موقف الدكتور ياسين سعيد نعمان وحزبه الرافض بشدة لأي تقسيم للجنوب وان يظل إقليما واحدا مع موافقتهم على تقسيم الشمال لعدة أقاليم كما يشاء الشماليون، هو رد متأخر على "عفاش" وحزبه، الذي كان له نفس الموقف قبل 20عاما عندما طرح الاشتراكي فكرة تقسيم اليمن إلى عدة أقاليم تتراوح بين 3الى7 أقاليم، فرفض صالح وحزبه المقترح بشدة وقال لقادة الاشتراكي إذا كنتم مصرين على التقسيم والفيدرالية فقسموا الجنوب إلى عدة أقاليم كما ترغبون أما الشمال فلا يمكن أن أقبل بتقسيمه وسيظل إقليما واحدا إلى الأبد، كان ذلك أثناء الحوار الوطني الشامل الذي انطلق بعد انتخابات 1993م والذي خرج بوثيقة العهد والاتفاق التي وقعت عليها كافة الأطراف السياسية في فبراير 1994م والتي أفضت بدورها إلى خرب صيف 1994م، في حين جاء موقف ياسين والاشتراكي أثناء مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي جاء بعد الثورة الشبابية الشعبية السلمية في 2011م، والذي أفضى إلى وثيقة الضمانات لحل القضية الجنوبية التي وقعت عليها الأطراف السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار في 25ديسمبر 2013م، والتي ستفضي إذا ما تم تطبيقها –لا قدر الله- إلى عودة الانفصال بل وربما تقسيم الشمال والجنوب، ورغم الفوارق الأيديولوجية والثقافية والسياسية بين صالح وحزبه من جهة وبين ياسين وحزبه من جهة أخرى، إلا أن المتمعن في دوافع وخلفيات مواقف الطرفين سيجد أنها واحدة وهي دوافع سلطوية بالدرجة الأولى (فردية وأسرية عند الأول، وحزبيه ومناطقية عند الثاني) كان صالح يتوقع عودة الانفصال في أي لحظة ولهذا أصر أن يبقى الشمال موحدا ليتسنى له الاستمرار في حكمه كما كان قبل الوحدة، في حين لا يمانع من فدرلة الجنوب لينشغلوا بصراعاتهم الفيدرالية بعد الانفصال، وهذا هو ما يتوقعه ياسين وحزبه خلال السنوات القادمة فالفيدرالية والمناصفة بين الشمال والجنوب سيعيد تأهيل الجنوب خلال المرحلة التأسيسية التي ستعقب مؤتمر الحوار، ليصبح الجنوب مؤهلا لاستعادة دولته وسيكون الحزب الاشتراكي هو المؤهل للعودة لحكمه بدون إيديولوجيه، فرغم حالة الضعف والانقسام داخل الحزب الاشتراكي وضعف شعبيته في الجنوب في الآونة الأخيرة، إلا أن قادة الاشتراكي يعتقدون أنهم سيظلون الرقم الأقوى والأوفر حظا في الجنوب فالمجتمع الإقليمي والدولي لن يجد قوة مدنية وحداثية يمكن أن يدعمها ويثق بها سواه، فمنافسوه هم إما متشددون إسلاميون غير مرغوب فيهم او قوى قبليه ضعيفة ومفككة لا تملك مشروع دولة، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من الحفاظ على وحدة الجنوب وأن يظل إقليما واحدا، ولا باس من تقسيم الشمال إلى عدة أقاليم كما يرغب الشماليين ماداموا لا يريدون إقليمين، بل يفضل ذلك حتى ينشغل الشماليون بالصراع بين أقاليمهم الجديدة ويدعوا الجنوب لحاكمه القديم الجديد!! قد يعترض البعض على مثل هذا التفسير ويقول أن الحزب ما فتئ يؤكد أن تمسكه بوحدة الجنوب والمناصفة هو من أجل الحفاظ على الوحدة. وأقول لمن يصدق مثل هذه التفسيرات هل تناسيتم أن الاشتراكيين هم خريجو مدرسة الديالكتيك الماركسي، وهم أساتذة في فن الخداع والتضليل الجماهيري، تذكروا فقط أن الحزب الاشتراكي عندما أعلن الانفصال واستعادة الدولة في 21 مايو1994م -قرار الانفصال صوت عليه المكتب السياسي بالأغلبية وليس قرارا فرديا اتخذه البيض كما يروج البعض- كان الهدف الأول لإعلان الانفصال هو العمل مع قوى الحداثة والمدنية على تحقيق الوحدة اليمنية التي ناضل من اجلها حزبنا العظيم! فإذا كانوا قد حاولوا إقناع الجماهير الجنوبية التي كانت وحدوية حتى النخاع في تلك الفترة ان الانفصال هو من أجل الوحدة!! أتراهم يعجزون عن ترديد مقولة أن الإقليمين والمناصفة بين الشمال والجنوب وتأكيد الهوية الجنوبية هي من أجل الوحدة أيضا!؟ خاصة وأنهم يقولون ذلك ليس لإقناع جماهير الجنوب التي أصبح معظمها نتيجة المعاناة وغياب الدولة يرى الوحدوية وليس الانفصال تهمة، وإنما لإقناع شركاء أعداء اضطرتهم ظروف الزمن للتحالف معهم، ومجتمع إقليمي ودولي لديه فقط مخاوف مبررة من الانفصال يرى الحزب الاشتراكي انه سيكون قادرا خلال الفترة الانتقالية الثانية أو المرحلة التأسيسية على طمأنته ومن ثم تغيير موقفه لتأييد انفصال آمن بعد فترة انتقالية مزمنة وتحت إشراف إقليمي ودولي!