سيول الأمطار تجرف شخصين في إب    ساعر: واشنطن لم تبلغ تل ابيب بوقف قصفها على اليمن    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    هيئة الرئاسة تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية محليا وإقليميا    السياسي الأعلى: اليمن يتموضع بقوة في المنطقة ويواصل دعم غزة    السودان.. اندلاع حريق ضخم إثر هجوم بطائرات مسيرة في ولاية النيل الأبيض    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    لماذا تظل عدن حقل تجارب في خدمة الكهرباء؟!    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    إتلاف 600 لغم وعبوة ناسفة من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    ناطق الحكومة : اتفاق وقف العدوان الأمريكي انتصار كبير لأحرار اليمن    الامارات تقود مصالحة سورية صهيونية    توقف الرحلات يكلف الملايين يوميا..انخفاضٌ بنسبة 43% في مطار اللد    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    قالوا : رجاءً توقفوا !    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    التفاهم بين الحوثيين وأمريكا يضع مسألة فك إرتباط الجنوب أمر واقع    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    باجل حرق..!    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألغام الحوثيين.. قاتل اليمنيين الخفي
التحالف اليمني يوثق ألفين و258 حادثة خلفتها الألغام التي زرعتها المليشيات منذ بداية الحرب ومواطنة تشير إلى مقتل 57 مدنياً
نشر في أخبار اليوم يوم 06 - 04 - 2017

حين تتذكر نهلة- 12 عاماً- الحادثة التي بُترت فيها قدمها اليمنى تبكي بشكل هستيري.. فقبل أربعة أشهر خرجت لرعي الأغنام مع ابنة شقيقتها- 7 أعوام- في قرية تبيشعة غرب محافظة تعز. وبينما كانتا تقفان على طريق فرعي، انفجر لغم زرعته جماعة الحوثيين، مما أدى إلى بتر قدم نهلة اليمنى، فيما كانت إصابة ابنة شقيقتها خفيفة.
تقول والدتها: "ابنتي دخلت المستشفى وبقيت هناك فترة، لتخرج بعدها بحالة نفسيّة سيّئة للغاية. عانت من الكآبة، وصارت تبكي كثيراً، وبدت عاجزة عن الحركة في بعض الأحيان. حاليّاً، ننتظر التئام جروحها تماماً، ليتسنى لها تركيب قدم صناعية".
وفي ظلّ زيادة مناطق الحرب الراهنة في اليمن، لا ينقضي عام إلّا وتُزرع ألغام في محافظات جديدة، إضافة إلى آلاف الألغام التي كانت قد زرعت خلال الأعوام الماضية.
وعلى مدار خمسة عقود، شهد اليمن صراعات مسلّحة عدة، وكان المتحاربون يزرعون الألغام، ويتركون مخلّفات الذخيرة القابلة للانفجار. وفي عام 1998، بدأت الأمم المتحدة والحكومة اليمنية برنامجاً لإزالة الألغام بعد مصادقة الأخيرة على اتفاقيّة حظر الألغام. إلّا أنّ الحرب الأخيرة أوقفت هذا البرنامج، مما أدى إلى انتشارها بشكل غير مسبوق.
ويفيد تقرير لبرنامج إزالة الألغام بأن الضحايا المباشرين لانتشار الألغام في اليمن بلغوا 50 ألفاً. ويرفض عدد كبير من الأسر النازحة العودة إلى الديار، بسبب انتشار الألغام في مناطقها الأصلية، وسماعهم عن انفجار ألغام في مدنيين عائدين.
وضع كارثي
وتعيش اليمن وضعاُ كارثياً جراء الكم الهائل من الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي صالح في المدن والمنازل والشوارع والطرقات والمدارس والمرافق والساحات العامة التي اجتاحتها الميليشيا منذ استيلائها على المدن بقوة السلاح في سبتمبر 2014، وبعد إنسحابها منها.
وتسببت الألغام بسقوط آلاف الضحايا من المدنيين وخاصة النساء والأطفال، وما زالت تتسبب بمزيد من الكوارث الإنسانية.
