الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    صواريخ الحوثي تُبحِر نحو المجهول: ماذا تخفي طموحات زعيم الحوثيين؟...صحفي يجيب    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    انهيار حوثي جديد: 5 من كبار الضباط يسقطون في ميدان المعركة    نائب رئيس نادي الطليعة يوضح الملصق الدعائي بباص النادي تم باتفاق مع الادارة    نتائج قرعة أندية الدرجة الثالثة بساحل حضرموت    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    وزير الشباب والرياضة يبحث مع المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) تعزيز العلاقة بين الجانبين    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرهاب..فزاعة أميركا والغرب الكبرى في حربها على الإسلام (الجزء الأول)
نشر في أخبار اليوم يوم 24 - 04 - 2016

قبل إعلان الحرب على الإرهاب كان تعريف الحرب هو صراع مسلح بين القوات المسلحة لدولتين ضمن حدود واضحة المعالم مثل حرب عالمية أولى أو حرب عالمية ثانية أو حرب الخليج الأولى ولكن الحرب على الإرهاب غيرت كليا المفاهيم القديمة في تعريف الحروب.
بحسب مراقبون فإن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد مايسمى الإرهاب مجرد كذبة كبرى. وما ملاحقة من تسميهم "الإرهابيين"، وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم، ل"حماية الوطن الأمريكي"، سوى ذريعة لتبرير أجندة عسكرية.. ومن وجهة نظر مناهضين أميركيين وغربيين لهذه الحرب فإن الحرب على الإرهاب ليست سوى إحدى المؤامرات السياسية التي تقودها قوة أو قوى غامضة لأغراض خاصة.
ضمن سلسلة حلقات أعدها قسم التحقيقات في صحيفة "أخبار اليوم" حول مؤامرات الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب على الإسلام والدول العربية، وحقيقة ارتباطها بالإرهاب، وكيفية تعاملها بمكاييل مختلفة مع تنظيمات مليشاوية، وأسرار تأجيج الصراعات في المنطقة بين جناحي الإسلام السني والشيعي ودعم أحدهما على حساب الآخر، يأتي هذا التقرير، كجزء أول لتقارير قادمة تواصل نشرها في أعداد قادمة
حملة مثيرة للجدل
لايوجد في هذا النوع من الحرب بقعة جغرافية معينة يمكن أن تعتبر جبهة القتال الرئيسية وحتى إذا تم تحديد حدود الصراع فان مجرد محاولة إطلاق تسمية على الحملة يكون موضوعا مثيرا للجدل فعلى سبيل المثال يطلق البعض تسمية غزو العراق 2003 على الحملة العسكرية التي أطاحت بحكم حزب البعث في العراق بينما يطلق عليه البعض الآخر "عملية تحرير العراق" ويطلق البعض تسمية المقاومة العراقية على العمليات المسلحة التي تشن على قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة والسلطات التي تشكلت عقب الحملة في العراق منذ 2003 بينما يطلق البعض الآخر تسمية العمليات الإرهابية عليها.
وحتى إذا تم الأتفاق على تسمية الحرب على الإرهاب فان هناك اختلافا في طريقة شن هذا الحرب فعلى سبيل المثال يؤمن جورج و. بوش بمبدأ الهجوم مع سبق الإصرار لغرض الدفاع بينما يؤمن الاتحاد الروسي بالتدخل في الشيشان فقط إذا كانت هناك ضربات مباشرة على مصالحها. في يوليو 2005 تخلت الإدارة الأمريكية عن استعمال مصطلح الحرب على الإرهاب وبدأت باستعمال "الصراع الدولي ضد التطرف العنيف" Global Struggle Against Violent Extremism. بغض النظر عن التسميات فإن هذا النوع من الحرب هو مثير للجدل.
نقطة الانطلاق..موقف غربي
بعد أقل من 24 ساعة على أحداث 11 سبتمبر 2001 أعلن حلف شمال الأطلسي أن الهجمة على أية دولة عضوة في الحلف هو بمثابة هجوم على كل الدول 19 الأعضاء وكان لهول العملية أثرا على حشد الدعم الحكومي لمعظم دول العالم للولايات المتحدة ونسى الحزبين الرئيسيين في الكونغرس ومجلس الشيوخ خلافاتهم الداخلية وكانت هناك تباين شاسع في المواقف الرسمية الحكومية لبعض الدول العربية والإسلامية مع الرأي العام السائد على الشارع الذي كان إما لامباليا أو على قناعة أن الضربة كانت نتيجة ما وصفه البعض "بالتدخل الأمريكي في شؤون العالم".
بعد فترة قصيرة من أحداث 11 سبتمبر 2001 وجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن. في 16 سبتمبر 2001 صرح بن لادن من على شاشة قناة الجزيرة الإخبارية أنه لم يقم بتلك العملية التي وحسب تعبيره "قد يكون جماعة لهم أهدافهم الخاصة بهم وراء العملية" وفي 28 سبتمبر صرح بن لادن في صحيفة الأمة Daily Ummat أن ليس له اي علاقة بالضربة ولم يكن له علم بها..
يعتبر البعض غزو أفغانستان أول جولة عسكرية في الحرب على الإرهاب وكانت القوات المشاركة في البداية هي قوات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وقوات التحالف الأفغاني الشمالي التي كانت عبارة عن مجموعة من القوات الأفغانية المختلفة المعارضة لحكومة طالبان الإسلامية وانضمت فيما بعد قوات من ألمانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وباكستان وبولندا وكوريا الجنوبية.
