شهد شهر ديسمبر الماضي تغيراً في عجلة الحرب التي تخوضها مليشيات الانقلاب، على الحدود السعودية، لتتوجه صوب المدن اليمنية، كاشفة زيف الشعارات الوطنية والمناهضة للغزو التي يروج الانقلابيون عدوانهم تحت يافطتها المزعومة. فآخر محطات النضال والتهديدات التي وجُهت للمملكة خلال العام الجاري، تنقلب بشكل عكسي في آخر أشهر العام المنتهي فعلياً أمس السبت، لتنفذ تلك التهديدات على المدن اليمنية الجنوبية والشرقية والحدودية، إضافة إلى خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب الذي يسعى الانقلابيين منذ انقلابهم لتحويله إلى ورقة سياسية تجبر الدول العظمى على تقديم مشاريع ترضي جماعة الحوثي وحليفها المخلوع، وتوقف تهديداتهم ولو مؤقتاً. وأظهر تقرير يرصد الصواريخ الباليستية، التي أطلقها الحوثيون وقوات المخلوع، خلال شهر ديسمبر الماضي تراجعاً في هجمات المليشيات الصاروخية، التي تستهدف الحدود السعودية، وتزايد تلك الهجمات على المدن اليمنية الجنوبية والشرقية. فالمليشيات الانقلابية- وخلال أيام شهر ديسمبر- نفذت هجوميين صاروخيين باليستيين على الحدود السعودية فقط مقارنة بعدة هجمات صاروخية خلال شهر نوفمبر المنصرم، فيما ارتفعت عدد الهجمات الصاروخية التي استهدفت مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الوطني والمقاومة في محافظة الجوف المحاذية للحدود السعودية إلى ثمان هجمات صاروخية، استهدفت مديرية الخب والشغاف المحاذية لصعدة وحدها، ب15صاروخ باليستي (5 صواريخ من نوع زلزال2 و4 صواريخ نوع زلزال1 ، وصاروخين زلزال3، والباقي من نوع الصرخة). وشن الحوثيون 7هجمات صاروخية على مأرب –حسب إعلامهم- تركزت غالبية الهجمات على مفرق الجوف بمديرية مجزر، وأعلن التحالف صد تلك الهجمات، عبر صواريخ باتريوت الدفاعية. واستهدفت المليشيات الانقلابية مناطق سكنية في محافظة لحج جنوبي اليمن، بثلاثة صواريخ من نوع الصرخة، وصاروخ صمود، إضافة إلى فشل المليشيات في إطلاق صاروخ باليستي سقط في منطقة خالية في طور الباحة. وأعلن الانقلابيون استهدافهم، لمواقع قبالة باب المندب، غرب جنوبي محافظة تعزاليمنية، كما زعموا استهداف زوارق حربية سعودية قبالة سواحل الحديدة بصواريخ بحرية موجهة عن بعد. لكن الانقلابيين في تصريحات غير رسمية، كذبوا ما نشرته صحيفة باكستانية في 22 ديسمبر، عن تعرض سفينة تجارية لهجوم صاروخي قبالة السواحل اليمنية، ما أسفر عن مقتل 7 بحارة باكستانيين ونجاة آخر، مؤكدين في نفيهم أن عمليات العسكرية محصورة ضد سفن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وهاجم الانقلابيون تقدم القوات الحكومية في نهم، بالصواريخ الباليستية، عدة مرات، كما شنوا هجمات على مديرية المصلوب في الجوف وهاجموا ميدي شمال حجة، بصواريخ باليستية. هجمات الانقلابيين الباليستية على الحدود السعودية شهدت تراجعاً كبيراً في شهر ديسمبر مقارنة بالأشهر السابقة، حيث لم يعلن التحالف العربي اعترض أي صاروخ باليستي أطلق من اليمن، فيما أعلنت جماعة الحوثي توجيه ضربة باليستية لمعسكر الطلعة في منطقة نجران السعودية، مطلع الأسبوع الماضي، وزعمت إسقاط طائرة أباتشي بصاروخ موجهة أمس الأول الخميس، إضافة إلى تنفيذ هجوم بصاروخ موجهة على معسكر الحضار خلف منفذ علب- حسب تلك المزاعم. ويأتي تراجع هجمات الانقلابيين الصاروخية على الحدود السعودية، بعد حادثة استهداف الحوثيين لمكةالمكرمة بصاروخ باليستي تم اعتراضه على بعد 65كم من المدينة المقدسة، في 27 من أكتوبر الماضي، وهي الحادثة التي فتحت أعين الدول الإسلامية والعالمية على خطورة أسلحة الانقلابيين الباليستية، وأدينت بشكل وسع. ورغم أن هجمات المليشيات الصاروخية، في شهر نوفمبر على السعودية، لم تشهد تراجعاً كبيراً، كما هو الحال في شهر ديسمبر، ما يضع علامات استفهام؟، حول تغيير وجهة وإستراتيجية المليشيات في الحرب من الحدود صوب المدن اليمنية والمدنيين الأبرياء في المحافظات الجنوبية. لكن الحملة السعودية الدولية والدبلوماسية التي أدارتها وبنجاح، الخارجية السعودية، وسوقها الإعلام، ما ألهب مشاعر مليار مسلم حول العالم وهو ذات التحريض الذي دفع بمنظمة التعاون الإسلامي لعقد اجتماعين طارئين، الأول على مستوى اللجنة التنفيذية، عقد في 5 نوفمبر بغياب أربع دول، أبرزها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الحليف الأبرز للانقلابيين في اليمن، وهي الدولة الوحيدة التي لم تصدر بيان إدانة لحادثة استهداف الحوثيين لمكةالمكرمة. وكان الاجتماع الثاني على مستوى وزراء خارجية الدول الإسلامية، الذي عقد في 17 من نوفمبر مدينة مكةالمكرمة، ذات المدينة المستهدفة، وكان بيان المجتمعين، قوياً، بحيث أُجبرت المليشيات الانقلابية على مراجعة حساباتها، ومحاولة امتصاص الغضب الإسلامي، بتخفيض عدد الهجمات الصاروخية على السعودية، ما يعيد في الأذهان حادثة تاريخية تلخص هجوم جيش الأحباش المحتل لليمن قبل ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لهدم الكعبة، في مقولة جدة عبد المطلب، مطالباً ابره بإعادة إبله "أنا رب أبلي وللكعبة ربً يحميها"، لتكون حادثة الهجوم على الكعبة حماية للحدود السعودية. زلزال تستخدم المليشيات في غالبية هجماتها الصاروخية داخل الأراضي اليمنية صواريخ من نوع زلزال بنسخه الثلاث، وهو صاروخ أقرب لصاروخ باليستي قصير المدى، «أرض- أرض»، تعمل بالوقود الصلب. وزلزال-3 تأتي في ثلاثة أشكال مختلفة، ويمكنها الوصول إلى ما يزيد عن 300 كم مع رأس حربي التي يمكن مع حمولات الذخيرة الفرعية، ويزعم الحوثيون أن صواريخ زلزال تم صناعته في اليمن، لكن مواصفات الصاروخ هي نفسها موصفة زلزال3 الذي عرضته إيران عام 2007م. صمود صاروخ «صمود» طوله أربعة أمتار وقطره 555 مم، ووزن الرأس الحربي 300 كيلوغرام والوزن الكلي للصاروخ طن واحد، كما يبلغ مدى الصاروخ 38 كيلومترا وعدد الشظايا 10000 شظية.