بعد ثلاثة أعوام من الانقلاب، بات سكان العاصمة صنعاء، يعانون من أوضاع معيشية صعبة مع تدني مستوى دخل الأسر، بعد انقطاع رواتب الموظفين وانعدام مصادر الدخل الأخرى، وتعيش اليوم كثير من الأسر المصنفة من متوسطي الدخل في ظل الظروف الطبيعية البؤس وتواجه فقراً مدقعاً كتهديد يمس حياتها. في حين يتصاعد حجم الفساد والنهب الذي يمارسه الانقلابيون والإثراء الفاحش الذي تقوم به طبقة جديدة بيروقراطية سلالية تتمثل في زعماء الحرب من المليشيات والمخلوع وقياداته، وتحصد من استمرار الحرب مكاسب مادية وأرصدة خاصة واستثمارات على حساب أقوات اليمنيين. ومع تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي كصورة حية من تداعيات الانقلاب على سلطات الدولة الشرعية في ال21من سبتمبر 2014م. تتوالى قصص المآسي التي لا نهاية لها في ظل بؤس المعيشة وشبح المجاعة المتسلط على الناس في أرزاقهم وأقواتهم بعد أكثر من ثلاثة أعوام من انقلاب مليشيات الحوثي والمخلوع واجتياح صنعاء. فرز معيشي جديد وأبرزت حرب مليشيات الانقلاب على اليمنيين، فرز جديد للناس في صنعاء من الناحية المعيشية، فبحسب محللون أنتج انقلاب مليشيات الحوثي والمخلوع بعد ثلاثة أعوام من أحداثه الدامية طبقتين في صنعاء ومناطق الانقلاب، تتمثل الأولى في بيروقراطية سلالية تتمثل في زعماء الحرب من المليشيات والمخلوع وقياداته، وتعيش ثراءً فاحشاً، وتحصد من استمرار الحرب مكاسب مادية وأرصدة خاصة واستثمارات على حساب الطبقة الثانية التي أفرزتها الحرب كطبقة غالبية تتمثل في الموظفين بكل القطاعات الحكومية والخاصة والفئات المهمشة ومحدودي الدخل وغيرهم وهي الشريحة التي تمثل المجتمع المسحوق فقراً وبطالة جراء الحرب. تتجول بين أوجاع الناس في صنعاء المليشيا وتصدمك قصص الانهيار الأسري والتفكك وخراب البيوت، وهي الحالة التي تحولت إلى ظاهرة يومية، فإحدى النساء تتطلق للمرة الثانية لعجز زوجها عن فتح بيت وتولي مسئولية الأبناء، وآخر يخرج من بيته ثم يستلقى أرضاً على وجهه بعد عجزه عن إطعام أطفاله ليفقد عقله ويصبح''مجنونا'' يفترش الشوارع ويقتات القمائم، لينهار بيته وتتشتت أسرته. وغير بعيد هناك امرأة أخرى يتركها زوجها لتواجه ظروف المعيشة وتتحمل المسئولية بمفردها، وتعيش في دكان صغير يلم أنينها ليلا، بينما هي نهارا تتسكع في شوارع صنعاء لتبحث عن قوارير الماء البلاستيكية لتقتات من فتات ثمنها.. وفي هذا الوضع الذي تكشفت فيه ستور البيوت وخروج الناس المتعففين من بيوتهم لامتهان أي عمل من أجل لقمة العيش، يتعرض الموظف وبالخاصة المعلم لكافة صنوف الذل والهوان، فهذا معلم بدرجة وكيل مدرسة ينقل حجارة البناء بالأجر اليومي، ومعلمة أخرى تصنع فطائر لتبيعها في مناسبات تجمع النساء، وآخر يبيع القات. صور من المأساة ورصد استطلاع ل"العاصمة أونلاين" إحدى النساء تجمع قوارير الماء البلاستيكية وتتعرض للإهانات في أحواش بعض المنازل التي تدخلها لجمع ما أمكن من القوارير لبيعها بمبلغ زهيد لا يتجاوز نصف دولار من أجل أن تقتات منه أسرتها معدومة الدخل، بسبب توقف مرتب عائل الأسرة الذي كان يعمل في السلك العسكري وبات اليوم طريح الفراش، وآخر يشكو حالة أسرته المزرية فهو مصاب بورم سرطاني مفاجئ وأولاده جوعى في البيت. وأصبحت براميل القمامة مصدر قوت يومي لكثير من المواطنين المعدمين في العاصمة صنعاء في ظل الانقلاب الغاشم والذي يتقاضى رواتب المواطنين لتسيير أعماله الإجرامية ضد الشعب. وحسب ما نشرت مواقع خليجية قالت إن الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها اليمنيون فرضت على "حسام" ذي الثلاثة عشر ربيعاً أن يترك مقاعد الدراسة ويعمل في جمع علب المياه البلاستيكية وقطع المعدن من مقلب القمامة لبيعها في مكان قريب ليقتات بها مع أسرته المكونة من 5 أفراد هو أكبرهم. وأضاف الموقع أن مقلب القمامة في منطقة الأزرقين بالجهة الشمالية للعاصمة صنعاء، يعج بالمئات من الأطفال والشباب للبحث عما يمكن أن يباع من القطع البلاستيكية