ناجي طعيمان (26 عاماً)، بات يستخدم عكازاً للمشي بعد رحلة طويلة من العلاج والعمليّات الجراحيّة في مأرب وصنعاء، وذلك إثر انفجار لغم أرضي زرعه الحوثيّون قرب منطقة سد مأرب في محافظة مأرب (شرق).
يقول محمد طعيمان، وهو والد الشاب، إنّ اشتداد المواجهات قبل عام ونصف العام في مديرية صرواح في مأرب، بين قوات الشرعيّة وجماعة الحوثيين، وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، دفعت العائلة إلى النزوح إلى إحدى مناطق المديرية الآمنة.
ويشير إلى أنّه أوكل مهمّة نقل الأغنام بالسيّارة إلى منطقة قرب سد مأرب. وخلال تواجده في منطقة الجريبة، انفجر لغم أرضي زرعه الحوثيون، مما أدى إلى تضرّر السيّارة تماماً، فيما أصيبت قدم ابنه اليسرى بستة كسور، وهو أصيب أيضاً.
ويضيف: "عندما حاول المعنيون إسعافي، اكتشفوا أنّ المنطقة مليئة بالألغام، وقد نزعوا سبعة ألغام قبل أن يتمكّنوا من الوصول إلي".
عودة الظاهرة
الحرب الراهنة قضت على إنجازات البرنامج السابقة، لتعود ظاهرة انتشار الألغام الفردية المحرمة دولياً، وألغام المركبات في معظم المحافظات التي باتت نظيفة تماماً منها، بينها تعز، أكثف المحافظات اليمنية سكاناً وأكثرها فقراً.
وما زال الحوثيّون وقوات صالح يزرعون الألغام، خصوصاً في مناطق سكنهم، مثل منطقة باب المندب والمخاء في تعز وجنوب الحديدة، في ظل قلة التجهيزات الفنية وفرق إزالة الألغام التابعة لقوات الرئيس اليمني، لتشكل تلك الألغام خطراً مستمراً.
ولا تبدي المنظّمات الدوليّة اهتماماً ظاهريّاً بالتخلص من الألغام حالياً، باستثناء منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، التي بدأت العام الماضي التوعية حول خطر الألغام من قبل فرقها التي تزور المدارس والمجتمعات المتضررة.
واستفاد من هذه الخدمات نحو 1.2 مليون شخص، خصوصاً الحماية من مخاطر الألغام والمواد القابلة للانفجار.
فتك بالأرواح
وتواصل الألغام الأرضية ومخلفات الحرب الفتك بأرواح المدنيين الأبرياء في مختلف محافظات اليمن وسط صمت وتخاذل دولي غير مبرر على الرغم من وجود شبه إجماع حول تحديد الجهات والأطراف التي تقوم بزراعة هذه الألغام ومن يتحكم بمخزون اليمن الاستراتيجي من الساح وكيف سلمت كميات كبيرة منه لميليشيا الحوثي - صالح المسلحة فور اجتياحها العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية.
فما زال المواطن يحيي عبد الله صكلع الشريف مصدوماً جراء فقد طفليه اللذين ذهبا مع شقيقهما الثالث وأمهما للاحتطاب في أحد الوديان حيث انفجر لغم كانوا يحاولون انتزاعه فقتل اثنين وسبب إعاقة دائمة للثالث.
فجر السبت الموافق 21 مايو 2016 في منطقة شعب الحشفاء التابعة لمديرية حريب بمحافظة مأرب انفجر لغم أرضي بثلاثة من يحيى صكلع ما تسبب بمقتل اثنين من الأطفال وفقد الثالث عينه اليمنى.
يروي والد الأطفال الضحايا الحادثة: "كالعادة خرجت زوجتي وأولادي أحمد ورويدا ونشمي لجمع الحطب من منطقة تسمى شعب الحشفاء حيث توجد هناك أشجار يمكن الاحتطاب منها، وعند الساعة 7:00 صباحاً سمعنا صوت انفجار كبير".
