قلوبنا منفطرة على تلك الدماء الطاهرة التي أراقتها أياد نجسة ظلما وقهرا. أكبادنا محروقة على تلك الأرواح التي فاضت وهي ترى ظلم البشر ماثلا أمام ناظريها قبل أن تعانق ملكوت العزيز المنتقم، غادرت حزني على الإنسانية التي انحدرت إلى حثالة الوحوش، أما الأرواح الطاهرة فقد ارتقت إلى منصف الخلق من المخلوق. لماذا يقع القتلة في نفس الغباء حين يفكرون في القتل! لماذا يعتقدون أن الأشباح التي ترعبهم ستختفي وينعمون بالسلام، حين يسفكون الدماء ويزهقون أرواح الأبرياء يعتقدون أنهم يطفئون أصوات الرفض ويخنقون نبضات الحرية في الصدور، ولا يدركون أن قطرات الدماء التي تتطاير في الهواء هي مشاريع شهداء تنبت أفواجا جديدة تخلق من اجل الفداء! فهنيئا لكم يا أهل رابعة العدوية هنيئا لكم جمعكم العظيم على الحق.. هتافاتكم المضيئة كالشمس.. هنيئا لكم صبركم وجلدكم وصيامكم وعطشكم.. هنيئا لكم شهادتكم في سبيل الله.. أنتم الآن في روضة من جنان الحق والفداء، أنتم في رباط ونصر واستشهاد. يكفيكم فخرا أنكم أطهار ولستم في الجانب المظلم للفطرة الإنسانية. لستم في صف الهام شاهين أو هالة صدقي أو أي من الأرجاس الفاسدين، مادمتم في الطرف الآخر من هؤلاء الأراذل فأنتم على الحق أطهارا أبرار واليوم أصبحتم شهداء أخيار. هنيئا لكم توفيق الزمان والمكان والشهر الحرام وما يوم بدر إلا تأريخ إسلامي يتكرر في قلوبنا وقد غفر الله لأهل بدر ما تقدم من ذنبهم وما تأخر، هنيئا لكم يوم السابع عشر من رمضان عنوان الشهادة في سبيل الله وإعلاء شرع الله.. لقد اختاركم الله ولم يختركم قناصة السيسي القاتل. كم من الأطفال يتمت يا سيسي، وحرمتهم من الأب والعيد قريب! كم من الأرامل حرمتها الزوج والحبيب! كم من الأمهات أحرقت كبدها على ابن شهيد! كل الأكف سترفع وأكفنا نحن من بعيد تدعو عليك يا قاتل والله هو المجيب. يستحيل على قلب المؤمن أن يصدق أن هذه الجموع الهادرة التي تعلي اسم الله أن تعود خائبة أو ذليلة، وأن الهتافات الربانية يمكن أن تقارن بهتافات الشوارعية والبلاطجة والمرتزقة والمخدرين. إن الفرق بين فتاة محجبة محتشمة تدعو لتطبيق شرع الله وبين إحدى الفنانات المصريات التي تدعو للتفسخ وقتل أهل رابعة العدوية هو الفرق بين نقاء وربانية قاطني أهل رابعة ونجاسة قاطني التحرير ومجرميه. يريدون زرع اليأس في قلوبنا بأن تقوم دولة إسلامية حقيقة في بلاد العرب والمسلمين. إنما مهما أعلنوا الحرب على كل القيم الإنسانية وذبح دعاة السلام على أبوابها، لن نعجز ونحن مهبط الديانة أن نكون كتركيا وإصرارها على الحق. إن قلوبنا هناك في رابعة تطوف بين أخوة لنا تساندهم بالدعاء والدموع.. تحاول أبدا أن تستقى من ذلك النبع.. من نبع الأخوة، والإصرار على الشرعية المسلوبة من قبل الكارهين لدين الله وشرعه.