أي بلاد تلك التي تلفظك من أحشائها وتلقي بك طفلا متشردا ، حزينا ، لا تدري أين وجهتك ولا تجد قلبا يرثي لحالك في بلد الإغتراب.. حيث لا وطن لك ولا أهل.. مساءاتك فقد و آلام.. وصباحاتك خوف وترقب لشر يترصد برعمك الغض..! تتلفت يمينا وشمالا ، تبحث عن إجابة لسؤال يعتصر قلبك الصغير.. ماذا جنيت حتى أكوى بلضى الفراق قبل الأوان؟ وما من مجيب يروي ظمأ روحك البعيدة عن محضنها إلا بقايا أتربة عالقة بقدميك الداميين وبأطراف ثوبك المهترئ ، ترافقك في سفرك الشاق الطويل.. وتهمس في روعك كآخر ما يتشبث بك من الوطن الأم..! صبرا أيها العصفور المهاجر.. فإن لعنة حلت بقومك ، لم تدع لهم مما تطيب به الحياة شيئا إلا سحقته حتى الطفولة لم تنجو من جحيمها.! فيا حكومة الإخفاق هل وصل إلى علمكم أن ألافا من شبابنا وفلذات أكبادنا يعبرون الحدود يوميا ليواجهوا مصائرهم المجهولة.؟؟ وبدل أن تحتضنهم المدارس ، يغامرون في رحلات خطرة مجتازين قفار موحشة وجبال شاهقة وسياجات توزع الموت بالمجان.. فإذا ما تخطوا كل العقبات ووصلوا بالسلامة فإن صفة "يماني" تحتم عليهم العمل _أجراء رخيصين جدا_ لدى جيراننا الأثرياء.! ومنهم من يقع فريسة ، سلهة ، لتجار القات والمخدرات ، فيستغلونهم في مهنة التهريب القذره.! وربما تتخطفهم رصاصات الأشقاء.؟! التي ما فتئت تنبئنا مع كل إشراقة شمس عن انتزاعها روح شاب أو طفل أخرجه الفقر من بين إخوته راغما.. فيتحول نهارنا إلى ليل حالك السواد في ظل غياب عدالة تحفظ لنا ابسط الحقوق الإنسانيه.! أشهد أن ضنك العيش يصب في النفوس كل يوم سيولا من الشقاء والنكد. وأن استمداد الرزق من تغريب الأطفال وتهريبهم إلى خارج الوطن كارثة تهدد مجتمعنا.