والمعدنية والنحاسية وغيرها، ليتحول المكان إلى قبلة للأطفال الأيتام والفقراء. ويمثل "مقلب القمامة" فرصة عمل مفتوحة للجميع، ومن يعمل هنا عليه أن يتحمل مضايقات الآخرين وخطر بعض المخالفات، في ظل انقلاب يحكم سيطرة على المال العام ومؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء منذ 21سبتمبر2014م. من الفقر إلى الثراء الفاحش وتؤكد العديد من الشواهد والمصادر أن هناك تغير جذري ونوعي في الوضع المادي للعديد من الأسماء المرموقة في سماء الانقلاب منذ الحادي والعشرون من سبتمبر 2014م وحتى يومنا هذا، في حين كانت من أشد الناس فقرا وعوزا. فقد ذكرت مصادر مطلعة أن أحد أتباع المليشيات الانقلابية والذي كان لا يجد قوت يومه، أنه منذ انقلاب 2014م تغير وضعه إلى حد غير معقول ولا طبيعي، فقد أصبح يسير بمرافقين وبأفخم أنواع السيارات على الإطلاق، وقام بعمل مشروع تجاري استثماري بالحصبة جوار مؤسسة اليتيم تتجاوز كلفته مائة مليون ريال يمني حيث قام بعمل منتزه متضمن مسابح وعدد من المحال تجارية المتنوعة على أرض تتبع آل الرحبي الذين رفضوا بيع الأرض له فاتفق معهم على دفع إيجار شهري للأرض التي أنشأ عليها مشروعه الاستثماري. الأمر الذي أدهش الكثيرين وطرح الكثير من التساؤلات، من أين كل هذا، وموظفو الدولة بدون رواتب لأكثر من عام بذريعة إفلاس خزينة الدولة وعجز المليشيات عن الوفاء بالتزامات موظفو الدولة في المؤسسات والوزارات والمرافق الواقعة تحت سيطرتها واحتلالها؟!. كما تشير مصادر أن الكثير من أتباع المليشيات الانقلابية يشترون الأراضي وأنواع العقارات بمئات الملايين في حين كانت أوضاعهم ما بين فقر إلى وضع متوسط في أحسن الأحوال، أمثال " عبد الله مفضل " الذي عينته المليشيات الانقلابية مسؤولا للتمويل الحربي في حربها على محافظة تعز؛ اشترى أراض منذ احتلال العاصمة صنعاء وبناها بعشرات الملايين، وكذا محاولة الانقلابيين شراء إحدى عقارات القاضي مرشد العرشاني وبأي مبلغ يطلبه. وتتزايد يوما بعد يوم عمليات النهب والسطو والاحتلال للعديد من العقارات الخاصة والجمعيات والمنظمات بأمانة العاصمة منذ الاحتلال الغاشم في سبتمبر 2014م، والذي بدوره يفسر سبب التغير المهول في الأوضاع المعيشية والمادية للعديد من القيادات الانقلابية وأتباعها. فضائح فساد تكشفها الخلافات وفي الوقت الذي تعيش العاصمة صنعاء بعد ثلاثة أعوام من الانقلاب، وضعاً إنسانيا صعباً من الناحيتين الاقتصادية والمعيشية، وأزاد تفاقماً بفعل استمرار إيقاف المليشيات مرتبات الموظفين منذ أغسطس من العام الماضي.. فوجئ اليمنيون في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، بحجم الفساد والنهب الذي ظهر جزء منه بأرقام خيالية، كشفها طرفا الانقلاب في سياق تبادل الاتهامات عقب تفجر الخلافات بينهم. وكان وزير الاتصالات في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، جليدان محمود جليدان، والمنتمي إلى حزب المخلوع صالح، كشف في مؤتمر صحافي خلال شهر أغسطس 2017م، أن قطاع الاتصالات فقط ورد إلى الخزينة العامة في البنك المركزي اليمني، أكثر من 98 مليار ريال منذ ديسمبر 2016. وعزز حديث جليدان، اتهامات المخلوع صالح في خطابه الأخير، بوجود موارد تُرفد إلى الخزينة العامة لكنها لا تُصرف، متهما الحوثيين بنهب الإيرادات العامة وعدم إنفاقها في دفع رواتب الموظفين الحكوميين. وأكد أمين عام المؤتمر الشعبي، عارف الزوكا، أن الحوثيين نهبوا 4 مليارات دولار من خزينة الدولة. كما أن المليارات الأخرى المحصلة من أوعية إيرادية مختلفة بينها الضرائب والنفط والجمارك، لا أحد يعلم أين ذهبت باستثناء من نهبوها، فيما يعاني موظفي الدولة (مليون و200 ألف موظف) من توقف صرف مرتباتهم منذ عام، وحجة الانقلابيين انعدام السيولة، ونقل الحكومة الشرعية البنك المركزي إلى عدن. وأظهر التراشق الإعلامي بين شريكي الانقلاب، نهب مليارات الريالات من أقوات اليمنيين، مع تأكيد كل طرف أنه كان بالإمكان دفع رواتب موظفي الدولة، لولا فساد الآخر، وكل واحد منهم يخلي مسؤوليته، في تلاعب يصفه سليم المحمودي (موظف)، ب"شغل عصابات". وأكد المحمودي ل"العربية.