على الساحل الشمالي للصومال فجر الجمعة.. وقد تعرض لرياح عاتية وأمواج عالية قبالة السواحل الجنوبية لمحافظة شبوةاليمنية, حسبما ذكر أحد الناجين، وسرعان ما امتلأ بالماء مما أدى إلى انقلابه. وقد تم نقل الناجين الذين كانوا جميعاً من الرجال باستثناء امرأة واحدة إلى شاطئ منطقة مجدحة بمحافظة شبوة من قبل العاملين في جمعية التكافل الإنساني، حيث تلقوا هناك الإسعافات الأولية والغذاء والمياه والملابس قبل نقلهم إلى مركز العبور في منطقة ميفعة. وقال أحد الناجين- يبلغ من العمر 45 عاماً من جنوبالصومال- إنه فقد طفليه في هذه المأساة ولم يتمكن من الوصول إليهم أو إنقاذهم بفعل الظلام.. وقالت المرأة الوحيدة من بين الناجين إنها فقدت ابنتها خلال الحادث، وأضافت إن المهربين رفضوا إيقاف القارب عندما بدأت تغمره المياه. يقول "إدواردز" إن كل الناجين من الذكور عدا امرأة واحدة.. وقد قام موظفو جمعية التضامن الإنساني بنقلهم إلى شاطئ "مجدحة" وأجروا لهم الإسعافات الأوَّلية، وأعطوهم الأغذية والمياه والملابس، قبيل اصطحابهم إلى مركز للعبور. وأضاف إدواردز: "قال أحد الرجال القادمين من جنوبيالصومال، ويبلغ من العمر 45 عاماً إنه فقد ابنيه في هذه الفاجعة ولم يتمكن من الوصول إليهما في الظلام.. أما المرأة الوحيدة الناجية، فقد فقدت ابنتها المراهقة, وقالت إن المهربين رفضوا إيقاف القارب عندما بدأ يمتلئ بالمياه". وأكد إدواردز قائلاً: "نظراً لتواصل عبور الكثيرين للبحر، وفقدانهم حياتهم، ألا يدعو ذلك كافة الجهات المعنية- أي الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية ومجتمع المانحين والمجتمع المدني- إلى وضع استجابة شاملة للحد من هذه الرحلات الخطرة ومنعها تدريجياً". المأساة الأعظم وتعتبر هذه المأساة- التي حلت باللاجئين والمهاجرين- هي الأعظم منذ العام الماضي الذي شهد انخفاضاً ملحوظاً في عدد الأشخاص الذين يقومون بمثل هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى اليمن، حيث انخفضت أعداد الوافدين من القرن الأفريقي إلى اليمن العام الماضي 2013 إلى 65, 319 شخصاً، مقارنة ب 107,532شخصاً وصلوا إلى اليمن في العام 2012. وخلال الشهرين الأولين من العام الجاري 2014 ، تم تسجيل وصول 2,717 شخصاَ، ولا تزال عملية العبور إلى اليمن متواصلة وسط فقدان وموت الكثير من هؤلاء الذين يخوضون غمار هذه الرحلة عبر البحر، الأمر الذي يتطلب من جميع الجهات المعنية من الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والجهات المانحة والمجتمع المدني العمل على تطوير استجابات شاملة للحد من هذه الرحلات الخطرة وصولاً إلى منعها بشكل كامل. خلال السنوات الخمس الماضية، عبر أكثر من نصف مليون شخص (من الجنسية الصومالية والإثيوبية والإريترية) المياه الخطرة في خليج عدن والبحر الأحمر للوصول إلى اليمن، وتشير تقارير عديدة إلى وقوع حوادث إساءة وسوء معاملة واغتصاب وتعذيب بحقهم على أيدي عديمي الضمير المشتغلين بالتهريب وعصابات الاتجار بالبشر. الموت الإجباري وتكون القوارب التي تعبر إلى اليمن مكتظة وسط تقارير عن قيام المهربين برمي الركاب في عرض البحر لمنع انقلابها أو لتجنب اكتشافها.. ويقول مسؤولو البحث والإنقاذ إن هذه الممارسات أدت إلى موت وفقدان المئات من الضحايا في السنوات الأخيرة ولم يتم حتى توثيقهم. وفي هذا الخصوص، حثت المفوضية, دول الإقليم على تنفيذ التدابير التي من شأنها المساعدة في تحديد اللاجئين وغيرهم من ذوي احتياجات الحماية من بين الذين يقطعون هذه الرحلة في البحر، كما ناشدت الدول المانحة ومنظمات المجتمع المدني إلى الاهتمام أكثر بقضايا الهجرة المختلطة في القرن الأفريقي، وذلك لتحسين الاستجابات الإنسانية و المساعدة في إنقاذ الأرواح.