ارتبطت كلمة الإغراء في السينما المصرية والعربية بالفنانات فقط، فنقول إن هذه فنانة توافق على أداء أدوار الإغراء وتلك ترفض. ولطالما تم تناول الفنانات اللاتي برزن في مثل هذه الأدوار في مئات، بل آلاف الموضوعات الصحفية والتلفزيونية، ابتداء برائدة فن الإغراء في السينما المصرية والعربية هند رستم، ومن بعدها هدى سلطان ونادية لطفي والكثيرات غيرهن، مرورا بجيل سعاد حسني ونجلاء فتحي وميرفت أمين والمعتزلة شمس البارودي والراحلات مديحة كامل وناهد شريف، انتهاء بفنانات الجيل الحالي مثل غادة عبد الرازق وعلا غانم وسمية الخشاب، بل منة شلبي التي صنفت كممثلة إغراء بعد انطلاقتها الأولى في فيلم «الساحر» مع محمود عبد العزيز، وكذلك هند صبري بعد ان كتبت شهادة ميلادها في فيلم «مذكرات مراهقة» مع إيناس الدغيدي، وظل اللقب ملتصقا بهن حتى الآن على الرغم من أن معظم الأفلام التي قدمنها فيما بعد كانت خالية من مثل هذه المشاهد.على الطرف الآخر لم يحدث على الإطلاق، سواء قديما أو حديثا، أن صنف الممثلون الرجال بالشكل نفسه، على الرغم من أن السينما شهدت عبر تاريخها الطويل عشرات الفنانين الذين اشتهروا بالوسامة والقوام الممشوق والعضلات المفتولة والنظرات الثاقبة، وكما برعوا في كل الأدوار التي أدوها برعوا كذلك في أدوار الإغراء، سواء من جيل الخمسينيات والستينيات مثل رشدي أباظة وعمر الشريف وكمال الشناوي وشكري سرحان واحمد رمزي، أو أبناء السبعينيات والثمانينيات مثل محمود ياسين وحسين فهمي ونور الشريف وفاروق الفيشاوي.المغرون الجددكذلك لم يطلق هذا اللقب على أبناء هذا الجيل، مثل هاني سلامة الذي كتب شهادة ميلاده في أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين بنظراته الفتاكة الثاقبة التي ذكرنا بها بنظرات عمر الشريف الذي انطلق عبر أفلام المخرج نفسه، ويمتلك كاريزما خاصة تدفع النساء والفتيات للتهافت عليه. وكذلك الوسيم احمد عز الذي كتب شهادة ميلاده بفيلم «مذكرات مراهقة» مع إيناس الدغيدي، وتامر هجرس الذي انطلق أيضا عبر سينما المخرجة إيناس الدغيدي، وفتحي عبد الوهاب الذي قدم مشاهد إغراء في الكثير من أفلامه، وأيضا تامر حسني الذي يقدم الإغراء في أفلامه بشكل مختلف، فيعتمد على مصطلحات وتعبيرات وإيماءات جنسية صارخة، خاصة فيما يقدمه من أغنيات بهذه الأفلام.وهكذا حتى جيل عمرو سعد الذي تألق في أداء هذه المشاهد في أفلام خالد يوسف الشهيرة «حين ميسرة» مع سمية الخشاب و«دكان شحاتة» مع هيفاء وهبي، وأيضا أحمد عزمي الذي انضم بقوة إلى هذه القائمة في الأعوام الثلاثة الماضية، وآسر ياسين الذي أصبح يصنف كأحد نجوم الإغراء الجدد، خاصة بعد المشاهد التي قدمها في فيلمي «الوعد» مع روبي و«رسائل بحر»، وأيضا حسن الرداد الذي انضم الى هذه القائمة بعد المشاهد الجريئة التي أداها في فيلم «احكي ياشهرزاد» مع منى زكي، وآخرون غيرهم.موافقة ورفضويذكرنا هذا بالحديث الأخير الذي أدلى به المخرج هاني فوزي الذي قدم خلال العامين الماضيين سلسلة من الأفلام التي تم تصنيفها تحت مسمى أفلام الجنس والعري مثل «بدون رقابة» و«أحاسيس» وغيرها من الأفلام، فبسؤاله عن الأسباب التي تدفعه لاختيار مجموعة بعينها من الفنانين، مثل باسم سمرة وأحمد عزمي وإدوارد للقيام ببطولات أفلامه بصفة مستمرة، قال: «لكونهم يوافقون على أداء مشاهد الإغراء التي أطلبها منهم، ولا يعترضون على شيء».وبقليل من التفكير في هذا الكلام، ندرك أن هناك فنانين آخرين يرشحهم لأعماله، إلا أنهم يعترضون على أداء هذه المشاهد لسبب أو لآخر، ومن ثم لا يجد أمامه بدائل عن فنانين بعينهم يوافقون ولا يعترضون.