كان هناك تأييد غربي شبه مطلق للولايات المتحدة في إعلانها الحرب على الإرهاب وحظت عملية غزو أفغانستان 2001 بدعم كبير مقارنة بالتشتت في الآراء الذي صاحب الجولة العسكرية الثانية من الحرب على الإرهاب والذي سميت غزو العراق 2003 حيث ساندت المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وكوريا الجنوبية وبولندا وأستراليا غزو العراق 2003 وعارضت كندا وألمانيا وفرنسا وباكستان ونيوزيلندا الجولة الثانية من الحرب على الإرهاب أو ماسميت غزو العراق 2003.
بالرغم من صعوبة تحديد ساحة محددة لهذه الحرب إلا أن الولايات المتحدة اعتبرت هذه المناطق الجغرافية كجبهات لما سمي بالحرب على الإرهاب: جنوب آسيا وبالتحديد أفغانستان وباكستان، الشرق الأوسط وبالتحديد العراق والسعودية واليمن، جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وبالتحديد الشيشان وجورجيا وأوزبكستان، جنوب شرق آسيا وبالتحديد فلبين وتايلند وإندونيسيا، وأفريقيا وبالتحديد جيبوتي وإثيوبيا وإريتريا وكينيا والصومال والسودان وجمهورية تنزانيا المتحدة.
نظريات مؤامرة
يرى المناهضون للحرب على الإرهاب أن الأوضاع الأمنية ازدادت سوءا حسب تعبيرهم وأن هناك تضخيما لخطورة التهديدات التي تشكلها المجموعات الأرهابية وأن هذه الحرب أدت إلى خروقات في حقوق الإنسان حتى في الولايات المتحدة نفسها ويرى البعض أن الخطر الحقيقي لا يكمن في الإرهابيين ولكن في الأساليب المستعملة ضدهم إذ يرى البعض بأنه من المستحيل القضاء على فكرة معينة بحملة عسكرية وأن ماتساهم به الحملات العسكرية حسب رأيهم هو زيادة حدة وخطورة وانتشار الإرهاب ويمكن تلخيص الانتقادات للحرب على الإرهاب بالنقاط التالية: الصعوبة في كون الجهة إما مع أو ضد الحرب على الإرهاب بحيث لايقبل هذا التصنيف أي مجال لانتقادات يراها البعض ضرورية، والخسائر البشرية الكبيرة بين صفوف المدنيين فعلى سبيل المثال قتل أكتر من 3000 مدني في غزو أفغانستان 2001 وحوالي 200،000 مدني في غزو العراق 2003.
تقارير منظمة العفو الدولية أشارت إلى كثير من الاعتقالات التي تمت في سجون سرية بدون توجيه تهم وبدون اللجوء إلى التسلسل القضائي والمحاكم وعدم تمتع هؤلاء السجناء بحق التمثيل القانوني من قبل محاميين. ومبدأ الهجوم لغرض الدفاع عن النفس يعتبره البعض مبدءا خطيرا ويتطلب أدلة دامغة وقاطعة لإثبات أن مجموعة أو دولة معينة تشكل بالفعل خطرا على أمن دولة أخرى وهذا الأثبات لم يكن موجودا في الجولة الغسكرية الثانية من الحرب على الإرهاب في عملية غزو العراق 2003 حيث لم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل ولم تثبت علاقة الحكومة العراقية بأي دور مباشر أو غير مباشر في أحداث 11 سبتمبر 2001.
الاستنزاف الكبير للاقتصاد الأمريكي أثناء الحرب على الإرهاب الذي حول أكبر فائض في تاريخ الولايات المتحدة في عهد بيل كلينتون إلى أكبر نقص في الميزانية في تاريخ الولايات المتحدة في عهد جورج و. بوش، واستمرار الحرب لفترة زمنية قد تكون طويلة جدا مع عدم تحقيق انتصار ملموس إذ أن هذا الحرب بخلاف الحروب التقليدية لايعتبر قتل أو اعتقال زعماء الجهات المعادية أو تحقيق النصر العسكري بمثابة نصر لأن الحرب هي حرب أفكار واتجاهات، وانشغال الحكومة بالحرب على الإرهاب أدى إلى تجاهل الأزمات الداخلية في الولايات المتحدة من البطالة وسوء حالة التأمين الصحي والضمان الاجتماعي وتم تقليص بعض هذه الميزانيات لدعم الحرب التي لايوجد هناك بوادر لنهايتها.
من وجهة نظر مناهضين اخرين للحرب فإن الحرب على الإرهاب ليست سوى إحدى المؤامرات السياسية التي تقودها قوة أو قوى غامضة لأغراض خاصة. أحداث 11 سبتمبر مثلت أبرز هذه النظريات والتي تبنتها جمعيات مناهضة للحرب من مختلف الجنسيات والأديان مواجهة الحكومة الأمريكية بأدلة جديدة أكدت غموض عمليات 11 سبتمبر 2001.
ثقافة التخويف
ثقافة الخوف (أو مناخ الخوف) تعبير يستخدمه بعض العلماء، والكتاب، والصحفيين والسياسيين الذين يعتقدون أن بعض أفراد المجتمع يبثون الخوف في نفوس العامة لتحقيق أهداف سياسية. يقول هيرمان جورينج: "لا يريد الناس الحرب، ولكن يمكنهم الموافقة دائمًا على مخاطرات القادة. هذا سهل. كل ما عليك فعله هو إخبارهم أنهم تعرضوا لهجوم، ثم قم بإدانة دعاة التهدئة واتهمهم بعدم الوطنية وتعريض البلاد للخطر. حل سحري، ينجح في جميع البلدان.".