يضيف:" هرعت باتجاه الدخان في الوادي، ولما وصلت وجدت زوجتي تبكي وهي تحتضن ولديً نشمي ورويدا اللذين كانا مصابين لكنهما مازالا على قيد الحياة، في حين جوارها جسد أحمد الملطخ بالدماء والجروح والتشوه على وجهه وقد فارق الحياة".
يتابع: "أسعفناهم إلى مستشفى مأرب العام بمدينة مأرب، وهناك فارقت بنتي رويدا الحياة، وتم نقل ولدي نشمي للعلاج في السعودية حيث كانت حالته خطيرة، والآن هو في تحسن لكنه فقد عينه اليمنى".
توثيق الضحايا
إلى ذلك، وثق التحالف اليمني للرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ألفين و258 حادثة خلفتها الألغام الأرضية المضادة للدروع والمضادة للأفراد، التي زرعتها المليشيات منذ بداية الحرب في اليمن، والتي دخلت عامها الثالث.
وبحسب المدير التنفيذي للتحالف، مطهر البذيجي، تنوّعت الحوادث، وأدّت إلى إصابات أو تفجير منشآت أو تفخيخ مركبات وجسور، وتوزّعت الانتهاكات على 16 محافظة يمنية.
ووثق تحالف رصد 615 حالة قتل جراء حوادث انفجار الألغام في المحافظات المذكورة بينها 101 حالة قتل تعرض لها أطفال يمنين دون سن السادسة عشر و26 حالة قتل من النساء في حين بلغ عدد القتلى المدنيين 533 شخص مقابل 82 حالة قتل في أوساط العسكريين.
ووثق فريق التحالف 924 حالة إصابة جراء انفجار الألغام بينها 160 حالة تعرض لها أطفال و36 حالة تعرضت لها النساء بينما وصل عدد الجرحى المدنيين 682 شخص.
مطالب ملحة
وفي هذه المناسبة يطالب التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان ميليشيا الحوثي صالح بسرعة تسليم خرائط الألغام التي زرعتها حتى اللحظة والامتناع عن زراعة الألغام المحظورة دوليا، ووضع اللوحات التحذيرية في الأماكن التي يعتقد أنها مزروعة عشوائيا بالألغام بما يضمن حماية وسلامة المدنيين وتفادي سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء.
كما يطالب التحالف اليمني سلطات الحكومة الشرعية بتكثيف جهود التوعية بمخاطر الألغام ومسح المناطق المحررة وتحديد أماكن زراعة الألغام وعدم السماح للمدنيين بدخولها حتى الانتهاء من تطهيرها والتأكد من خلوها من أي ألغام تشكل خطورة على حياتهم.
ويدعو التحالف المنظمات الدولية والدول الأطراف في معاهده حظر الألغام (اتفاقية اوتاوا) للمساعدة في تأهيل فرق زراعة الألغام وتوفير المعدات اللازمة لكشف ونزع الألغام.
قاتل مستتر
وذكرت منظمة حقوقية يمنية أن الألغام التي زرعها مسلّحو جماعة الحوثيين وحلفاؤهم الموالون لعلي عبد الله صالح، قتلت 57 مدنياً وأصابت 47 آخرين، في ست محافظات يمنية.
وأشارت المنظمة، في تقرير حديث، في اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام الذي يصادف الرابع من أبريل، إلى أن من بين القتلى 24 طفلاً وأربع نساء، في حين أن من بين الجرحى 21 طفلاً وست نساء.
وتضمن التقرير الذي نُشر تحت عنوان "قاتل مستتر"، 33 واقعة انفجار ألغام أرضية في مدنيين، تحققت منها المنظمة من خلال بحثها الميداني بين يوليو/تموز 2015 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2016، في محافظات عدن وتعز ومأرب وصنعاء والبيضاء ولحج.
