في الصين 320 مليونيراً بسبب النهضة الاقتصادية التي تحقّقت خلال ما يقارب ستة عقود ماضية بدأت مع تأسيس جمهورية الصين الشعبية 1949م وشرع ماو تسي تونغ بمشروعه لتمدين الصين عام 1976م، واستكمل خليفته ديغ شياوبينغ 1978 و1992 الاستفادة من التجارب الناجحة لنقل البلد الفقير والمتخلّف إلى صدارة الدول المؤثّرة اقتصادياً وبقوة في مصير العالم. مرّت الصين في الفترة الأولى من نهضتها بقيادة "ماو" بإخفاقات صَوْغ تجربة متفرّدة غير متأثرة بالرأسمالية التي تشكِّل القوة العالمية، متبنية النظرية الاشتراكية في نظام اقتصادي يُراد له إحداث تحوّل على عدة مستويات اجتماعية وسياسية وثقافية؛ وهي إخفاقات ستستفيد منها في الفترة الثانية بقيادة ديغ شياو الذي قامت فلسفته على انفتاح الصين أمام العالم المتَّقدم، وتعديل الخطة الصينية لتستوعب هذا المتغيِّر. وهي ما أطلق عليها دينغ “اشتراكية ذات خصائص صينية” بعد زيارته إلى العديد من الدول منها سنغافورة للتعرُّف على تجاربها عن قرب، وتدرّج دينغ في برنامجه الإصلاحي القائم على اقتصاد الصناعة والتحوّل إلى اقتصاد السوق، وهدفت خطته إلى تحقيق نمو يصل إلى 8 بالمائة سنوياً؛ وهو ما حقّقوه فعلاً. وقد ركّزت الصين في مشروعها على جذب الاستثمارات الأجنبية ومنحها إغراءات وصلت إلى الاكتفاء بعوائد أقل، وحقّق لها ذلك نمواً مستمراً مع تزايد ناطحات السحاب والمصانع والشركات المتعدّدة الجنسيات التي وفّرت في سوق يوفر عمالة صينية بأجور متدنية أيضاً مليارات الدولارات. وهذا سيجعل العالم الذي يملك أكثر من نصف الشركات العاملة في الصين إلى وضع خططه المستقبلية دون تجاوز هذا التنين المتماسك؛ الذي بالمقابل حوّل جزءاً من الصينيين إلى أثرياء، وزاد من سماكة الطبقة الوسطى إلى ثلث عدد السكان أو 430 مليون صيني. ويحافظ ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تقدّمه واستقراره مسجلاً في آخر إحصائية للربع الثالث للعام 2013 نسبة نمو بلغت 7,8 بالمئة مقارنة ب 7,5 بالمئة في الربع الفائت من العام. ولا يخلو المشروع الصيني من صعوبات تهدّد صعودها المستمر كاستشراء الفساد وقلّة الاستثمارات التي تملكها مقارنة بالاستثمارات التي تملكها دول كالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها، واحتلالها المرتبة الأولى في التلوّث البيئي وغيرها من المشكلات. غير أن الذين قرّروا النجاح يعرَّفون الحياة بأنها “التعامل مع المشكلات طوال الوقْت” وهذا ما تفعله الصين في إيجاد الحلول والمحافظة على مكانها ومكانتها في المقدمة. لنقرأ بعمق علَّنا نستفيد. [email protected]