يستخدم التعبير لوصف المخاوف التي تثار حول إرهاب الإسلاميين، فمن ناحية يقال إن هذه المخاوف عادة ما يتم المبالغة بها أو تكون غير عقلانية بطبيعتها. كما يستخدم هذا التعبير أيضًا لوصف الخوف غير المبرر في سياقات أخرى، مثل المواطنين الذين يخشون الأشخاص من ذوي الخلفيات العرقية المختلفة، أو خوف سكان الحي من الانتقام إذا ساعدوا الشرطة في التعرف على المجرمين. يقول مستشار الأمن القومي السابق زبغنيو بريجينسكي أن استخدام تعبير الحرب على الإرهاب كان بهدف خلق ثقافة الخوف عن عمد لأنها "تحجب العقل، وتزيد من حدة المشاعر، وتجعل من الأسهل على السياسيين الغوغائيين تعبئة الجمهور بالسياسات التي يرغبون في تمريرها".
وأشار فرانك فوريدي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كنت وكاتب في مجلة سبايكد (Spiked)، إلى إن ثقافة الخوف السائدة اليوم لم تبدأ بانهيار مركز التجارة العالمي. فكما يقول، انتشرت حالات الذعر بين العامة، قبل 11 من سبتمبر بكثير، لتشمل الذعر من كل شيء - بدءًا من المحاصيل المعدلة وراثيا إلى الهواتف المحمولة، ومن الاحتباس الحراري إلى الحمى القلاعية. ومثل دورودي، يقول فوريدي أن تصورات المخاطر، وأفكار السلامة، والجدل حول الصحة، والبيئة، والتكنولوجيا بعيدة كل البعد عن العلوم أو الأدلة التجريبية. وعلى العكس من ذلك، فهي تتشكل بالافتراضات الثقافية حول الضعف البشري. فيقول فوريدي "إننا بحاجة إلى مناقشة ناضجة حول عالمنا في أعقاب 11 من سبتمبر، نقاشًا يعتمد على التقييم العاقل لجميع الأدلة المتوفرة بدلاً من المخاوف غير العقلانية من المستقبل.
وتقول جيني بريستو، وهي كاتبة بمجلة سبايكد، أن ثقافة الخوف التي ظهرت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر وهجمات الجمرة الخبيثة المتتالية لم تكن مخاوف طبيعية ناشئة ولكنها مصنعة من أعلى إلى أسفل أي من الساسة ويعكسها الإعلام. كما أنها تعتقد أن هذه المخاوف، على الرغم من أنها غير مبررة، فإنها تساعد على ظهور الوطنية والتي تؤدي بدورها إلى التورط في مغامرات عسكرية في الأماكن التي لا ترتبط إما ب 9/11 أو هجمات الجمرة الخبيثة.
ويقول الأكاديميان البريطانيان جابي مايثن وساندرا ووكليت إنه في أعقاب الهجمات الإرهابية في نيويورك، والبنتاغون، ومدريد، ولندن طورت الوكالات الحكومية خطابًا "للإرهاب الجديد" في مناخ ثقافي يتميز بالخوف وعدم اليقين. ذكر باحثون بريطانيون أن هذه العمليات تقلل من فكرة سلامة العامة، وخلقت صورة مبسطة "لإرهاب" غير البيض كانت لها عواقب سلبية على مجموعات الأقليات العرقية في المملكة المتحدة.
وفي سلسلة الأفلام الوثائقية التي أنتجتها قناة بي بي سي، قوة الكوابيس (The Power of Nightmares)، التي كانت بعنوان صعود سياسات الخوف (The Rise of the Politics of Fear)، ذكر الصحافي آدم كيرتز أن السياسيين استغلوا خوفنا لزيادة قوتهم وسيطرتهم على المجتمع. وعلى الرغم من أنه لم يستخدم تعبير "ثقافة الخوف"، فما يصفه كيرتز في فيلمه هو انعكاس لهذا المفهوم. فدرس حركة المحافظون الجدد الأمريكية وتصويرها للتهديد أولاً من الاتحاد السوفيتي ثم من حركات الإسلام السياسي المتطرف.
ويصر كيرتز على وجود خوف وهمي من الإرهاب في الغرب منذ هجمات 11 سبتمبر وأن السياسيين مثل جورج دبليو بوش وتوني بلير قد تعثروا في قوة جديدة تمكنهم من استعادة قوتهم وسلطتهم؛ باستخدام الخوف من "شبكة الشر" المنظم التي يريدون حماية شعوبهم منها. وانتقد فيلم كيرتز وسائل الإعلام، وقوات الأمن، وإدارة بوش لتوسيع مدى قوتهم بهذه الطريقة. يقدم الفيلم بيل دورودي، ثم مدير المركز الدولي لتحليل الأمن، وزميل باحث أول في معهد السياسة الدولية كينجز كوليدج بلندن، قائلاً إن إطلاق تعبير "اختراع" على هذه الشبكة له دلالة قوية، ولكنه أكد على أنها ربما لا تكون موجودة وما هي إلا "إسقاط" لأسوأ مخاوفنا، وما نراه ليس سوى خيال تم صنعه."
أميركا والإرهاب.. أسرار العلاقة
الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد مايسمى الإرهاب مجرد كذبة كبرى. وما ملاحقة من تسميهم “الإرهابيين”، وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم، ل”حماية الوطن الأمريكي”، سوى ذريعة لتبرير أجندة عسكرية. يؤكد مراقبون أن التنظيم صنيعة المخابرات الأمريكية، وأجندة واشنطن ل “مكافحة الإرهاب” في العراق وسوريا تتمثل في دعم الإرهابيين. ولم يكن اجتياح قوات “إرهابية” للعراق، ابتداءً من جوان 2014، سوى جزءًا من عملية استخباراتية عسكرية مخطط لها بعناية، وتحظى بدعمٍ سريّ من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وإسرائيل.