وبحسب التقرير، فإن عمليات زراعة الألغام في الأحياء السكنية حصلت أثناء نزوح المدنيين نتيجة المواجهات المسلحة، وكانت تنفجر بهم خلال عودتهم إلى منازلهم من مناطق النزوح.
ولفت إلى أن عمليات زراعة الألغام طاولت مزارع ومنازل، من دون أن يترك الطرف المسؤول عن زراعة تلك الألغام، أية إشارة تحذيرية تنبه المدنيين وتحول دون تضررهم منها.
شكاوي واتهامات
وكشفت المنظمة عن تلقيها شكاوى مدنيين بأن ألغاما زُرعت عند مداخل بيوتهم، ما عدّوه استهدافاً لهم من جماعة الحوثيين وقوات صالح "بسبب رفضهم الانضمام لهم أو مساندتهم في القتال".
وفي حالات أخرى "جرفت الأمطار والسيول الطبقة السطحية من الأرض، وباتت الألغام مكشوفة أمام الأطفال أو المارة، كما جرفت السيول ألغاماً من مناطق المواجهات المسلحة إلى مناطق مأهولة بالسكان".
وقالت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان إن على جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الكف عن الإضرار بالمدنيين، والوقف الفوري لاستخدام الألغام الأرضية في مناطق وأماكن يستخدمها المدنيون في اليمن.
قالت رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان:"إن زراعة الألغام الأرضية في مناطق سكنية جريمة قتل غادرة كونها تأخذ نمط الكمائن الخفية التي يصعب على المدنيين تمييزها وبالتالي تجنبها".
وطالبت المتوكل جماعة الحوثيين وقوات صالح وقف هذا الانتهاك الجسيم فوراً، وإدراك الآثار الفادحة لسلوك زراعة الألغام في مناطق مدنية على حياة الناس وأرواحهم.
نتائج بحث
وأظهرت نتائج البحث الميداني الذي أجرته مواطنة أن هذه الألغام تسببت بأضرار فادحة للمدنيين كونها زُرعت في مناطق سكنية، وطرق عامة وشوارع رئيسة ومنازل ومزارع وأماكن عبور يسلكها المدنيون يومياً.
وبالإضافة إلى القتل والتشويه لعشرات المدنيين، فقد تسببت هذه الألغام أيضاً بعشرات من حالات الإعاقة الدائمة في أوساط الضحايا المدنيين خصوصاً الأطفال.
"في اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام نتذكر مدنيين كُثر سقطوا بالألغام الأرضية في اليمن، ولازال آلاف المدنيين اليمنيين مهددين بمخاطر الألغام والعبوات المتفجرة التي تخلفها الحرب دون جهود جادة من أطراف الحرب لوضع حدٍ لهذا السلوك وتأمين حياة المدنيين." أضافت المتوكل.
مواثيق وتوصيات
وأشار التقرير إلى المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحظر استخدام وتخزين وإنتاج وتطوير ونقل الألغام المضادة للأفراد، وتقضي بتدمير هذه الألغام، سواء كانت مخزنة أو مزروعة في الأرض، كما نصت على ذلك اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد (اتفاقية أوتاوا) التي وُقعت في سبتمبر/ أيلول 1997، وصادقت عليها اليمن في سبتمبر/ أيلول 1998.
وبحسب توصيات التقرير، أوصت منظمة مواطنة جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح بالكف فوراً عن استخدام الألغام بكافة أنواعها في مناطق مدنية، وسرعة الكشف عن المناطق المزروعة بالألغام، والتعاون التام والكامل مع جميع الجهات المعنية لنزعها من المناطق غير العسكرية التي يستخدمها أو قد يستخدمها مدنيون.
ودعت التوصيات أيضاً حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والقوات والجماعات المسلحة الموالية لها إلى عدم اللجوء إلى استخدام الألغام وزراعتها خصوصاً في المناطق التي تشكل مجالاً لحركة المدنيين، والإفصاح عما إذا قامت المقاومة والقوات الموالية للحكومة بزرع ألغام والكشف عن أماكنها و العمل على نزعها فوراً.
