"الوعي والحرية شيء واحد".. كمال جنبلاط ما الذي يجعل العاهل السعودي متحمساً لاستقرار مصر، لماذا لم يبد حماسة من هذا النوع قبل ذلك عندما كانت المعارضة المصرية ومعها مجموعات من "البلاك بلوك" تقوم بإحراق ومهاجمة كل شيء بما في ذلك قصر الاتحادية؟ أظن أنكم تعرفون الجواب، فالمسألة ليست استقرارا ولا هم يحزنون، المسألة تتلخص في ضرب مشروع الديمقراطية في مصر وفي دول الربيع العربي، يجب أن يظل الجميع عبيداً، يعتقد العاهل السعودي وشيوخ دول الخليج، أن هذا ما نستحقه. دائماً، المقابر أكثر الأماكن استقراراً، لكن لا أحد يريد أن يرى نفسه هناك. ماذا بوسع هذه الأنظمة الفاشية أن تفعل أكثر من استقرار أشخاص بعينهم في السلطة؟ اللعنة! في ضوء الانقلاب الدموي الحاصل في مصر، وانحياز نخب سياسية وإعلامية لسياساته القمعية، علينا إعادة تعريف الأشياء من جديد، فالديمقراطية ليست خطة عسكرية، والانقلاب منقطع الصلة عن المدنية، والجيوش العربية ليست جيوشاً، سموها أي شيء آخر. اليوم يخوض المصريون معركة كبرى، معركة الوعي، نعم هذه أهم المعارك، فالعسكر بما يملكون من قوة ومن إعلام يواصلون الكذب، هذه بضاعتهم منذ البدء، وهم لا يخجلون من ذلك. لقد وصل إعلامهم إلى استنتاجات خطيرة عن المؤامرة التي يتعرض لها الشعب المصري التي كان من ضمنها أن الرئيس الأمريكي أوباما عميل لأمريكا!! كان يقال، لماذا تدفع قيادات الإخوان بالبسطاء إلى أحضان الموت فيما تبعد أبناءهم عن الأخطار، كان يقال ذلك، لكن استشهاد أبناء قيادات الإخوان في ميادين الحرية كان رداً عملياً على زيف هذا الادعاء. عندما ماتت أسماء ذات 17 ربيعاً ابنة القيادي الإخواني الدكتور محمد البلتاجي، سارع إعلام العسكر إلى نفي هذا الخبر، وعندما تم دفنها في جنازة مهيبة، خرج البعض ليقول: من يضمن أنها هي التي في النعش. كل يوم يزداد الانقلاب قسوة، عنف، همجية، لكن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر. ففي النهاية لا بد أن ينتصر الشعب وإرادته الحرة، لا يمكن أن تظل مصر وبقية الدول العربية معسكرات نازية. نحن في عصر الثورات، وفي هذا العصر، الإنسان إنسان، ليس قطعة قماش بالية، والأوطان أوطان ليست أماكن لتنفيس رغبات العسكر ونزواتهم الشريرة، أما الاستقرار، فهو لا يكون إلا مع الديمقراطية والحرية، وما عدا ذلك كذبة كبرى لم تعد تنطلي على أحد.