وعليه ف”مكافحة الإرهاب” ليست سوى ضرب من خيال؛ فأمريكا هي “الدولة الراعية للإرهاب رقم واحد في العالم”. وتنظيم “الدولة” يحظى بحماية الولايات المتحدة وحلفائها، ولو أرادوا القضاء على هؤلاء المسلحين، لكان بإمكانهم قصف شاحناتهم الصغيرة، من طراز تويوتا، عندما عبروا الصحراء من سوريا إلى العراق في جوان، فالصحراء السورية-العربية عبارة عن أرض مفتوحة، ومع توافر طائرات مقاتلة (F15، F22 Raptor، CF-18) كان الهجوم- من وجهة نظر عسكرية- سيكون عملية جراحية سريعة ومبررة.
معلومات تفند هذه الكذبة الكبرى، التي صوَّرتها وسائل الإعلام باعتبارها التزامًا إنسانيًا، بينما هي ليست في الواقع سوى عملية عسكرية واسعة النطاق ضد العراق وسوريا، أسفرت عن إزهاق أرواح عدد لا يحصى من المدنيين. وبدون الدعم الراسخ الذي منحته وسائل الإعلام الغربية لمبادرة أوباما، باعتبارها عملية ل”مكافحة الإرهاب”، لم يكن من الممكن أن يحدث ذلك كله.
وفي قراءة للجذور التاريخية للقاعدة يتضح أن الولايات المتحدة دعمت القاعدة وفروعها طيلة نصف قرن، منذ ذروة الحرب الأفغانية-السوفييتية، وأقامت وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) معسكرات تدريب في باكستان، وجنَّدت خلال عشر سنوات (1982-1992) قرابة 35 ألف جهاديّ من 43 دولة إسلامية؛ للقتال في صفوف الجهاد الأفغاني. “ودفعت ال CIA ثمن الإعلانات التي ظهرت في الصحف والنشرات الإخبارية في جميع أنحاء العالم لتوفير الإغراءات وتقديم المحفزات للانضمام إلى الجهاد”، كما دعمت واشنطن الشبكة الإرهابية الإسلامية منذ إدارة ريجان، الذي وصف الإرهابيين بأنهم “مقاتلون من أجل الحرية”، وزودت بلاده المقاتلين الإسلاميين بالأسلحة. وكان كل ذلك لسبب وجيه، هو: “قتال الاتحاد السوفيتي، وتغيير النظام، ما يؤدي إلى تقويض الحكومة العلمانية في أفغانستان”.
وفيما نشرت جامعة نبراسكا الكتب الجهادية. “وأنفقت الولايات المتحدة ملايين الدولارات لتزويد أطفال المدارس الأفغانية بالكتب المدرسية المليئة بصور العنف، والتعاليم الإسلامية المتشددة”. جندت وكالة الاستخبارات المركزية مؤسِّس تنظيم القاعدة، ورجل الفزع الأمريكي، أسامة بن لادن، عام 1979 في بداية الحرب الجهادية، التي حظيت برعاية أمريكية ضد أفغانستان. كان عمره حينها 22 عامًا، وتلقى تدريبًا في مراكز تدريب حرب العصابات التابعة ل CIA. ولم يكن تنظيم القاعدة هو الذي يقف وراء هجمات 11 سبتمبر 2001، بل استخدم الهجوم كذريعة لشن حرب ضد أفغانستان باعتبارها دولة راعية للإرهاب، وداعمة للقاعدة. وكان لهجمات سبتمبر دور فعال في صياغة “الحرب العالمية على الإرهاب”.
وبحسب باحثين فإن تنظيم “الدولة” في الأصل هو أحد فروع الكيان الذي أنشأته الاستخبارات الأمريكية بدعم من المخابرات البريطانية MI6، والموساد الإسرائيلي، وجهاز الاستخبارات الباكستانية ISI، ورئاسة المخابرات العامة السعودية GIP. وكان حلف شمال الأطلسي (NATO) والقيادة العليا التركية مسؤولان عن تجنيد مقاتلي “الدولة” و”النصرة” منذ بداية التمرد السوري في مارس 2011. ووفقًا لمصادر استخباراتية إسرائيلية، تألفت هذه المبادرة من: “حملة لتجنيد آلاف المتطوعين المسلمين من دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي للقتال إلى جانب المتمردين السوريين. على أن يقوم الجيش التركي بإيواء هؤلاء المتطوعين، وتدريبهم، وتأمين مرورهم إلى سوريا”، (الناتو يمنح المتمردين أسلحة مضادة للدبابات”- ديبكا، 14 أوت 2011).
وتشير معلومات إلى وجود قوات خاصة وعملاء مخابرات غربيين في صفوف تنظيم الدولة، كما شاركت القوات الخاصة البريطانية ومخابرات MI6 في تدريب المتمردين الجهاديين في سوريا. ودرب متعهدو العقود العسكرية مع البنتاجون الإرهابيين على استخدام الأسلحة الكيماوية، حيث “يستخدمهم المسؤولون الأمريكيون، وبعض الحلفاء الأوروبيون؛ لتدريب المتمردين السوريين على كيفية تأمين مخزونات الأسلحة الكيماوية في سوريا، حسبما صرَّح مسؤول أمريكي رفيع المستوى، والعديد من الدبلوماسيين الكبار (تقرير CNN، 9 ديسمبر 2012).
وترتدي “الحرب العالمية على الإرهاب” قناع “صراع الحضارات”، باعتبارها حربًا بين متنافسين على القيم والأديان، بينما هي في الواقع حرب احتلال صريحة، تسترشد بالأهداف الاستراتيجية والاقتصادية. فقد نُشِرَت ألوية إرهابية، (وتحظى بدعم المخابرات الغربية سرًا) في مالي والنيجر ونيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والصومال واليمن وهذه الكيانات المتنوعة في الشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء وآسيا هي “أصول استخباراتية” ترعاها ال CIA، وتستخدمها واشنطن لإثارة الفوضى وخلق صراعات داخلية وزعزعة استقرار الدول ذات السيادة.
