هي دون التاسعة عشرة بقبلة ونيف، وفوق العشرين برشة عطر، دمها خليط من هالة النجوم وقوس قزح، بهذا الجمال المتدفق تبدأ العبير ثورتها العابقة بالعطر والنقية بالضوء والرائعة بألوان قوس قزح، عبير طفلة الحب الممتلئة بالوطن والجمال والإنسانية والعاطفة، نفحة السمو والرجاحة والنضج والوعي والمنطق، جديلة إب الخضراء الممتدة على جسد الوطن، والنهر الذي يركض في كل اتجاه ليذيب جفاف القلوب قبل الارض، هي القمر الذي لون الليل بضوءه ف(أفقنا على فجر يوم صبي)، قادمة من وسط جنة اليمن وبهاءها وجمالها (إب )كي تكون حلقة وصل بين جنوب القلب وشماله لتهرول نحو سواحل عدن حين تشعر بظمأ نحو الثقافة والحرية والجمال والسحر والعلم والأنشطة المدنية واستراتيجيات العبور نحو النضال والوطن، وتتسلق نحو جبال صنعاء لتشعل من هناك وهج الضوء وتقف مع رفيقات الحلم والحرية والكفاح في منصة واحدة ليرتلن آيات اليمن الجديد وطي مشاهد الوجع والظلم والاضطهاد، هي معزوفة الحزن منذ خفوت أبيها حتى انطفاء الهيثم، كما هي نغمة الحب في وتر عزام والهيثم، وأنشودة الصداقة مع أسمهان، وأغنية الوفاء مع عمها أشرف حجي، عبير الفتاة التي يفوق وعيها سنوات عمرها، بنت الريف التي تفكر بعقلية المفكرين وعمالقة السياسة والاجتماع والمنطق، والأنثى التي قارعت ذكورية الفساد والدجل والزيف والمؤامرات وظلت صامدة في وجوه عتاولة السلب والنهب والدكتاتورية رغم الضغوط التي مورست عليها، عبير طفلة القرية التي حاصرها تأنيب الضمير على مستقبل صديقاتها القرويات الذي يضيع سدى في أزقة الزواج فراحت تفكر في مشروع مدرسة للبنات لكن ديناصورات الفساد قرصنوا حلم العبير وقتلوه في مهده، من الخضراء إب غادرت عبير مرورا بالحالمة وبساتين الحسيني نحو الثقافة والاقتصاد والتاريخ عدن.،عدنالمدينة التي احتضنت الزبيري والحكيمي والنعمان وجمع من قادة ثورة التحرر في الشمال وهي المدينة ذاتها التي احتضنت لبوزة وعبود ومدرم وقحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف الشعبي وعبدالفتاح اسماعيل وأخرين من قادة ثورة التحرير في الجنوب، عدن :عمق اليمن النضالي والثوري والتحرري والمدني والثقافي ،عدن الثغر الباسم ،قلعة صيرة ،بخور الشيخ، شاطئ العروس ،المعلا، البندر ،الصهاريج ،جبل شمسان، وساحة العروض ،عدن السينما والمسرح ،الاغنية والفن، الرواية والشعر، عدن السمرة الانيقة، والاحساس الدافئ والمشاعر الراقية، عدن حاضنة الاحرار والمثقفين نقطة التحول الكبير في مسيرة اليمن في كل لحظاتها التاريخية، في عدن بدأت عبير تدشن مسيرة حياتها بالوعي والعلم والحب والتنزه والنضال والحزن والالم، كانت تفوح حبا لتعطر البحر والجبل والساحل والقلعة والموج وقلب الهيثم وكان عبيرها معزوفة حياه وأنشودة نضال وأغنية وطن ولحن تاريخ وموسيقى حضارة، ملأت قلبه ضوءا من الحب ورحيقا من العطر وسحرا من الجمال وحنانا من القلب وفلسفة من النضال، فأشعل فيها ثورة الغرام وشيد قصور المحبة وأجرى أنهار الفرح وزرع مشاتل الورد ونقش بقلبها تذكار الوله فصارت مسكونة به كلما نبض قلبها، إنه الهيثم ،وحي العبير وروحها، ظلها الظليل وماءها، صبحها الضاحك وضوءها، عبير العلواني هكذا أحببت أن أسميها لأنني وجدتها تشبه خالد، خالد العلواني عازف موسيقى هذه الأغنية العبيرية على وتر الجمال والدهشة والسحر والروعة واللغة العذبة والفكرة الانيقة، يدلف الكاتب في روايته من باب عبير الأنثى والوطن والسمو والنضال والشجاعة والحرية والصمود والنقاء والحزن والألم والفلسفة والثورة والكفاح والحب، فيمنحنا مشاهد عابقة بالدهشة والمتعة ويدفعنا للركض سريعا في أزقة وشوارع وشعاب هذه المساحة اللغوية والفنية لتتبع أثر العبير كي لا نفقد شذاها ،يجبرنا بأسلوبه الروائي المحترف والمتناسق والمحكم وبسرديته الجميلة على البقاء مع حرفه الذي يرسم وجه الوطن بريشة العبير ويلونه بزرقة البحر وحمرة الزهر وبياض الضوء وصفاء الحب، استطاع العلواني أن يسرد مرحلة من تاريخ هذا الوطن في قالب روائي لم يسبقه إليه أحد من جيله الذين تغافلوا عن هذه المرحلة التاريخية في الجانب الروائي وأسرفوا فيها بالسياسة والمناكفات والمكايدات، يطل خالد من شرفة العطر ليمنح للوطن ذلك العبير القادم من ورود إب ومشاقرها وزهورها كي يهدي عدنوصنعاء رائحتها الزكية العابقة بالحب والكفاح والحرية والمجد والنزاهة والإخلاص، ولكي يغمر الوطن بأريجها الفواح، وأنا اقرأ العبير كنت أنساب عطرا من رحيقها وسحرا من جمالها ونقاءا من روحها كنت أشعر بقلبي يمد صهاريج الحب ويشيد قلعة النضال ويتماوج فيه بحرا من الياسمين، عبير الأسم الذي أعاد لقلبي ذكريات العطر وقادني نحو الورد والزهر والمشاقر وطار بي لعالم البساتين عبير: وجه البلاد الذي أطل يوما ما من هناك ورغم محاولة حجبه عنا إلا أنه سيظل ضاحكا متبسما يغني لليمن وللقادم الأجمل وللوطن الحلم ولحزننا الذي يصنعه المعتمون كل يوم في هذه البلاد، كل الحب لعبيرك أيها الخالد السلام عليها يوم تخلقت في روحك وظلت ترافقك في الشارع والباص والمكتب والبيت ويوم أطلت من نبض حرفك لتملأ الورق عطرا ونقاء والوطن سحرا وبهاء وقلوبنا عشقا وولاء، السلام عليها يوم جاءت تحمل في روحها إخضرار إب ومدرجاتها الجميلة وبخور عدن وموجها وسحرها وأصالة صنعاء وروعتها وحب اليمن والإنتماء لترابه الطاهر، السلام عليها طفلة من أقاصي الحزن جاءت لتغرقنا بالفرح وتغسل ملامحنا المتشحة بالشحوب والخذلان والضياع، والسلام عليك مطرا تهطل عذوبة وجمالا وسحرا باذخا أيها الموغل في الحب للبلاد