نت"، ثقته أن ما نشره كل طرف انقلابي عن فساد الآخر وبالمليارات لا يتعدى 5% من النهب المخفي، والذي لم يكشف عنه. وقال: "إذا اتقفوا فيما بينهم نهبونا، وإذا اختلفوا قتلونا". وظهر وزير المالية في حكومة الانقلاب، صالح شعبان (حوثي)، ليقول إن ما تم توريده من الاتصالات إلى الحزينة العامة 64 مليار و76 مليون ريال، وليس 98 مليار، وهو التصريح الذي اعتبرته وزارة الاتصالات المؤتمرية، مثيراً للشكوك حول إجمالي إيرادات القطاعات الحكومية لخزينة الدولة ومصيرها، مؤكدة دقة أرقامها، وأن تصريحات شعبان ليست إلا مغالطة وتضليل للرأي العام لإنفاق تلك الإيرادات في غير محلها. وبحسب خبراء اقتصاد محليون، فإن إيرادات الاتصالات وحدها، كافية لصرف رواتب 4 أشهر للموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، مقدرين حجم الفوارق في أسعار المشتقات النفطية التي ينهبها الانقلابيين بأكثر من 200 مليار ريال شهرياً، وهذه الفوارق قال وزير التجارة الموالي للحوثيين عبده بشر، إنه كان بالإمكان صرف الرواتب منها، في حالة تم توريدها إلى البنك المركزي. وهدد ناطق الحوثيين، محمد عبدالسلام، ب"فتح ملفات فساد صالح وقيادات حزبه"، فيما طالب رئيس ما يسمى اللجنة الثورية محمد الحوثي بمحاسبة المخلوع صالح على 35 عاماً من الفساد والنهب في السلطة. واتهم ما يسمى بالمجلس السياسي للحوثيين، حزب المخلوع صالح، بممارسة الفساد في الوزارات التي من نصيبه في حكومة الانقلاب، لكنه لم يذكر في بيانه وقائع محددة. ابتزاز وتكسب غير مشروع وتدير ميليشيات الحوثي، منذ انقلابها على السلطة الشرعية أواخر عام 2014، وضمن الاقتصاد الموازي الذي تعتمد عليه لتمويل حروبها ضد الشعب اليمني، تجارة مزدهرة تتمثل في السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية، والتي تخضع لإشرافهم وتدر عليهم أرباحاً مالية طائلة. فما أن أحكمت المليشيا الانقلابية قبضتها على العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات حتى سارعت إلى إخفاء المشتقات النفطية في محطات تعبئة الوقود، وقامت بإنشاء أسواق سوداء لبيع الوقود في أكثر من محافظة يمنية، عبر مشرفي ومندوبي الجماعة الذين ينتمي معظمهم إلى محافظة صعدة معقل الجماعة. وتحول قادة الجماعة إلى أثرياء ورؤوس أموال بين عشية وضحاها من عائدات السوق السوداء للمشتقات النفطية، والذين حولوا البلاد إلى سوق سوداء كبيرة، بينما تحول معظم الشعب إلى معدمين وفقراء وعاطلين عن العمل، بسبب انقلابهم المشؤوم. وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير جديد لها عن الأوضاع الاقتصادية في اليمن ذكرت "أن فريق خبراء تابعاً للأمم المتحدة أكد أن جماعة الحوثي المتمردة في اليمن تجني أموالاً طائلة من السوق السوداء، وأن الوقود كان "أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين". كما تعمل جماعة الحوثيين على تمويل حروبها من خلال الجبايات والإتاوات وابتزاز التجار وفرض جمارك وضرائب إضافية غير قانونية عليهم، ونهب الإيرادات العامة المختلفة في مناطق سيطرتها، وطلب تبرعات مباشرة لما يسمى "المجهود الحربي" باعتباره "واجباً وطنياً" وفق تعبيرهم، أو عرقلة أعمالهم كما يحدث لتجار الوقود من خارج الجماعة. وأسست جماعة الحوثيين كياناتٍ اقتصادية موازية في مناطقها لتمويل الحرب، وهي لا تدفع رواتب لمئات من أفرادها المنتشرين في نقاط التفتيش التي تعد بالمئات، وتركت لهم حرية التصرف وتدبير أموال من خلال ابتزاز المارة. وتحولت نقاط التفتيش هذه إلى مورد ثابت تُقدر عائداته اليومية بملايين الريالات. وبالرغم من الإيرادات المالية الهائلة، التي تتحصل عليها وتنهبها ميليشيات الحوثي، تحت مسمى "المجهود الحربي"، فإنها قامت أيضا بنهب رواتب موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأوقفت صرفها ولازالت، لهم منذ أكثر من عام.