رغم أن الولايات المتحدة هي المؤسِّس غير المعلن لتنظيمات إرهابية، فإن مهمة أوباما المقدسة هي حماية أمريكا ضد هجمات هذه التنظيمات. وفي المقابل، تعزز الاعتقالات والمحاكمات والأحكام الصادرة على من تسميهم “الإرهابيين الإسلاميين” شرعية حالة الأمن القومي الأمريكي، وأجهزة تطبيق القانون، التي تجري عسكرتها على نحو متزايد. والهدف النهائي، هو: إقناع ملايين الأمريكيين بأن العدو حقيقيّ، وأن الإدارة الأمريكية سوف تحمي أرواح مواطنيها.
ساهمت حملة “مكافحة الإرهاب” في شيطنة المسلمين، الذين ينظر إليهم الرأي العام الغربي على نحو متزايد باعتبارهم متورطين مع الجهاديين. وأي شخص يجرؤ على التشكيك في صحة “الحرب العالمية على الإرهاب” سوف يوصم بأنه إرهابيّ، ويخضع لقوانين مكافحة الإرهاب. والهدف النهائي من “الحرب العالمية على الإرهاب” هو إخضاع المواطنين، ونزع الطابع السياسي تمامًا عن الحياة الاجتماعية الأمريكية، ومنع الناس من التفكير، وصياغة المفاهيم، وتحليل الحقائق، وتحدي شرعية النظام الاجتماعي الاستقصائي الذي يحكم أمريكا. وفي سبيل ذلك، فرضت إدارة أوباما توافقًا شيطانيًا بدعمٍ من حلفائها، ناهيك عن تواطؤ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واحتضان وسائل الإعلام الغربية لهذا الإجماع، ووصفها الدولة الإسلامية كما لو كانت كيانًا مستقلًا، وعدوًا خارجيًّا يهدد العالم الغربي. وهكذا تحوّلت الكذبة الكبرى إلى حقيقة.
صناعة أمريكية بامتياز
الولايات المتحدة الأمريكية هي التي صنعت الإرهاب في الشرق الأوسط، وهذا لا يمنع وجود عدد من المحفزات الداخلية في البيئة العربية دفعت لتنامي هذه الصناعة التي قامت عليها أمريكا قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وأرادت من خلالها تحقيق عدد من الأهداف السياسية، وتأكيد سيطرتها على العالم ومحاربة أي قوة تحاول أن تنهض. فإذا كانت هناك محفزات داخل البيئة العربية، فقد قامت أمريكا بتنشيطها وتفعيلها لأهداف منها؛ تقسيم وتقزيم المنطقة العربية لصالح الجارة إسرائيل، وبالتالي سعت بشكل حثيث لضرب الدول ذات القوة الضاربة والتي تمثل خطورة، مثل العراق وسوريا وحاولت مع مصر ولكنها فشلت.
أرادت أمريكا في ذات الوقت تحقيق أمن حصولها على البترول، بحيث يزيد عدد بائعيه في السوق بعد تقسيم المنطقة إلى دويلات مقسمة، وبالتالي توزيع آبار البترول عليها، وهنا يصبح المعروض من البترول أكثر من المشتري، فتضمن الحصول عليه، وتضمن عدم قطعه عنها كما حدث خلال حرب 1973، والأمر الثالث ويبدو أنه الأهم، أن أمريكا نجحت في تشويه الإسلام والمسلمين والعرب عمومًا، ويبدو أن الإسلام تعرض لأكبر حمله تشويه على مر التاريخ منذ البعثة المحمودية قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان على يد التيارات والتنظيمات الجهادية وفي مقدمتهم ما يسمى بالدولة الإسلامية والمعروفة إعلاميًا ب«داعش»، التي نشئت في حضن الأمريكان، والتي تقوم بقطع الرؤوس وجزها من الرقاب في مشاهد مستفزة تخالف الفطرة الإنسانية، فضلًا عن مخالفتها للشريعة الإسلامية السمحة التي تدعو للرحمة.
ولعل ما حدث في الشرق الأوسط كان بتخطيط أمريكي أعلنت عنه الولايات المتحدة على لسان وزيرة خارجيتها، كوندليزا رايس عام 2005، عندما أشارت إلى إعادة ترسيم وتخطيط المنطقة بناء على ما سمته بالفوضى الخلاقة، التي وجدنا التنظيمات الدينية تحققها دون أن تشعر أو كانت على الأقل أداة لتحقيقها.
الجماعات والتنظيمات تلك، كانت ومازالت أداة في يد الأمريكان، تستخدمهم الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق أغراضها، فرغم مخالفة مشروع كل منهما السياسي والقائم على نفي الآخر، إلا أنهما عقدا صفقة، تخيل كل طرف فيها أنه أقنع الطرف الآخر بضرورة التوافق المرحلي لتحقيق هدفه، ولكن الأمريكان كانوا أكثر ذكاءً، فقد نجحوا في استخدام التنظيمات المسلحة لتحيق أهدافهم. وأهم صور استخدام أمريكا للتنظيمات الجهادية المسلحة، والذي يؤكد دورها في صناعة الإرهاب العالمي، دعم ما يسمى بالمجاهدين العرب عام 1979 خلال الحرب الأفغانية بهدف القضاء على الدب الروسي، ووقعت الدول العربية جميعًا في خطأ دعم هؤلاء المقاتلين لهدفين أولهما، الاستجابة للرغبة الأمريكية. وما يثير الدهشة ليس نشأة الإرهاب، وإنما في رد فعل الأمريكان الضعيف والهش على نشأتها، والذي يؤكد للمرة الثانية أن أمريكا لم تحاول ضرب هذا التنظيم، ولا محاولة التخلص من هذه المجموعات التي حققت الهدف الأمريكي، وكأنها كانت ترغب في استخدامها مرة أخرى ولكن في معركة الشرق الأوسط وليس ضد عدوها للدود الإتحاد السوفيتي قبل أن يتفكك.