والسؤال هو: لماذا إذن، مادام الأمر كذلك، لم يطلق لقب الإغراء على الممثلين الرجال الذين يوافقون على أداء مثل هذه المشاهد كما هي الحال مع الفنانات؟ وهل هناك حقا فنانون يرفضون أداء مثل هذه المشاهد خوفا من أن يتم إطلاق مثل هذا المصطلح عليهم؟متخصصون في الإغراءسألنا الفنانة علا غانم فقالت: - أتفق معكم تماما في هذا الموضوع، بل أرى أن هذا الأمر يحمل الكثير من الظلم لنا نحن الفنانات. فعلى الرغم من أننا كما قدمنا الإغراء في بعض أفلامنا، فإننا قدمنا أيضا أفلاما أخرى خالية تماما منه. لكنهم رغم هذا يصرون على تصنيفنا بهذا الشكل، بينما للأسف لا يتم التعامل مع الفنانين الرجال بالأسلوب نفسه.هناك فنانون بعينهم متخصصون في ادوار الاغراء، بل يستعان بهم في الأفلام من أجلها، ومع هذا يطلق عليهم لقب ممثلين أو فنانين فقط، على عكس ما يحدث معنا. ومن هنا أرى أن هذا الأمر يمثل ظلما كبيرا للفنانات، ويجب تعديل الصورة، فالمساواة حتى في الظلم عدل كما يقول المثل الشهير.صديق وعشيقوتضحك الفنانة غادة عبد الرازق وتقول:- أعتقد أن الفنانة حينما تؤدي دور إغراء في أحد الأفلام، لا تفعل ذلك منفردة أو مع فنانة أخرى مثلا.. بل مع ممثل رجل اختاره المخرج بعناية ليقوم بدور حبيبها أو صديقها أو حتى عشيقها، بناء على مقومات شكلية وجسمانية بعينها حتى يقتنع الجمهور به وبأدائه بوجه عام، وفي مشاهد الحب والغرام بوجه خاص.. كما هي الحال بالنسبة للصفات التي يختار الفنانة على أساسها.. فلماذا إذن يتم تصنيف الفنانات على هذا النحو بينما على الطرف الآخر لا يتم تصنيف الفنانين في الخانة نفسها؟لقب مرفوضهذا عن الفنانات، فماذا عن النجوم الرجال الذين تألقوا في أداء مثل هذه المشاهد؟ وهل من الممكن أن يوافقوا على تصنيفهم تحت هذا المسمى؟!توجهنا إلى النجم أحمد عز فأجاب قائلا:- بالطبع لا يسعدني على الإطلاق أن يطلق مثل هذا اللقب عليَّ، فأنا ممثل اؤدي الأدوار التي أرشح لها وأرى أنها مناسبة لي ومختلفة عما سبق لي تقديمه. وفي الأعوام الأخيرة أصبحت شديد الحرص في اختيار الأعمال التي أقدمها، وأسعى ألا أجرح أحدا، وألا أجعل أي أب وأم يشعران بإحراج عند اصطحاب أبنائهما وبناتهما لمشاهدة أفلامي في دور العرض. والحمد لله انني نجحت في اكتساب احترام الجميع، لهذا أقول إنني نادم على بعض التجارب الأولى التي قدمتها وأنا في بداية مشواري، أي قبل أن يكون لي حق الاختيار بشكل كامل فيما أقدمه.عقول وغرائزومن الزاوية ذاتها يقول الفنان الشاب أحمد فهمي:- ليس لي تجارب سينمائية عديدة، إلا أنني، وبصدق، شعرت بندم لموافقتي على أداء بعض المشاهد في فيلم «بدون رقابة»، خاصة أن هذه المشاهد أغضبت بعض المقربين مني، وفي مقدمتهم والدتي التي طالبتني بضرورة عدم الإقدام على مثل هذه التجربة مرة ثانية، فعاهدتها وعاهدت نفسي على عدم العمل إلا في الإعمال التي تخاطب العقول وليس الغرائز. لهذا أنا سعيد بتجاربي الأخرى التي لم أقدم فيها مشاهد كهذه، مثل تجربتي في فيلم «خليج نعمة» مع غادة عادل.للإغراء شروطويختلف معهما الفنان الشاب آسر ياسين ويعلق قائلا:- لا يوجد شيء اسمه ممثل إغراء أو ممثل غير إغراء، فالممثل الموهوب يستطيع أداء كل الأدوار التي تسند إليه، بشرط أن تكون مناسبة له ويكون أيضا مقتنعا بها بما في ذلك مشاهد الإغراء التي تتحدثون عنها، فما دامت مهمة وأساسية ووجودها يخدم العمل إذن فلا بد من تقديمها، أما إذا كانت دخيلة ووضعت من دون ضرورة أو دواع درامية، أي بهدف التجارة ليس أكثر، فهذا أمر مرفوض تماما، ولا يمكن أن نقول عنه إنه فن.