أحيى أمس الجمعة في جامع الجند قرابة خمسة عشر ألف مصلي ذكرى تأسيس جامع الجند على يد الصحابي الجليل "معاذ بن جبل" وقد شهد الجامع منذ ثلاثة أيام على التوالي أجواء إيمانية وروحانية وتوافدا كبيراً للزائرين الذين جاءوا من مناطق مختلفة حيث لم يتسع المسجد وسقفه الأعلى للمصلين ما اعتبره مراقبون بأنه لأول مرة يشهد هذا الجمع الغفير. وقد أكد فضيلة الشيخ الداعية أبوبكر العدني المشهور أن ما أصاب العالم الإسلامي اليوم من تقهقر وتشرذم وتخلف في كل المجالات ماهو إلا انعكاس للتراكم السلبي للممارسات التي انحرفت عن جادة الصواب والابتعاد عن الإسلام بمضامينه الحقة. واستهجن الشيخ المشهور في خطبتي الجمعة بمسجد الجند التاريخي في تعز، الأصوات النشاز التي تسعى إلى نشر بذور الفرقة والشتات بين أبناء الشعب اليمني الواحد. داعياً الجميع إلى تحكيم العقل ونبذ الفرقة والاقتداء بنهج الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي استطاع توحيد العرب بعد ان كانوا قبائل متناحرة متباعدة ثم وحد الجزيرة العربية كلها حتى غدا الإسلام عالمياً. وأهاب بجميع أبناء الوطن وقواه السياسية التمسك بالوحدة وصيانتها وصيانة أوعيتها وإدارة أية تباينات أو اختلافات في إطارها, باعتبار الوحدة مطلباً وطنياً وقومياً وإسلامياً. وقال" إن ديننا الإسلامي الحنيف يحثنا على تعزيز القواسم المشتركة والتوحد والوحدة التي من فضائلها اجتماعنا اليوم بمسجد الجند التاريخي، وضرورة تفويت الفرصة على الشيطان وزبانيته الذين ينخرون في جسد الوطن. واستنكر الشيخ المشهور الأعمال الإجرامية التي تسيء للدين وأخلاقيات الشعب اليمني وبالأخص تلك التي تستهدف الأجانب الأبرياء الذين يزورون اليمن. مؤكدا أن تلك الأعمال تتنافى مع قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف وأخلاقيات الشعب اليمني الأصيلة, فضلا عن كونها تسيء للدين وللوطن وللإنسانية كافة. ودعا الخطيب المشهور المسلمين بمختلف مذاهبهم وأفكارهم إلى تعزيز القاسم المشترك فيما بينهم وترك ما اختلف عليه وتغليب مصلحة الدين والعباد. وشدد على أهمية أن يحرص جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على العمل من اجل إحياء قيم الدين واستعادة كرامة الأمة وكذا النهوض بمستوى البلاد والعباد. وتطرق إلى أهمية إحياء ذكرى تأسيس جامع الجند على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل والذي يحمل الكثير من المعاني والدلالات والتي من أهمها توحيد اليمن الذي كان 41 مخلافاً والتفاف الأمة اليمنية حول الإسلام والتمسك به. وأكد الشيخ المشهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الصحابي الجليل معاذ بن جبل إلى أهل اليمن ليجسد معاني الوحدة والعلم. وقال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم إني اعو ذبك من الحور بعد الكور ومن النقصان بعد الزيادة ومن الفرقة بعد الاجتماع). وأشار إلى أن معاذ بن جبل جسد هذه المعاني العظيمة حيث كانت اليمن عند مقدمه 41 مخلافا لكل مخلاف إدارته فوحدها الرسول الأعظم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين إلى 3 مخاليف، مخلاف صنعاء ومخلاف الجند والتهايم ومخلاف حضرموت. وبين الداعية أبو بكر المشهور أن الإسلام دين توحد لا فرقة، دين محبة لا دين اختطاف وقتل وتقطع. وقال" إن الوحدة في الوطن ثابت لا يتغير وكل ذي دين لا يقبل بالفرقة ودعوتنا الوسطية لا صراع على الحكم ولا على المعارضة، وأضاف: من يتكلم من على منبر جامع الجند يجب أن يقول كلمة الحق إن أمة اليمن لا تصلح إلا بوحدتها كما انه علينا تقديم النصح للحاكم والمعارضة في تسيير أمور الدنيا والدين. ولفت إلى ما يجري في بعض الاقطاع العربية والإسلامية، وقال" إن امتنا ينفرط عراها، لقد دس الشيطان أتباعه في الجسد الإسلامي واتسعت دائرة الخلاف بسبب ابتعادنا عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف. ودعا الشيخ المشهور جميع المسلمين بمختلف توجهاتهم إلى التوحد وإحياء قيم التماسك والإخاء والمودة. وأضاف: ماعلينا كشعوب وأحزاب وعلماء وحكومات إلا الرجوع إلى القاسم المشترك المتمثل بالدين الإسلامي لإيجاد هدف مشترك نوجد منه الوقاية لأي اعوجاج. وقال لا بد من الاعتراف بالأخطاء التي تطرأ ويتوجب إصلاحها في أوعية وحدتنا وطالب كل من عليهم مسؤولية أن يعيدوا شرف الدين الإسلامي إلى المدارس والجامعات، ونوه إلى أنه في العام القادم بإذن الله ستجتمع كل الجماعات في هذا المكان المبارك على أساس القاسم المشترك. وفي سياق متصل اختتمت أمس قبل الظهر بجامع الجند فعاليات ذكرى تأسيس مسجد الجند على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه والتي نضمها مركز الإبداع ومنتدى تعز الثقافي بالتنسيق مع مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز حيث تم اختتام القرآن الكريم وختم صحيح البخاري وتحدث عدد من الدعاة والعلماء عن أهمية المناسبة منهم وزير الأوقاف والإرشاد القاضي/ حمود بن عبدالحميد الهتار الذي أكد بأن المناسبة تأتي لتصفية القلوب وتصحيح المفاهيم وقال بأن التصوف دائم على الكتاب والسنة وأن ما يبرره بعض الأشخاص من أخطاء وتصرفات الصوفية بعيدة عنها كل البعد وشدد على ضرورة الدفاع عن الوحدة اليمنية لا الدفاع عن الأنظمة والأشخاص. وتطرق وزير الأوقاف للرسالة العظيمة لمبعوث رسول الله الصحابي الجليل معاذ بن جبل إلى أهل اليمن في تعلم القران والفقه والسنة النبوية الشريفة. داعيا إلى نبذ الفرقة والتنازع بين المسلمين وإحياء القدرات العلمية والإبداعية التليدة التي استفاد منها الغرب كثيرا في نهضتهم العلمية والصناعية. كما دعا الجميع إلى الاصطفاف مع وحدة الوطن أرضاً وإنساناً، مؤكدا أن الوحدة فريضة من فرائض الدين الإسلامي شأنها شأن فريضة الحج والصلاة والصيام ويجب التعاطي معها والحفاظ عليها.