أمريكا تدخلت مؤخرًا في بعض دول عربية كالعراق وسوريا بدعوى أنها تحارب الإرهاب بعد أن سيطرت على مساحات شاسعة على الأراضي العراقية والسورية، ويكفي تصريح الرئيس الأمريكي، بارك أوباما، والذي قال فيه: إن مهمة قوات التحالف الدولي الحد من قوة مايسمى تنظيم الدولة وليس القضاء عليها. ولا توجد رغبة لدى أمريكا في التخلي عن سيطرتها على العالم، ولا أن تقاسمها قوة ما في هذه السيطرة، ولذلك سعت جاهدة في القضاء على الدب الروسي، ثم الاتجاه إلى الشبح العربي ممثلًا في قوة وليدة وناهضة، قد تشكل عليها خطورةً في المستقبل، ضربت أنظمته العربية التي تحميه وشوهت الإسلام الوسطي، ودفعت الملايين في كل أرجاء العالم أن يأخذوا موقفًا سلبيًا منهم، وهم معذورون في المشاهد التي تنقلها تنظيمات عن الإسلام، فضربت عشرة عصافير بحجر واحد، وحق لنا أن نصفها بأنها داعمة الإرهاب في العالم.
عقيدة أوباما السياسية
"لم يكن الرئيس الأميركي باراك أوباما بكل ما جاء به من إدارة ومستشارين على اقتناع بالتعاون الحقيقي حد التحالف بين أميركا ودول الخليج! أراد منذ الوهلة الأولى الاقتراب من إيران. كان مغرماً بالفكرة، حد الوله، مفتوناً بها إلى درجة الإدمان. أبرم الاتفاق النووي مع طهران، معتبراً هذا الإنجاز تاريخياً سيذكر على رأس مكتسبات حقبته الرئاسية. والأكيد، أن هذه الحقبة، وإن حققت بعضاً من نجاح اقتصادي، إلا أنها لم تحقق نجاحاً سياسياً.. إخفاق ذريع وشنيع في المنطقة، انسحاب مخلّ من كل مواقع نفوذ أميركا، إخلاء الساحة للإرهابيين من تنظيمات القاعدة وحزب الله وفلول إيران".. ماسبق أورده الكاتب الخليجي/ تركي الدخيل.
يقول الدخيل أن حوار أوباما الأخير، الذي كشف فيه عقيدته السياسية، كان واضحاً وصريحاً وكشف عن العقلية الحقيقية التي سيّرت أوباما طوال الولايتين السابقتين، ووصلت الولايات المتحدة إلى أدنى مستويات شعبيتها؛ فشلت في الموضوع السوري، وفي الثورات العربية، وفي كل الملفات السياسية تقريباً.
مقابلة مجلة «أتلانتيك» المثيرة مع أوباما تحدث فيها ببساطة أن المنطقة يجب أن تقسم بين دول الخليج وإيران، وازدرى السعودية معتبراً إياها مثل راكب مجاني كثير الاشتراطات والأمر، وفي هذا الصدد ردّ الأمير تركي الفيصل بمعلوماتٍ تدحض زعم أوباما؛ فالسعودية ليست راكباً مجانياً، بل شريكة لدول كبرى في العالم لمكافحة الإرهاب، وساهمت في لجم الآثار السلبية للثورات العربية، وصرفت من ميزانيتها مليارات الدولارات للمحتاجين في أفغانستان ثلاثة عقود، وكذلك أطفأت نيران حروب في مناطق متعددة من العالم.
تركي الفيصل قال: نحن من قدّم جنودنا لكي يكون التحالف أكثر فعالية في إبادة الإرهابيين. ونحن من بادر بتقديم الدعم العسكري والسياسي والإنساني للشعب اليمني، ليسترد بلاده من براثن ميليشيا الحوثيين المجرمة؛ التي حاولت، بدعم من القيادة الإيرانية، احتلال اليمن، ومن دون أن نطلب قواتٍ أميركية.
وأضاف:" نحن الذين أسسنا تحالفاً ضم أكثر من ثلاثين دولة مسلمة، لمحاربة كافة أطياف الإرهاب في العالم. نحن أكبر متبرع للنشاطات الإنسانية التي ترعى اللاجئين السوريين واليمنيين والعراقيين. إنّ وزيري خارجيتك ودفاعك شَكرَا، علناً، وفي مناسبات عدة، التعاون المشترك بين بلدينا.. إنّ وزارة خزانتك امتدحت، عدة مرات، إجراءات السعودية في كبح أي تمويل يمكن أن يصل إلى الإرهابيين».
تعليقاً على المقابلة، أورد المعلق في صحيفة واشنطن بوست دانيال دبليو درزنر «خمس أفكار» لخّص من خلالها أكثر ما فاجأه في المقابلة، وهي باختصار: «إن أوباما لا يحترم العاملين في السياسة الخارجية، أوباما يكن احتراماً أقل للزعماء العرب في الشرق الأوسط، هناك قليل من دونالد ترامب في باراك أوباما، إن الإخفاقات الأكبر لأوباما في السياسة الخارجية هي محلية بطبيعتها، أميركا قوة من أجل الخير».
