يعرف أعداء الحرية والسلام مكانة ووزن تعز أكثر مما نتصور . يعرفون أن هذه المدينة وأبناءها وبناتها هن وهم من فجر ثورة الربيع العربي في اليمن؛ فبناتها وأبناؤها هن وهم من قاد الاحتجاجات في كل مدن اليمن شماله وجنوبه . الطغاة الصغار: لن ينسى الفاسدون والمستبدون أن تعز رمز المدنية ومدينة المدن الأولى. هي مركز قيادة الثورة لأكثر من ثلثي قرن . منذ القرن السابع الهجري أصبحت المدينة منبع الفكر الصوفي الإسلامي والحضارة والتمدن . تجار ومرتزقة الحروب، أعداء الحرية والسلام، أعداء بناء الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية، أعداء الدستور بالأمس واليوم - هم من يحاصر مدينة تعز لأكثر من سبعة أشهر. تعز تدفع ضريبة الحرية وبناء الدولة عن اليمن كلها. أعداء بناء الدولة - بعصبيات الجاهلية الأولى - يتنادون لقتل ووأد الإنسان في تعز في الداخل والخارج . المتحاربون الأشرار وهم يتقاتلون كالسباع الضواري يتوافقون بقصد وبدون قصد على التنكيل بتعز؛ لأنها رمز بناء الدولة الاتحادية الديمقراطية التي لا يريدون . فالعداء لثورة الربيع التي قادتها وتقودها تعز قاسم أعظم ومشترك بين المتقاتلين في الداخل والخارج على السواء، ويكون التقاتل على عوائد هذا العداء وإرثه الوبيل . انقلاب الأيادي القذرة لصالح عقب جمعة الكرامة هم من قمع مسيرة السلام التي قادها أبناء وبنات تعز، وقتلوا العشرات، وصادروا الثورة، وأعادوا إنتاج النظام . انقلاب 21 سبتمبر وإن تشارك فيه كل أطراف اللعبة إلا أن أنصار الله هم من تولى كبره ليبقى صالح بجيشه وأمنه الفاعل الأكثر حضورا في الغياب . لقد ألحق هؤلاء العتاة جرائم حرب بكل مدن ومختلف مناطق اليمن في الشمال والجنوب، ولكن ما يجري في تعز فحرب إبادة حقيقي؛ فلعدة أشهر تحاصر المدينة، ويتواصل قصفها ليل نهار بمختلف أنواع الأسلحة، ويمنع عن سكانها الماء والغذاء والدواء وكل وسائل الحياة، وتدمر المدينة بأحيائها السكنية ومعالمها التاريخية وقباب مدارسها ومساجدها الزاهية . حرب الأخوة الأعداء في الداخل والخارج حرب اقتسام، أما حرب تعز فحرب إبادة وهو ما يتوخاه المتقاتلون على الجبهتين؛ فالأطراف المتحاربة كلها لا غاية ولا هدف لها غير اغتيال الحياة ووأد المدينة وقتل السلام؛ لاستمرار حكم الغلبة والقوة، والاحتكام الأبدي للسلاح. قادة الثورة والتنوير منذ البواكير الأولى، وجسد الحركة الوطنية باتجاهاتها المختلفة، والكادر الوظيفي، ورجال المال والأعمال، والعاملون في مختلف مناحي الحرف، والمبدعون- تحتضنهم تعز؛ فهي عاصمة الثقافة واقعياً لعدة قرون. عداء الهمجية ومرتزقة الحروب عداء لكل هذه المعاني العظيمة. وتعز هي الرافد الأساس للثورة اليمنية: سبتمبر وأكتوبر . عداء صالح وأنصار الله ثأر بدوي انتقامي تتجلى فيه كل المعاني المقيتة، أما عداوة المحيط العربي والإقليمي فمصدره كراهية الربيع العربي، وعدم قبول هذا الربيع في بلد مهجوس بالتغيير والحرية . خذلان تعز في وجه الحصار الأكثر وحشية وفتكا له دلالات خطيرة منها العداوة للتغيير، وبناء دولة النطام والقانون التي استشهد من أجلها المئات والآلاف . وإذ نؤكد على استحالة الحسم العسكري مهما تكن وحشية وجبروت الحصار أو الحرب الخارجية فإننا نرى أن السلام هو الخيار الوحيد الممكن. نناشد الضمير الإنساني وكل بني الإنسان والمنظمات الإنسانية والمدنية والحقوقية والإغاثية نجدة تعز. وندعو المنظمات الدولية ومجلس الأمن الضغط على محاصري المدينة: صالح، وأنصار الله - فك الحصار، والكف عن ضرب الأحياء السكنية والتنكيل بالسكان. وقبل ذلك نناشد الضمير الوطني التحرك السريع لتصعيد الاحتجاج، وتلجيم سباع الحرب، وإنقاذ المدينة وبناتها وأبنائها، وسرعة الإغاثة والنجدة. ( التضامن مفتوح).