الصورة هي الجزء الغائب في مواجهات دماج منذ اندلاعها وحتى اللحظة، وكل الذي خرج إلى وسائل الإعلام من طرفي الصراع هو أرقام وإحصائيات للقتلى والجرحى مع عدم إبراز صور الضحايا إلى جانب الأرقام، ولوحظ أن وسائل الإعلام أثناء تغطيتها اليومية والأسبوعية للمواجهات كانت تستخدم صورة دار الحديث والمنطقة في معظم الأخبار. مع اشتداد القصف على دماج خرجت صورا للمنازل والمساجد المتضررة من القصف وصور للقذائف التي سقطت عليها، لكن صور الضحايا الذين سقطوا أثناء قصف تلك المنشئات لم تظهر بعد، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب من جدوى إخفاء طرفي الصراع لصور القتلى والجرحى وعدم نقل وقائع ما يجري بشكل واضح ودقيق لما لذلك من انعكاسات حول مصداقية المعلومات التي تنشر يوميا وأسبوعيا عن الأحداث الدموية التي تشهدها المنطقة. يذهب البعض إلى القول بأن غياب الصورة خفف من بشاعة ما خلفته المواجهات. وسيكتشف أهالي الضحايا مؤخرا عدم وجود دلائل إثبات للجرائم التي ارتكبت بحق أقربائهم كون الصورة توثيقا للجرائم في حال ما تقدمت تلك الأسر إلى القضاء لمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم. للصورة تأثيرها الكبير على الرأي العام المحلي والأجنبي تجاه أي قضية من القضايا خاصة الإنسانية. وبعيدا عن المبالغة أو التقليل مما جرى ويجري في دماج فإن غياب صور الضحايا يثير استغراب الجميع، عن الأسباب التي تمنع نشر صور الضحايا مع الإحصائيات والأرقام التي يتم نشرها بشكل يومي أو أسبوعي. بالعودة إلى وسائل الإعلام التابعة لطرفي الصراع في دماج يلاحظ وجود تعتيم على نشر صور الضحايا واهتمام بنشر الدمار في المنشئات والممتلكات، ويلاحظ أن شبكة الأخبار السلفية تنشر صورا للدمار الذي لحق بالمنشئات الرسمية والخاصة في المنطقة وصور القذائف والشظايا التي سقطت على تلك المنشئات خلال المواجهات الأخيرة أما المواجهات السابقة حتى صور المنشئات فقد تم نشرها بنسبة محدودة جدا، وهو الأمر الذي يعكس مدى تمسك السلفيين بمنهجهم الذي ينظر إلى التصوير بأنه حرام. وقد أثار مقطع فيديو نشر على اليوتيوب استغراب المشاهدين حيث يظهر في المقطع صورة إحدى مدرعات الحوثي وهي تتقدم باتجاه دماج وصاحب ذلك صوت لأحد الشباب –الذي قام بتصوير المقطع والتعليق عليه- وما يثير الدهشة هو عبارة قالها ذلك الشاب أثناء التصوير إذ قال "أصه لا يعرف الشيخ ان احنا بنصور". وقد أنشأ مجموعة من شباب التيار السلفي مؤخرا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، باسم دماج برس يتم فيها نشر الأخبار وصور بعض الضحايا، وهو الأمر الذي يشير إلى أن المواجهات الأخيرة غيرت في فكر أتباع التيار السلفي. تكتم حوثي على الضحايا أما وسائل إعلام جماعة الحوثي فان الصورة لديهم غائبة تماما بالإضافة إلى محاولتهم التعتيم على الأحداث. ومع أن بعض التحليلات تشير إلى أن جماعة الحوثي لا تنشر صور القتلى أثناء المواجهات لأسباب مختلفة، منها: عدم إظهار حجم الضحايا حتى لا يؤثر ذلك على أداء مقاتليها في جبهات القتال وحتى لا يؤثر ذلك على إقبال بعض الشباب للوقوف إلى جانب الجماعة، إلا أنها تنشر الصور الشخصية للقتلى بعد فترة، والاكتفاء بنشر الصور الشخصية له أبعادا أخرى. تهتم جماعة الحوثي بمقابر القتلى من خلال زرع الورود وغيرها، وتحاول تصوير القتلى بالأبطال أثناء الاحتفالات من خلال نشر صور بعضهم على السيارات والأماكن العامة التي تقام فيها المناسبات الدينية. والصورة المنشورة في التقرير توضح صحة ذلك، وقد نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي وفيها توضيح أنها أحد مقابر الحوثي منذ بداية اندلاع المواجهات في دماج. ضياع دليل الإدانة اختلفت وجهات النظر حول اختفاء الصورة في دماج، حيث يرى المهندس أحمد قايد الأسودي، رئيس مركز القرن ال21 للتجديد والتنمية، أن هناك جانبا يحرم التصوير والجانب الآخر يرى أن التصوير ليس لصالحه كونه المعتدي وقتلاه كثر وجرائمه كبيرة جدا ما بين قتل وتدمير، تماما كما يفعل العلويون في سوريا من قصف المعاهد والمساجد والمساكن فليس من المعقول أن يقدم صورا تدينه –حد قوله. الصحفي نجيب اليافعي، تساءل في مقال له عن أسباب غياب الصور والفيديوهات التي تعبّر عما يجري في دماج من قتل وتنكيل، وقال: سيدرك السلفيون معنى الصورة والفيديو في تحريك المشاعر معهم وفي مساندة الرأي العام لهم حينما تتحدث الصورة، وسيكون هذا أيضاً باباً جديداً لتغيير كثير من الأفكار التي اعتمد عليها السلفيون وظلت مسلمات لديهم طيلة العقود الماضية، ومنها تحريم الصور وعدم التعامل السياسي مع الأحداث من حولهم، وعدم عقد تحالفات مع القوى الوطنية باعتبارها صمام أمان لبقائهم أحياء، وأيضاً لاستمرار مشروعهم إن كانوا فعلاً أصحاب مشروع" حسب قوله. الصحفي يحيي الثلاثاء، نشر تعليقا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، أشار فيه إلى أن السلفيين وسكان دماج أبرياء ومتضررين. وقال: "رحمك الله يا شيخ مقبل بفتوى تحريم التصوير رغم أنه أصبح متاحا لكل حامل تلفون صيني، وبإمكان الحوثي أن يستجمع حقده وطيشه وعنف آلته العسكرية ثم يسري الليل فلا يصلي الفجر إلا في جامع يحيى الحجوري ثم يعقد الصباح مؤتمرا صحفيا لقسم المجتمع المدني التابع لجماعة غير مدنية إطلاقا، ويعلن على لسان نشاطاته براءته من الدم المسفوك، ولن يجد الضحايا دليلا يدينه". الكاتب مروان الغفوري، نشر مقالا تحدث فيه عن قضية اختفاء الصورة في دماج، وقال: السلفيون، وهم جماعة علوم شرعية لديها نزوع منهجي للعنف، يمنعون تصوير الفظاعات التي تحدث في دماج لأن الله عز وجل حرم التصوير، كان المؤسس الوادعي قد ألف عملاً كبيراً عن تحريم التصوير. ونسي، رحمه الله، أن يضع استثناء يقول: باب جواز التصوير في الحرب. ربما لأنه تخيل على الدوام أن ضحايا الحروب سيكونون دائماً من الآخرين".