يقول الدخيل: تفاخر أوباما بتراجعه عن ضرب نظام الأسد، وتحدّث عن ضرورة إيقاف «العقيدة السياسية في الخارجية الأميركية» التي تقوم على الدفاع عن السعودية، معتبراً أساطيله لا تتحرك إلا لقمع الإرهاب كما يزعم، أو الدفاع عن إسرائيل ضد هجوم نووي محتمل. يريد أوباما أن يحدث انقلاباً في البيت الأبيض ضد علاقات تاريخية بأبعادها الاقتصادية والسياسية. لاحظ الكل أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، منذ لقاء «كامب ديفيد» الخليجي، بدأت تعتمد على نفسها، تخوض الحروب بنفسها وبمروحياتها الدبلوماسية، تؤسس التحالفات وتردع الخصوم، قد تكون حالة أميركا هذه هي الخير لنا، أن نستمر في موازنة عواصفنا السياسية والأمنية لحماية حدودنا، ورفاه شعبنا، فالرهان على «مبدأ إيزينهاور» الدفاعي عن السعودية يجعلنا أكثر تراخياً.. انسحاب أميركا ونكرانها ليس نهاية العالم، بل البداية الصحيحة لدول الخليج، للاعتماد على النفس، ومعرفة الأصدقاء الحقيقيين، من أنصاف الأصدقاء!
ذرائع نهب ثروات إفريقيا
إن الذرائع المختلفة ومنها ما يسمى "الحرب على الارهاب" لتوسيع الوجود العسكري الأمريكي والغربي في القارة الإفريقية يصب في خانة تأمين المصالح الحيوية، وتحقيق ما يدعى "الأمن القومي الأمريكي الشامل"، وبالتالي سوف يقود لتدخل عسكري أمريكي – غربي مباشر "كما حدث في مالي وليبيا والصومال ونيروبي وو." في شؤون الدول الإفريقية تحت أي نوع من الذرائع والأسباب، وبالتالي سوف تفقد دول القارة الأفريقية سيادتها كلما تعاظم النفوذ الأمريكي – الغربي وقواعده العسكرية ، كما أن دول وشعوب القارة ستظل تعاني من نتائج مشاريع الهيمنة والفوضى والصراعات التي تفتعلها دول الاستعمار القديم والحديث التي لا تهتم الا بمصالحها وزيادة مردود "البزنس الفتاك " على حساب موارد الدول ودماء الشعوب..
واعتبرت منظمة العفو الدولية،أن سكان غرب ووسط إفريقيا يدفعون ثمنًا باهظا لمكافحة الإرهاب، مؤكدة أن سكان هذه المنطقة عانوا بشكل مباشر من الحرب ضد الإرهاب. وأوضحت المنظمة أن في الكاميرون والنيجر وتشاد ونيجيريا، أحيانا تشهد بلدات بأكملها تبادل لإطلاق النار بين القوات الحكومية والمسلحين مثل بوكو حرام، مما يؤدي إلى سقوط مئات القتلى. وأضافت العفو الدولية أن سكان تلك البلدان يزعجهم تنفيذ قوانين مكافحة الإرهاب، فمثلا الكاميرون خلال عام 2014 أعطت مزيدا من الصلاحيات للسلطات الحاكمة مما أدى إلى وقوع اعتقالات تعسفية واسعة، خاصة ضد الناشطين في مجال حقوق الإنسان والأطفال والصحفيين.
وفي هذا السياق قال موقع فويس أوف أمريكا، إنه يتوجب على الدول حماية سكانها خلال مكافحة الإرهاب والتأكد أن هذه الحرب لن تسلب الشعب حريته وحياته، موضحا أن توجو جرمت مؤخرا التعذيب وألغت عقوبة الإعدام، مما يُعد تقدما استثنائيا للمنطقة، كما نجحت موريتانيا في تغيير قوانينها المهينة للإنسان، واعتبرت العبودية جريمة ضد الإنسانية، كما استطاعت بوركينا فاسو أن تحرز تقدما في مجال حقوق الإنسان من خلال إلغاء عقوبة الإعدام وإنهاء زواج الأطفال القسري.
ولفت الموقع الأمريكي إلى أنه ليس غريبا أن تكون منطقة غرب إفريقيا موضع اهتمام دولي ومكانا لاندلاع الاضطرابات؛ لأنها تتميز بموقع استراتيجي وثروات جعلت منها موقعا متميزا إذ يشمل هذا الإقليم عدة دول هي: مالي، نيجيريا، غانا، النيجر، بوركينافاسو، ساحل العاج، موريتانيا، غينيا، غامبيا، بنين، توجو، ليبيريا، سيراليون، السنغال.
وأكدت وثيقة الأمن القومي الأمريكي التي صدرت 16 مارس 2006 أن إفريقيا بصفة عامة وتلك المنطقة بصفة خاصة أصبحت موضع اهتمام دولي واسع، فتنص الوثيقة على أن إفريقيا تكتسب أهمية جغرافية استراتيجية متزايدة وتشكل أولوية في جدول أعمال الإدارة الأمريكية. وقال بوش في خطاب تدشينه لوثيقة 2006: إننا نسعى إلى تشكيل العالم، وليس مجرد أن يشكلنا هو، وأن نؤثر في الأحداث من أجل الأفضل، بدلا من أن نكون تحت رحمتها.
تتلخص الفكرة المحورية في الاهتمام الاستراتيجي الأمريكي بمنطقة غرب إفريقيا في النفط، فتحاول الولايات المتحدة تقليل حدة اعتمادها على نفط الشرق الأوسط خاصة من منطقة الخليج من جهة وزيادة الضغط على الدول المصدرة للنفط لزيادة إنتاجها وصولاً إلى خفض الأسعار وإيجاد حالة من الانقسام بين الدول المنتجة من جهة ثانية، ومن ثم تتجه الولايات المتحدة إلى الاستثمار في بترول غرب إفريقيا، لاسيما تشاد ونجيريا والكاميرون.
