الوصول إلى المقاطرة.. مغامرة ورحلة تفتقد لمقومات أمنية، مسلحون يتمترسون على الطريق التي جرفتها السيول، كومة من الأحجار والأخشاب تقطع الطريق. في 17/12/2013 كنت مرافقا لفريق وحدة مشروع تطوير التعليم بصنعاء في مهمة رسمية إلى منطقة نجد البرد مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج، وبعد ساعة ونصف من السير في الطريق ظهر علينا شخص يتوشح بزته البدوية يغطي رأسه ووجهه بلحاف، لم نرَ إلا عينيه تدوران صوبنا وبندقيته المعلقة على كتفه.. هذا العنف البعيد اضطرنا لسلوك طريق السيل الوعرة. عجوز تحرق داخل دكانها اعتاد زعيم الجماعة المسلحة ابتزاز عجوز وأخذ ما يحلو له من دكانها الصغير داخل صندقة هشة.. ذات يوم نفد صبرها وامتنعت أن تعطيه شيئاً، لم يتمالك الرجل نفسه فأحضر قارورة من الوقود ورشها على الدكان ليلا وهي نائمة في متجرها الذي لا تملك سواه وتركها تحترق مع دكانها وأصبحت رمادا، شعر أصحاب القرية المجاورة بالحمية وأمسكوا بالجاني وأخذوا سلاحه وسلموه للحكومة المتمثلة بمحافظة لحج التي ما لبثت أن كافأته كما قيل لنا بإعطائه مكافئة مالية وإخلاء سبيله. الآمال المدفونة تحت الفقر بعد وصولنا مقر عملنا للإشراف على صرف التحويلات النقدية لطلاب المدارس، قمت بزيارة الصف الخامس في مدرسة خالد بن الوليد لأستطلع مستوى التعليم واستفسر عن مشاكل العملية التعليمية عن قرب. مستوى الطالبات وشجاعتهن بعث في نفسي الأمل بأن القادم أفضل رغم الظروف المعيشية والحياة الصعبة لأهالي المنطقة التي يفتك بأهلها الفقر المدقع.. شكاوى الطالبات تتوالى بعد أسئلة طرحتها لقياس مستوى التحصيل لديهن: أستاذ، الكتب الجديدة الموزعة علينا هذا العام ما يلبث أن يأتي اليوم الثالث إلا وقد تناثرت أوراق الكتاب على غير العادة؟. عند صرف المبالغ المالية للطالبات كانت إحداهن تذرف الدموع، سألت أحد المدرسين عن السبب فأجاب متأوهاً: سقط اسمها فجأة من كشوفات صرف التحويلات النقدية للطالبات، وهي الوحيدة بالمدرسة التي سقط اسمها مع أنها يتيمة ولا يوجد من يعولها.. مطالب بتسوية الذكور بالبنات! أبدت العديد من الطالبات تذمرهن من سيطرة أهاليهن على المبالغ التي حصلن عليها، وقد أبدت العديد من الطالبات فرحتهن بعد حصولهن على تلك المبالغ التي من خلالها قمن بشراء ما حلمن به من مواد ومستلزمات دراسية. يطالب العديد من أولياء الأمور الوزارة بمزيد من الاهتمام بأولادهم الذكور أسوة بالبنات لحثهم على مواصلة التعليم، وأشاروا إلى ضرورة المساواة بين جميع الطلاب. الحاجة (فاطمة علي) تسلمت مستحقات ثلاث من بناتها مبلغ أربعة وعشرون ألف ريال، أبدت شكرها للاهتمام بالبنات. وأضافت: قولوا للوزارة تزيد تهتم بالأولاد محمد وعبد الرحمن وراغب، بيروحوا للمدرسة حفاة، أيش نسوي لهم ما فيش معانا فلوس؟".