وجددت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان مطالبتها بتشكيل آلية دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات جميع أطراف النزاع في اليمن.
تعز تتصدر المأساة
تصدرت محافظة تعز قائمة المحافظات المتضرّرة من ناحية عدد القتلى، وفقا لتقرير التحالف اليمني، وقد بلغ عددهم 157، تلتها محافظة عدن (116 ضحية)، ثمّ محافظتا لحج ومأرب، بنحو 93 ضحيّة، ثم محافظة البيضاء (39 ضحية) وأبين (35 ضحية). ووثّق الفريق 924 حالة إصابة نتيجة انفجار لغم أرضي.
من بين تلك الوقائع واقعة انفجار لغم أرضي في سيارة المواطن محمد سيف محمد أحمد 47 عاما من نوع هيلوكس عند خروجه من مزرعته في وادي حنُة السفلى بمديرية الوازعية غرب مدينة تعز وعلى متنها 17 راكبا غالبيتهم أطفال.
"محمد" أحد الناجين من الواقعة روى لراصدي التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان ما حدث قائلا: "خرجت صباح الثلاثاء 9 أغسطس 2016 م مع ستة من أطفالي و13 آخرين من أقاربي وأبناء الجيران النازحين معنا بقرية الهشامة مديرية الوازعية قاصدين مزرعتنا في وادي حنُة السفلى للتنزه وقضاء فترة نقاهة ومضينا دون أن يعترضنا شيئا حتى وصلنا المزرعة.
كان الجو ساحرا لدرجة يستحال معها حتى مجرد التفكير بالعودة للمنزل، طبقا ل«محمد» غير أن هطول المطر بصورة مباغته فرض عليه ومن معه مغادرة المكان خشية أن تعيقهم السيول وحتى يمنع انزلاق الإطارات في الوحل خصوصا مع تشرب الخط الترابي بالمياه وضع «محمد» كمية من أحجار البناء في صندوق السيارة وسلم القيادة لشخص أخر من أقاربه.
في تمام الساعة الحادية عشر إلا ربع عند وصولهم نهاية الوادي وقبل دخولهم الخط الرئيسي بمنطقة «ديعيان» وتحديدا بالقرب من بئر ماء تسمى «الشوترية» انحرف السائق مسافة بسيطة عن الخط الفرعي باتجاه اليمين فانفجر لغم أرضي في منتصف السيارة فتناثرت أشلاء 10 من الركاب بينهم 6 أطفال وأصيب 9 آخرين بجروح بليغة نقلوا على إثرها إلى مستشفى البرح ومنه إلى مستشفيات مدينة الحديدة بينما نجا مالك السيارة إلا من إصابات طفيفة.
قبلها بنحو 10 أشهر وتحديدا الساعة السابعة من صباح الاثنين الموافق 2نوفمبر 2015 م انفجر أول لغم أرضي بأحد باصات الأجرة أثناء مروره من نقطة تفتيش تابعة لميليشيا الحوثي - صالح وقوات موالية للرئيس السابق في منطقة ثعبات، مما أسفر عن مقتل الشاب/ عماد فيصل محمد احمد 27 عاما وسائق الباص الذي تناثر جسده إلى أشاء ولم يتمكن فريق الرصد من التعرف على هويته أو حتى الوصول إلى أهله وأقاربه.
معاذ طاهر 32 عاما الشاهد على الواقعة روى للفريق ما حدث: "كان عماد فيصل عائد من غربته في المملكة العربية السعودية وعند وصوله إلى منطقة الحوبان قرر يستأجر باص أجرة كي يوصله مع أغراضه إلى منزلهم الكائن في حي الضبوعة وسط مدينة تعز وعند وصولهم جوار جامع عقبه انفجر بهم لغم ارضي كان ميليشيا الحوثي وصالح قد زرعوه في الطريق العام لمنع تقدم المقاومة الشعبية بعد سيطرتها على قلعة القاهرة والتقدم يومها إلى مبنى المحافظة".