ويتمتع النفط الإفريقي بميزات متعددة بالنسبة للولايات المتحدة منها قرب المسافة بين مناطق النفط في خليج غينيا الاستوائية ومصافي البترول على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مما يوفر نفقات شحن ووقت أقل من نفقات شحن النفط من الشرق الأوسط، وبحر قزوين وروسيا وغيرها من مناطق الإنتاج في العالم، كما أن طرق الشحن البحرية أكثر أمنا من طرق الشحن الأخرى، وفضلا عن ذلك، فإن استيراد النفط من غرب إفريقيا يجنب واشنطن مخاطر الاعتماد على النقل عبر قناة السويس والخليج العربي والبحر الأحمر، وهي ممرات مائية تقع في بؤرة صراعات محتدمة. وأصبحت دعوى محاربة الإرهاب وسيلة ناجحة لخداع الشعب الأمريكي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ، لتتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في جميع أنحاء العالم بما فيها أوروبا لخدمة استراتجيتها الحقيقية التي لا علاقة لها بمحاربة الإرهاب.
يشير تقرير لجنة الأزمات الدولية الصادر في 2005 تحت عنوان: الإرهاب الإسلامي في الساحل، حقيقة أم وهم؟، إلى أن المنطقة الشاسعة المحاذية للصحراء والتي تشمل مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا، لا تشكل مرتعا للنشاط الإرهابي غير أن التصور الخاطيء والتعامل الخاطئ يؤدي لنتائج غير مرجوة في حين أن التعامل المتأني والمتوازن والجدي مع هذه الدول الأربع من شأنه أن يبقي المنطقة في أمان. ويضيف التقرير: أن القول بتعاظم النشاط الإسلامي في المنطقة بما في ذلك النشاط العنفي قول ليس دقيقا تماما، فالمسلمون في غرب إفريقيا كما هو الحال في مناطق أخرى يعبرون عن معارضه متزايدة للسياسة الغربية ولاسيما الأمريكية في الشرق الأوسط.
يرى الخبير الاستراتيجي- د. موزار رازي أن من أكبر المصائب التي ابتلت بها شعوب منطقتنا وجوارها الافريقي هو بروز دول الاستعمار القديم بكل مآسيها وكوارثها لتظهر علينا بشكل جديد أكثر وحشية ولكن بلباس متجدد تحت ذرائع ومصطلحات مزيفة ليس آخرها "الفوضى الخلاقة" و"الحرب على الإرهاب" وتشكيل تحالفات بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاستعمار الغربية تخفي من وراء مشاريعها استمرار تنفيذ مخططاتها المشؤومة التي تهدف إلى نهب ثرواتنا وتدمير تراثنا وحضارتنا واستباحة دماء وثروات شعوبنا.. وبالتمعن على مايسمى "الحرب على الارهاب" الذي صنعوه بأنفسهم وباتوا يستخدمونه كتجارة في اي مكان تحقق لهم مكاسب من هذا البزنس اللعين.. وليس لديهم اي حرج بالتلاعب بمصير الشعوب وتعديل المشاريع والمصطلحات طالما انها تشكل لهم تجارة رابحة مهما كانت خسائرنا كبيرة ومؤلمة.
وتشير كافة المعلومات بأن الدول الغربية تسعى لتوسيع دائرة نفوذها في القارة الأفريقية. ويمكن الإشارة إلى هدفين رئيسين من هذا الأمر كما سبق وذكرت أعلاه: بسط النفوذ على المناطق الغنية بالنفط والثروات المعدنية بمختلف أنواعها، وعدم السماح لتوسع تأثير الصين على القارة السوداء. ومن أجل تحقيق هذه الرؤيا فأن دول الغرب تسعى للعودة لاستخدام وسائلها القديمة والمتمثلة بتشكيل فوضى المجموعات الإرهابية في دول المنطقة، ومن ثم وبحجة تهدئه المواقف بين هذه المجموعات المسلحة من قبلها في المناطق غير المستقرة، والتي هي في واقع الامر، المناطق الاكثر غنى بالموارد وفي هذه الحالة، البر الرئيسي.. لذلك ظهرت مؤخرا بداية مرحلة جديدة من توسيع نشاط مثل هذه المجموعات الإفريقية الارهابية.
ويتوقع رازي ان تكون الجزائر والسودان هما الدولتان المرشحتان في قائمة تجارة الحرب ضد الارهاب لدى الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين.. فقيام الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء قوة المهام المشتركة لقرن أفريقيا، ومن ثم ضم هذه القوة للقيادة العسكرية الأمريكية الخاصة بأفريقيا بعد اكتمال إنشائها في أكتوبر من العام 2008 م وتوسيع دائرة نفوذها بالتنسيق مع بعض الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا ، يمثل من وجهة نظر العديد من الباحثين والمحللين الاستراتيجيين، بداية عهد جديد من فرض الهيمنة الأمريكية على القارة الإفريقية، يهدف لاستغلال مواردها الطبيعية والبشرية، من أجل دعم رفاهية إنسان الولايات المتحدة على حساب إنسان القارة الأفريقية الذى ظل ولا زال يرذخ تحت البؤس والفقر منذ فترات الاستعمار الأوربية السابقة لأفريقيا، وهذا التكالب الأمريكى الغربي على القارة الأفريقية، يعيد للذاكرة حقبة الاحتلال الأوربي الذى نهب ثروات القارة الإفريقية، ثم أجج الصراعات والفتن بين دول القارة، وبين مكوناتها القبلية والأثنية داخل الدولة الواحدة، مما جعل القارة الإفريقية تعانى من ويلات الحروب والصراعات حتى هذه الآونة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.