بعد النموذجين اللذين قدمتهما الثورة الشبابية في تونس ومصر, ونموذج العقيد القمعي والأكثر دموية والذي لم يتمكن من إخماد إنتفاضة الليبيين بل زادهم إصراراً على إسقاط ديكتاتور غبي حكمهم بالحديد والنار على مدى 42 عاماً.. بعد كل ذلك سقطت كل الخيارات القمعية للحكام العرب, ولم يتبق أمامهم سوى الإنصياع لمطالب الشعوب ومغادرة كراسي الحكم بسلام حتى يحفظوا لأنفسهم بعض أمان لما تبقى لهم من حياة أو لأولادهم من بعدهم.وفي الحالة اليمنية تكررت بعض السيناريوهات التي ترافقت مع الثورة المصرية وعلى طريقة تجريب المجرب من منطلق الخصوصية اليمنية وإمكانية إنتصار القمع على إنتفاضة الشباب, لكن البلطجة لم تنجح, كما أن (صمًل) الموالين تفقد هيبتها يوماً بعد الأخر, وكذلك الرصاص الحي الذي تمكن من حصد بعض أرواح المعتصمين أخفق في إخراس الأصوات المطالبة بإسقاط النظام.. أساليب البلطجة وضعت الشباب أمام خيارين إما العبودية والإستسلام لعنف النظام وعبثه أو الإستمرار في مواجهة هذا الشكل العدواني وإنتزاع النصر عليه من خلال الصمود والمواجهة السلمية له.حتى اللحظة لا يزال بإمكان الرئيس صالح تقديم نموذج مختلف للنماذج المتوقعة من الأنظمة العربية, لا يزال يمتلك الفرصة لأن يحدث تحولاً حقيقياً سيضعه في قائمة المحترمين- بإمكانه تنحية أقاربه وأولاده من المناصب العسكرية والأمنية وتسليمها لإدارات وطنية, وتسوية الملعب السياسي وإجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة ونزيهة في أجواء تسهودها العدالة والمساواة والديمقراطية.كل المراهنات المتعلقة بالوضع الداخلي لليمن وإمكانية إستغلالها للإطاحة بإنتفاضة الشباب سقطت, فمشروع الإنفصال سقط وإنحاز الحراك الجنوبي إلى خيار إسقاط النظام وكذلك أنصار الحوثي في شمال الشمال.. بمعنى أن الإنتفاضة الشبابية عززت الوحدة الوطنية وأصبحت أكثر أماناً.بالتأكيد أن النموذج الليبي أخمد خيار العنف الذي كان ينوي معانوا النظام استخدامه, لأن الطوفان سيتشكل والتغيير قادم لا محالة.. النموذج التونسي والمصري أكد هزيمة البلطجة, مع أن البعض في اليمن لا يزالون حتى اللحظة يعتقدون نجاعتها.ليس أمام الرئيس صالح إلا خيار الإستسلام للتغيير والسلام ليضمن مكاناً محترماً في التاريخ وفي نفوس اليمنيين.