ويؤكد معاذ بان أشلاء الضحايا «عماد» و«سائق الباص» شوهدت وهي تتطاير على بعد أمتار من مكان الانفجار وقد تم جمعها بصعوبة بالغة من قبل بعض سكان الحي ونقلها إلى داخل جامع عقبة لتبدأ بعد ذلك معاناة نقل بقايا جثة «عماد» إلى ثلاجة مستشفى الروضة شمال المدينة -حد تعبيره.
"الموقف مؤلم للغاية بالنسبة لأسرة كانت تنتظر على أحر من الجمر لحظة وصول أبنها الغائب عنها أكثر من عام وعروس احترقت شوقا لأول لحظة لقاء تجمعها بشريك حياتها بعد أن فرقتهما ظروف الحياة الصعبة".. بهذه الكلمات اختزل أحد أقارب «عماد» حجم معاناة أسرته التي لم تتسلم حتى جثة ولدها كاملة.
وأضاف: "لا يزال جزء من جثة عماد في مكان الحادث نظرا لأن ميليشيا الحوثي - صالح منعتنا من الدخول لأخذ باقي الجثة أو الدخول من خط ثعبات مما اضطرنا إلى الدخول عبر مفرق الذكرة مرورا بشارع الستين والمطار القديم والدحي حتى أوصلناها الى مستشفى الروضة وقمنا بدفنها صباح اليوم الثاني في مقبرة السعيد".
وفي تمام الساعة الحادي عشر من ظهر السبت 12 مارس 2016 م انفجر لغم مضاد للدروع ببابور مياه في قرية الميهال منطقة الضباب وراح ضحيته طفلين هما: محمد فاروق ناجي محسن 10 سنوات وشقيقه الذي يكبره بعامين عمر فاروق ناجي محسن وأصيب طفل ثالث هو معين خالد يحيى 10 سنوات الطالب في الصف الأول أساسي.
يقول معين: "كنا نجري بعد البابور نريد أن نتعلق أنا والأخوين محمد وعمر فاروق وهم تعلقوا بالبابور وركبوا وأنا كنت اجري وراء البابور ثم انفجر اللغم بالبابور وماتوا الاثنين محمد وعمر فاروق وأنا أصبت بشظايا في الوجه والرأس".
بعد 22 يوما فقط وتحديدا في تمام الساعة الخامسة قبل مغرب الأربعاء خرجت جميله قاسم مهيوب احمد 60 عاما لتعيد أغنامها إلى البيت وبينما هي ماشية في تبة الجراجر خلف جامعة تعز وقع قدمها على لغم زرعته ميليشيا الحوثي - صالح في محيط الجامعة أثناء سيطرتهم عليها والتمترس بداخلها.
تقول جميلة: "انفجر اللغم وشعرت بنفسي أطير في الهواء ثم سقطت فوق لغم آخر لكنه لم ينفجر، بعدها دخلت في غيبوبة ولم استيقظ منها إلا في مستشفى الثورة بمدينة تعز فكانت الصدمة الأكبر عندما تفاجأت بإحدى أقدامي وقد بترت بالكامل والأخرى مكسورة ومعلقة بالجلد".
ويروي الطالب يوسف عبدالله محمد علي 20 عاما أحد شهود العيان على الواقعة ما حدث: "كنت في منزل عاقل الحارة الذي يبعد عن مكان الواقعة بحوالي 100 متر فقط وما أن سمعت دوي الانفجار حتى ظهرت فورا من النافذة فرأيت شيء يهوي إلى الأعلى ثم خرجت وإذا بها جميلة قاسم ملقية على الأرض والدماء تغطي جسدها وعلى بعد مترين تقريبا إحدى قدميها التي بترت تماما والقدم الأخرى لا زالت معلقة في الجلد بعد أن انكسرت وهي تصرخ بأعلى صوتها حتى جاء شباب من الحارة وقاموا بنقلها الى مستشفى الثورة وهناك قاموا ببتر الرجل اليمنى من أعلى الركبة واليسرى من أسفلها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.